الخطاب (الإعلامي) لقوى اليسار والديموقراطية

بين أخطاء سطوة محدِّدات التنظيم والظروف المعقدة المحيطة

 

الدكتور تيسير عبدالجبار الآلوسي

2007/06/14

أكاديمي ومحلّل سياسي \ ناشط في حقوق الإنسان

tayseer54@hotmail.com E-MAIL: 

 

توطئة:

 

تتعاظم التغيرات وتتسارع في عالم اليوم خاضعة لقوانين موضوعية وذاتية مستجدة. من ذلك المزيد من التوجه لمركزة شديدة لرأسمال وتغييرات بعيدة الأثر في قوانين السوق وسطوة آلياتها وعنفها في توجيه الواقع الإنساني برمته. وفي إطار تراجع نظام القوانين الاشتراكية للعمل والسوق جرت متغيرات في التعاطي ما بين الفكرين الاشتراكي والرأسمالي وجمهورهما...

وفي الغالب جرت حالة ما بين اثنتين، الأولى تكمن في حيرة قطاعات واسعة من أمرها بخاصة في وسط الطبقة المثقفة أو المتعلمة الملتزمة قضايا الناس ومصالحهم؛ الحيرة في تحليل أسباب الهزيمة من جهة وفي قراءة النتائج الحقيقية القريبة والبعيدة.. أما الحالة الأخرى فتكمن في تشوّه رؤية أو التزام رؤية الغالب المنتصر في هذه المعركة الفكرية الأيديلوجية، لمصالح ودواعي لا فكاك منها.

وفي إطار الحالة الأولى وجد المرء ذاته أمام قراءة عاجزة أو مشلولة كما أنه فجأة واجه انهيارا مهولا في حجمه النوعي وفي الخضم لم تتوافر لديه فرص التحليل  وهو في وسط عملية الانهيار ذاتها. ولكن الحالة بين الموقفين الحائر بأمر انهيار نموذج النظام الاشتراكي والملتزم لنوذج الخيار الرأسمالي.. الوسط يكمن في أولئك الذين وجدوا في الأمور الخدمية الأولية من التأمين لحياة الإنسان في البلدان الرأسمالية صورة مشرقة للحياة البشرية، وهنا كان تشوه الصورة والرؤية..

فقد اتخِذت هذه الرؤية أو هذا الموقف بناء على مقارنة أما مع مستويات متدنية للأوضاع البشرية في البلدان المتخلفة أو بالمقارنة مع المستويات المادية غير الوافية في ظروف مغايرة للنظام في دولة رأسمالية.. فيما لم يجرِ قراءة هذه المسألة في إطار كون تلك الخدمات الدنيا إنما تأتي من منتجيها الحقيقيين وليست عطايا من جيوب الرأسماليين ونظام آليات السوق لديهم كما تأتي استجابة لإدامة حركة تلك الآليات ولا تأتي حتى في إطار تلبية حاجات الناس ومصالحهم الحيوية الرئيسة.. طبعا هذا فضلا عن كونها جاءت على خلفية توازنات في ظروف الصراع السابق بين نظامين ونقيضين وفي ضوء نضالات مطلبية جدية بدأت بتضحيات بشرية باهضة...

وما يؤكد قراءتنا هذه أننا نجابه ظروف الصراعات المطلبية التي باتت اليوم تتم في أضيق إمكاناتها على المستويين السياسي والاقتصادي. إذ ما عادت النُظُم الرأسمالية بحاجة للمنافسة [ولو مؤقتا] مع نظام [نقيض] آخر وما عادت بحاجة للحديث عن الصراع بين نظامين للسوق ورؤيتين فكريتين وبات يكفي [ولو نسبيا] أن يجري الإشارة عن النظام الاشتراكي المنهار ومساوئه التي سجلها من وجهة نظر رؤية قوى الرأسمال العالمي ليتم استلاب حق المناقشة وكأن ما يجري هو من المسلمات أو بالديهات التي لا تقبل الجدل..

وهكذا، فضيق في إمكانات الحركة ومصادرة وسحق بسبب ماكنة بشرية جهنمية تخنق كل نافذة وتسدها على كل شعاع وهكذا فهي عتمة لا يخرج من عباءتها أي صوت أو خطاب ومن ثم فلا خطاب إعلامي يمكنه أن يحمل الخطابات الإنسانية بتنوعاتها وألوانها ومتطلبات عرضها وتقديمها...

