بصدد ضمانات العملية الانتخابية وموقف القوى الكبرى بالخصوص؟؟

الدكتور تيسير عبدالجبار الآلوسي

أكاديمي ومحلّل سياسي \ ناشط في حقوق الإنسان

           2005\ 09\09

E-MAIL:  t.ayseer54@hotmail.com

 

جرت الانتخابات الوطنية الأولى في ظل ظروف قاسية لم تكن سهلة على طرف من الأطراف.. ولا يخفى على الجميع أن كثيرا من الساسة عملوا من أجل تنظيف الأجواء المحيطة؛ وبالتحديد فيما مارسوه من نشاط وحيوية في محاولة لمنع التدخل السافر للميليشيات ولأعمال البلطجة الكارثية...

ولكن الأمور لم تجرِ كما تمنى أبناء شعبنا وقد عملوا على تحدي الإرهاب وتصدوا له بتصويتهم للعملية السياسية ولإعادة تشكيل أوضاعنا الوطنية سلميا، بعيدا عن العنف الدموي وقعقعة الأسلحة التي بات كل عراقي شريف يرفض التعاطي معها والتعايش في ظلها...

أما الذي جرى يومها فكان بيِّنا فيه تدخل الميليشيات والعصابات المأجورة فضلا عن الاختراقات الأخرى التي جرت.. ومن الطبيعي ألا تستطيع التجربة الأولى المضيّ بدرجة من الكمال البعيد... ويبدو لي أن نشوة بعض القوى السياسية بسطوتها على الشارع السياسي بمختلف الأساليب ومنها غير المشروعة يدفع للتعاطي مع تسيير الأمور على ما تنطوي عليه من انحرافات غير طبيعية...

وعليه فمن يطالب للشعب المأسور بيد الإرهاب في محافظات وبيد المصادرة والاستلاب والبلطجة في محافظات أخرى؟ بخاصة هنا ونحن لا نجد تلك الأطراف الدولية والإقليمية التي عادة ما ترتفع أصواتها بخصوص وجوب نزاهة العمليات الانتخابية ولزوم تدخلها للإشراف عليها في مختلف البلدان والقارات؛ لا نجدها تشير ولو من بعيد لأهمية مشاركتها في الإشراف على العملية ذاتها في العراق!؟؟

لماذا لا تتحدث الزعامات الدولية المعنية عن دور لها في الإشراف على العملية الانتخابية؛ بخاصة تلك التي تملك كل تلك الحشود الضخمة من الجيوش التي يُفترَض أنْ تنهض بدورها في حماية البلاد وأهلها لحين استكمال تكوين القوى الأمنية الوطنية من جيش وشرطة؟؟  لماذا لا يتحدث الأمريكان والأوروبيون عن دور لمنظمات متابعة العملية الديموقراطية ونزاهة الانتخابات عندما يتعلق الأمر ببلادنا العراق؟

 

إنَّ سؤالا كهذا يهمه من أمر الجواب أنْ يتضمن دفع تلك القوى إلى لعبِ الدور المنتظر منها بمنع البلطجة المستندة إلى تدخل سافر عبر آلاف الأجانب المبثوثين بين الميليشيات والعصابات وخلايا الإرهاب وهم القادمون من شرق عراقنا وغربه.. كما  يهم هذا السؤال الوصول لدفع تلك القوى الدولية المقتدرة لكي تنهض بمهماتها بإشراف دولي حقوقي وقانوني قضائي يضمن النزاهة في العملية..

وبالتأكيد يوفر الأجواء المناسبة لكل مواطن أن يمنح صوته من غير ليِّ أذرعة أو ابتزاز أو قسر وإكراه.. كما يساعده على تبيِّن ممثليه والتعرف إليهم بوضوح وجلية كافية لكي يقرر بعيدا عن التضليل والتجهيل اللذين سادا في حياتنا العامة عقودا من الزمن وفي الأعوام الثلاثة الفائتة حيث استخدام لغة ابتزاز ومصادرة قاسية تتمثل في التعمية والتضليل على سبيل المثال استخدام مزيف لدعم المرجعية الدينية والتكفير بالخصوص..

 

إنَّ  قضية دعم العملية السياسية في العراق ليست شعارات تحرير ساذجة تستغفل من يريد أن يكون مغفلا بمعنى أن أمريكا وبريطانيا جاءا إلينا محررين بلا مصالح معينة لهما في بلادنا... هكذا لوجه الله أو لسواد عيون السومريين! ونحن على استعداد لتبادل المصالح مع كل الأطراف الدولية ولكننا لسنا على استعداد لنكون أولئك المغفلين حدّ السذاجة البائسة!

