حق العراقي المقدس في العودة

واستغلاله من بعض دول الجوار لتغييرات ديموغرافية خطيرة!!

الدكتور تيسير عبدالجبار الآلوسي

أكاديمي ومحلّل سياسي \ ناشط في حقوق الإنسان

           2005  06\ \  30

E-MAIL:  t.ayseer54@hotmail.com

 

ليس من مناقشة حول قدسية حق كل عراقي مهجَّر في العودة إلى الوطن بل نحن في حال من الجدل والعمل الجاد والمسؤول من أجل تحقيق  أفضل السبل لتحقيق التسهيلات المناسبة من أجل تلك العودة  وتعويض المنفيين والمهجرين وإنْ كان لا يوجد عمليا ما يعيد ما ضاع من العمر في المنافي القصية والمهاجر القسريةش، ولكن الواجب الإنساني والوطني يقتضي موقفا إيجابيا بناءَ َ وعمليا يقدم شيئا مناسبا لهؤلاء المعذبين..

ولكنَّنا اليوم ونحن نجابَه بكل تلك الأمور المنفلتة وغير المسيطر عليها في بلادنا نشهد قضية من الخطورة بمكان ألا وهي قضية الاختراقات التي يتعرض لها عراق اليوم.. وأول تلك الاختراقات تلك التي تستغل فتح بوابات الحدود على مصاريعها وتسيّبها وانفلاتها حيث دفعت دول مجاورة بخاصة منها "إيران" بكثيف المجموعات البشرية إلينا؛ وصرنا نشهد في بعض الأحياء النجفية والكربلائية صاحبة اللسان العربي العراقي الفصيح رطنا ولحنا بل لغة فارسية فصيحة وهو الحال في بعض مناطق الجنوب العراقي الأخرى مدنا وقرى وقصبات!!!

وصار مستثمرون فرس يملكون أبرز المباني والمشروعات الاقتصادية والسياحية في كثير من تلك المدن، والأدهى من هذا وذاك أن "عناصر فارسية" صارت تحتل أماكن وظيفية خطيرة  في مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية والمدنية بخاصة في محافظة البصرة.  وليس غريبا!! ولا عجيبا؟؟ أن يتحدث بعض من زار الوطن عن مشاهدته العلم الإيراني يرتفع مرة على الحدود العراقية الكويتية كما حصل قبل مدة!

أما مسلسل أخطر فالأخطر الذي لم يعد له منتهى فإنَّه يقبع في التعداد السكاني لدخول الإيرانيين إلى البلاد وكأن بلادنا في أوضاع مرتاحة أو طبيعية ليقيم الأجانب فيها. وإذ يرحب العراقيون بزيارة أي إنسان يريد ذلك وحتى بإقامة أي فرد في بلادنا؛ فإنَّنا لا يمكن في الظرف الحالي القبول باستقبال حالات الإقامة بخاصة منها غير الشرعية ومن دون تأشيرات ومن دون أسباب موضوعية غير الرغبة في الدخول!؟

وفي مثل هذه الأوضاع يتساءل الفرد منّا  لماذا يرغب فرد الإقامة في بلاد ملأى بانعدام الاستقرار والجريمة؟ والحقيقة ليس من مفر في كون الإجابة المنطقية لدخول هذه الآلاف المؤلفة من الإيرانيين وتسللهم إلى أرضنا هو جزء من عملية مبرمجة لما هو أكثر من التدخل في الشؤون الداخلية.. إنَّ عمليات التغيير الديموغرافي لعدد من المدن العراقية والسيطرة على مقدراتها الاقتصادية أمرينطوي على أكثر من خطر، وسكوت الحكومة عليه يمثل سكوتا على أخطر من احتلال وأبعد من جريمة بحق العراق والعراقيين..

