حقوق الإنسان

بين بازار ساسة الاستغلال ومعاناة المواطن العراقي؟

1. تداعيات من ذاكرة متعبة بمهضوم حقوق الناس

أ.د. تيسير عبدالجبار الآلوسي

باحث أكاديمي في العلوم السياسية \ ناشط في حقوق الإنسان

tayseer54@hotmail.com

 

 

عقود من الدكتاتورية تحدثت عن الفظاعات المهولة التي تكشفت مع افتضاح حجم جرائم المقابر الجماعية والأنفلة وأهوال السجون والمعتقلات المرعبة وأشكال التصفيات المتكتم عليها خلف أقبية واحد من أعتى النظم القمعية. وسنوات ست من هزيمة سلطة ذاك النظام الوحشي وسقوطه الرسمي، لكن من دون زوال لا آثاره ولا مخلفات بقايا ما ترك ممن درّبهم على الجريمة والدم البشري!؟

 

المواطن البسيط الذي يئن تحت أحمال تلك العقود البائسة يتساءل وما بالي اليوم أستمر بدفع الثمن باهضا من عمري وحياتي وحقوق بناتي وأبنائي وحيواتهم؟! ألم يسقط النظام القمعي؟ ألم يفعلها أبو تحسين بـ (نعاله)  في شوارع بغداد وبوضح النهار وبلا سلطة قهرية تطارده على ما فعل! إذن من يقف وراء الاستمرار باستلاب حقوقي؟

 

لقد عرف هذا المواطن البسيط وشهد بأمّ عينه سقوط الطاغية [ولم يسمع الأمر بأذنه] وعرف مرارا وتكرارا أن عقود الظلم خلّفت آثارها المرضية في المجتمع مثلما تركت عناصر تخريبية يلزم وقف جريمتها بحقه... فخرج منتصرا بتصويته للعملية السياسية ولأجواء السلم وآليات الديموقراطية بديلا جوهريا ظل مؤمنا حالما به طوال عمره في زمن الاستلاب والمصادرة والقمع... لقد كان تصديه لمسؤوليته قد كلَّفه تضحيات من حيوات أبنائه وبناته ومع ذلك خرج بملايينه للتصويت لخيار الديموقراطية وعملية البناء المدني السلمي لمؤسسات دولته التي تنهض بمهام تلبية حقوقه المضاعة طويلا...

طيب، ما هذا الذي يجري حوله اليوم؟ من يقف حاجزا بينه وبين بناء مؤسسات دولته؟ من الذي يقف دون حقوقه التي ما زالت تُهدر يوميا؟ ما الصورة التي تجري يوميا للمواطن العراقي؟ هل يتم احترام (المواطنة)؟ هل يوجد من يحميها؟ هل هناك من عمل فعليا على تطمينها وحقوق الإنسان؟ لنبدأ بوصف الحال والتعرّف إلى أوضاع حقوق الناس والجماعات في العراق (الجديد)؟؟؟

 

يا سادتي الكرام، لا آتي بجديد بوصفي هذا ومحاولتي رسم الصورةَ الحقة المطلوبة كيما نتابع قضيتنا، أي قضية المواطن (المغلوب على أمره).. بخاصة في ضوء عودة (ثقافة) بصيغة الدفاع عن (شخوص في الحكم متوهمين أنهم بهذا يدافعون عن نظام الديموقراطية وخيار العراق الجديد). يأتي هذا بلغة تبريرية وذرائعية بعضها يعود للتعصب الأعمى لما نؤمن به وفي جوهره الفعلي يتجسد بمن نقف خلفه زعيما أو مسؤولا أو مرجعا [والخشية بهذا أن نخلق طغاة جددا بوعي أو من دونه] وبعض أسباب التبريرية في الدفاع عن شخصية سياسية أو حزب أو طرف يعود لافتقاد روح التسامح وصعود نجم ترِكة الثأر والانتقام بدلا من تعزيز فلسفة القانون وبديله في دور دولة المؤسسات والإتيان ببديل جوهري بنظام رصين أساسه احترام الإنسان ووجوده وضبط علاقاته موضوعيا بعيدا عن الاحتراب والدم وتصفية الحسابات ولغة زمن البغضاء والقمع وأساليبه.. ينبغي أن نغادر خطاب تكفير ديني أو تجريم سياسي ونكون نحن الخصم والحكم في افيقاع بخصومنا بطريقة التصفيات الهمجية التي لا تمتُ للإنسانية ومطالبها وقوانينها بصلة بقدر ما تقع في دائرة (قوانين) الغاب والوحشية. وبعد هذه الإشارة التي سنعاود التوكيد عليها لنبدأ في استعراض صورة الوضع تحديدا في السنوات الست الماضية:

 

* صورة المجموعات القومية والدينية:

لا أملك مثلما لا يملك أيّ عراقي إحصاء حقيقيا للتوزيع الديموغرافي العراقي (الجديد) بعد مذابح تصفوية مهولة يمكن تصنيفها في خانة الإبادة الجماعية  فضلا عن جرائم ضد الإنسانية عندما يتعلق الأمر بما اُرْتُكِب بحق المجموعات القومية والدينية في العراق. إنَّ المواطن العراقي عاش في الدولة العراقية الحديثة التي ضمت كل عناصر المجتمع العراقي وأطيافه ومكوناته التي أسست لحضارة البشرية وتراثها في وادي الرافدين من عشرة آلاف عام من العطاء وطبعا هنا الإشارة لسكان العراق الأصليين وبُناتِه الأوائل من الصابئة والميديين ومن الكلدان الآشوريين السريان ومن الكورد والتركمان ومن المندائيين والأيزيديين واليهود والمسيحيين... وعاش أبناء العراق من العرب والمسلمين بقبائلهم ومذاهبهم وطوائفهم بلا تفرقة أو تمييز؛ حيث النسيج المجتمعي المنسجِم والمؤتلِف الموحّد. لكن القوى التي تعادي الاستقرار والتقدم ومصالح الناس كانت دائما السبب وراء محاولات إثارة النعرات والاختلافات والاحتراب والتناقض ولم تنجح قطعا في الإيقاع بين قوى المجتمع ومكوناته، لكنها بطبيعة الحال استشرست في أفعالها الإجرامية مواصِلة المحاولة إمعانا في تصوير المشهد وكأنه احتراب طائفي أو ديني أو قومي.. والضحية لهذه الجرائم هو المواطن العراقي من جميع الأطياف سواء بفقد حياته أم بفقد حقوقه.. على أنَّ  المشكلة كمنت دائما في تركيز المجرم  بجريمته على التمييز بغية خدمة ما بيَّته من خبث ومستهدفات..

اليوم جرت الجريمة بتخطيط مسبق مرسوم بغاية إفراغ العراق من مكوناته القومية والدينية كافة وتدريجا من بنيته المذهبية المتعددة المتنوعة المتآخية لتبقى حال أحادية مختلفة نوعيا مشوّهة جوهريا.. فنجم عن جرائم البصرة والعمارة والناصرية إخلاؤها من الصابئة المندائيين أو يكاد ومن المسيحيين، من الأرمن ومن السريان ومن غيرهم؛ واتجهت صعودا لتطارد كل غير مسلم وكل غير عربي ومن العرب المسلمين جرت الحرب ضروسا بروح طائفي مقيت مرسوم.. ويمكننا أن نتابع المشهد فيمن تبقى من وجود مندائي أو يهودي أو مسيحي أو أيزيدي ومن أرمني أو تركماني أو كلداني آشوري سرياني..؟

النازحون من ديارهم على الهوية؟! والمهجَّرون من مدنهم وقراهم على الهوية؟! هل من إحصاء ينظر في حقيقة ما جرى؟ كم هي نسبة الطيف العراقي ممن بقي يقاوم ويقدم مزيدا من التضحية متشبثا بوطنه ووطنيته وبعراقه وهويته العراقية؟ مئات آلاف وملايين العراقيين بلا وطن أو المأوى والمستقر لأنهم مسيحيون أو مندائيون أو أيزيديون أو لأنهم كلدان آشوريون   أو أرمن أو تركمان أو لأي سبب يفضح بجوهره خلفية فلسفته الخطيرة التي تريد التحول بالعراق لوجود مختلف نوعيا عن كل تاريخه الحضاري وطبيعة مجتمعه التعددية وتنوع طيفه القومي والديني والمذهبي...

من الذي يُنزِل بهؤلاء القتل؟ والإبادة الجسدية استمرارا لزمن التصفية والإبادة غير الجسدية التي جرت وتجري بطريقة أسلمة المجتمع وتعريبه قسريا وإكراها... أليس هو ذاته الذي يشوّه الإسلام والعرب ويريد بهم الوقوع بحبائل جريمته ومركب أهدافها الخفية والمعلنة؟ أليس هو عدو العراق والعراقيين جميعا؟ أليس هو عدو الخير والطمأنينة والاستقرار والسلم؟ ولكن مَن هو هذا العدو؟ وخلف مَن يتخفَّى ومَن يُسندُه بدراية و وعي  ومن دونهما؟

سنعود من أجل الإجابة العملية الملموسة؛ إذ أن ترك الإجابة يصب في خدمة المجرم وفي مواصلة الجريمة... ولنتذكر هنا الطائفية والإرهاب والفساد...

