الفديرالية بين رؤيتي الإيجاب والسلب؟؟

الدكتور تيسير عبدالجبار الآلوسي

أكاديمي ومحلّل سياسي \ ناشط في حقوق الإنسان

14 2006/08/

E-MAIL:  tayseer54@hotmail.com

 

بقي شعار الديموقراطية للعراق والفديرالية لكردستان شعارا وطنيا تلتف حوله أوسع القوى الوطنية وابعدها خبرة وتوجها نحو تحقيق طموحات أطياف شعبنا العريضة. وصار الحديث عن فتح ملفات الموضوعات السياسية الكبرى أمرا حيويا اليوم لأهمية رفع الغموض والأوهام ومحاولات الاستغلال السلبية لبعض الشعارات بما يُغرق العراق في مشكلات تخدم قوى استغلالية بعينها.. حيث نجد الفرصة التاريخية السانحة بعد رحيل الطاغية ونظامه لتوضيح الرؤى بما يعمق التفاف القوى الشعبية حول الأهداف التي تحقق لها مطامحها....

وفي مثل هذه الظروف صار لنا أنْ نلاحظ بسبب تلك العقود من التجهيل والتضليل المشكلات العويصة التي تعترض آليات الوصول لجمهورنا الواسع بخاصة في حال من تنامي حالات الأصوات التي تعبر عن الرأي والجدل ولكن مثل هذا التنامي يجري أحيانا اختراقه واستغلاله لا توظيفه أي تمرير حوارات تضليلية سواء عن قصد من قوى سياسية معينة أم عن جهل من أصوات جديدة شابة تحس بأوضاع الناس وتريد توظيف آلية التعبير عن الرأي ولكنها لا تمتلك لا الخبرة ولا المعرفة الكافيتين لتحليل الوضع العام..

ولنلاحظ هنا نقاطا يجري الحديث بصددها عن رؤيتين متعارضتين إيجابية وسلبية.. إيجابية بقدر تعلقها بالخيار الأدق والأسلم لموضع تطبيق الفديرالية حيث شروطها وظروفها الموضوعية كما في فديرالية كرستان بمقابل حالة استعجال غير موضوعية للحديث عن فديراليات أخرى بخاصة عندما يتعلق الأمر بالطائفية أساسا لاختلاق أرضية تكون ذريعة لفديرالية تمهد الطريق لدويلة تتحكم بها ميليشيات يلاحظ كل عاقل رشيد ما تفعله اليوم بالعراق شعبا وثروات...

فيتحدث بعض الكتّاب في هذا الإطار عن مجريات الأمور على وفق منطق التبسيط والتسطيح قدرما تعلق الأمر بجهة الدفاع عن رؤى يناصرونها وهم في الحقيقة لا يجاوزون آليات التفكير [الأسطوري] عندما يجعلون من رؤاهم مسلـَّمات بدهية لا يجوز مناقشتها عقليا.. ومن هنا نجد كاتبا يرى أن الفديرالية نظام سياسي "ليس بحاجة إلى تعريف" بخلاف القول بأهمية التثقيف والتوعية والتنوير في مجتمع يخرج لتوه من جهالة نظام سياسي قمَعَ كلَّ منطق عقلي وكل مناقشة وأي حوار، يخرج لتوه من ظلام وضلاضلة وتجهيل وتخلف يحتاج لمعالجته زمنا ليس بقليل في حسابات المنطق العقلي التنويري..

وإذا كانت الفديرالية ليست بحاجة لتعريف على وفق هذا الصوت فإن كل المصطلحات السياسية والاقتصادية الأخرى لن تكون كذلك بحاجة لتعريف ومن ثمَّ فلسنا [على وفق الصوت ذاته] بحاجة لا لعلم ولا لمنطق عقلي ولا لمعرفة؛ فالأمور حولنا بدهيات ومسلمات لا تحتاج إلا لأن يقولها الزعيم فتكون كذلك، وعلينا جمهور العامة أن ننفذ ونطيع!! الفرق الوحيد في الأمر أن الآمر كان دكتاتورا باسم القائد التاريخي فصار الآمر اليوم دكتاتورا باسم الدين ومن ثم آية عظمى [سياسية أو دينية] لا تجوز له إلا الطاعة العمياء وبخلافه نكفر فيُقام علينا الحدّ!!