وعليه فإننا نريد للقوات الأجنبية الموجودة على أرض الواقع أن تقوم بدورها في الاستفتاء القابل حيث لا وجود جدي متمكن لقوات وطنية عراقية يمكنها أن تفعل شيئا في ضبط الوضع.. كما أن تلك القوات [الوطنية] في حقيقتها تميل للحزب الذي سطا على هذه المحافظة أو تلك.. ونتذكر جميعا أن شرطة مدينة البصرة وجيشها لم يحركا ساكنا عندما اعتدت قوات غوغاء الجريمة على طلبة كلية الهندسة في وضح النهار وعلى رؤوس الأشهاد!!! فكيف نطمئن لحمايتها العملية إذا ما انفردت بالشارع وتحكمت به من دون رقيب؟؟؟

وإن أول مهمات المفوضية العامة للانتخابات تكمن في الدعوة لهذه المهمة وليس الدعوة لإبعاد القوات الأجنبية عن صناديق الاقتراع بل الذي يبتعد هو البلطجية وأحزاب تأجير العصابات والقبضايات أو الشقاوات والمجرمين المحترفين وأعضاء الميليشيات الفارسية والطالبانية العربانية..

كما نتساءل عن دور المنظمات الدولية المتخصصة وأجهزة الإعلام من صحف كبرى وميديا مهولة التأثير وعن مهماتها في متابعة فاعلة وليست المتشكلة على رد الفعل وقراءة النتائج السلبية فيما بعد.. ومعروف أي تأثير يمكن أن يكون لتلك الأجهزة لو ارتقت الأقلام لمسؤولياتها التاريخية...

وعلينا تذكير المواطن الأوروبي والأمريكي أن صوته ودوره مهم للغاية في مسألة تسيير انتخاباتنا بطريقة صحية صحيحة وبطريقة نزيهة لما لذلك من أهمية مميزة ليس في تحقيق الديموقراطية حسب بل لتحقيق استقرار للبلد الأول في احتياطي وقود يحتاجونه لتحريك عجلة اقتصادهم وحتى تفاصيل أيامهم الباردة المتجمدة في الشتاء القريب الذي يكاد يطرق أبواب بترول يقفز سريعا نحو تفريغ جيوب الناس هناك!؟

وعليه سيكون من الأهمية أن تستجيب أجهزة الإعلام الأمريكية الأوروبية لمتابعة واضحة جدية وتطالب بدور جدي مسؤول للمنظمات الدولية والقوات الدولية في تطمين حاجات العراقيين اليوم في عملية خطيرة تتم في بلادهم وتحدد مسار الأوضاع فيها..

ولسنا هنا بوارد عرض أسئلتنا للاتهام والمماحكة بخصوص سياسة أمريكا أو أوروبا ومخططاتهما في العراق وما فيها من إخفاقات ومن مصالح متقاطعة في أحيان عديدة ومن ضرورة مناقشة أساس وجودهما.. ولكننا بصدد توكيد مطلب مباشر واضح لا يعفي الطرفين من مسؤولية خطيرة وجب أن ينهضا بها على الفور ويستجيبا لمطالب الشعب العراقي في إنجاح العملية من استفتاء على الدستور ومن انتخابات وطنية عادلة نزيهة..

وبالمرة فإنَّا نحتاج إذن لحملة القوى الديموقراطية ومطالبها بتوكيد الصلات الإعلامية الكافية مع جمهورها وهي العاجزة ماديا عن إدارة الأمر حيث لا فضائية لدينا ولا إذاعة إلا وانطبعت بتوجيهات مرضية من جهة القوى المسيطرة  ووصل الأمر فيها حد الركاكة والهزالة وتدني الأفكار الظلامية المطروقة عبر تلك الفضائيات هذا غير مواقف الفضائيات العربية التي تتاجر بهذا البلطجي أو ذاك الزعيم لعصابة أو ميليشيا أو حزب سطا على أموال دول تبرعت بها للاجئين العراقيين يوم كانوا في إيران وغيرها...

لنسأل بإصرار أين هي استجابة القوات الأجنبية ودبلوماسييها وسياسييها وأجهزة إعلامها ومنظمات المجتمع المدني هناك في أمريكا وأوروبا لمطالب الشعب العراقي وحاجاته؟ ففي ضوء الإجابة سنبني مزيدا من قراراتنا في التعاطي مع تلك الدول والقوى وما يؤسس لتبادل المصالح بنائيا وليس هدميا...

والمهمة دوما بيدنا نحن العراقيين وبيدنا يمكن أن نفعل ونفعِّل أدوار من يحيطوننا الذين يمكن أن يتحولوا إلى مضار سلبية في وقت يمكننا دفعهم ليكونوا غير ذلك...  فهلا تحركت [الحكومة] وهلا تحركت [منظماتنا الديموقراطية] وهلا تحركت مفوضية الانتخابات؟؟؟

 

عسانا لا نقول لات ساعة مندم يوم لا عودة في زمن الخشارة والهزيمة................