كلمة    الأستاذ الدكتور تيسير الآلوسي رئيس جامعة ابن رشد

    وممثل البرلمان الثقافي العراقي في المهجر ورابطة الكتاب الديموقراطيين العراقيين في هولندا التي ألقاها في اللقاء الرسمي  بالبرلمان الهولندي

للتعريف بقضايا المجموعات القومية والدينية الشرق أوسطية

 

بدءا أحيي مبادرتكم في اللقاء مع ممثلي المجموعات القومية والدينية الشرق أوسطية المندمجين حديثا في المجتمع الهولندي. وذلك هو الطريق الصحيح للتعرف إليهم عن كثب وبشكل مباشر ولوضع المعالجات الأفضل لمعاناتهم ومشكلاتهم سواء منها تلك التي يجابهونها في عيشهم في كنف المجتمع الجديد (بهولندا) أم تلك التي تعود لقضاياهم في مواطنهم الأصلية وما تتعرض له مجموعاتهم من مخاطر إنسانية وفظاعات تستلبهم حقوقهم في العيش الحر الكريم.

 

إن أبرز الآليات التي تجابه قضية التفاعل اليوم تكمن في اللغة التي لا يملكونها لعرض قضيتهم من جهة ولأداء أدوارهم الإنسانية في الدراسة وفي العمل وفي المشاركة في القرار العام والجدل الفلسفي في الشأن المجتمعي الأشمل.. فيما لغتهم الأم مهملة مستبعدة في مواطنهم حيث لا يجد الصابئي المندائي ولا المسيحي الكلداني الآشوري السرياني والأرمني أو التركماني أو الكوردي أو في بلدان أخرى كالقبطي أو الأمازيغي فرصتهم في استخدام لغتهم الأم وفي الارتقاء بدورها الاجتماعي الفكري...

ومن الضروري معالجة لهذه الإشكالية على الصعيد الهولندي تعزيز اللقاء مع أبناء الجاليات كافة عبر جمعياتهم ومنتدياتهم  ودعم أنشطة تلك الملتقيات بما يكفل استعادة الحيوية في الاتصال بالآخر وفي التفاعل معه..

 

إنَّ قضية أوضاع الهولنديين الجدد لا تقف عند حدود ظروف وجودهم هولنديا بل تستدعي في سماتها كل الارتباطات السابقة من جهة العلاقة بالوطن الأم وبالمجموعة القومية والدينية الأصل وما تعانيه من مشكلات وإحباطات.. فنحن بصدد مواطن هولندي من جهة وهو إنسان له ارتباطاته وجذوره التي تشكل هويته الإنسانية بكل ما تفرضه من متطلبات وحقوق ينبغي احترامها والتعرف إليها بدقة وموضوعية تامتين... وإلا فإننا سنمارس على هذا المواطن الهولندي استلابا إنسانيا وقسوة غير مبررة في التعاطي معه..

 

من هنا يمكننا الحديث عن وجهين لكينونة هذا المواطن الهولندي الجديد أولاهما يكمن في الإجراءات الكفيلة بدمجه بمجتمعه الجديد وتتعلق بتمكينه لغويا وهي آلية لها متطلبات دعمها وتفعيلها وتمكينه من تفهم آليات الحياة الجديدة ونظام المجتمع وفلسفته عبر تمكينه من لغته ومن التعرف إلى ذلك من خلال ممرات تفعيل المنتديات والجمعيات التي تساعده على تفهم الجديد في حياته وفي علاقاته من دون آلام الصدمات والمفاجآت والهزات النفسية والاجتماعية بخاصة تجاه البالغين من القادمين الجدد... وهذا بالتأكيد سيفضي إلى نتائج إيجابية لجميع الأطراف...

 

إنَّ كل هذه الإجراءات لن تجد فاعليتها إلا باحترام الخلفية الإنسانية والهوية العرقية والقومية والدينية لهذا المواطن الجديد، وجزء من هذا التفاعل معه يكمن في التعرف إلى طبيعته وسمات أو مفردات هويته وخلفيته وفي التعاطي مع ما يحصل بالفعل وراهنيا مع جذوره من شعوب وأمم...