 

يا سادتي الكرام، قبل أن أواصل مشوار التوصيف الذي وعدت باختزاله، أذكر بأنني صوّتُ للعملية السياسية وللوطني الديموقراطي وللعلماني الذي يحترم طقوس الناس وأديانهم وحقوقهم كافة في وطن للجميع لا يعلو فيه سوى صوت الوطن نفسه والناس.. وقبل مواصلتي أريد لفت النظر إلى أنني لن أقبل بأحكام مسبقة وخطاب الاتهام والتخوين والتكفير لمجرد دفاعي عن حقوق الناس إذ أن إيماننا ببناء دولة المؤسسات والدستور لا يعني بالمرة الدفاع عن المسؤول أو الزعيم. إنَّ هذين ليسا إلا موظفين في الخدمة العامة وإن ارتقى منصبهما لمستوى سيادي وهما ليسا معصومين من خطأ أو غلط أو نقص وإذا كانا لا يمكنهما إدارة الأوضاع وضبطها وأداء المهمة في سقف زمني معلوم ومحدد فيلزم أن يحتكما للناس كيما تعطيهما فرصة مواصلة أو اعتزال. التداولية أس الديموقراطية. والبرامج المدروسة جوهرها والمختصون والخبراء  أدواتها.. لا صوت فوق حقوق الناس ومن يريد الدفاع عن شخص أو حركة أو إئتلاف أو حزب فليكن هذا لا على حساب حق مهدور بل بعيدا عن اللعب بحيوات الناس ومطالبهم وحقوقهم.. وقد ولى زمن جئنا لنبقى ولن يأخذ الكرسي أحد إلا على جثة وها قد ولجنا خيارا شعبيا لا مناص عنه هو خيار الديموقراطية بكل تفاصيل آلياتها.. وأول ذلكم إزاحة من يقصّر فما بالك بمن يفسد ويجرم...................

 

وباسم مواطن مغلوب على أمره أتابع قراءتي التي قد تصيب وقد تخطئ ولكنها تبقى مبدئيا متمسكة بأن حق الإنسان هو المقدم الأول بلا منازع:ـــ   

 

* الأوضاع الخدمية العامة ماء وكهرباء وبيئة و...:

 

توطئة: أسمع هذه الأيام أن الحديث في مطالب خدمية هو معاداة لمن يقود مسيرة العراق الجديد ومن ثمَّ افتراضا هو معاداة للشعب والوطن.. بعبارة أخرى من يطالب بحقوق الناس يعادي الناس أنفسهم!! وهذه عبارة لا تستقيم  في منطق عقلي.

صورة: منذ انطلق قطار العملية السياسية لبناء عراق الأمل والغد الأفضل؛ كانت الفكرة أساسا الانتهاء من أزمنة  الإهمال والإغفال وتدني الخدمات. ولكن ما الذي جرى؟ لنقرأ المشهد: كانت مشروعات الماء والكهرباء متاحة حتى نهاية الحروب العبثية ولكنها كانت تتراجع بشكل خطير بفعل نتائج تلك الحروب ومرحلة الحصار الذي وقع على الناس أكثر مما وقع على الطاغية؛ وعندما رحل لم يكن قد تبقى إلا المتهالك مما يلزم لا الإدامة والتصليح بل الاستبدال وبناء خدمة جديدة بالكامل؟ فهل من عمل جدي ارتقى لمستوى المسؤولية؟ وهل من أيّ منجز عاد على مواطن بسيط بخير؟ إذا كان قارئ الواقع يجيب بالنفي فلماذا؟ بمعنى لماذا لا يمتلك المواطن حقه من الماء النقي الصحي لاستهلاكه؟ ولماذا يضطر لشراء مياه الشرب أو الوقوع فريسة الأمراض؟ ولماذا الماء الذي يصله  بخطير مستوى التلوث؟ لماذا ونهرا دجلة والفرات ما زالا حييّن لم يموتا؟ لماذا يشتري المواطن الكهرباء وهو يدفع كذلك للكهرباء ((الوطنية))؟

أما بيئة المواطن فهي تغصّ بالملوثات الأولية وتلك المركبة المعقدة.. فمحيطه يلفه عطر النفايات وأكوامها وروائح المستنقعات الآسنة والكسور في أنابيب الصرف الصحي واختلاطها بمياه الاستهلاك البشري!! ولكن الأبعد والأخطر من ذاك المسكوت عنه بصمت مريب هو ارتفاع  نسبة التلوث الإشعاعي النووي وأشباهه من تلك العوامل المسرطنة حتى صارت نسبة الولادات المشوهة ذات أرقام ومستويات عالية بين نظيراتها دوليا!؟ وباتت تكون رديفة العائلة العراقية بنسبة انتشارها... هل من أي إجراء على المستوى البلدي والخدمي المخصوص؟ هل من خطة واستراتيجية وتفاعل دولي بشأن التخلص من التلوث المسرطن والممرِض بغيره من خبيث الإصابات؟؟

