حول إرهاب الدبلوماسيين العرب والأجانب ومواقف بعض المسؤولين وإجراءاتهم؟!!

الدكتور تيسير عبدالجبار الآلوسي

أكاديمي ومحلّل سياسي \ ناشط في حقوق الإنسان

           2005  07\ \  09

E-MAIL:  tayseer54@hotmail.com

 

أقدمت تنظيمات الإرهاب والجريمة الوافدة إلى العراق على تحريك قواها المتبقية لضرب عناصر من السلك الدبلوماسي في عمليات الهدف منها يقع بين أمرين: الأول تدارك انهيارات تلك المافيات الدموية السادية ومحاصرتها نتيجة تصاعد الفعاليات السياسية والأمنية وتعويض انحساراتها وتراجعاتها بالوقع الإعلامي الكبير لاستهداف  الدبلوماسيين مقابل الإهمال الواضح لمصائب العراقيين وضحاياهم الكبيرة.. والأمر الآخر في الحقيقة إذا ما صحّت مسألة تركيز الحملة ضد الدبلوماسيين بما يكمن في قصد أو تعمد يستهدف تحرك الدول العربية ودول أجنبية بعينها لاستعادة علاقاتها مع العراق؟!

وعليه ينبغي أن نكون حذرين من قراءة الجرائم الأخيرة بشكل دقيق وصحيح. وكان مناسبا أن تتوجه الدبلوماسية المصرية لعرض اغتيال سفيرها على مجلس الأمن. وذلك لمزيد من الإجراءات الدولية والأممية الضرورية للمساعدة على ضبط الوضع العراقي العام..

ولكن المشكلة لا تكمن في المعالجات الدولية بقدر ما تكمن في مسائل منها تنظيف المؤسسة العراقية من الاختراقات كما حصل في الكشف عن اعتقال عدد من ضباط وزارة الداخلية على أن نثق في أن ما يجري ليس تصفية حسابات بين قوى وتوجهات سياسية مختلفة؟!

ويمكننا قراءة ما يشبه تلك الاختلافات في تصريحات أكبر مسؤول في الداخلية عندما شاهدناه يتحدث للفضائيات بصورة التنصل من مسؤولية ما حصل للدبلوماسي المصري بقوله: إنه أي السفير يتحمل مسؤولية ما حصل له لأنه خرج وحيدا في أجواء مرتبكة أمنيا مع شئ من التبريرات الخاصة بالأمر!

وإذا كان من الصحيح لمسؤول كوزير الداخلية أن ينتبه لتصريحاته وانعكاساتها السياسية والدبلوماسية والأمنية فإنه من الصحيح أن نسأل الجمعية الوطنية لمساءلة السيد الوزير عن تصريحاته تلك ووضعها في الموازين الصحيحة.. فليس من الصائب أن نعود لمرحلة التصريحات الكيفية التي حصلت في بعض أيام الوزارة السابقة وما كان ينجم عنها..

ولمزيد من الوضوح في قراءة مجريات الوضع لنلاحظ ما رافق تلك التصريحات في عدد من المقالات لكتّاب بعينهم يتحدثون فيها عن طبخة بين السفير وخارجيته من جهة والإرهابيين الزرقاويين وغيرهم من جهة أخرى وهو ما يجعلنا نرى أنَّ تلك الكتابات أصابت الأمور في مقتل وصبَّت بشكل ما في خانة ما آلت إليه النتائج...

إنَّ موضوع العلاقات العراقية العربية ينبغي أن يأخذ مساره الصحيح وأن تتجه تلك الدول لتوكيد العلاقات التاريخية وترفض المزايدات والضغوط سواء منها الأمنية أم السياسية التي تريد إخراج الكتلة العربية من الظهور في الساحة العراقية على أسس من الاستجابة لمصالح العراق وشعبه وحاجته لجهود تلك الكتلة الإقليمية المهمة والخطيرة في تطور الأوضاع في وطن الحضارة السومرية البابلية والعربية..

ويمكن للقارئ الفطِن أن يعرف هنا من لديه المصلحة الحقيقية في ضرب العلاقات العراقية العربية وقطعه عن امتداد إقليمي حيوي لوجوده الاقتصادي والحياتي العام. كما يمكننا التعرف إلى مستهدفات عزل العراق في مرحلة وتجزئته في أخرى وإعداده للتقسيم ومن ثم لإتباع تلك الأجزاء المفككة لدول جوار معلومة شرقا، شمالا!

وإذا لم يكن الأمر بتفسير تدخلات إقليمية بعينها وعاد لمجرد المصادفة الانتحارية المعروفة في قوى الإرهاب فإنَّ علينا في الوقت ذاته أن نحذر التداعيات لمثل هذا الفعل من جهة توكيد علاقاتنا وتوطيدها مع الدول التي تمَّ استهداف ممثليها الدبلوماسيين..