فهل يوجد لدى قوى اليسار والديموقراطية منافذ وأدوات لخطابها الإعلامي تحديدا مثلما لغيرها من أدوات؟ وهل توجد خطة مناسبة لتفعيل الخطاب الإعلامي وأدواته ووصولها إلى الجمهور الذي يصل إليه الآخر؟

 

 

 

رؤية 1:

 

تنظيميا كثيرا ما يجابهنا في النظم الداخلية لأحزاب اليسار ومنظماته محدِّدات من نمط منع الاتصال بالآخر أو وضعه في ضوابط وشروط قاسية ومنع العمل في أماكن ووظائف بعينها. وقد يكون في مسألة وضع شروط ومحدِّدات أمر مقبول بسبب منطق تجنب الاختراق التنظيمي واتخاذ الاحتياطات والتأمينات تجاه تهديدات عديدة محتملة.

لكن المشكل الحقيقي يكمن في محدِّدات التعاطي مع معالجة موضوع أو آخر. إذ ينبغي هنا البحث في الشروط والأسقف التي يجب للعضو الحزبي الخضوع لها لكي يبقى الموقف التنظيمي العام والرؤى البرامجية الفكرية والسياسية موحدة بأمر تنظيمي صارم...

فتُعلن تلك القوى الحزبية عن موقف مثالي بلون واحد عبر صحيفة مركزية ومكتب إعلامي مركزي وهذه هي الطريقة التي ظلت ثابتة مذ تشكلت قوى اليسار في أحزاب ومنظمات لتصادر إمكانات العطاء والبحث الموضوعي لدى أعضائها بتلك الأوامر أو السياقات التنظيمية المعمول بها طبعا من دون وجود قصدية في هذا الأمر ولكن لأسباب ودواع لسنا هنا تحديدا بصدد تناولها تفصيلا...

ويتسع هذا ليشكل جزءا من مفردات بعض الشخصيات التي استقلت تنظيميا عن العمل الحزبي لظروف ذاتية أو موضوعية. فنجد تلك الشخصيات لا ترى مناسبا أو من غير الصائب أن تلتقي هذه القناة الفضائية أو تلك الصحيفة بسبب من الاختلاف الفكري أو السياسي بالضبط بسبب من طائفية هذه القناة أو معاداة أخرى للنهج الديموقراطي الوطني.. وقد يكون في بعض تلك المواقف صوابا وصحة ولكن المشكل الذي نشير إليه هنا هو طبيعة الأسس والمنطلقات التي يجري في ضوئها اتخاذ موقف المقاطعة مع الآخر ومن ثمَّ محاصرة الذات والتقوقع والانعزال..

على سبيل المثال يقول يساري ديموقراطي لن أسمح لتلك الجهة [صحيفة أو فضائية مثلا] أن تجيِّر صوتي لصالحها فيقاطع تلك الجهة الإعلامية وهو في الحقيقة يغفل أنه يحاصر نفسه لأنه لا يمتلك أدوات أخرى للوصول لكي يمكنه التحدث عن مقاطعة هذه الجهة التي تمثل أداته للوصول إلى الناس برأيه وللوصول إليهم تعريفا بقوى اليسار وتقديما لمعالجات قوى الديموقراطية لقضايا الوطن والناس..

من جهة أخرى تفتح منظمات معينة أدواتها لأعضائها للتعبير والبحث والمناقشة ولكن الإشكالية في مثل هذه المحاولة تكمن في حدود أدوات المنظمة أو الحزب وفي أسقفه وفي صلاته الجماهيرية المطبوعة بمحدده الأيديولوجي السياسي فضلا عن سقف حدود أدوات العمل ومساحتها وميدانها. ففي أبعد الأحوال لن تصل رؤية المعني أبعد من الأعضاء وصلاتهم مخصوصة الطابع الفكري السياسي...

وبهذا يبقى فعل البحث والجدل والتعبير محاصرا في أطر تنظيمية وأدواتها وأسقفها حتى عندما تتحدث عن برامج واعدة وناضجة وصائبة.

