أولويات الخدمات الحياتية الأهم للعراقي؟

الدكتور تيسير عبدالجبار الآلوسي

أكاديمي ومحلّل سياسي \ ناشط في حقوق الإنسان

           2005  07\ \12

E-MAIL:  tayseer54@hotmail.com

 

 

يعاني العراقي بين مدة وأخرى من مشكلات تعرض الكهرباء الشحيحة في الأصل من انقطاعات ما بعد الطارئة وما بعد غير الممكن.. كما يعاني من انقطاع المياه الصالحة للشرب في ضوء الهجمات الإرهابية التي تستهدف مصادر حياة العراقي وهو الأمر الذي يزيد من معاناته التي لا يمكن لكلمات أي مقال وأية قراءة أن تتنفس الآلام الخطيرة للمواطن العراقي!

 

وفي حقيقة الأمر فإننا هنا نريد التشديد على معالجة هموم المواطن المباشرة في توفير الطاقة الكهربائية ومياه الشرب وعديد الخدمات الضرورية الأخرى بدلا من نصائح شد الأحزمة وتعزيز المعنويات الوطنية التي امتدت طوال العقود الأربعة الأخيرة!؟

 

فلا يجوز لنا أن نطالب الجياع بالتقشف! إذ ممَّ يتقشفون وفيمَ؟ أو ماذا يتركون من قليل فتات لا يسد رمق النحيل الهزيل جسدا من جوع الاضطرار والكفاف؟ وأي الأدوية لأمراض مزمنة يمكن التقشف فيها أو تركها؟

 

أما موضوع المياه الصالحة للشرب وانقطاعها الخطير لأي سبب كان فإن الأمر يدخل في مقتربات تعريض العراقي في مدن حاشدة كالعاصمة بغداد وأحيائها الشعبية كثيفة السكان بالذات، لمآسي الأوبئة الكارثية!

 

أما الحكومة والجمعية الوطنية فإنَّهما في حيص بيص تضبيط إدارتهما ولجانهما وكيفية عقد الاجتماعات اللازمة لمناقشة رواتب الأعضاء والمكافآت بعشرات ألوف يمكن أن تعالج أزمة قدرة شراء المياه اللازمة للعيش الصحي...

 

أو أنَّهما ينشغلان في وضع الخطط ومعالجة أولويات تخص المحاصصة حيث لم تكتمل بعد مشكلة تقسيم الحصص بين قوى الطوائف وأحزابها  .. أو أنهم ما زالوا يعالجون كيفية تمرير هذا العقد أو ذاك مع هذه الدولة أو تلك كما حصل في عقد تدريب [عسكر عراقيين] في الجارة الصديقة بل الشقيقة التاريخية إيران!  أما الانشغال بقضية تثبيت تعويض الجارة الكبيرة في أنفس بعضهم عن حرب الملالي مع الطاغية التي لا ناقة للعراقيين فيها ولا جمل فهي قضية سبق لزعيم ميليشيا معروفة بحماسها للشقيقة الصديقة، أن وقَّع على دفعها مستغلا أول لحظة يتسلم فيها منصبا عامّا!!

 

في وقت لم نسمع أية أسبقية اسمها تعزيز حملات النظافة العامة؟! أو حل مشكلات الصرف الصحي؟! وما زالوا يدعوننا باللغة نفسها التي كان يستخدمها الجلاد السابق في أن نتصدى ببطولة للمهمات المربوطة بها أعناقنا؟؟ ولم نسمع عن أسبقية تخص حل مشكلات الفقر والقدرة الشرائية ومعالجة مشكلات العملة على الفقير المستلب؟؟!!! كما لا نجد من يتحدث عن التشغيل في زمن البطالة اللهم إلا التسويف والمماطلة والتصبير وما شابه!؟

 

نحن لا نجد من يتحدث عن مخاطر ترك مشكلات ناجمعة عن شحة المياه وعن أزمة تفجير تلك الأنابيب المتهالكة وعن ضرورة وضع الحماية الكافية من جهة ووضع البدائل التي على الحكومة توفيرها كأن تشتري للناس حاجات لازمة من تلك المياه في زمن كارثية التأزم وهوله؟!! فضلا عن وضع البدائل الضرورية في مثل هذه الحالات والاستعداد للطارئ من الأوضاع الطارئة في أصلها!!!

 

إنَّ أسبقية موضوع المياه والخدمات الضرورية للحياة ينبغي أن تحتل الأولوية اللازمة بل الحكومة الحالية والتي ستأتي ينبغي لها أن تعمل بوصفها مؤسسة واحدة لا تنشغل بالتغييرات والمناصب والمحاصصة وتوزيع الكعكة، بل تؤدي الواجب المؤمل فيها وإلا فليتنحَ من  لا يجد نفسه قادرا على أداء الأمانة ولا أقول المهمة ففي أعناق أي موظف أمانة الخدمة الأمينة الوفية لإنسان صرخ كل ما فيه وحوله أنْ كفى استغلالا لوجوده الإنساني وانتهى زمن الصبر فيلا خدمة أسياد ليس فيهم إلا الخواء والصدأ!

 

ناقشوا صرخات الجياع والعطاشى.. ناقشوا صيحات العاطلات والعاطلين عن العمل.. عالجوا هموم الناس وأولوياتهم واسبقياتهم وضعوها في قمة الاهتمام وعلى رأس المهام والمشاغل التي يجب إنجازها فورا وتماما كما ينبغي أن تنقذ العراقي من كل همومه..

فالعراقي لم يطلب المستحيل بل أمور حياتية هي الحد الأدنى لعيش الإنسان من أمن وخبز وديموقراطية ولو طلب العراقي المستحيل فليُجلَب له فقد وجب اليوم تقديم أعظم التحايا والتقدير لكل عراقية وعراقي بعد كمِّ الضيم والظلم والاستغلال والاستلاب وما عاد في الزمن لحظة أخرى لضيم أو ظلم آخر... فليرتوِ العراقي من ماء فرات زلال روى أرض سومر حتى سموها أرض السواد من عمق خضرتها وهي تخضوضر اليوم بأهلها ونبعهم الطيب... ومن طاقة شعبه تعويضا عن كل طاقة حتى يضربون الأرض فتنبني السدود العملاقة لتشرق طاقاتهم مضيئة كل مساحة وشقة أرض من وطن الرافدين...

 

الأمل كبير بالعراقيين يعون ما يريدون ويعون مَنْ يريدونه ليبني ما رسموه بعيون وبريقها وبوجوه صلبة لا تراجع في نأمة فيها عن إرادة الحرية والانعتاق من كل ضيم لنمشي بأمان في شوارعنا وأزقتنا ويلعب أبناؤنا في ميادين الخير وتزهو سنابلنا ريّانة بوفير مياهنا... الخير راهن وآتِ ِ