وذلك عبر السلوك الدبلوماسي المتعارف عليه من جهة رسائل الخارجية والزعامات العراقية والمشاركة الأدبية في المصاب ومتابعة التحقيقات على أعلى المستويات وطلب الدعم من تلك الجهات التي يمكنها تقديمه بصورة تتناسب وأوضاعنا المخصوصة..

ولا نجد هنا كثيرا من التفاصيل التي أشرنا إليها قد حصلت بل نجد أن حكومة الائتلاف تتجه لعقد التعاون العسكري مع جارة معروفة بتدخلاتها وأطماعها التاريخية وهو أمر غريب تماما.. إذ الصحيح أن تهتم بتطبيع الأوضاع مع تلك الجارة وليس فتح ملفات تسخينه كما في مسألة التعاون العسكري وبالتحديد في مسألة تدريب قوات عراقية [وليس استيراد معدات والواحد أخطر من الآخر] بما يفتح الأوضاع على احتمالات غير محمودة في ظروفنا التي نتحدث فيها عن الاختراقات والتوازنات الإقليمية غير المحسوبة..

ففي ظرف الأيام القليلة الماضية أظهرت التداعيات سياسة حكومية غير موحدة وغير منسقة وتوجها غير موضوعي لا في تصريحات الداخلية ولا في عقود الدفاع ولا في الفتور الذي قوبلت به الأحداث من الزعامات العراقية الأساس هذا باستثناء موقف الخارجية العراقية الإيجابي بالخصوص..

ولابد لنا من فعالية جدية في مواجهة مثل هذه التحديات ومن التصدي بمستوى المسؤولية المناطة بمؤسسات الحكومة وتنسيق السياسة العامة وتوحيد مصادر التصريحات والحذر في كيفيات صياغة عباراتنا في التعامل مع مفردات أحداث الواقع..

ففي وقت كان السفير في أزمة الاختطاف كانت التصريحات تحمِّله مسؤولية ما يمكن أن يجري له؟!!! والعجب أن يأتي هذا من وزير [كوزير الداخلية] كان ينبغي له أن يختار تصريحاته وتوقيتاتها بما يخدم حل الأزمة وليس التعليق عليها من خارج المسؤولية وكأنه في مجال السجال السياسي لحركة ميليشيا أو قوة سياسية!!؟؟؟ ولا ينبغي لمثل هذا أن يمر بلا تعليق من الجمعية الوطنية.. من زملاء الوزير في الائتلاف قبل غيرهم لأن مسألة الأداء وصواب إجراءاته مهمة تحتاج للمتابعة والمعالجة المستمرتين؛ وإلا كلَّفت عراقنا مزيدا من التدهور والآلام...

إنَّ مسارات الأحداث الأخيرة تؤكد حاجتنا الأكيدة في السياسة الحكومية القائمة إلى دعوة متخصصينا وشخصياتنا الوطنية الموجودة في ميادين واقعنا الوطني والمهجري لكي تأخذ دورها في إعادة خطوط العلاقات الصحية الصحيحة مع مختلف الدول الإقليمية وغيرها..

والعودة إلى تلك الشخصيات وإناطة مسؤولية دراسة الخطط الحكومية وتعديلها وتطويرها بما يستجيب لمصالحنا الوطنية العليا.. ومنع احتكار السلطة من قبل نفرات وجدن فرصة ما لاحتلال هذه المسؤولية أو تلك في ظروف عراقية غير مستقرة..

ولا يكفينا المطالبة بالشفافية حسب بل ينبغي أن نشرك العقل العراقي الوطني  وندعم فرصه في تحمل المسؤولية ومثل هذا يبدأ بالخارجية العراقية التي تحتاج لتطعيم توجهاتها ووفودها بشخصياتنا الوطنية في المهجر وبقية الوزارات بتوظيف الكفاءات العراقية والخبرات العالية المميزة في معالجة أمورنا كافة..

كما ينبغي للجميعة الوطنية أن تسحب الثقة من أيِّ مسؤول يعرض بلادنا لمخاطر تصرفاته وتصريحاته غير الموضوعية.. وعليها أن ترتقي لمسؤولية تمثيل الشعب بطريقة تلائم المهمات المكلف بها.. وتلك قضية أخطر من معالجة الاختلافات بشأن مخصصات الأعضاء ومكافآتهم!

ليبدأ حوارنا الوطني جديا بعيدا عن المصالح الضيقة ولنستنهض همم الروح الوطني بعيدا عن الرؤى الرخيصة لمأرب حزبية أو شخصية ولينتفض فينا الروح العراقي الكبير والعريق؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