وحكاية الفديرالية التي يتم تطبيقها في عشرات البلدان أنها في كل تلك البلدان آلية للنظام السياسي لتعزيز حل الإشكالات الحياتية في بلد أو شعب أو مجموعة دول التقت للتحالف من أجل تعميق التقارب وتعاضد الجهود وتوحيدها.. أما حكايتها عندنا في العراق فهي تقوم [من منطق الاستغلاليين الطائفيين] على أسس تقسيمية تشطيرية بتشظى فيها الشعب الواحد على قاعدة تجذير الانقسام طائفيا والاختلاف مذهبيا وحل مشكلات أو عقد زعامات دخيلة طارئة على حساب وحدة المجتمع وانسجامه، فمثل هذه الفديرالية الطائفية الساس تمثل قوى حزبية ميليشياوية مسلحة بالعنف الدموي وتريد فرض اختلافاتها وتنافساتها زاعمة أنها اختلافات بين طوائف منقسمة..

وتعالوا نقرأ الوضع العراقي فالقسم العربي من العراق في نسيجه يتشكل من أغلبية من العرب ومعهم مجموعات عراقية موجودة عبر تاريخ العراق وحضارته وهم يشكلون نسبة مهمة ووجودا حياتيا فاعلا وليسوا أقلية هامشية منعزلة أو مقطوعة في غيتوات كما الحال في نماذج أخرى في بلدان الشتات لبعض المجموعات البشرية. وهنا نذكر حالة من التفاعل والاندماج الموضوعي بين مجموع الطيف العراقي ومنهم الصابئة المندائيون ومنهم المسيحيون الكلدان الآشوريين السريان.. فإذا كان هؤلاء قد تفاعلوا ودخلوا في نسيج الوحدة الوطنية فما بال بعض القوى تفعِّل مرضا طارئا لتجعل منه قاعدة راسخة في مجتمع العراق الموحد النسيج، ألا وهو مرض الطائفية!؟

أليست القراءة الأولية لطبيعة القسم العربي تشير إلى نسيج تعددي وتنوع ثرّ للاجتهاد والتنوير العقلي في إطار قراءة الدين الذي تجتمع في إطاره أغلبية القسم العربي أي الدين الإسلامي والاجتهادات التي تعمل على تبسيط فرائضه ومنع التطرف والتشدد فيه، ونقصد بالاجتهادات  المذاهب التي تمثل التنوعات في القراءة العقلية.. أليست هذه الاجتهادات مهمتها قطع الطريق على التعقيد والدفع بحلول تعمق الوحدة وتمنع التمزق؟ إذن لماذا حمل لواء الاختلاف والتقاطع والتعارض والتحارب والتقاتل؟ وإذا كان الجوهر هو التوحد والتلاقي والتفاعل الإيجابي فماذا يمثل العكس؟ ألا يمثل إدعاء يتعارض مع الدين نفسه ومن ثم مع مصالح الناس مجتمعين؟

أليس من تمزيق الدين أن نزعم بانفصال المذهب عنه و التطرف في التفسيرات والقراءات والاجتهادات المذهبية حتى تصير لطائفة من البشر من دون غيرها ما يعزز الانقسام ويتعارض مع الوحدة في دين الله الواحد الموحَّد الموحِّد؟ إذن من يريد العكس وما أهدافه؟ وهل يقبل الدين الموحِّد أي رأي للتقسيم والتشطير؟ وهل يقبل التطرف والابتعاد في تعميق التعارض والاختلاف؟

