الدفاع عن الكرد والدفاع عن أهلنا ينطلق من أساس واحد لا يقبل التجزئة

الدكتور تيسير عبدالجبار الآلوسي

أكاديمي ومحلّل سياسي \ ناشط في حقوق الإنسان

           2004\  10 \ 15

E-MAIL:  t.alalousi@chello.nl

 

تردني مثلما ترد كثير من كتّابنا الوطنيين بين الحين والآخر نصائح ومواعظ أو تهديدات مبطنة أو صريحة في مسائل منها ما يخص الموقف من القضية الكردية والشعب الكردي. ولعلّ بعض هذا يعود إلى جملة من الأمور المختلفة لاختلاف مصادر تلك المواعظ التي يقع بعضها في الغلط أو الخطأ عن غير قصد أحيانا وبعضها الآخر يعرف ما يريد ويقف موقفا سلبيا أو عدائيا خطيرا من القضية...

وسأتناول مسألة الدفاع عن حقوق الإنسان بوصفها مسألة جدية خطيرة في زمننا.. وبوصفها القضية التي أدت إلى خلط أوراق النُظُم المتعارضة بما جعل الصراع بين نظامين عالميين يُحسم لأحدهما من غير معارك كونية جديدة.. وبالاستناد إلى قوة ادعاء الطرف المنتصر وتمسك دعايته وإعلاناته بحقوق الإنسان ليس من باب المصداقية ولكن من باب التعكز على ما يطيح بالآخر..

وفي الحقيقة فإنَّ مسألة حقوق الإنسان لا يمكن المناداة بها لطرف أو لشعب أو لأمة أو لفئة أو طائفة أو إنسان واستثناء آخر منها.. فهي في جوهرها مناداة بالمساواة والعدل والتكافؤ والتعاضد وتكافل القوى البشرية كافة فيما بينها من أجل تقاسم الخيرات والموارد والعيش من دون تجاوز طرف على آخر..

بعبارة أخرى الحقوق تنبع في وجودها أو استلابها من تحقق العدالة أو انعدامها.. فإنْ تحقق العدل في التوزيع وفي التعامل والمعالجة لم نجد إنسانا يتظلَّم أو يستجير؛ وإنْ جرى تجاوز الكيل أو الميزان في توزيع أمر بين بني البشر كانت الشكاوى وكان البحث في الاختلال في توازن الحقوق..

كما إنَّ حقوق الإنسان تتأسس على تلبية مطالب كل فرد وكل مجموعة بالقياس إلى المعدل الموضوعي الذي يحكمه منطق العقل والمقارنة مع بقية البشرية في لحظة تاريخية بعينها.. فإنْ تمَّ الانتقاص من تلبية تلك المطالب والحاجات كان الاحتجاج والرفض من أجل ولوج عالم العدل بالطرق التي تبيحها الشِّرعة الإنسانية...

وبهذا المنطق لا يمكننا أن نطالب بحق إنسان فرد أو مجموعة قومية أو دينية أو غيرها من دون النظر إلى القاسم المشترك مع الآخر في اللحظة التاريخية المعينة. ويكون من الموضوعي والمنطقي الدفاع عن الأهل ومطالبهم متلازما بالدفاع عن مطالب الآخرين وغير متعارض معها..

فإنْ تعارضت مطالب إنسان أو مجموعة مع مطالب إنسان آخر أو مجموعة أخرى كانت تلك المطالب في غير موضعها الصحيح أو تقدمت على الخطوط الحمراء للعدالة الإنسانية المفترضة في مرحلة بعينها.. إذ مصداقية الحق كونه وهو يفرض قيمه لطرف لا ينتقص من قيم طرف آخر أو يتجاوز عليه..

إذ تنتهي حقوقنا وحرياتنا حيث تبدأ حقوق الآخرين وحرياتهم .. فلا مطلق في وجودنا الإنساني بل هناك النسبي الذي يعني التفاعل بين أطراف الوجود الإنساني جميعا والتبادل الحر والاشتراك في كل ما ينبغي الاشتراك فيه وتوزيعه وتقاسمه..

وبالتأسيس على هذا المنطق العادل والموضوعي فإنني لا أجد نفسي بحاجة للتبرئ من دفاعي عن الكرد وعن غيرهم لأنكفي على حالة من الانغلاق في الدفاع عن أهلي من العرب! فهذه الدعوة أما تكون قاصرة وفيها من الثغرات ما لايخدم أهلي من جهة قطع أواصر الصلة بينهم وبين الآخر أو هي خطط مبيتة للإيقاع بين العرب من جهة والأطراف الأخرى في محاولة لتمزيق وحدة النضال البشري حتى على مستوى الوطن الواحد أو الإقليم الواحد...

