لا وقت للانتظار:

 ماذا فعلنا للتأكـّد من مشاركتنا في الإحصاء والانتخابات؟

الدكتور تيسير عبدالجبار الآلوسي

أكاديمي ومحلّل سياسي \ ناشط في حقوق الإنسان

           2004\  08 \ 30

E-MAIL:  t.alalousi@chello.nl

 

مضى زمن ليس قليلا على تشكيل عدد من اللجان لمتابعة مسألة مشاركة عراقيي الخارج في الإحصاء السكاني المنتظر إجراؤه في أكتوبر القابل, ونحن في مقترب من أيلول سبتمبر ينبغي أنْ نراجع ماذا فعلنا من أجل التأكّد من حقيقة شمول العراقيين كافة بالإحصاء؟ وليس إجراؤه بطريقة تمييزية تستثني قسما حيويا منهم وتبعدهم عن التسجيل بوصفهم عراقيين فاعلين يمكنهم بل ينبغي لهم أنْ يشتركوا في بناء عراقنا الجديد...

ما ينبغي ملاحظته في البدء هو آلية تشكيل تلك اللجان.. وآلية عملها.. ولعلنا نستذكر حقيقة الحجم النخبوي للمؤتمرات والاجتماعات الموسّعة التي انعقدت بغية اختيار لجان المتابعة وهو أمر ليس قاصرا وليس لدينا نحن أبناء الجالية العراقية في المهجر من وقت لكي نناقش أيهما أصح أو أدق صوابا مؤتمرات جماهيرية مفتوحة أم مؤتمرات تخصصية كما حصل في الواقع لاختيار تلك اللجان..

ولكن المطلوب هنا وقد استطاعت جالياتنا عبر منظماتها تشكيل تلك اللجان؛ نقول المطلوب هو مراجعة سريعة لآليات العمل ووسائل تفعيله من جهة الاتصال بأوسع شرائح جالياتنا ومن جهة عقد اتصالات جدية مع الجهات المسؤولة عن إجراء الانتخابات وتلك التي يمكنها أنْ تدعم إنجازه في الخارج..

وقد وُجِّهت رسائل إلى جهات دولية وعراقية ولكننا لم نجد الإجابة الشافية الكافية لمطالب الجالية بل لم نجد استجابة مباشرة تعترف بحق شعبنا العراقي بإجراء تلك الفعاليات بالطريقة التي لا تستبعد طرفا منه بخاصة منّا نحن العراقيين الملايين الموجودين في الشتات أو المهاجر الذين ذقنا عذاباته المركبة المعقدة..

وعليه لابد من متابعة ردود فعل الجهات التي جرت مخاطبتها اليوم قبل الغد وتفعيل وسائل الاتصال بوفود مباشرة إلى تلك الجهات وعدم الاكتفاء بالرسائل المفتوحة التي قد لا تصل وقد لا يكون لها فعلها المرتجى إذا لم تتم عملية متابعة وصولها إلى الجهات المختصة وقراءة ردود الفعل مباشرة..

ومن جهة تأكيدية جدية لابد من مناقشة القضية على مستوى داخلي عراقي مع السفارات ومع وزارة التخطيط ومع أية جهة رسمية مسؤولة من دون استثناء وعلى رأسها اليوم ممثلي رئاسة الوزارة مباشرة وممثلي رئاسة المجلس أو الجمعية الوطنية الانتقالية...

وهنا من الأجدى للجان متابعة قضية مشاركة العراقيين في الانتخابات وقبلها في الإحصاء السكاني أنْ تنهض بالمهام الآتية في ظرف أسبوعين لا أكثر:

1.            تشكيل وفود اتصال مع السفارات العراقية ومع منظمات الأمم المتحدة والأوروبية المتخصصة.. والمهمة هي التأكد من طبيعة الاستجابة أولا ومن كيفيات التنفيذ وآليات العمل وما ينتظر من عراقيي المهجر ومنظماتهم للعمل من أجل الإحصاء ومن أجل الانتخابات.. ومن مهمات الاتصال اللقاء مع الجهات الرسمية الداعمة في دول الاستضافة وما يمكنها أنْ تقدمه بالخصوص..

2.            رفع مستوى فعالية الاتصال بالجاليات العراقية وتفعيل دورها في العملية والأمر قد يحتاج لتضافر أكثر من منظمة عراقية وتوظيف سبل الدعم المادي والمعنوي المؤمَّل من مختلف الجهات ذات العلاقة..

