وقفات انتخابية

من واجبات الناخب وحقوقه: التصدي للإرهاب وتوفير الأمن بتضافر الجهود الوطنية الشعبية والرسمية

 الدكتور تيسير عبدالجبار الآلوسي
أكاديمي ومحلّل سياسي ناشط في حقوق الإنسان
 

في هذه المرحلة من حياة العراقي تتصاعد هجمة خطيرة صابّةَ َ جام غضبها وعنفها الدموي ضده.. والحقيقة الوحيدة الكامنة وراء هذه الهجمة الشرسة تتمثل في منعه من التوجه لخياره الحر المستقل وقطع الطريق على عملية بناء عراق ديموقراطي فديرالي تعددي يحيا فيه المواطن بخلاف ما كان عليه في ظل زمن العبودية الدكتاتوري..

وتتحالف في هذه الهجمة قوى بعضها متناقض الأهداف والدوافع، ولكنَّها تلتقي في قضية مشتركة واحدة وهي قضية استلاب شعبنا حريته وإرادته في تقرير مصيره ورسم مساراته المستقبلية.. إنَّ الشئ المشترك بين القوى الإرهابية جميعا هو الضرب الأعنف تحت أحزمة الفقراء والمعدمين من كل الطيف العراقي المتنوع بلا استثناء أو تمييز..

وتلك القوى هي قوى عدوانية عدائية ليس لها من وجود في ظل ظروف الأمن والأمان والطمأنينة والسلم والديموقراطية.. من هنا كان اندفاعها من أجل مزيد من الاضطرابات ومزيد من نزيف الدم والقتل والترويع والتهديد..

وفي مرحلة الحملة الانتخابية نلاحظ توجهات تلك القوى العدمية البائسة المريضة المهووسة بالدم والذبح بالطريقة الإجرامية المفضوحة النكراء، وهي توجهات تركز على محاولة منع المرشحين من مواصلة الاتصال بالمواطن من جهة والتحضير لمنع الناخب من الاتصال اليوم للتعرف إلى برامج المرشحين وطبيعة القوائم ومن بعده منع الناخب من التصويت عبر التهديدات المعلنة..

يساند أولئك الساديين بعض الفضائيات وأجهزة إعلام مفضوحة التوجهات والدوافع.. وأموال قذرة مسروقة من قوت شعبنا وزاده.. ولكن بالتأكيد ما هو أخطر ببلطجة عنفية وأعمال مسلحة من تفجيرات وأعمال قنص ومواجهات بمختلف الأسلحة الواردة من جهات لا علاقة لها بمصلحة عراقي مُستضعَف...

ونحن نعرف التهديدات التي وصلت القوى المسيحية والأيزيدية وقوى شعبية متنوعة أخرى من التوجه لصناديق الاقتراع وستأتي محاولات من أجل الضغط وتغيير الخيارات في لحظة تالية وكل ذلك بسلاح الاغتيال والخطف والقتل وما إليه من أعمال إجرامية واستباحة حرمات...

ما مواقفنا من هذه الحملة الشعواء ودورات العنف الدموي المتصاعدة؟ ليس لنا إلا خيارين الخضوع وتسليم حاضرنا ومستقبلنا لقوى الجريمة التي تزعق باسم الشرف والكرامة ويقصدون المكانة التي فقدوها بزوال نظام الرعب والموت نظام الطاغية أو تزعق باسم الدين وتمثيل هذه الفئة أو تلك، هذه الطائفة أو تلك على أساس من افتعال العداء والفرقة والشقاق بين مكونات شعبنا...

فإذا كان خيار الخضوع، هو تسليم يضاعف مشكلاتنا ويعمِّق أزماتنا ويضع آخر ما تبقى من رمق في سلة المجرمين والأفاقين حتى منهم المتخفين خلف استعادة مصالح الناس وهم يخبـِّئون خلف أقنعتهم أخطر المواجع التي تنتظر العراقي...

فإنَّ الخيار الآخر الخيار الأول وليس الثاني هو خيار عدم التسليم ورفض الخضوع للتهديدات.. صحيح أننا سندفع تضحيات من أجل حرياتنا ومن أجل بناء عراق ديموقراطي تعددي فديرالي إلا أنها أقل بما لا يمكن قياسه فيما لو قارنا بين ما يمكن أن يحصل تحت سلطة ملالي الموت الأسود أو ولاية دكتاتور طاغية باسم الدين وباسم الطائفة وباسم الشرف أو الكرامة وما إلى ذلك مما لم يمنع تقديم ملايين من أبناء شعبنا قرابين وضحايا في كوارث الطغاة بالأمس..

