صلات العراق بمحيطه الإقليمي

وقائع الوضع الراهن وآفاقه المستقبلية

 3   3

القضايا المتداخلة العالقة والمصالح المشتركة

الدكتور تيسير عبدالجبار الآلوسي

أكاديمي ومحلّل سياسي \ ناشط في حقوق الإنسان

2003\  12 \  11

E-MAIL:  tayseer54@maktoob.com

 

معروفة تلك القضيا المتداخلة العالقة بين طرفي العلاقة العراق ومحيطه الإقليمي, وهي تتنوع وتختلف باختلاف المواضع. فلدينا أمور تتعلق بالقوميات والطوائف والفئات العرقية وغيرها مما له جذوره مع دول الجوار من نمط القضية الكردية وامتدادها في الساحة الكردستانية الموجودة على خلفية العلاقة مع في بلدين مجاورين هما تركيا وإيران, وكذلك مع سوريا. والتركمان وما يخصّ بعض القوى التي تحاول إثارة قضيتهم على خلفية العلاقة مع تركيا؟ والكرد الفيلية وموضوعات مرجعية مذهب ديني أو آخر وما يشير إليه من تأثيرات متباينة على خلفية العلاقة مع  على خلفية العلاقة مع إيران. ولدينا أمور المياه وتقسيمها تقسيما عادلا ومشكلات البيئة والأمور الحدودية وضرورة العودة إلى المواثيق والمعاهدات واحترام التعاقدات المبرمة بين الأطراف كافة.

إنَّ ما يجري من استغلال خلفية العلاقة الإقليمية بشكل غير سويّ هو أمر مرفوض سلفا؛ كونه حالة من التدخل ومحاولة لشرذمة الكيان الوطني العراقي؛ وكأنناَّ في وضع من التجزئة المنتمية إلى امتدادات خارج حدود الوطن. وتدفع إلى هذا الروح العدمي الرافض للهوية الوطنية وأولويتها والقابع خلف مرجعية أجنبية لإيجاد قوة مفقودة في أرضية الوطن عبر هذه المرجعية الخارجية. وبخلاف مثل هذه الحالة يمكن لتلك الفئات أنْ تتخذ من وجودها الوطني أساسا جوهريا ومن صلاتها الأخرى دفعا للارتباط الإقليمي البنّاء وللتعاون والتعاضد من غير تقاطع أو إثارة حساسيات غير موضوعية..

إنَّ قيم الجوار واحترام الصلات التاريخية ومعطيات المصالح المشتركة تستدعي تجاوز الخلافات التي مضى عليها زمن غير قليل من عمر الشعوب في الإقليم ومنطق الحكمة يفرض الأخذ بالحكمة بين تلك البلدان والمشترك المفيد اليوم ورسم الأسس الكفيلة بغد مشرق مع استمرار المفاوضة في الشؤون المختلف فيها أو عليها. ولسنا بصدد الحديث عن تلك التي مضت وانقضت ولا حاجة لإعادة النبش في الميت من القضايا التي تسببت يوما في الاحتدامات السلبية باجترارها من مدافنها ليس لشئ إلا استدعاء الخلاف وإثارة الانقسامات..

وعلينا هنا تقوية عوامل التفاعل الإيجابي وتقوية رصيد خطابه الإيجابي في عملية دعم بناء مجتمعاتنا سلميا وديموقراطيا بما يكفل حلّ بعض المشكلات بوساطة تعزيز التعاون والتكافل. ومن ذلك مشكلات البيئة التي لا تُحلّ إلا بتضافر الجهود الإقليمية ومنها ما يرتبط بمسألة المياه فالتخريب الذي أصاب الوضع في الأهوار بحاجة لعلاج يرتبط بهذه الإشكالية التي ترتبط بموقف كل من تركيا أولا وسوريا بخصوص توزيع المياه.. فهل سنترك الأمور لتعقيدات وتشنجات لا تقدّم إلا المضار لكلّ الأطراف مع أنَّ الحلّ موضوع في إطار الاتفاقيات والمعاهدات  الدولية التي إذا ما تمَّ تطبيقها تنتهي المشكلة من جذورها..

وهل نحن بحاجة للتحول إلى آلية المحاكم الدولية كي  نحلَّ مشكلات عالقة لأسباب غير موضوعية في احتساب القسمة هذه أو في اتخاذ الموقف ذاك؟ لا ضير حتى من هذا السلوك إذا ما ارتضينا لأنفسنا الحلول من خارج الإقليم بغية استقراره وتطور علائقه وتوطيد الأمن والسلام وتمكينه من فتح آفاق المستقبل.. فذلك أجدى من كلّ فبركات الاحتكاكات السلبية التي طالما أوقفت الحياة فيه وشلّتها عن أيّ من أفق التقدم بل أوقعت أفدح الخسائر كما هو حال الحربين الكارثيتين اللتين خاضهما الدكتاتور ضد الجارتين إيران والكويت.

إنّنا أمام أوضاع جديدة تتطلب اقتراح سياسات جديدة تتطلع إلى آلية الحوار والتفاعل وتبادل المصالح وتأجيل حلّ المختلف عليه إلأى اللحظة التي تنضج معها أجواء الحلول الكفيلة بحفظ مصالح جميع الأطراف ويمكن للعراق اليوم أنْ يعلن بيان بغداد للتعاون الإقليمي وللحياة السلمية المشتركة المصالح وأنْ نتطلع إلى مشاركة الآخرين توجهاتنا السلمية وأنْ نحيل قضايانا في الظرف المناسب إلى المجتمع الدولي من دون المرور على محطات التشنجات التي أوغلت في الإضرار بمصالحنا الوطنية..

وهكذا فإنَّ عطاءنا الأول في سياستنا الجديدة هو عطاء التكامل والتكافل, عطاء الانتماء لإقليمنا تعاضديا وفي التفاعل مع قضاياه بما يخدم مصالحنا الوطنية التي أنهكتها السياسات العدوانية للنظام الدكتاتوري المقبور الذي ساق البلاد والمنطقة إلى أتون سياسات حمقاء .. وألا نكون ردود فعل لسياسات حكومات في المنطقة قد تجرّ بلادها والإقليم لما جرّه الطاغية عندنا على شعبه ونحن نبني إذن سياستنا الإقليمية انطلاقا من روح الانتماء والتفاعل والتكامل لنؤثر على الآخر لا نتركه يؤثر بخاصة عندما يكون مسعى بعضهم هو التأثير السلبي الذي أوقفناه في بلادنا ومن مهامنا وقفه على الصعيد الإقليمي بسياسة سلمية وطيدة...

فهل سيرى مرسوم السلام الإقليمي العراقي النور حيث لا حروب ولا أسلحة كتلوية للدمار الشامل ومعاهدة سلام إقليمية توقف القوى العدوانية عند حدودها وتقول كفى لمآسي الأمس وكوارثه. وهل سنتقدّم بدبلوماسية نزع السلاح وإعلان العراق أولا بلادا للحياد ولعدم المشاركة في حروب خارج الحدود الوطنية ولا تكون دفاعا عن النفس. والتقدم لإخلاء الإقليم من الجيوش الكبرى الجاهزة للهجوم والعدوان.. وخفض الأسلحة بكل أشكالها.. وسيكون من الصائب دعوة الأمم المتحدة لتولي أمر تنفيذ هذه التصورات ومراقبتها .. وهكذا يكون الانتماء إلى الإقليم مأمون الجانب سلميا وخيارا من خيارات البناء والتقدم والتطور على مختلف الصُعُد ...

 

 

Website :   www.geocities.com/Modern_Somerian_Slates

 

1