إن حقيقة الأمر في مسألتين دينية ونرى أنها محسومة في رفض التطرف والتشدد والغلو في تعميق الاختلافات بقدر ما ينبغي لكل اجتهاد ديني ألا يُدخل الأمة في تقسيم وإنما في تعميق وحدتها وتبسيط حل معضلاتها ومشكلاتها وكل ما تجابه وبذا يكون المذهب توطيدا لحل يقرب الناس من بعضها ومن إيمانها بدين واحد لا تعميقا لتعارض واختلاف بينها.. والمستوى الآخر هو المستوى السياسي والأمر أن بعضهم يتجه لفرض فديرالية طائفية أو كما تقول الدروس التأسيس لدويلات الطوائف بكل ما لهذه التجربة بالتحديد في التاريخ الإسلامي من مشكلات ومثالب وأمراض ومخاطر أودت بحياة الدولة فقتلت فيها روح الحركة والتطور وجدلية الفعل الحضاري عندما كانت بغداد حاضرة العلم والمعارف والأندلس قبل دويلات الطوائف التي محت كل منطق عقلي فانهارت وولت بلا أثر دويلات الطوائف إلا تدميرها لكثير من منجزات حضارة دولة الأندلس الموحدة..

إن ترداد شخصية أو أخرى لمزاعم الإصرار على اختلاق دويلات الطوائف أمر يحتاج لموقف شعبي واعِ ِ منه كما يحتاج لدور مثقفي العراق ومتنوريه لكي يفضحوا ما وراءه ولكي يعمقوا من وعي الحلول السياسية البديلة لزمن الطغيان تلك الحلول التي لا تكمن في التفتت والشتت بل في مزيد من التفاعل الإيجابي الذي يبني ولا يهدم والذي يقدم ولا يؤخر والذي يحقق الطموحات ولا يلغيها...

وفي المستوى الاجتماعي من ذا الذي يتحدث عن نسبة تزيد عن 35% من العوائل العراقية المزدوجة الهوية المذهبية الشيعية السنية أي زوج وزوجة من مذهبين لا مذهب واحد ومن نسبة تزيد على الثلثين من المجموعتين الدينيتين تتخذ من المذهبين  معتقدا لها؟ وفي ضوء مثل هذه الحقيقة المكينة في وجود مجتمعنا، يحق لمن يتحدث عن الفديرالية في القسم العربي من العراق أن يعدّها حالة من التوجه المشبوه لأن الفديرالية بالخلفية الطائفية  لا تعني أمرا إيجابيا ولو بسيطا صغيرا ولا يذكـِّر هذا الهدف بكل إصرار القوى المعنية به إلا بدويلات الطوائف الهزيلة المرضية ومن الطبيعي أن تمضي تلك الدعوات لتلتقي بقصد أو من دونه مع حالة خدمة دولة الجوار الشرقي في مآربها وأطماعها..

إن أخشى ما تخشاه القوى المطالبة بفديرالية الطوائف هو الوحدة الوطنية التي تمكن العراق من بناء دولة ديموقراطية قوية بوحدتها ما يسرّع من الانتهاء من سلطة قواها أيّ الميليشيات والعصابات المافيوية ناهبة الخيرات ولهذا فهم يحضّرون للتربع على سلطة تسمح لهم بمواصلة نهب الثروة الوطنية ولن تكون تلك السلطة على المستوى الوطني الموحد الذي سرعان ما سيتجه نحو إزاحة أية قوة لا ترتضي برامجها كما في برامج التقسيم الطائفي..