إنني مثل غيري من أولئك الذين يحملون راية النضال الإنساني ويرون في منح القضايا الإنسانية العادلة جزءا من اهتمامهم تحقيقا لا للتضامن حسب بل لدعم تحقيق مصالح أهلهم والأطراف التي ينتمون إليها.. وأشدد على حق الآخرين في أنْ يأخذوا من وقتنا وجهودنا ما يدافعون به حقوقهم المشروعة العادلة..

بينما تلك النزعات التي تبحث عن وقف مشاركة الآخر همومه ومطالبه واحتياجاته هي نزعات أبعد من مرضية وأنانية.. إنَّها نزعات تتصف بمحاولة احتكار الحقوق وسلبها من الآخر أو احتواء تلك الحقوق ومنعها عن الآخر وهي من جهة أخرى  تجاوز واعتداء على حقوق الآخر من جهة حب التملك والاستئثار بشئ أي شئ ..

وهي عندما تأتي من مظلوم بالأمس تتمثل في الروح الانتقامي, روح الثأر لمظالم الأمس  وبهذا الفعل يكون المطلب ليس استعادة الحقوق ولكن أبعد منها الاعتداء على طرف واستلابه حقوقه ولن يتجاوز ذاك الفعل باب لغة الثأر والانتقام..

وفي الحالتين لن يكون حرا مَنْ يعتدي على الآخر ولن يتحقق له العيش الإنساني ومصداقيته ولن يكسب العدل وهو يقف على كفتي ميزان مائل.. إنَّ كل إنسان أو مجموعة معتدية أو تأخذ أكثر من حقها توجـِد لا اختلال الموازين بل توجـِد أرضية فقدان الحق والعدل والمساواة, ما يؤهِّل لخسارتها هي أيضا في دوامة جديدة من التناضل بين البشر والمجموعات البشرية من أجل استعادة التوازن والحقوق..

إنَّ الحق القومي للكرد ليس فيه ما يضير العرب والعراقيين عامة بل هو حق قومي وإنساني كفلته كل الشرائع والقوانين فما الذي يخيف بعض الوعّاظ من الحديث عن ذياك الحق العادل؟! والدفاع عن الكرد هو واجب وطني وواجب إنساني وأممي فما الذي يضيريهم منه؟!

إلا إذا كانوا ما زالوا على أفكارهم الشوفينية الاستعلائية التي تستلب الحقوق من الآخرين وتتسيَّد السلطة على جماجم وحيوات الآخرين! وهؤلاء سيبقون أعداء لا الكرد وحدهم بل العرب والكلدان والآشوريين والسريان والأرمن والتركمان وغيرها من المجموعات المتعايشة في بلادنا منذ سومر الحضارة والسلام والحرية..

فإلى الذين يهددونا في أهالينا وأنفسنا ليقرأ كل منكم الحقيقة والحق بالاستناد إلى شرائع السماء والأرض وعدلهما.. وليتعظوا من تجاريب الظلـَمَة السابقين وما انتهوا إليه.. أما أهلنا فلا داعي لتذكيرنا بهم لأنهم يسكنون فينا دما وفكرا ووجودا تاما كاملا..

وأهلنا فوق مصالح وجودنا الفردي, ومَن يقرأ ما يكتبه مثقفونا العراقيون أصحاب النزاهة والضمائر الحرة الناصحة الحية سيجد أنَّهم جندوا أنفسهم من أجل الأهل وحقوقهم ومصالحهم ومطالبهم وهم بمجابهة مع تلك المواعظ القاصرة التي لم ترتقِ إلى المستوى العقلي الناضج أو أنها تهديدات عدائية رخيصة لن تخيف الصالحين المؤمنين بحق الإنسان في الحياة الحرة الكريمة بكامل ما ينبغي أنْ يحصل عليه في راهن وجوده...

وستبقى قضية الدفاع عن الكرد قضية أساس وليست هامشا في حياتنا ووجودنا العراقي والإنساني حتى تتحقق كل مطالبهم المشروعة.. وسنبقى معهم حيث منطق التجاريب الإنسانية الصادقة والمنطق الموضوعي العقلي الراشد.. وسنؤكد دوما على تفاعل وجودنا الإنساني والوطني في بلادنا ووحدة قضيانا ومسيرتنا المشتركة نحو مستقبل إنساني مشرق زاهر..

إنَّ الكرد ليسوا من قوميات جاءت من الفضاء الخارجي فهم بشر مثلنا مثلهم؛ والكرد ليسوا من أقاليم نائية بعيدة دخلوا إلينا في غفلة من الزمن بل هم من أبناء هذا الوطن ووطنهم التاريخي كردستان يظل وطنا خاصا بهم ما شاءت الحياة البشرية من استمرارية الوجود, ولا منازع لهم في وطنهم..