 

إن قرار استقبال مئات الآلاف من القادمين الجدد ودمجهم بالمجتمع الهولندي يتطلب اليوم استكماله بوعي بآليات التعاطي مع أقسام صارت جزءا من المجتمع الهولندي الأمر الذي سيعود بالخير على الشعب الهولندي بمكوناته التقليدية والجديدة من الجاليات المندمجة فيه...

 

وسيكون على الأحزاب الهولندية ومؤسسات المجتمع المدني واجب التفاعل الجدي المسؤول مع هذا القسم من الهولنديين عبر التعرف الأكيد لخصوصيتهم الإنسانية في الإطار الهولندي العام... ما يتطلب إدخال مفردات برامجية واضحة يلمسها أبناء الجاليات الحديثة لينعكس هذا في ردود فعل مماثلة تعزز من سلامة مسار المجتمع الهولندي بصواب وموضوعية...

 

وفي هذا الإطار فإنَّ مما يضغط على أبناء الجاليات الجديدة بخاصة منها الشرق أوسطية والعراقية هو ما يُرتكب بحق مجموعات قومية ودينية يرتبطون بها من جرائم الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية.. فبالأمس القريب تواردت الأنباء مشيرة لتهديدات جديدة (وهي بالأصل لم تنقطع منذ عقود) للمسيحيين العراقين بوجوب المغادرة فورا وإلا تعرضوا لسيف الإرهاب والموت وهو ما حصل ويحصل بالفعل حتى لرجال الدين الكبار المحميين نسبيا (أذكر جريمة اغتيال المطران فرج رحو منذ مدة قصيرة)...

وبالأمس واليوم أيضا يجري مطاردة الصابئة المندائيين وتصفيتهم الجسدية ببشاعة حيث الاغتصاب والتزويج القسري من أتباع ديانات أخرى والاختطاف والتهديد واستباحة الأملاك والمعابد حتى أن أيّ تصريح من أحدهم بشأن ما يجري لهم يعني قرارا بالحكم بالإعدام عليه وعلى مجموعة أخرى من أبناء مجموعته الدينية والقومية...

وليس ببعيد ما حصل للأيزيدية ويحصل اليوم في موطنهم بشمال العراق وهم ومجموع أبناء هذه المجموعات الإنسانية بأصولها الأثنية القومية الدينية هم بُناة حضارة تراث الإنسانية ووادي الرافدين فيما يجري تهميشهم ومصادرة حقوقهم وتصفيتهم في أبشع جريمة ترتكب بحق مجموعة بشرية في عصرنا!!

 

إنَّ هذه الجرائم تجري في ظل تقدم نسبي سطحي في الأوضاع العراقية. ولظروف سياسية محلية ودولية يتم إغفال حرب الإبادة ما يضاعف من قلق المواطن الهولندي من هذه الأصول ويضعه بين مسؤولياته تجاه موطنه ومجتمعه الجديد وبين موقف ضميري تجاه أهله وأصوله..

وسيكون من دواعي الأسى ألا يمنح هذا الإنسان  - هذا المواطن الهولندي الجديد -  فرصة المشاركة الفاعلة في حياته الجديدة في ضوء دعم القضايا التي يتبناها إنسانيا وضميريا تجاه مجموعات قومية ودينية وتجاه شعوب تتعرض لجرائم إبادة ومصادرة حقوقها كافة...

 

 إنَّ المقترح الأهم هنا اليوم يتمثل في خروج بلاغ عن هذا اللقاء يتضمن:

 

1.       صياغة بلاغ رسمي يعبر عن إدانة شديدة الجرائم المرتكبة بحق المسيحيين والمندائيين والأيزيدية، بحق شعوب وقوميات مثل الكلدان الآشوريين السريان والأرمن والصابئة والكورد الفيلية والتركمان والقبط والنوبيين بمصر والدارفوريين في السودان والأمازيغ والأزواد الطوارق والكورد في تركيا...

2.       دعم مشروع هذه المجموعات القومية والدينية الشرق أوسطية في عقد مؤتمر "الإخاء والسلام والحرية" الذي يقرأ أوضاع هؤلاء بموضوعية ويقدم معالجاتهم في التعاطي مع المشكلات ومعالجاتها سلميا ديموقراطيا...

3.       عدم الاكتفاء بالنشاط الإعلامي البحت بإدخال مفردات برامجية واضحة ومهمة تعنى بأبناء الجاليات الجديدة بهولندا بما يكفل احترام هوياتهم الأثنية القومية الدينية وما يفعِّل اندماجهم بمجتمعهم الهولندي الجديد...