نحن مرة أخرى مع عودة كل العراقيين المهجرين بلا استثناء ومع وجوب حصولهم على كامل حقوقهم وتمامها ومع وضع الخطط والاستعدادات اللازمة لاستكمال إجراءات عودة العراقيين بالخصوص الذين ظلوا تحت مطرقة الإيرانيين وسندان المتعاملين مع الملالي من نخاسي الضمائر والبشر ومن الذين ظلوا يشتكون من آلام غربتهم في الديار الإيرانية التي مارست الضغوط عليهم طويلا كما حصل في نهاية تسعينات القرن الماضي عندما أجبرت [الكثير] على المغادرة ويومها غرقت بأبنائنا سفن المحيط قبالة أستراليا وأندونيسيا واحترقت بآخرين ممرات العبور إلى سوريا وغيرها..

إنَّنا لن نغفل عن الآلام التي تحدثت بها نسوتنا وأبناؤنا ورجالنا  ولكننا لن ننسى أخوَّتنا مع الشعوب الإيرانية ومع مئات آلاف وملايين الأصدقاء الذين يمثلون تلك الشعوب وما بيننا من عمق العلاقة التاريخية والقيم الحضارية الإنسانية المشتركة .. وهنا لابد لنا من التأكيد أن جريمة التسلل تتمّ تحت غطاء الخلط بين عودة العراقيين وبين تمرير عشرات بل مئات ألوف من الإيرانيين وأي شخص يتحدث عن الغزو السكاني الغريب والمبرمج يُتهم بشتى التهم التي يحاولون بوساطتها أن يُغرقوا الحقيقة وأن يطمسوا الجريمة ويغطوا عليها...

ولكننا لا نقبل بالمرة بمخططات أجنبية تهدد مصير شعبنا ووطننا كما هو الحال مع الملالي وقواهم المافيوية العسكرية التي تمد أخطبوطها بين أضلعنا فمن جهة فأولئك الملالي يحضِّرون  لتغييرات خطيرة بمئات آلاف الإيرانيين الداخلين إلينا وهم يحملون معهم مخططات لن يستقر لها العراق دهرا طويلا إذا ما نجحوا في الاستمرار في مثل هذا التدفق..

 لقد حذرنا القوات الدولية عندما كانت رسميا تمتلك السلطة واليوم على الحكومة العراقية أن تضع في حسبانها هذه القضية بل على القوى الوطنية العراقية الانتباه لخطورة ما تمرره بعض القوى التي دخلت الحكومة في ليل أظلم بالتعاون مع سلطة الملالي وأموالهم؟! وإلا فليبرر السيد رئيس الحكومة ماذا يعني التغيير الديموغرافي للوضع في أبرز المدن المقدسة عندنا وفي بيع أبرز مؤسسات الدولة المدنية والاقتصادية لإيرانيين بالتحديد.. وماذا يعني بيع آلاف هويات الأحوال المدنية (الجنسية) العراقية لأجانب بالتحديد الإيرانيين الفرس؟؟

إن من المهام الخطيرة الالتفات إلى ما يجري  ويمكننا قياس أو قراءة المسألة من حجم مراكز الاقتراع الإيرانية في بلادنا وطبيعتها الحقيقية وبحجم الوجود والأدوار التي يلعبها .. كما ينبغي قراءة أول قرار لرئيس الوزراء في إطلاقه سراح الموقوفين الإيرانيين بخاصة إذا ما كان بينهم متورطون بجرائم الإرهاب وجرى تمرير أمر تحريرهم تحت مسمى الجرائم العادية!! كما ينبغي للنابه أن يلاحظ طمس الأصوات التي تتحدث عن الجريمة القادمة من الشرق وتسليط الضوء للمشاغلة على الجرائم الأخرى وهي جميعا جرائم بحق شعبنا وأمنه مصيره..