 

 

رؤية 2:

 

وسؤالنا التالي هو:  ما السبيل إلى تجاوز الأسقف والأطر والمحدِّدات ببعدها التنظيمي الضيق المشار إليه هنا؟

 

الحقيقة، لابد من فسحة جدية تتحرر من إشكالية المحدِّدات التي تعني إلزام الأعضاء والمقربين بما يراعي وضع التنظيم وشروطه وما يراعي ظروفه المخصوصة ميدانيا.. ولابد من فتح أبواب العمل الإعلامي ومجالات البحث والتقصي والاستنتاج ونشر تلك المعالجات عبر منافذ أخرى قد لا تكون قريبة أو شريكة في الهمّ السياسي، ولكنها تكون في مجال يصل فيه التناول والعلاج إلى جمهور جديد يمكن أن يتم كسبه لرؤية قوى اليسار والديموقراطية... وستكون هذه المهمة، عملا حيويا لفك إسار جمهورنا الواقع تحت تأثير تلك الأداة الإعلامية ومن يسطو عليها ويوجهها...

إنَّ التعاطي بحرية ورحابة صدر مع وسائل الآخر والعمل على اختراق منافذه وكذلك على التفاعل معه في ميدانه وعلى أرضه وبين جمهوره، إنَّ ذلك سيكون مفتاح الخروج من شرنقة الحديث إلى الذات أو المونولوج الداخلي الذي يمثل في العمل الإنساني حالة انتحار تدريجي بطيء..

وعليه فإنّ قوى اليسار والديموقراطية أمام أمرين:

1.            منح حرية العمل والبحث والتفكير وجعل ذلك منهجا ثابتا متصلا ميدانيا وواقعيا وليس في الخطب والشعارات.. إذ هذه المسألة يعلنها اليساري واليميني، ولكن من منهما يمارسها عمليا وما الكيفية الناجحة لإدارتها؟ ذلكم  هو المطلوب.. الممارسة والكيفية وتوظيف إدارة صحيحة للأداء ولعائدية تلك الممارسة في الانعتاق والحرية.

2.            والأمر الآخر هو في ولوج ميادين جديدة بحق في عرض البحوث والنتائج والاتصال بجمهور واسع مع توفير آليات الاتصال بتطوير أدوات التنظيم وصلاتها وبالانفتاح على الأدوات والوسائل الأخرى والتعرف إلى منافذها وطرائق الوصول إليها بتقديم مختلف للذات.. ومن طرائق التقديم مقاربات المفكرين والباحثين الذين يجري اعتماد رؤاهم بالإشارة إليها في جهاز التنظيم من جهة وبالاقتراب أكثر من هؤلاء للتفاعل معهم ولأخذ مشورتهم وخبراتهم...

وببساطة فإن مثال عقد مؤتمر أحد قوى اليسار العراقي البارزة مؤخرا لم يأخذ كفايته ولا متابعته النوعية المنتظرة لا من الجهاز الحزبي ولا من إعلام الآخر ما يُبقي على حدود الاتصال بإطار أعضاء التنظيم وأصدقائه. فيما المطلوب من كل حركة سياسية أن تتصدى لقيادة المجتمع واقتراح حلولها بالوصول إلى كل أو أغلب مفاصل المجتمع المعني وأكثر من ذلك الحصول على ردود الفعل وقياس الرأي العام وموقفه من تلك الحلول والمعالجات لكسبه أو لأخذ ما يفيد للتعديل والتطوير..

وشخصيا لم أسمع بوجود مراكز قياس الرأي العام لا عند اليسار العراقي ولا عند غيره.. أما هذا [الغير] فلسنا نطالبه بشيء على أساس أنه نخبوي أوفئوي أوطائفي أو ما شابه من صفات العزلة والمصالح الضيقة. ولكن ما بال اليسار الديموقراطي وهو رافع شعار الفقراء والأغلبية والناس ومطالبهم.. ما باله منهم لا يؤسس مركز قراءة الرأي العام وينفتح على الجمهور الواسع؟

ولطالما تحدثنا عن ضرورة عدم انتظار مجيء الناس للحزب أو المنظمة؟ ووجوب الذهاب إليهم وإقناعهم بالتفاعل وأخذ رؤاهم.. ولطالما تحدثنا عن حق الناس في تفاصيل يومياتهم العادية من دون أن يكون عليهم واجب العمل التنظيمي أو مشاركة حزب في نشاط في وقت يوجد واجب عمل الحزبي بين الناس ولهم وفي خدمتهم على أساس ما تقوله برامج قوى اليسار والديموقراطية ذاتها..