أما وجودنا في جوار وفي تعايش في وطن الرافدين فهو قدرنا المشترك الذي نعتز به ونتشرف ونسمو ونعلو وليس لنا فيه إلا تبادل الحقوق والواجبات وهو ما تربى عليه أهلنا من العراقيين من كرد وعرب ومن كلدان وآشوريين وتركمان ومن مسيحيين ومسلمين وايزيديين وغيرهم..

نحن نعرف الدواعي العدوانية والأصابع التي تختفي وراء محاولة ثني الأقلام الشريفة عن الدفاع عن الكرد.. فهي واقعة بين الشوفينية العربية والتعالي والعداء الذي يشعل أواره بعض القومانيين من مختلف التكوينات القومية العراقية وبين تدخلات أطراف إقليمية ودولية ليس من مصلحتها حصول الكرد على حقوقهم القومية والإنسانية كاملة..

إنَّ الدفع بهذا الاتجاه من إشعال النار هو أمر يصب في مخاطر لا على الكرد بل على كل الأطراف حيث لا مصالح لطرف صاحب حق في اشتعال الحرب والفتنة ومن هنا كان علينا نحن العراقيين جميعا من جميع أطيافنا القومية أنْ نتواصل ونتفاعل ونتبادل الرؤى ونتعاضد من أجل مصالح جميع الأطراف..

إنَّ تضامننا مع الكرد وكذلك تضامننا مع الآخر من أقاصي الأرض يصب في مصالح أهلنا من أبناء جلدتنا ويحتفظ لهم هذا التضامن برصيد لأيام محنتهم وهم يقعون اليوم في مصائد ومصاعب وظروف قاسية بعد أنْ تحرروا من طاغية ليخترقهم اليوم طغاة الإرهاب بأشكاله المختلفة..

ستظل معاضدة الكرد وكل قوميات عراقنا الغالي جوهرا لسياساتنا من أجل يومنا وغد أبنائنا.. من أجل أهلنا, حيث يعم الخير كل أهلنا العراقيين بكل انتماءاتهم القومية بلا استثناء وبلا إقصاء  واستبعاد..

وبئست الدار تقصي أحد أبنائها عن صحنه وترى في ذلك عين الحق والعدل.. فبأي إيمان ودين ومعتقد يؤمن مَن يريدنا نفعل ذلك.. وبأي فلسفة أو فكر أو سياسة يؤمن مَن يريدنا نبتعد عن الدفاع عن العدل والإنصاف والحق لجميع أهلنا من الكرد والعرب من السيعة ومن السنّة من المسيحيين ومن المسلمين..

وقديما قالوا "لو ضاع اسمك قل أنا منـ... كم" وتلك شيم الأصلاء؛ وكل أطيافنا العراقية تمتلك الحق فينا نحن كتّاب الحق والضمير والعدل ولن نستثني ولا حتى فردا واحدا من جهدنا البسيط جدا أمام التضحيات الجسام في طريق التحرر الوطني والقومي والإنساني وهو طريق يرفع لواءه حركة تحرر وطني وقومي نبيلة نزيهة شريفة وهي عالية الراية بوجود أهلها ..

فإلى أصحاب التهديد والوعيد سينتصر الإسلام وسينتصر العرب وسينتصر السنّة ولكن ليس على حساب الآخر ليس على حساب الكرد وليس على حساب المسيحي وليس على حساب الشيعي بل معهم وبهم ومن أجلهم سيكون انتصار أهل العدل والعقل وليس الذين يقتلون الأطفال والنساء والشيوخ ويأخذون الأخضر بسعر اليابس وليس المجرمين السوَقَة نحن مع أهلنا حيث حملوا راية الحق والحرية ومع كل طرف حيث جرى تقويمه ووضعه في طريق السلم والديموقراطية , طريق عراق الفديرالية الذي نعيش فيه جميعا سويا بكامل الحقوق وتمامها..

 

 

 

 

 

أتاحت لي الرسالة في أدناه كتابة المقال حيث لا أجدني ممن ينشغلون بالردود الفردية وما يشغلني هو إتاحة الفرصة كاملة للقراء كي يطلعوا على ما يجري أحيانا خلف الكواليس.. وفي المقال لغة الحوار وابتعاد عن المهاترة أو التهديد فليس لنا إلا تعزيز لغة السلام والتفاعل الإيجابي بدل لغة الاصطراع  والعنف.. والنصر لشعبنا العراقي بكل أطيافه....

 

 السلام عليكم ورحمه الله

                                                                                                                وبـــــــعد

                                        الدكتور العزيز كفى دفاعا عن الاكراد, الاجدر بك ان تدافع عن ابناء جلدتك اولا

                                                                     وعن نفسك ثانيا قد تنال رضا الله في الدنيا والاخره

                                                 والمـوت للبيشمركه والخونه واعداء الله

                                                    والله اكبر والعزة للاسلام والمسلمين

                                                             والنصر للمجاهدين