لماذا نسلِّم أو نخضع؟ لا يمكن العودة إلى نيابة عنا لفرد أو مجموعة، فشعبنا أقدر على الفعل وعلى حكم نفسه بنفسه في خيار الديموقراطية التعددية وهو أمر لا يأتي [ببلاش] وبراحة ومن دون التصدي الحازم والحاسم والصارم ضد قوى الجريمة..

هل يقبل رجل كريم أبيّ أن يخنع لقوة ليس من أهدافها غير ضربنا في أعراضنا وكراماتنا وشرفنا؟ أم هل تقبل امرأة أن تبيع نفسها لمغتصبها هكذا لمجرد تهديد؟ نحن العراقيين لا نحيا ونعيش إلا بكرامة وشرف وإباء أي لا نخضع للجريمة وتهديدات زعمائها القذرة.. فليجدوا ميدانا لهم ولجرائمهم غير العراق...

إن العراقي مُطالب اليوم الوقوف خلف حكومة وطنية مُختارة من قبله ومطالب بالتعاون مع العقل الرشيد الذي يكافح من أجل أمنه وأمانه وسلمه وحرياته، وهو مطالب التعاون بقوة ووضوح مع حكومته من أجل يومه وغده وإلا فلن نكون إلا لقمة سائغة بيد حفنة من المافيات والإرهابيين السوقة..

لا نقبل بدين الذبح والنحر الحلال أو الحرام فليس من حلال إلا حقوقنا الإنسانية كاملة في العيش بكرامة.. وليس من حرام إلا المسّ بوجودنا الإنساني بكامل تفاصيل مطالبه.. ولم يقل إله ودين بما يجري من فضائع باسمه على يد جربان القذارات بحق كل عراقية وعراقي..

توجهوا إلى المرشحين الذين يمثلونكم، التحموا بهم وتفاعلوا وصوتوا لهم وإئتوا بهم لتشكيل سلطة الديموقراطية لحظتها لن يظهر صوت يتحدث عن الشرعية التي تغطي على الجريمة بحق حيوات أبنائنا وشرف نسائنا وكرامة شيوخنا من رجال العراق وشبيبته...

أخبروا عن كل نأمة وحركة ونشاط مشبوه كلنا جهاز حماية أمن العراقي والعراقية.. لا تتردوا في التعاون التام الكامل مع حكومة التحضير لانتقالنا إلى عالم جديد لا يكون فيه للطغاة وأنابهم وتوابعهم مكان.. لا تتركوا جهاز الحكومة الوليد لوحده ولا تتركوا فرصة لتقوية وتسديد الوضع الأمني وتطبيعه ومنع الأشقياء من السطو على شارعنا الحر الآمن..

واجبنا اليوم قبل الغد التعاون بتشكيل أجهزة الحماية الشعبية في كل محلة وضاحية وحي وفي كل قصبة ومدينة وفي كل زقاق وشارع ولنكن العين الساهرة من أجل حيواتنا وحيوات أبنائنا.. من مهمات الأحزاب والحركات والتيارات الصادقة تطويع جهازها في ظلال مؤسسات مجتمع مدني تتناسب والوضع القائم ..

فليس مؤسسات المجتمع المدني فقط تلك التي أخذناها من مقاييس من دول صار لها مئات الأعوام خزينا في المسيرة الديموقراطية ولكننا يمكن أن نستولد مؤسسات تتناسب والمهام المطروحة علينا واجبا مقدسا نحو أنفسنا..

ويأتي حقنا في الحياة الكريمة الحرة الشريفة ليس تاليا بل مترافقا مع أدائنا واجباتنا تجاه أنفسنا مما يدخل في حفظ الأمن والأمان ومما يدخل في حماية الحياة العراقية الجديدة..

بغير هذا لن نحصد إلا الخسارات والفواجع فنخضع في دورة جديدة للدكتاتورية المقيتة.. بينما رفض الإرهاب ومقاومته والتعاون مع الحكومة حيثما كان نشاطها يصب في مستهدفات عراقيينا وتصوراتهم لقطع الطرق عليه وسدها بوجهه أمر لابد من أن يكون مبتدأ تحقيق عراقنا الذي نحيا فيه بحرية وأمن وسلام..