لماذا الجامعة العربية المفتوحة في الدانمارك هي الخيار الأول لطلبة العلم والمعرفة؟

الدكتور تيسير عبدالجبار الآلوسي

أكاديمي ومحلّل سياسي \ ناشط في حقوق الإنسان

27 2005/05/

E-MAIL:  tayseer541@hotmail.com

 

منذ سنوات طويلة تساءل العراقيون المهجرون ما الذي سيتخذونه من موقف إزاء مستقبل أبنائهم العلمي بعد أن  امتد زمن الغربة والشتات القسري؟ ومن ثمَّ جرت مداولات بين الأكاديميين والعلماء والأساتذة حول الإجابة عن هذا السؤال؟ ويأتي افتتاح الجامعة العربية المفتوحة ليكون تلك الإجابة الجدية المسؤولة التي ترتقي لمستوى الحاجة الكبيرة من حيث وجود عشرات ألوف الطلبة الذين فقدوا فرص استكمال دراستهم وتحصيلهم العلمي..

ومعروف كم هو شغف العراقي في اكتساب المعارف والثقافات فمنذ زمن بعيد كانت بغداد سوق الكتاب وهي مصدره أيضا! وكانت مركز البحث العلمي ومختبر البحوث والدراسات التخصصية.. ولكن حقبة التجهيل على عهد الطاغية أثرت سلبا وأوقفت مسيرة حافلة... اليوم هناك ظروف خطيرة تجري خلف كواليس التعتيم والصمت تتمثل في مطاردة العلماء والأساتذة وعمليات اغتيالات وتصفيات تجري بحقهم!!؟

الحل في مطالب عشرات ألوف طلبة العلم وآلاف من الكوادر العلمية المتقدمة يكمن في متابعة دراساتهم وأعمالهم حيث المهاجر التي اُضُطروا إليها كل تلك العقود الخالية.. من هنا كانت الجامعة العراقية التي تعمل خارج التراب الوطني هي واحدة من أخطر الحلول المهمة المؤملة وهو ما أكده التفاف عشرات من أبرز الكفاءات العلمية وانتسابهم التطوعي وبرغبة قوية في تقديم خدماتهم المعرفية والأكاديمية فضلا عن مئات بل آلاف الأسئلة والمطالب من الطلبة وغيرهم..

ونظرا لنجاح المشروع الأكاديمي وانتقاله ليكون واقع حال ماثل للعيان وينشط في أرض الواقع متنفسا الحياة برئات الطلبة والأساتذة؛ فإنَّ الجامعة التي تلقت عددا كبيرا من طلبات التوأمة والتعاون من جامعات عربية ودولية وعراقية. وهو أمر تأكيدي آخر على حجم مصداقية الجامعة والثقة بتقدمها وتطورها يوما فآخر..

من هنا أود التأكيد بدوري على ما يعترض الجامعة من مصاعب هي قادرة بكفاءاتها وطاقاتها أن تتغلب عليها.. وعلينا تذكر الطابع العلمي البحت للجامعة بخلاف بعض المشاريع الأخرى التي تقف بين المتاجرة المادية البحتة وبين التوجهات السياسية والعقيدية مثل جعل جامعة بعينها ذات طابع ديني ما يجعلها محددة محدودة بإطارها الخاص.

بينما الجامعة العربية المفتوحة في الدانمارك تنطلق من جهة التأسيس على أرضية علمية بحتة ؛  أرضية المعارف والعلوم والبحوث الأكاديمية وأرضية المطالب المعرفية الصرفة التي لا تتجه إلى تسييس أو توجيه اعتقادي بعينه وعليه في تنفتح كونها جامعة علم ومعرفة محضة بما يخدم جميع العراقيين والعرب، جميع أولئك الذين يرغبون في تحقيق تطلعاتهم العلمية وهم من ملتزمي سياسات مختلفة متنوعة وديانات واعتقادات متعددة ما لا تتدخل الجامعة فيه بالمرة...

وعلينا هنا أن نقول: إنَّ  ما يسوِّغ الثقة بالجامعة العربية المفتوحة في الدانمارك هو إنجازها برامجها العلمية من جداول وحقائب دراسية وتوزيع مسؤوليات علمية وأكاديمية وإدارية بشكل متكامل وتهيئة لوازم كثيرة بما يحيل إلى تجربة أكثر من سنة التحضير العملي للافتتاح بل إلى تجاريب عمر أساتذتها الذين عملوا في عريق الجامعات وأسسوا وساهموا ببناء جامعات بلاد الرافدين وبلدان عربية مغاربية وخليجية... كما ينبغي التذكير هنا أن الجامعة تخطط لإجراء امتحاناتها فضلا عن عن مركزها بالعاصمة الدانماركية في عدد من الدول الأوروبية المجاورة بإشراف أساتذتها المنتشرين في تلك البلدان وبضوابط وشروط لوائحها الأكاديمية البحتة المتمسَّك بها بقوة ..

