تمهيد فيما ينتظرنا من مسؤوليات ومهام لبناء عراقنا الجديد

الدكتور تيسير عبدالجبار الآلوسي

أكاديمي ومحلّل سياسي \ ناشط في حقوق الإنسان

           2004\  07 \ 05

E-MAIL:  tayseer54@maktoob.com

 

القسم الأول

بالأمس عملت قوى التخريب للتستر على أعمالها الإرهابية خلف ادعاءات زائفة من دفاع عن الاستقلال الوطني ومطاردة المحتل فيما كانت وهي ما زالت تضرب قوى شغبنا ومكوناته بقلوب باردة؛ وكل مرة يحقق عملنا السلمي السياسي والدبلوماسي تقدمه تتذرع بزعم جديد.. اليوم وقد قامت الحكومة العراقية المؤقتة وتسلمت السلطة ما عاد بالإمكان الحديث عن أي فرصة حوار مع العنف الدموي المسلح.. وما عاد لطرف عذر للتستر على ما يجري من تخريب ومزيد من التقتيل النازل بشعبنا وعليه لابد من الالتفات إلى ما ينبغي من مسؤوليات تنتظرنا..

فما الذي ينتظرنا اليوم من مسؤوليات وطنية بعد قيام حكومة وطنية عراقية مستقلة؟ الحق ينبغي أنْ يُقال إنَّ عراقنا الجريح بفعاليات الموت والدمار التي مارستها قوى التخريب, بحاجة إلى فعل عظيم الحجم لكي يمكنه تجاوز أزماته التي جاءته عن نظام تركه خرابا ودمارا. ونحن في توجهنا الجديد بحاجة إلى مزيد مساعدات في مجالات من أخطرها القضيتين الاقتصادية والأمنية..

سؤال هذا المقال يتركز في الحقيقة على ما ينتظرنا وهو يكمن أو يتمثل في أي نوع من الجهود ينبغي أنْ نتوافر عليها في مسيرتنا العراقية؟ ونحن هنا لابد من أنْ نؤكد على أدوات إنجاح عملنا الكامنة في وحدة الطيف العراقي وتجنب الوقوع في الانشغالات الهامشية. ومن جهة أخرى لابد لنا من تبني برنامج عمل وطني ديموقراطي مشترك أرضية لحاضرنا ومستقبلنا..

وهنا بالتحديد يأتي التأكيد على مسائل ما يواجهنا فأولا توجد قوى تدافع عن وجودها المهزوم بآخر الأنفاس وهي لا تدافع عنه بوسائل ديموقراطية ولا عادية أو فيها أي نوع من احرتام الوجود الإنساني ما يعني وجوب مواجهتها بقوة وحزم أو بوضوح يعني استخدام قوانين طوارئ إذا ما تطلب الأمر لحسم الأمروليس لنا من بد من التنازل عن بعض التفاصيل الثانوية لصالح منع مزيد من خرابنا وتهديد أمن شعبنا ووجوده ..

وتلك هي مهمة مشتركة بين الحكومة المؤقتة وأجهزة الأحزاب السياسية ومنظمات دولة المجتمع المدني كافة.. لكي لا نترك الأمر لحكومة يمكنها أنْ تنحرف في أية لحظة لهذا السبب أوذاك إذا ما تُركت وحدها في الميدان أو قد لا تسير على وفق الرؤى المجتمعية المنتظرة وما ينبغي صوابا هو مشاركة الجميع في المسؤولية لاعتبارات غير اعتبار الانحرافات وما شابه..

وكلما كنّا حريصين على المشاركة العامة وجدنا طريقنا لمستقبل آمن أسرع وأنجع.. فمن دون مشاركتنا في القرار الوطني لن نحصل حتى على مطالبنا الشخصية الخاصة ولن يُصنع لنا عالمنا من دون وجودنا الفاعل في الحياة العامة. ونصل في هذه العبارة إلى مسائل تخص نوع السلطة القائمة وصلاحياتها ومهامها ومن يحدد كل ذلك؟

والإجابة المسؤولة تشير إلى حقيقة كون المشاركة في صنع القرار أمر جديد يطرأ هكذا فجأة في حياتنا بعد زمن من التيئيس والتهميش والاستبعاد والمصادرات والاستعباد.. ولكننا بحاجة لتركيز جهود الجميع على مجابهة مهمة دفع المواطن للثقة بأهمية صوته في رسم السياسة العامة..

فأولا وجوده في نقابات وجمعيات ومنتديات وكذا وجوده في أحزاب سياسية من طراز برلماني جديد يؤمن بالديموقراطية فلسفة للحياة التي يصنعها.. وثانيا ينبغي للمواطن أن يترسَّم لنفسه برامج عمله الخاصة ومن ثم يقارن برامج القوى التي تتناسب وتصوراته لمزيد من الاندماج في إطار مجتمع الحريات والمشاركة ...

في الخطوة المنتظرة لابد من التأسيس لمؤتمرات وطنية تدرس وسائل حماية عراقنا من أنْ تسطو عليه قوى الظلام والشر قوى التحريم والمصادرة والاستلاب بكل المستويات الدينية والاجتماعية والسياسية وهي أي تلك القوى  لا تنتمي لأي ديانة وُجِدت في أرض الديانات ولا لأي قيم إنسانية صحيحة صائبة ..

ومن الطبيعي لابد أنْ نفكر بأن الديموقراطية نفسها بحاجة لحماية ولمؤسسات دولة تحسم مواقف تجابهها في أولى خطوات السير في طريقها كذلك بحاجة لتوضيح وتعريف وتفسير ونشر فكرها ومبادئها بما يكفل أوسع التفاف حولها وهو أقضل حماية للديموقراطية ولشعبنا وتطلعاته في الانعتاق والتحرر...

وما ينتظرنا أيضا فرض مشاركة الجميع ومنع أية استثناءات واستبعادات لقوانا الوطنية وما يمكن قبوله شرطا في المسيرة ينبع من برامج قوى المجتمع المدني وليس من فوقية حكومية .. ولابد من الإسراع في تشكيل مجالس الرقابة حتى يأتي البرلمان المنتخب وهذه المؤتمرات لا تقتصر على طرف من دون الآخر بل يُفترض مشاركة الطيف السياسي والقومي والديني والتنوعات التي يتشكل منها الكيان العراقي..

وللتوقف عند جميع ما مر من ملاحظات سريعة وغيرها لمهامنا المنتظرة سنواصل بحثها في سلسلة متتابعة تتضمن دور القوى السياسية ودور منظمات المجتمع المدني وضرورات التنسيق وقيام ائتلافات عريضة تحت مظلة الديموقراطية ونتابع في مناقشة الملفات الأمنية والاقتصادية بخاصة مسائل البطالة والتشغيل والبدء بتنفيذ عقود إعادة الإعمار ودور الجاليات في دعم المسيرة ووجوب مشاركتها في العمل الوطني ورسم برامجه..