وهذه ليست تهمة لطرف بقدر ما هي حالة من الإقرار والإصرار من تلك القوى المعنية على الإسفار عن برامجها بكل ما تتضمنه من مخاطر مقصود منها اللقاء مع أجندة أجنبية صريحة لطالما تقدمت بها السلطات السياسية للجارة إيران من ابتلاعها لشط العرب ومن تقدمها لشواطئنا على الخليج إلى أشكال السطو والسيطرة على بوابتنا الوحيدة على البحر إلى مسائل حقول النفط وما إلى ذلك.. وعليه فإن الشبهة في الفديرالية لا يكمن فيها كونها نظاما وآلية سياسية ولا في الدول التي تتخذها وتطبقها ولا في اختيارنا لها وتثبيتنا إياها في الدستور.. ولكنه يكمن في تطبيقه في ظروف وأرضية مختلفة تماما أي إقامته على أسس طائفية تمزق وتفرق وتمنع أي شكل من أشكال اللقاء وتحضر لدويلة طائفية وهذا أمر بيِّن في الواقع الحالي من جهة الحرب التي تشنها عصابات أو ميليشيات القوى المدافعة عن فديرالية طائفية فهل هذا لا يمثل شبهة في رأي عاقل حكيم؟ ومن بعد ذلك لن يكون الرقي الذي يتحدث بعضهم عنه ممثلا بفديرالية الدولة أو لا فديراليتها ولكنه يقوم على أساس صحة الآليات المتخذة للعمل السياسي ودقة الخيارات  للظرف المناسب وقد ياتي يوما نوظف الفديرالية نظاما في كل المحافظات العراقية ولكن بشروط موضوعية تضمن صحة التطبيق وسلامته وخدمته للعراقيين جميعا..

إنَّ من ينادي بالفديرالية طرفان طرف ينادي بها ويتخذها طريقا وهو محق في مناداته لأنه يقيم ندائه على أسس موضوعية يؤهلها واقع الحال وشروط قيام الفديرالية ونتائجها. وطرف ينادي بها ولا يوجد بين يديه أي سبب موضوعي حقيقي جدي يؤسس للفديرالية بما يجعلها مفيدة صحية صائبة في التطبيق وهو بالتأكيد يعني بين الخطل السياسي والجهل أو التضليل والتعمية على مآرب مبيتة قد لا تكون في إطار الأجندة الوطنية ..

وبالمناسبة فإنَّ تطبيقا في العراق للفديرالية في الظرف القائم يبقى صحيحا صائبا كما هو الحال بالتحديد لموضوعية شروط السير به وتوطيده في كردستان حيث حسمت الدراسات ومطالب الواقع تلك المسألة في مجموع رؤى الحركة الوطنية وقد خبرت الحركات الوطنية عامة صحة شعار الديموقراطية للعراق والفديرالية لكردستان وأحقية تطبيق الفديرالية بكردستان لا من منظور قومي ضيق أو عنصري كما يجري المماحكة فيه [من قبل قوى بعينها] بل من منظور صدقية وموضوعية التوجه.. بخلاف الأسس الطائفية المرضية للفديرالية المزعومة في جنوب الوطن ووسطه..

ومن هنا فليس لكاتب موضوعي أن يخشى قول الحقيقة وقد شخص مفكرونا وكتابنا السياسيون تلك الحقائق بكل جرأة وعندما سيخطئ شخص أو زعيم أو طرف فإن رد المنطق الموضوعي سيكون واضحا صريحا بلا خشية سوى أولئك الذين في قلوبهم مرض الخضوع لسلطتي الرصاصة والدولار.. أما لغة الاتهام فستظل لغة مرضية وليدة زمن القمع والطغيان وهي لغة شبيهة بلغة التكفير فكل من لا يخضع لوجهة نظر طرف هو عدو ذاك الطرف الذي يجب تسقيطه وهكذا هي لغة الاتهامات..

ولأن شخصا يقول هذه أجندة أعجمية أو عجمية فهذا ليس اتهاما عندما يقيم الدليل والدليل بشأن فديرالية الحكيم ورهطه يكمن في تطابق الأهداف بين

