الكلدان الآشوريون السريان وقوميات شعبنا كافة وإشكاليات الإحصاء؟!

الدكتور تيسير عبدالجبار الآلوسي

أكاديمي ومحلّل سياسي \ ناشط في حقوق الإنسان

           2004\  07 \ 20

E-MAIL:  t.alalousi@chello.nl

 

تعرض أخوتنا الكلدان الآشوريين السريان طوال القرن الماضي في عراقنا إلى كثير من الأزمات والعقبات والكوارث ومزيد من عمليات التنكيل والاستلاب والمصادرة.. وسواء كان ذلك بالتقتيل الجماعي ومحاولات الإبادة الجماعية أم بالتهجير القسري والمطاردة والبلطجة المنظمة وغير المنظمة كما حصل في مذابح سميل في ثلاثينات القرن الماضي أو ما يحصل من تذبيح وتقتيل في يومنا في البصرة الفيحاء بمطاردة من أشقياء الشوارع والعصابات المأجورة لأهداف تخريبية خطيرة...

كما تعرضوا بالأمس القريب من نظام الطاغية الدموي لأشكال أخرى من محاولات الإبادة المعنوية النفسية من مثل الحط من وجودهم الإنساني والقيمة السامية لهم ومحاولات محو الحوية وطمسها وهم أبناء تاريخ حافل بالتحضر والتمدن الذي أسس لمجد ةادي الرافدين عبر آلاف السنين والأعوام..

فكانوا بين عدم تسجيلهم  بوصفهم كلدان بل عربا وبين التغافل والإهمال أو التهميش والعزل.. وبتقليص حالة تثبيتهم في السجل المدني بما يطمس وضعهم بوصفه مكونا أساسا بل قلبا نابضا لجذور عراقنا ولحاضره التنوعي الذي يُغني ويطور ويحرك الساكن ويزينه ويكمله ويتمه...

إنَّ ترك الأمور متوقفة على مقدار نشاط الكلدان الآشوريين السريان وما يمكن أنْ يحصلوا عليه من مكاسب أو قد لا يحصلوا على شئ أمر لا يمكن أنْ يقبل به عراقي فجميعنا يجري في عروقه دم التاريخ الأصيل والكلدا آشور السريان يمثلون تلك التربة العريقة وذياك الدم الساري في العروق فكيف بنا نترك مناصرة أنفسنا؟

إنَّ توكيد تضامننا مع قلب العراق النابض الكلدو آشور أمر مفروغ منه اليوم ونحن نشارك ونقتسم رغيف العيش معه متطلعين لعراق متنوع تعددي ديموقراطي يحترم جميع أبنائه من دون استثناء وإلا فنحن نشعر اليوم وغدا بالخجل من وجودنا في بلاد تنتقص من حقوق مواطنيها وبالتحديد الذين يمثلون تاريخها العريق وجذورها.. أم أن الذاكرة محت التاريخ منذ 1500 عام؟

اليوم بالتحديد يستعيد العراقيون فرصتهم التاريخية لفرض خياراتهم الصحية الصحيحة الصائبة بعيدا عن ضغوط الحكام من مختلف توجهاتهم العنصرية وآخرها البعثفاشية التي هُزِمت وإلأى الأبد ولا يسمح العراقيون بالعودة إلى الوراء فيسرقهم الزمن مرة أخرى!!

إنَّ خيارهم يكمن في التعامل مع هوية الكلدان الآشوريين السريان من خلال دقة تشخيص هوياتهم وقراءة توزيعهم السكاني سواء منه في تاريخ الجيل الأول العائد لمنتصف القرن الماضي أم الجيل الأخير الذي اضطرته حالات القسر والإكراه إلى تغيير هويته وإلى طمس حقيقته وتاريخه وانتمائه وهو أمر ينبغي تعديله جذريا ..