4.       رسم أنشطة جدية للتعريف بهذه الجاليات وجذورها وهوياتها الإنسانية وتعزيز العلائق بها بخاصة عبر جمعياتها ومنتدياتها العامة سواء بهولندا أم في خارجها..

5.        إيجاد يوم تضامني يبديه الشعب الهولندي مناصرة لحركة هذه الشعوب من أجل حقوقها بصيغة احتفالية مناسبة تؤدي في النهاية لمزيد من التفاعل الشعبي من جهة وفي تطوير العلائق الإنسانية الوطنية هولنديا والأممية مع الشعوب الأخرى...

6.       تشكيل وفود تقصي الحقائق ومتابعة الأوضاع عن كثب في إطار حركة حقوقية للعدالة ولتلبية مطالب هذي القوى الإنسانية الحية... تتجه هذه الوفود أولا إل البلدان المعنية وتعود بخلاصة بعد لقاءاتها لتصب مقترحاتها في توصيات للمجتمع الدولي ومنظماته ولهولندا وتوجهاتها المؤملة المنتظرة...

7.       البدء بمشروعات إعمار المراكز الدينية والثقافية والاجتماعية العامة الخاصة بتلك المجموعات هولنديا أولا بحسب المسؤولية وأمميا في البلدان المعنية بجذب مساهمات أممية واستثمارات إقليمية ودولية محتملة.. وتبادل العلاقات والوفود والمنح الدراسية التعليمية المخصوصة ومن ذلك دعم مشروعات مخصوصة موجودة بالفعل مثل ضرورة دعم جامعات تستخدم نظام التعليم الألكتروني ومقراتها هنا في هولندا وبلدان أوروبا وتُعنى أغلب هذه الجامعات بتعليم أبناء تلك البلدان من المهمَلين المهمَشين في محيطهم وبلغاتهم الأم...

 

 

إن قضية مواطني هولندا الجدد من ذوي الأصول الشرق أوسطية من مختلف القوميات والاعتقادات الدينية تظل مفتوحة وتقبل التداعيات سلبا أم  إيجابا بحسب موقفنا منهم ودرجة اهتمامنا بهم وبقضاياهم فعليا بعيدا عن الموقف الانتخابي المحدود وبعيدا عن المتاجرة الإعلامية الدعائية وعميقا في جوهر وجودهم وهوياتهم الإنسانية المخصوصة وحقوقهم التي يتحدث عنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بلا استثناء أو استلاب أو مصادرة كما يجري في البلدان التي هربوا منها اضطرارا وبالإكراه...

 

وثقتي أن هذا اللقاء على حجمه البسيط سيكون بذرة مناسبة إذا ما جرى تنميته بتكراره وجعله لقاء دوريا ثابتا تُدعى إليه جهات رسمية وشعبية أخرى كما يجري تسليط الضوء إعلاميا عليه بطريقة أنسب وأوسع ويتم ربطه بحوار موسع لينتهي إلى قرارات عملية مناسبة منتظرة

 

بورك فيكم شكرا لمشاطرة الحزب الاشتراكي الهولندي وأعضاء البرلمان الهولندي لأنشطتنا ولدعوتهم هذه

تحية لهذي المشاركات الجدية المسؤولة من ممثلي المجموعات القومية والدينية ومنظماتها ولقبة البرلمان الهولندي؛ ونأمل أن نجد فرصا أعمق وأوسع للقاء والتداول التفصيلي بهذا الشأن عبر تشكيل لجنة متابعة مختصة

 

وهذه تحياتي الشخصية وتحيات وتقدير

البرلمان الثقافي العراقي في المهجر

رابطة الكتاب والفنانين الديموقراطيين العراقيين في هولندا

جامعة ابن رشد في هولندا

 

 

 

E-mail:   tayseer54@hotmail.com

Tel.      0342840208    //  Mob.  0617880910

www.averroesuniversity.org

www.babil-nl.org

 

 

 

 

 

 

http://www.ahewar.org/news/s.news.asp?ns=&t=&nid=292174

 

http://www.bahzani.net/services/forum/showthread.php?p=53615

 

http://www.ishtartv.com/articles,2138.html

 

http://www.nirgalgate.com/asp/v_news.asp?id=9441