رؤية الحكيم ورؤية قوى إقليمية معروفة؛ وفي الخلفية التي يقيمها مطلب الفديرالية وفي عمليات الترحيل الطائفي من الجنوب والوسط وفي عملية التطهير العرقي والديني هناك، وفي عملية السطو المسلح من الميليشيات على الأجواء المحيطة.. وفي حجم الفديرالية وجغرافيتها المقصودة وفي التحضيرات من نمط مطالب تحديد جغرافية أو حدود محافظات يسمونها شيعية وأخرى يسمونها سنية [كربلاء والأنبار!؟] لماذا عندما يجري مثل هذا التشخيص يستحون منه ويأنفون ويخفون الرؤوس ليتحدثوا عن استقلالية لهم عن المشروع الإيراني؟ فيما يصرون في أجندتهم  على كل تلك المضامين بلا حياء مطبلين للضغط على الرأي العام بوسائلهم الخاصة؟

إن التهمة الموجهة لكل من يريد أجندة الوحدة الوطنية والمسار الديموقراطي ويرفض التقسيم الطائفي تتمثل في القول بأنه يرفض التغيير الجديد وينتمي إلى الطاغية ومثل هذا الاتهام أمر يُراد به خلط الأوراق فضلا عن التعمية والتضليل ومصادرة الرأي الوطني الديموقراطي وقمعه وتمكين سلطة الطائفيين عبر تكفيرهم لكل ضد سياسي يفضح مشروعاتهم..

إن التحدي الساذج من مرضى الفديرالية الطائفية لمن يأتي بما يؤكد شهوة السلطة والتربع على كرسيها بخاصة في دويلة طائفية في الجنوب، أمر أكثر من ساذج لأنه ليس من عاقل يقول بمبايعة أهل الجنوب والوسط لفديرالية دويلات الطوائف لأن الحقيقة تشير إلى أنه حتى التصويت الانتخابي قد تمت سرقة كثير منه بقوة السلاح وبسلطة العصابات والبلطجة والميليشياوية وهذه هي ورقة الدليل التي يتصورون أن أحدا لم يأتِ بها بعد.. وللذي يدري ما الوضع في العراق يجب أن يتذكر عبارة "أغلق الشارع بأمر [السيد]" وهذه هي أخطر علامة ولغة حتى من لغة "بأمر [الريس]" التي سامت العراقيين العذاب والمهانة وإلا من يكون أي فرد ليأمر شعبا بأكمله؟

 إن أية ديموقراطية لا يمكنها أن تكون تحت حراب الميليشيات بل ينبغي حراستها بسلطة الدولة الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني وقوتها الحقيقية لا سلطة عصابة ولا سلطة فرد ولا مرجع ولا ولاية فقيه.. فالديموقراطية سلطة الشعب وحده وخياره لا يكون صحيحا بغير وعي وثقافة وحريات تعبير؛ لا مصادرة بأشكال وفنون التقتيل وما شابه، ولنلاحظ أن مرجعيات سياسية قد قامت بتصفية خصومها لمجرد تعزيز سطوتها......

وبكل تأن ورشاد فإن من يسطو على الجنوب اليوم هو ميليشيات معروفة التكوين والتبعية ومعروف تمويلها السابق والحالي باعتراف قادتها ومعروفة أجندتها بكل وضوح ومعروفة حالات الولاء وفضائح سجون الجادرية واختراقات وزارة الداخلية بل تصريحات رسمية لإيران ذاتها تشير إلى هذا الأمر فأي مسخرة للدفاع عن جهة تسرق النفط العراقي لا بالبرميل ولا بالحاويات بل بالأنابيب المفتوحة الفاغرة الفم الموجهة إلى حقول إيران وإلى سفنها المنتظرة بصفوف طويلة للتحميل والبيع والوكيل الرسمي المعتمد شخص جرى توزيع وثائق تكليفه بالبيع وهو شاب ما زال بلا خبرة تشبه خبرات أبسط خبير عراقي فلماذا منحه توكيل بيع النفط العراقي هو بالتحديد ألأنه ابن الحكيم؟ وممَّ تخلصنا إذن إذا عدنا لسياسة صدام وابنه واليم الحكيم وابنه؟؟؟؟ وبالتأكيد سلطتهما  بوساطة ميليشيا بدر وغيرها من عصابات وقوى مسلحة؟؟

