مهاجمة زهور عراقنا الجميل؟!

وخلفية أسس مهاجمة حلم كردستان حرة الإرادة وخيارها الفديرالي الديموقراطي

الدكتور تيسير عبدالجبار الآلوسي

أكاديمي ومحلّل سياسي \ ناشط في حقوق الإنسان

           2004\  11 \  15

E-MAIL:  t.alalousi@chello.nl

 

الهجوم الضاري الذي يتعرض له عراقنا معروف حجمه ومعروفة أبعاده؛ ولأنَّه اعتداء سافر واسع النطاق متعدد الأبعاد والجبهات, فإنَّنا يمكن أنْ نتبيَّن عبر متابعته وفضح مسالكه ودهاليزه كثيرا من أشكال العدوان على أطياف شعبنا ومكوناته. وممَّن يتعرض للاعتداء هذه الأيام بشكل مباشر وسافر, شبيبتنا المتطلعة لعالم ملؤه السلم والحرية...

وإذا كان من حق شبيبتنا أنْ تحلم بيومها وأنْ تستشرف في حلمها غدها الواعد السعيد, فإنَّنا مطالبون أنْ ندافع عن ذياك الحلم وعن تلك الأزاهير الجميلة وأنْ نمنع عنهم أذى الاعتداءات الرخيصة التي من أهدافها أنْ تثنيهم عن مسيرتهم وقبل ذلك أنْ توقف أحلامهم معتمدة أشكال التهديدات وأعمالا تخريبية إرهابية لا تقف عند حدود التهديدات...

ومن أمثلة ما نرى مما يتعرض له شبابنا من تهديد يقع أحيانا في خانة الإرهاب الفكري هو ما كان بالأمس القريب جدا من تعرض شاعرة الحب والجمال السيدة فينوس فايق وهي شاعرة الإنسان الأجمل والحياة الربيعية الأروع وهي زهرة من زهور عراقنا وجنبدة من جنابد [أزاهير] كردستان الجبل الأشم والوادي الأهم بين وديان بلاد الرافدين...

وهي ليست أول ولا آخر مَنْ يهاجمهم الإرهاب الفكري الذي يأتي مرة عن غير قصد وعن أخطاء أو اختلافات في الخلفية والرؤى ويأتي مرات أكثر وأكثر عن عمد وسابق قصد وترصد أي باستهداف لمقاصد مخطط لها من مثل قطع الطريق على الشبيبة وهي تحاول الشروع ببناء مستقبلها الأفضل في وطنها الذي تحلم به والذي تريد أنْ ترسمه وتشكِّله بطريقتها التي تراها...

أليس من حق الإنسان أنْ يحلم؟ أليس من حق الشبيبة أن تتطلع إلى حلمها سواء منه القريب أو البعيد؟ أليس من حق الشعوب أنْ ترى ذاتها ووجودها بالطريقة التي تراها؟ أليس من حق الإنسان أنْ يسخِّر محيطه ومفرداته لحياته بالطريقة التي يراها من مصلحته ومصلحة أهله وجيله والجيل الذي يخلفه؟

بالتأكيد بلى, من حق الشبيبة أن تحلم وأنْ ترسم عالمها بالطريقة التي تبتغيها.. وأكثر تأكيدا فإنَّ من حق الشعر والشعراء أنْ يعبِّر عن الحلم بما يراه مناسبا للصور الجميلة التي ترتسم في المخيلة الشعرية.. فمَنْ منّا يمكنه أنْ يصادر هذا الحق؟ ليس إلا طرفا من خارجنا وليس منّا يمكنه أنْ يفعل ذلك..

إنَّنا ندين الاعتداءات جميعا ولكننا أبعد من ذلك نقف بقوة مع شبيبتنا ومع علمائنا ومفكرينا وأدبائنا وشعرائنا وهم يعبرون عن مسيرة الإبداع المعرفي والفكري والأدبي.. وعليه لا نرى مسوغا بل لا نرى مبررا لتعرض الشاعرة فينوس فايق لمحاولات الاستفزاز والتهديد بالمصادرة واستلاب الحق في التعبير...

وإذا كان بعضهم يبرر ذلك بتوظيف أساليب لغوية لا يُقصد من ورائها ما ذهب المدافعون عن حرية الفكر والتعبير فإنَّ المقاصد الحقيقية تتكشَّف أيضا من خلال الوقوف الإيجابي أو السلبي من الخلفية التي تتطلع إليها شبيبتنا في التحرر والانعتاق من أشكال أسس الاستلاب والانطلاق إلى عالم التعبير عن الحريات وآفاق التقدم والسلام وربيع الجمال والزهو والروعة...

أما التضليل، أما التدليس، أما كل أحابيل أو فذلكة اللعب على الكلمات وأشكال التعبير ومزالق اللغة أو الأسلوب فإنَّ الأمر في قضية كحرية التعبير وأبعد منه في حق الحلم لا يتحمل اللعب بالطريقة المطروحة من أطراف التنوع  والاختلاف وعلينا أنْ نكون أكثر نباهة في هذه الأمور وإلا وقعنا في خدمة قوى معادية لتطلعات شعبنا بكل فئاته وأطيافه...

هنا ينبغي أنْ نتفرَّغ لمكافحة تلك الاعتداءات الخطيرة التي تحاول اجتياح كل شئ في عراقنا الجميل, في بلاد تطلعت إلىالحرية والسلام وقدمت القرابين غالية من أجل ذلك.. ينبغي أنْ نتفرغ لمحو كل العراقيل من أمام أبنائنا وهم يبحثون عن طريق الحياة والربيع وليس من أجل ذلك غير وضع الآليات بين أيديهم للتعبير عن رؤاهم وعن أحلامهم وتطلعاتهم بكامل الثقة والحرية..