3.            عقد اتصالات على مستوى جدي مع وسائل الإعلام الفاعلة وأولها ليس الإنترنت وحملات جمع التواقيع وهو أمر مهم وحيوي ينبغي تصعيده ولكن المهم أيضا هو الاتصال بالفضائيات العربية وغيرها عبر الشخصيات العراقية ذات الصلة وهنا لسنا بحاجة للتعرّف إلى أيِّ الفضائيات سنتجه وسنختار فكل المنافذ مطلوبة على أنْ تكون بشكل متزامن لمزيد من الفعالية والتأثير..

4.            النشر في الصحف العراقية المحلية لجذب التأييد المناسب للقضية وللتنادي لمزيد من التفاعل بين جناحي عراقنا من أبناء الداخل والخارج وبين أجنحة شعبنا بكل أطيافه القومية والدينية وغيرها...

5.            اتخاذ إجراءات تخص قياس الرأي العراقي العام في الخارج وتخص ما ينتظر فعله من قبلهم في ضوء احتمالات التفاعلات المتوقعة من الحكومة والجهات المعنية بالقرار وتنفيذه.. حيث ينبغي أن توجد ردود ضاغطة بالخصوص من أجل تحقيق شيئ عملي مرتجى أو مؤمَّل وعدم الاكتفاء بالمخاطبات والمجاملات..

6.            لابد من تنادي عاجل من المتخصصين لمعرفة الآفاق المتوقعة والاحتمالات وما يمكننا قوله لأبناء الجاليات العراقية في جميع الحالات والاستجابات الإيجابية منها والسلبية .. ومن الطبيعي ألا يكتفي المعنيون بالدراسات والمقالات النظرية وهي مهمة لا يمكن إلغاء تأثيراتها ولكنها ليست بكافية لتحقيق المطالب المنتظرة..

7.            ينبغي ألا تختلط الأوراق في وسائل ضغطنا من أجل تحقيق مطلبنا فنحن مع حكومة مهماتها تأكيد الاستقرار وليس الاشتطاط به وتصعيد حرائقه وهنا لابد من التوكيد من جهة على حق العراقيين في مطالبهم ومن جهة أخرى على منع التعرض لأوضاعنا على نحو سلبي يهدم ويعرقل لذا سيكون من الضروري الالتفات إلى هذه الحقيقة بوضوح من دون الوقوع أسرى تأجيل ما يعزز عراقنا الجديد عراق الديموقراطية والفديرالية بسبب من طوارئ الوضع القائم وتخريبات قوى الجريمة..

 

معتقدا أنَّ هذه الكلمات الموجزة هي نداء جدي من أجل تفعيل جهودنا وتنويعها بما يخرج بها بنتيجة إيجابية ولعل ما ينقصنا حتى الآن هو حجم الاتصال سواء بجمهورنا من أبناء الجاليات أم بجهات الإعلام والاتصال العام الفاعلة أم بالجهات ذات العلاقة من حكومة ومؤسسات تخصصية معنية..

إنَّ المرتجى من لجان التنسيق والمتابعة هو أعلى مدى فعل ونشاط وأكثره حيوية وتأثيرا اليوم وليس بعد أنْ يمضي قطار الزمن ونحن ننظر إليه من على رصيف محطات الشتات والمهاجر بحسرة أو لوعة حيث القرار حتى اللحظة ليس بيد العراقي ولن يكون بيده وهو مسترخِ ِ على مقاعد الانتظار ليعمل نيابة عنه الآخرون.

إنَّ الصحيح والجديد في عراق مغاير هو الشعور بمسؤولية وضع توقيعنا على قائمة المطالبين بحقوقنا ووضع أسمائنا على طاولة الفعل وليس على مقعد الانتظار في ميدان العمل وليس في باحات الاسترخاء .. إنَّ الديموقراطية التي نريد واختيار مَن نريد وما نريد لا يأتيان ونحن في حالة التعطـّل والتبطل عن الفعل والنشاط بل يأتيان حيث نفعل ما نقول وحيث نعلن ما نفكر فيه..

أيها العراقيون الذين صبرتم وتعبتم وعملتم لابد أن تحصدوا سويا ما زرعتم فقد ولى زمن الطاغية الذي ينوب عنّا في كل شئ إلا في قيودنا ونحن اليوم في زمن الفعل وتنفيذ ما فكرنا به سويا نحن العراقيين طوال ما انقضى على حساب حيواتنا المستلبة منّا لنعيد إلى ذواتنا وجودنا كاملا تاما؛ نقيا من أدران العزل والإبعاد والإقصاء وكل مصطلحات إماتتنا وقوقعتنا وفصلنا عن الوجود الإنساني...

فهل نحن فاعلون.. إنَّه مجرد نداء أو صرخة ضمير أو صوت ينبع من دواخلنا جميعا ولست سوى المجسِّد لذياك الذي يعتمل في الصدور في هذي الكلمات...

 

خاص بصحيفة الأهالي