ولكن يبدو لي من قراءة الأفق المحيط بالجامعة  وجود بعض التشوشات من قبيل ضعف تسليط الإعلام العراقي والعربي عليها على الرغم من متابعة عدد من الفضائيات للأمر باهتمام ولكن توكيد وتكرار اللقاءات التعريفية مسألة مهمة وهي من مسؤوليات تلك القنوات التي ينبغي أن تسلط الضوء على علمائنا ومشروعاتهم ومن الأمور الأخرى تردد بعض الجهات العراقية الرسمية أو تلكؤها في الأمور الإجرائية الداعمة للجامعة وأخص هنا وزارة التعليم العالي وعدد من الوزارات والوزراء الآخرين...

ومن مشكلاتنا المتوقعة ظهور منافسين من المتعجلين الذي أما يبغون الظهور والمنافسة بطريقة سلبية القصد منها التخريب والوقوف بوجه تطلعات الطلبة بالتشويش عليهم في تعدد الخيارات بين الجدي الحقيقي الصادق وبين مشروعات تفتقر لأبسط المؤهلات العلمية والأكاديمية كما يجري الآن بالتحديد وبعد أن صارت الجامعة العربية المفتوحة واقع حال يجري على عجل طبخ مؤسسات إنترنيتية بمسميات جامعية أو أكاديمية من دون اعتراف من جهة دولية أو جامعية متخصصة أو عراقية ومن دون تأنِ ِ في العمل وفي كيفية تحقيق الشروط المسؤولة الصائبة وهذا الأمر لا ينبغي التقليل من شأن تشويشه المحتمل ولكن ينبغي هنا بالمقابل التوكيد على ما تمتلكه الجامعة العربية المفتوحة في الدانمارك من مؤهلات ومصداقية لتجاوز أية احتمالات من هذا النوع...

ولا نحتاج في تقديمنا للجامعة العراقية العاملة خارج التراب الوطني، الأولى والوحيدة حتى الآن، أن نقدم النصيحة أو التوجيه فالمتقدمون للجامعة لتحقيق طموحاتهم ليسوا بحاجة لأكثر من التعرف المباشر وعن كثب على أساتذة الجامعة ومؤهلاتها ومصداقيتها لكي تكون خيارهم الأول بل الحاسم نحو تحقيق مستقبلهم العلمي الطموح..

بينما يحتاج أولئك الذين يعملون خلف الكواليس لافتتاح مشروعات تلقط من هنا وهناك برامجها وعلى عجل للمنافسة في "السوق"، يحتاج هؤلاء للنصيحة كون طلبة العلم وأساتذته ليسوا سوق منافسة وإننا لنأمل أن تتعدد الهيئات التي تحتضن عشرات ألوف طلبتنا على أن تتمسك بالضوابط العلمية والأكاديمية الصحيحة بما لا يخدع الطموحين ويضعهم في توريطات مختلفة الأسباب...

نثق في أن صورة الجامعة العربية المفتوحة في الدانمارك قد أصبحت في متناول الجميع بعد أن صارت حديث أجهزة الإعلام والصحافة العربية والعراقية والدولية وبعد أن صارت جزءا من هيكل الجامعات العربية الرصينة وبعيد إنجازها مشوار الاستعداد والتحضير وانتقالها إلى واقع الفعل الحقيقي من خلال كل مؤشرات أو شروط ولوائح الجامعة التي يُعتدّ بها كما هو حال جامعاتنا المنتشرة في بلادنا والبلدان العربية وفي دول أوروبا وغيرها..

وبعد فإن إجابة سبب كون الجامعة العربية المفتوحة في الدانمارك هي الخيار الأول والحاسم لطلبة العلم وأساتذته تكمن في القرب منها وتبيِّن حقيقتها والتعرف إلى مصداقيتها ودرجة الثقة المؤملة في دراساتها وبحوثها ومن شهاداتها.. فإلى تحقيق الحلم والطموح للجميع وليكن ذلك حيث نمضي سويا في أداء خطوات الفعل.. فلنبدأ العمل حيث عرفنا بم نبدأ؟ وأجبنا في إطار الهدف الأكاديمي العلمي عن سؤال ما العمل؟ وإذا كانت الظروف المعقدة للعراقي والدارس بالعربية قد أخذت منا خطوة إلى الوراء فإن الجامعة العربية تأخذنا خطوات إلى الأمام!!!