ثورة الرابع عشر من تموز العيد الوطني العراقي

الدكتور تيسير عبدالجبار الآلوسي

أكاديمي ومحلّل سياسي \ ناشط في حقوق الإنسان

           2005  07\ \14

E-MAIL:  tayseer54@hotmail.com

 

تأسست الدولة العراقية الحديثة قريبا من مطلع القرن العشرين، وبنت مؤسساتها وطورتها في ظروف وملابسات محلية ودولية كثيرة. ولكن الأمور الوطنية لم تسِر بطريقة منضبطة بمصالح الوطن والناس من دون نضالات شاقة وعنيدة..

حتى جاءت ثورة الرابع عشر من تموز لتكون البداية الحقيقية لمؤسسات الدولة العراقية، بوصفها المؤسسات التي تخدم المواطن العراقي في تفاصيل حياته ومستقبله وتقرير مصيره الوطني والإنساني..

ويمكن للمتتبع في قراءة مجريات الثورة أن يضعها لا في موضع الانقلاب العسكري المحض بل في موضع التغييرات الجدية التي انتظرها الشعب عير كفاح حركته الوطنية الديموقراطية وتصديها لمعالجة الثغرات الخطيرة التي اكتنفت وجود الدولة العراقية..

فلقد استجابت الثورة للحريات العامة ووسعت من دائرة السياسة المسؤولة للدولة ومؤسساتها بما يخدم احتياجات المواطن العراقي ولأول مرة يصبح هذا المواطن مسؤولية المؤسسة الدولتية أو الحكومية ويصير محور اهتمامها الحقيقي..

من هنا يمكننا القول أن الاستقلال الوطني وتحقيق السيادة بمعناها وجوهرها الحقيقي لم يصبح تاما كاملا إلا في ظل ما خلقته ثورة الرابع عشر من تموز.. وإذا كانت نضالات القوى الشعبية فرضت إلغاء عدد من المعاهدات التي كبلت العراق بتبعية للأجنبي فإنَّ الثورة حررته تماما من التبعية وأعادت السيادة المستلبة ليس بالتحرر العسكري حسب ولكن بتحرير البلاد من الأحلاف ومن سطوة شركات النفط واختراقها السيادة الوطنية بطريقة فاضحة ومن التبعية الاقتصادية وغيرها..

من هنا يمكننا الحديث اليوم عن توافق وطني وإجماع شعبي عام لجعل الرابع عشر من تموز العيد الوطني الذي نحتفل به دلالة لسيادتنا الوطنية ولاستقلالنا الحقيقي ولامتلاك سلطتنا السياسية أو سيادتنا الداخلية حيث المؤسسة الحكومية في خدمة الشعب والوطن لا خدمة النخبة أو الطغمة الحاكمة...

لقد احتفل العراق بالأمس بتحرره من قيود الاستعمار القديم والحديث واليوم ونحن ننتهي من عهد الطاغية المستبد الذي استلب الشعب سلطته ومنعه عنها، نحتفل بعودة سيادتنا على مؤسستنا الوطنية أو مؤسسة الحكم وعلينا أن نديمها ونطورها ونغيرها بل نخلق مؤسستنا التي لم تكن موجودة في عهد الطغاة المتعاقبين..

ولابد لنا من راية وعلامة نستظل بهما إشارة لسيادتنا الوطنية الخارجية والداخلية أي من سلطة الأجنبي ومن سلطة الحاكم وتلك الراية هي راية 14 تموز الوطنية الديموقراطية تجمعنا سويا حتى منّا أولئك الذين يرون في النظام الملكي الدستوري طريقة للحكم لأن الطريق إلى اجتماعنا وإجماعنا يكمن في توحدنا على أساس وطني ديموقراطي ومواصلة مسيرة على وفق هذا التوافق والعهد..

ونمتلك نحن العراقيين في ثورتنا الوطنية رمزنا ووثيقتنا لمواصلة مشوار توطيد سيادتنا واستعادتها تامة كاملة من جديد بعد أن انفرط عقد تلك السيادة لتعقيدات لم يكن سببها إلا من داخل  بلادنا نحن حيث حكم الطاغية المستبد وما أودى بعراقنا إليه..

 

لنعد إلى تاريخنا الوطني المشرق ولنصنع منه وثيقة اللقاء وعهد الإخاء والمساواة والحرية وسيادتنا على أنفسنا وعلى مؤسساتنا ولنعزز استقلالنا ونمنعه من كل أشكال التدخل فتعود حياتنا ملكا لنا حرة سعيدة بتمام السيادة والاستقلال.. وفي الرابع عشر من تموز وثيقة عهدنا ووحدتنا الوطنية فلنحتفل اليوم بعيدنا الوطني ولنخلِّده لأجيالنا اللاحقة ملؤه احترام المواطن والمواطنة والوطنية العراقية....