إن فكرة الفديرالية بين ولايات أو إمارات منفصلة هي عملية تجميع وتوحيد وتقارب كما في الإمارات المتحدة وغيرها ولكن أن تأتي لدولة موحدة ببنيتها الاجتماعية موحدة بوجودها السياسي الوطني الهوية لتقسمها بإدعاء الفديرالية إنْ هو إلا تحضير صريح للتقسيم لدويلات الطائفية وهو في الظرف الحالي خيار يعادي الديموقراطية ويعادي الوجود الوطني ويعادي مسيرة البناء ويعقد الأمور ففي وقت تتجه الدول والبنى المؤسساتية لها للتخفيف من التشكيلات الإدارية يتجه حاملو لواء الفديرالية الطائفية إلى تعقيدها وسيكون من السخرية الحديث عن علم ومعرفة وموضوعية عندما يتكلم شخص عن فديرالية طائفية الأساس واللغو المرضي هنا يكمن في رفض المناقشة الجدلية والتسليم ببديهات لمجرد إصرار شخص وضعوه على رأس مجموعة  ميليشياوية مسلحة ولست أدري كيف تلتقي حالة ميليشيا مع تعزيز المؤسسة المدنية وسلطة الدولة الديموقراطية ويتحدث أصحابها عن العلمية والموضوعية؟!!!

أما الحديث الذي يشير إلى الدستور العراقي الجديد فهو ناجم عن خلطة من التوازنات والضغوط السياسية المحلية والأجنبية وهو ينص على الوحدة الوطنية وعلى الفديرالية بصيغة تحاول تلبية المطالب الشعبية ولكنها لا تلبيها جميعا بسبب من الضغوط المعروفة حتى على عملية التصويت نفسها.. ومن ثم فإن عملية تفسير مادة يجري أحيانا بالتعارض مع تفسير مادة أخرى وهو ما ترك فرصة للحديث عن إمكانات التعديل بسلطة القوى الشعبية والوطنية ونضالها الديموقراطي السلمي غير الخاضع لإرادة العصابات المسلحة.

أما  تلك العصابات المسماة ميليشيا سواء زعمت أنها شيعية أم سنية فجميعها يجب أن تنتهي في ظل تعزز وتطور سلطة الدولة الوطنية الديموقراطية ولا فرق بين طرف وآخر ولكن التعكز على ذريعة أن كاتبا هاجم عصابة ولم يهاجم أخرى فالأمر يعود إلى أن كاتبا يعالج أمر العصابات التي تزعم الدفاع عن السنة ويترك معالجة تلك التي تزعم الدفاع عن الشيعة وليس على الأمر غبار والعكس صحيح المهم أننا لا نقف مع قوة مسلحة ضد أخرى بل نرفضها جميعا لأنها جميعا ضد وجودنا الوطني الموحد وضد المسيرة الديموقراطية ومؤداها خطير علينا ويخضع لأجندات أجنبية ومحلية مشبوهة لا علاقة لها بمصالح الناس إلا من جهة تخريب وضرب تلك المصالح...

وعليه فلنقف سويا بإخلاص بعيدا عن لغة الاتهامات  وقريبا في القلب مع الدفاع عن وحدتنا وأخوتنا العراقية الهوية لا الطائفية ولا الدينية ولا العرقية الأثنية.. وبعد فلكل حادث حديث حيث يجب وضع أجندة وطنية للأولويات ولنكن سندا لبعضنا بعضا ولنصوِّب ونقوِّم المسيرة بما يعزز هويتنا العراقية الصريحة المستقلة التي تحمي مصالحنا اليوم وتحضِّر لمستقبلنا المشرق وليكن لكل منّا خياره ولكن بما لا يوقعنا في مطبات الضرب في بعضنا بعضا بل بما يجعلنا قوة لوجودنا الإنساني الوطني المشترك ويحقق مطامحنا جميعا بكل توازن وعدالة.. ولتكن الفديرالية آلية نطبقها حيثما صحَّ أمر تطبيقها ومتى ما كان الوقت مناسبا والظرف مهيأ...