وما وجدنا أي تفاعل مع أيّ من تلك المعالجات وتركت الأمور أحيانا سبهلل وتم التغاضي والتجاهل في أحيان أخرى فيما بقيت صالات الاجتماعات الحزبية وغيرها تردد شعارات الحرية والتوجه إلى الناس وتمثيلهم كافة من دون البحث في الآليات...

 

 

إنَّ من الخطورة أن نستكتب أعضاء المنظمة ونملأ الصحيفة بالصوت الواحد ونتوقف عن توظيف كبار المثقفين والمفكرين وأصحاب الباع والتجاريب الطويلة والتفاعل معهم واستكتابهم في محاور، لا في دورياتنا السنوية أو نصف السنوية [الشهرية اسما] ولكن في صحفنا اليومية وفي ندوات يتم عملها ومؤتمرات اقتصادية وبحثية منوعة يجري تنظيمها وذلكم ما ينبغي أن يكون أداة ننهض بها لجذب تلك القوى والعناصر الفاعلة والمؤثرة التي تحاصرها ظروف سلبية معروفة.. ومن لتلك الشخصيات والعناصر الناشطة غير قدرات المنظمات لكي ترتقي بأدوات تقديمها للناس عبر ممر الحزب أو المنظمة والطاقات المتوافرة لديهم...

لقد تقدم الزمن وصرنا نجد في تكنولوجيا الراهن ما يصل إلى أبعد الناس من أنترنت وإذاعة وتلفزة وفضائيات فضلا عن الصحف وآليات توزيعها التي لا تعتمد جهود التوزيع الفردي العتيقة..

أسئلة من نمط أية شركة توزيع تعاملتم معها؟ أية وسائل؟ ما طرائق الإعلان؟ وأين تم توزيعها وما قراءة المردود؟ وكم تم التخصيص للإعلان في هذه المجلة أو تلك الصحيفة؟ من المتخصص الذي تم تكليفه بهذه المهمة وهل هو فرد أم لجنة بعمل مؤسساتي؟ وأين مشروع الفضائية المنتظر منذ سنوات ثقال عجاف؟؟؟

 

رؤية 3:

 

 

إنَّ أكثر ما تعانيه الشخصيات الديموقراطية والناشطة في مجالات حقوق الإنسان والبحث في أمور علم الاجتماع والعلوم الإنسانية الأخرى وفي التخصصات البحثية المفيدة في مسيرة التطور، هو المحاصرة والاستلاب. وأغلب ما يتم بثه والتقديم له ورصد مليارات الدولارات هو مما يسمى ثقافة سطحية فارغة وانظروا كم هي ميزانية الكرنفالات والمهرجانات الخاصة بتجارة الرقيق الأبيض وغيره وما يشبهها أو يستغلها!

إذن فسوق النشر والإعلان والاتصال ليست قليلة الأموال ولكنها محتكرة لجهة بعينها. وفوق ذلك فإن بلدان التخلف أو ما سُمِّي العالم الثالث يجري اليوم فيها أكبر عملية تصفية جسدية وفكرية سياسية بطريقة الإبادة الجماعية لكل من خرجتهم مراكز العلوم والجامعات والمجتمعات متفتحة الرؤية..

فمئات الأساتذة والعلماء والصحفيين والكتاب والإعلاميين والفنانين والأطباء والمهندسين يجري اغتيالهم [عيني عينك] أمام أنظار من يحتاجهم اليوم وغدا حتى تغدو هذه الثروة البشرية غير قابلة التعويض هباء منثورا.. وبالمناسبة فإنَّ الدول التي صار بعضهم يقدسها لأنها تقدم [الغذاء والسكن] له تساهم في هذه الاغتيالات ولن أتهمها بشيء أكثر من اغتيال العقول بتشغيل علماء ومفكرين في تنظيف طرقات وبيوت وحدائق ولا أقول أمرا آخر ولا عجب!

