حكاية النشيد الوطني والوزارة العتيدة؟

الدكتور تيسير عبدالجبار الآلوسي

أكاديمي ومحلّل سياسي \ ناشط في حقوق الإنسان

           2005  06\ \  29

E-MAIL:  t.ayseer54@hotmail.com

 

طالعتنا الأنباء أن ما يجري خلف جدران أبنية الحكومة الجديدة  سيكون جديدا في كل شئ.. ولم يفطن أحد إلى أن بعض الجديد لن يكون طيبا أو صحيحا ولا حتى علاجا ملائما لأمر من الأمور،  ولهذا لم يندهش أحد أن يقرأ كل صباح تغييرا في هيكل وزارة بعينها أو مفردات عملها بسبب غير مبرر أومن دون سبب بالمرَّة..

وبالأمس غير البعيد أصدرت وزارة الثقافة قرارا لم يلتفت إلى نتائج تداعيات إغفاله المتعمد لقرارات سابقة ونقثد هنا قرار المسابقة الخاصة بالنشيد الوطني شعرا وما يلي من تفاصيل أخرى..

والحقيقة التي يعرفها الوسط المتخصص بشؤون الإبداع الأدبي والفني أن عددا من كبار الفنانين والأدباء نهضوا بناء على قرار سابق للوزارة بإعداد النشيد الوطني وبعضهم كلفه الأمر آلاف الدولارات لكي يسجله أوركستراليا أو في استديوهات مناسبة للأداء وبذلوا فضلا عن ذلك جهودا كبيرة ومميزة بالخصوص..

ولكن اعتباطية القرارات وعبثيتها بل جهلها بالأصول المرعية أدى إلى خسارة هؤلاء لجهودهم ما لم يجر تدارك الأمر بموضوعية وعقلانية مناسبتين...

إذ من الصحيح أن تستند وزارة الثقافة في قراراتها ومساراتها إلى خبرائها ومفكريها وعراقنا يزخر بطاقات عظيمة منهم وهم على صلة رحم وطيدة حتى وإن كان بعضهم يلتحف سماوات الغربات السبع إلا أنه يضع الوطنبين الأضلع والقلب ..

وإذا ما أردنا التفكير بتأن وبحصافة فإن فلسفة الوزير الجديد تلغي فلسفة الوزير القديم مطلقا هي كارثة مهولة وطامة كبرى لا يمكن أن يسكت مثقفونا عليها..

فإذا كان زمن الطاغية قد تأسس على إلغاء منطق العقل والفكر وصحيح ورشيد الحكمة فإننا اليوم لا يمكن أن نمرر منطق العبث بالناس ومحاولة استغفالهم وهل يُستغفل المثقفون؟!!!

بالطبع هنا صار لزاما علينا أن نعلنها صريحة أن ما يجري في أروقة وزارة الثقافة منذ غادرها السيد مفيد الجزائري هو أمر قائم على منطق المخالفة ومحو الآخر والإتيان بجديد لا يستند إلى روح جدي مسؤول بقدر ما يتأسس على محاولة إثبات ذات خاوية تستدعي رؤية إن جاز تسميتها رؤية من زمن اللاحق يلغي السابق وإن كان هو الكارثة والسابق هو المنطق والصحة والعقل!

لا نشارك القائمين على وزارة الثقافة اليوم اندفاعاتهم غير المسوغة وقراراتهم التي لا تنظر أبعد من مساقات عرجاء ونشدد على ضرورة التعامل بموضوعية في ظرفنا الدقيق حيث عراقنا بحاجة لتوجيه أنشطتنا وكفاءاتنا وقوانا وطاقاتنا نحو التكامل والتفاعل الإيجابي البنَّاء  وليس الاتلافي الهدام..

نحن لا نقلل من شان طرف بعينه ومن كفاءته أو إبداعه ولكننا هنا نرى ضرورة العمل الجمعي والتوافقي المتمم بعضه بعضا ما يعني استكمال الخطى السابقة وليس تجاوزها وإلغاؤها بطريقة لا يجد عاقل منفذا لوصفها بهدوء..

نتمنى على وزارة الثقافة ووزيرها النظر بجدية لأمورها ولا يمكن إغفال المنجزات التي نهض بها مثقفونا وفنانونا وأدباؤنا وهم ينجزون أعمالهم ومشاركاتهم ولا يمكن بعد ذاك القبول باستمرار الخطأ في مساقه لمجرد أن السيد الوزير قال هذا وأقر ذاك البيان فالخطأ يبقى توصيفه نقصا ينبغي أن يُزال والعودة عنه فضيلة ولا تعيب مثقف أن يعدل من قرارات غير موضوعية ولا مصيبة..

 

ثقتنا أننا في عهد مختلف وأننا لا نترك الأمور على الغارب حيث العبثية واللامعقول واللامنطق والتسرع وهي كلها ليست من حتى من مقتربات الثقافة ولا المثقفين..

فهل من يسمع كلمة الثقافة ويسير في ضوئها مسترشدا الحكمة والمنطق العقلي السديد؟؟؟