كما هو الحال في افتعال الطائفية وتوكيد صفاتها ومطالبها والنزوع بطلب مفضوح إلى وجوب تكوين ممثليات للطوائف غير الشيعية ومرجعيات طائفية أخرى في حين كان العراق وما زال يرفض المرجعية الطائفية التي يمكننا القول فيها: إنَّه لا يمكن لمرجعية أن تزعم المنطق والعدل والصحة والحق وهي تتحدث عن طائفة دون أخرى فالمرجعية الدينية تتخذ من اجتهادها المذهبي وسيلة ولكنها حسب منطق العقل والدين أيبضا تستهدف تقديم حلولها ومعالجاتها للمجموع .. كما إن المرجعية تظل ملتزمة أو متمسكة بكينونتها الدينية وبعيدة عن الحزبية السياسية المعاصرة..

أليس هذا بعض ما أرسله إلينا الإيرانيون الملالي .. الطائفية المريضة والتقسيم والضرب على وتر التفتيت والتجزئة وهلهلة وحدتنا وإضعافها قدر ما يمكنهم .. إنهم ينظرون إلى الأمور على مدى عقود وقرون مقبلة أما على المدى القريب فيستهويهم إبعاد الصراع بينهم وبين قوى دولية نحو بلدان أخرى كما العراق ولبنان وقبلهما كانت المحاولة مع الجزائر ومصر ونحن نرى ما يجري هناك في اليمن وفي بعض بلدان الخليج العربي ...

 

لا مجال للسكوت على مثل هذه الجريمة ولا مجال للانتظار فيجب إعلان أعلى حالات الاستنفار ووقف التداعيات التي يمكن أن تعقب الوضع القائم كما أننا في الوقت الذي نشير إلى الجريمة القادمة من الشرق لا نسكت عنها من أين أتت سواء من إيران وهو الحجم الأخطر حاليا أم من اي بلد آخر أفغانستان أم سوريا أم الأردن أم فلسطين أم السعودية أم السودان وأكر هذه البلدان على الرغم من أنها لا تمتلك المخطط نفسه والوسيلة ذاتها في دفع مئات ألوف مواطنيها إلينا وما يأتي منها ليس سوى عناصر الإرهاب التي تحتاج لقطع دابر وجودها بكل حزم ولكن من دون أن يلهينا الأمر عن المخطط الأخطر الذي لم يكتف بالتهديد بل صار واقع أزمة وهاوية لابد من وقف تدهور أوضاعنا بسببها...

يمكن أن يجرنا الحديث عن الأمر إلى الحملات التي تعرض لها مسؤولون سابقون وهم يفضحون محاولات احتلال أراض عراقية وفي الحقيقة لدينا أراض محتلة.

 ويمكن أن نتحدث عن إسكات كل كلمة تصدر لفضح الجرائم التي مصدرها ملالي إيران ويمكن أن نتحدث عن التستر بالدين وأي دين نشترك به مع الملالي الذين يمثلون مصالح اقتصادية سياسية موبوءة بكل الأمراض إلا أن تكون لها علاقة بالدين الحق العدل.

  ويمكن أن نتحدث عن خلط الأوراق وعمل الجريمة ولصقها بأي طرف غير إيران الملالي الفاعل المباشر الأكبر.

ويمكن أن نحكي عن كثافة الإعلام الموبوء بالطائفية التي لم يعرفها مجتمعنا والتفرقة التي لم يشهدها العراقيون يوما..

ويمكن أن نتحدث عن التقسيم والتشطير والتشظي المفتعل واخرتاق المؤسسات المحتلفة للمجتمع وتوجيهها وجهة تخدم المخطط الإجراي في بلادنا فهل من من ملتفت إلى المخاطر التي نحن فيها؟ وهل وعى أهلنا حجم الكارثة؟

إننا نعول على شعبنا العراقي الأصيل وعلى أصدقائنا من الشعوب الإيرانية ووحدة نضالنا ومستقبلنا المشترك مع تلك الشعوب الجارة الصديقة وعلى أبنائنا من طالبي العودة ومن العائدين لبناء بلادنا بعد خرابها والقفر الذي أصابها بعد تهجيرهم ونفيهم.. والحل هنا يكمن فينا فلنفضح المجرمين ولنوقف الجريمة ولنؤمِّن لأحفادنا ما ينبغي أن نؤمِّنه..  فهل نحن فاعلون؟