طيب بين ضيق الأفق التنظيمي والعمل التقليدي المحدود وحكاية هذا يعجبني وذاك لا؛ وتسلط فرد [أو أفراد] على الحلقة أو الخلية أو المنظمة أو الحزب ومنع حريات العمل المفتوح وحظر التعاطي مع الآخر واستخدام سياسة التشهير بالرفاق الذين يختلفون مع ذاك الفرد أو حتى مع المنظمة (في ظروف أفضل)، ولغة التسقيط هي نقيض ما نحن بصدده ولكنها الصورة الأكثر قتامة وعتمة وتمثل سندانا لمحاصرة شعاع العمل الحر المتفتح وحَمَلة رايته من المفكرين أصحاب التجاريب الغنية فيما تمثل الظروف المحيطة المعقدة المطرقة التي تهصر بهم أو المنشار الذي يأكلهم في تقدمه وتراجعه!

 

النتائج:

 

الخطاب الإعلامي لقوى اليسار والديموقراطية ما زال مختزلا بشعاراتية صحيحة في جوهرها ولكنها منغلقة في أدوات فعلها وعملها حتى باتت تختنق بل وتخنق من يدور في فلكها.. ومن هنا وعلى سبيل المثال نجد أن الجمهور الواسع ما زال يحتفظ في الذاكرة لهذه القوى بصورة مثالية نزيهة ونظيفة عبر تاريخها ولكن واقع الحال يشير إلى تقدم مطالب الناس وحاجاتهم وارتقائهم لمستويات التصدي لها فيما قوى اليسار لم تحقق تنظيميا حجما يوازي سمعتها ويوازي صحة شعاراتها وتعبيرها عن مصالح الناس..

إنَّ المنتظر يكمن في آليات جدية كما في الأعمال المهرجانية والكرنفالية بالطريقة التي تتقبلها الظروف القائمة وأنشطة بحثية عبر مراكز علمية لقياس الرأي العام وللتفاعل معه حتى عندما لا تأتي النتائج بما يرغبه اليسار نفسه. وعبر عقد ندوات ومؤتمرات دورية ثابتة للمفكرين والباحثين وتقديمهم بطريقة مناسبة لهم.. وبالتأكيد لن يكون الأمر عبر استقبال احتفالي تقليدي بشخص فرد وتحشيد [20 أو 30 فردا بينهم أطفال العوائل الحاضرة] ليلقي كلمة مستعجلة الإعداد في هذا الجمع المتثائب المتطلع للتصفيق في نهاية جلسة تقليدية... الحديث يجري عن أوسع جمهور شعبي.....

إننا لا نجد مؤسسات بحث علمي مستقلة لهذه القوى كما لا نجد عديدا منهم يدعمون جهات تحاول العمل.. ولعلي شخصيا أجد أصواتا [من داخل تنظيمات اليسار العراقي وخارجه] تتحدث بسلبية عن مؤسسة تقدمية متنورة [المدى] باتت تمثل علامة مهمة وحيوية في الحياة الثقافية العراقية وبدل الدعم والتشجيع نجد مواقف التشنج القائمة على تقويمات سياسية أو تنظيمية بحتة تجاه تلك المؤسسة الكبيرة في فعلها حتى باتت بحجم نوعي مشرِّف.. ولكن المؤسسة بفعلها ستمضي تتطور وتتعاظم لأن الناس تبحث بشوق عن الحركة والانتاج؛ وتطورها هذا ثابت وراسخ لأنه يعتمد على التعاطي مع الجمهور الأوسع للحياة  لا على حدود ضيقة محاصرة أو مغلقة..

 

 

إنَّ الحديث عن وجود سلبيات في آليات العمل لا يعني بالمرة التقاطع مع فكر اليسار الديموقراطي العراقي ولا مع فلسفته وجوهرها التنويري التقدمي ولا يعني الوقوف سلبيا من منظماتها وأحزابها بقدر ما يعني الوقوف مع ضرورات التطوير والتغيير الإيجابي المؤمل للارتقاء إلى مستويات الفعل التي تستجيب لمطالب الناس وحاجاتهم وتوقف حالة الأمراض التي اخترقت التنظيمات بسبب وجود عناصر أو أفراد أو حالات مرضية يلزم معالجتها بعيدا عن الشخصنة والفردنة وعميقا حيث العمل المؤسساتي المساير لزمننا ومتغيراته الجذرية البعيدة...