ومن المؤكد سيكون وقف ظواهر التحريم والمصادرة والتكفير والاستلاب أمرا أساسا في توجهنا الجديد.. وليس صحيحا ترك أصابع تخط الاعتداءات أو الاستفزازات أو ترتكب أخطاءها من دون التصدي الحازم والمعالجة الواعية لمثل هكذا أحداث ووقائع..

إنَّ التأسيس لأعمال التضامن الواسعة بخاصة مع شبيبتنا الواعدة ومع شعرائنا ومع التعبير عن الحلم وعن الهدف يبقى أمرا مهما اليوم وسبيلا من سبل بناء عراقنا القائم على خيار الوحدة الوطنية بإرادة حرة مستقلة أي أنْ تقوم وحدة التراب العراقي ليس انطلاقا من قدسية الأرض أولا وهي تظل مقدسة حيث يجب أن يكون المنطلق قدسية الإنسان أولا وأهميته وتقدمه على كل مفردات الحياة ..

ومن القدسية أن تكون حرية الإنسان الفرد أولا وأنْ تكون حرية الإنسان الجماعة أي الفئة أو الطائفة أو المجموعة الدينية أو المذهبية أو التيار العقائدي السياسي  وقبلها المجموعات القومية بخاصة منها الأساس في عراقنا المجموعتان الكردية العربية وكذلك المجموعة الكلدانية الآشورية السريانية والتركمانية..

أما كيف يعبر كل هؤلاء عن أحلامهم فليس صحيحا أنْ ننوب عنهم في الحلم!!! وليس صائبا أن نصادر كيف يحلمون وإلامَ يتطلعون؟ إنَّها حقوقهم في الحياة الحرة الكريمة حيث ينتهي من بلادنا إلى الأبد وضع المصادرة ومن ثمَّ كان علينا جميعا حفظ الود بيننا والاحترام لبعضنا بعضا واستقلالية الآخر وترك الخيار الحر له ليكون معنا في وطن واحد أو معنا ولكن في وطن مستقل.. فالمهم ليس قدسية التراب على حساب الإنسان بل قدسية الإنسان ولحسابه تكون قدسية الوطن محفوظة في القلوب والألباب...

لماذا نرى في خريطة وطن ما أمرا أبديا ولم تكن أزلية الوجود؟ لماذا نرى في الوحدة بين طرفين أمرا إجباريا وعند بعضهم يكون أمرا بالإكراه على أساس مَن لا يريد الوحدة ويخضع لها صامتا يجب أنْ يُصادر أو يُكرَه عليها بالقوة ومنطقها المتخلف الهمجي الدموي كما كان لقرن خلا من الزمن!

لنشدد سويا على حق التعبير الحر وعلى حق الحلم بغير استفزاز رخيص وحق التطلع لغد أفضل وليكن طريقنا إلى ذياك الغد سلميا ديموقراطيا أساسه الإخاء والمساواة والعدل والحرية.. فإنْ مالَ بعضنا للوحدة بين طرفين جاء ذلك بالخيار الحر تماما وبكامل الاستقلالية للطرفين ...

ولنعِ ما يُحاك وراء تلك المصادرات والاستفزازات والاعتداءات.. وليكن طريقنا الجديد هو طريق الحريات التامة والديموقراطية والسلام؛ فذلك هو ما يمكن أن يرشح طريق خيار الوحدة الفديرالية الصحيحة وبخلافه لن يكون غير متاعب وآلام وطريق وعر ة صعبة.. أليس هذا ما يريده أعداء الإنسان وحرياته وحقوقه في الحياة الحرة الكريمة؟

أما نحن فنقف سويا في قِمم جبال كردستان التي يضم ثراها قرابين عراقنا الجديد من كرد وعرب وكلدان وتركمان ونحن نحتفل بأعياد المجد لشهدائنا من أجل وقف النزيف إلى الأبد.. لنبدأ طريق السلام .. وهو طريق قطع محاولات المصادرة ووقف اعتداءات الإرهاب الفكري وغيره ..

ومثلما كان عمالنا يحمون مؤتمر السباع الطلابي في أربعينات القرن الماضي، ها هم مفكرونا يتنادون لحماية شبيبتنا وهي تعبر عن الحلم بالحرية، الحلم بوطن، الحلم باستقلال الإرادة وحق الخيار بإرادة حرة مستقلة.. فلا حدود تـُوقفكم شبيبتنا ولا تترددوا ونحن معكم أمامكم ووراءكم لا تتركوا حاجزا يمنعكم ويصادركم فمرجعيتكم اليوم هي الحرية وهي الديموقراطية وهي حقكم في كل ما ترسمونه أزاهير جميلة لوجودكم الإنساني الكريم.. كذلك نريد منكم ومنكنَّ ومنكِ شاعرتنا الجميلة فينوس كردستان وصورتها الرائعة،  أنْ تكتبوا وأن تتغنوا بمجد الوطن الحر ولمَ لا وكردستان وطن الكرد وطن الحرية وأمامها كل الخيارات من أجل الشعب والإنسان ومصالحهما كاملة تامة..

حرية الإرادة واستقلالها لا غير هو ما يوحدنا ويجمعنا ويمنحنا الحق في الحوار من أجلكم ومن أجل غدنا جميعا وليس أوهام الاستغلال وديمومته التي تقوم على الإرهاب.. بينا نحن نمضي سويا بالضد من آلام الدم نحو غد الفرح والسلم والحرية..  

 

أ