فنحن نعرف عمليات الترحيل سواء الداخلي أم الخارجي ونعرف ما جرى على أقل تقدير في مدن العراق من مطاردة إرهابيي زمننا الراهن تحت أغطية وبراقع تمويهية تبدأ اليوم مع هوية الكلدان الآشوريين السريان وبحجج وذرائع واهية بل قذرة ولن تكتفي إلا بتصفية أبناء شعبنا عبر التمزيق والإقصاء والمصادرة كما جرى ويجري مع مسيحيي العراق كافة...

هنا وجب التوقف في تفاصيل استمارات الإحصاء عند استعادة الهوية بكل مسمياتها ومفرداتها التي تعيد قراءة الحق بمصداقية وأمانة وعلى العراقيين أنْ ينهضوا بإلزام مشاركة الكلدوآشور في تنفيذ الإحصاء السكاني بالذات ما يخص المجموعة القومية المخصوصة. والمشاركة يمكن أن تكون بمتابعة ما يراد لصياغة الاستمارات وما يُنتظر منها ويُفترض فيها فضلا عن الأداء المباشر للعملية نفسها.

كما وجب التحقق من التوزيع السكاني للوجود الكلداني الآشوري السرياني وقد يكون هذا بداية لتثبيت الواقع الذي عبثت به أيدي المجرمين بخاصة في الآونة الأخيرة وحتى لو كان المعني قد غادر البلاد في الأشهر الستة الأخيرة فإنه يحق له الترشح والانتخاب في دائرته التي أُكرِه على مغادرتها تحت تهديد السلاح والدموية والهمجية..

كما يحق للمجموعة القومية أنْ تفتح المؤسسات الخدمية على وفق النسب التي وُجِدت في مدينة ما حسب الإحصاء الذي ينبغي له أن ينتصف للعدل ويحققه تاما كاملا. ومثل ذلك سيكون للإجصاء فرص تثبيت الوجود المادي التاريخي من جهة قراءة هوية الأماكن حسب الوجود السكاني سواء منه الذي ما زال يكافح من أجل خصوصيته أم الذي جرت عمليات مصادرته بالقوة...

إننا بصدد معالجة كل ثغرة جرت مع وجودنا العراقي الصميم من مختلف أطيافنا ومكوناتنا ويستدعي هذا قراءة وقائع صادرت التركمان والأرمن وصادرت الصابئة والأيزيديين وصادرت التقسيمات العراقية الدينية الأثنية المذهبية وغيرها فما العمل في مثل هذه الحال؟؟

حسنا إذا كان بعضهم يرى إمكان التغافل عن هذه الوقائع فإنَّ واقع الحال يقول إنَّ الآشوريين السريان يطالبون بحقهم العراقي في عراقيتهم حتى بخصوص ملايين اليوم تنتشر بعيدا في بلدان الشتات وهم بلا وطن حقيقي كما هو وطنهم العراق وطن الآباء والأجداد وأول الأمر تسجيلهم للتصويت والمشاركة في الانتخابات..

ألآ يضمن عهد حقوق الإنسان حق اختيار الجنسية؟ الأولى هنا أن نضمن الحق لذوي الأصول من بلادنا من أبناء وادي الرافدين وسيكون من الإحصاء تثبيت مثل هذه القراءات وأصحاب الحق أدرى من أين ينفذوا إلى حقوقهم وكيف يدرجونها في الملفات الرقمية الجديدة فيعودوا إلى بلاد الحق والعدل التي خطها حمورابي البابلي في مسلة قوانين وشرائع العالم القديم والحديث..

تلك هي مفردة فيما ينبغي تذكره في إحصائنا الجديد ولن ننسى السير في طريق العدل والإخاء والمساواة ولا فرق بين عراقي وآخر فكلنا هوية واحدة تضم كل ألوان الطيف العراقي ونسيجنا المتنوع سيكون نسيجا تعدديا في عراق ديموقراطي فديرالي موحد عراق يضم الجميع ولن يخجل إلا من قصور قد يحصل هنا أو هناك بحق أبنائه.. ومن أبنائه أصل بلادنا وهويتنا ألا وهم الكلدان الآشوريين السريان.. فهل سيمضي سيف جلاد جديد للمصادرة لأي سبب كان أم سننتصر نحن العراقيين لأخوتنا وأخوّتنا؟