لدينا هذا الحجم السكاني المعلوم وله هذا المطلب من مساكن ومياه وكهرباء وخدمات نظافة وغيرها فمن وضع قراءة إحصائية لهذا الحجم ومن وضع الخطط والبرامج لسدها في سقف زمني معلوم.. مَن من الزعماء؟ من من القادة؟ من المسؤولين الكبار؟ من أصحاب المعالي الوزراء وأصحاب السعادة المديرون العامون وقادة الجهاز المختص؟ تفضلوا وقدموا البرنامج في سقف سنة (حتى لو في الدورة الانتخابية التالية) وسيتابع المواطن مستوى التنفيذ وأسباب التلكؤ والتقصير وذلكم هو منطق الأمور...... أليس كذلك؟ يعني ما هي خطة بلدية العاصمة والجهات المعنية، لهدم القديم من المساكن وبناء الوحدات التي تستوعب أبناء العاصمة وتقدم الخدمات المتكاملة من أسواق ومدارس ومراكز صحية وأنابيب صرف صحي ومياه صالحة للشرب وكهرباء وطرقات وحدائق ومكتبات ومنتديات؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ أم أننا سنبقى في حيص بيص النظام القديم؟ ماذا تغير إذن؟ ماذا يعني التغيير من أصله؟ ماذا تعني دولة القانون والمؤسسات؟

 

* الصحة والتعليم:

 

بلا توطئة: لستُ أعرف بلدا يبيع الأدوية على الأرصفة.. ولكنني أدري اليوم معنى بيعها خارج الصيدليات ومؤسسات الصحة الرسمية المعتمدة في العراق! كما أن الأدوية خارج الصلاحية ظاهرة ملموسة وأخرى من تلك التي مُنِعت من الاستخدام  في دول تحترم مواطنيها (الغلابة إن كانوا غلابة)! وطرائق حفظ الموجود من تلك الأدوية لا تعليق عليها. والسؤال أين تذهب علاجات ذوي الأمراض المزمنة؟ وكيف يحصلون عليها؟ وماذا يتوافر للعمليات وللطوارئ؟ ما مستوى اللقاحات وأشكال التطعيم المضاد للأمراض؟ وكيف يجري تمرير أمراض معدية خطيرة كالأيدز (وغيره) في أدوات ملوثة مقصودة من دون أي إجراء رسمي؟ ما ظروف المستشفيات والمراكز الصحية وهل  تغطي الخدمة الجميع؟ وإذا لم تفعل فمن يغطي الخدمات في ظرف غيابها الرسمي؟ وكيف وبأي أوضاع؟ وهل حقا يجري حماية الإنسان (الحيّ ولا نتحدث عن غير الأحياء؟  ) من سرقة أعضائه؟ وهل هناك من يبيع اضطرارا أو كرها؟ هل يمتلك الإنسان حقهُ في الصحة العامة كشؤون اللياقة البدنية والنفسية في ظرف كهذا؟ ماذا يجري في حصة الرياضة البدنية في المدارس؟ هل يمتلك الأطفال فرصتهم في الحياة الصحية في ظروف تغذية غير صحية؟ وفي ظروف عيش غير طبيعي فيزيقيا ونفسيا واجتماعيا؟  سنحاول أن نجيب عوضا عن آلام الناس المغلوبة على أمرها.. ولكل من يرى أن في الحديث عن حقوق الناس في امتلاك صحتها البدنية والنفسية والاجتماعية هو عداء للديموقراطية، نعيد عليهم [قوانة] تسجيلات التبرير في النظام [السابق] كيما يكفونا شر منعنا من التعبير عن هذي الهموم التي باتت تهدد بترحيل جماعي للغلابة إلى العالم الآخر وتسجيل الأمر تحت خانة موت عادي أو بقضاء وقدر؟!!

طيب، أعزائي كي لا نسترسل ونبقى في الاختزال؛ لستُ أدري إذا كان المواطن المنهك يستطيع قراءة هذه المفردات! أو أنه (فقط) سيسمع بوجود من يتحدث عن حقوقه.. أنا لا أطالب بإحصائية لحجم الأمية الأبجدية، فهذه خارج المدرسة والمؤسسة الرسمية.. ولكنني أطالب بإحصاء كم طالب  يتخرج في مدرسته الابتدائية وهو يجيد القراءة والكتابة؟ وأمتلك الجرأة والحق في أن أتحدى حتى مستوى الثانوية العامة أقصد الإعدادية العراقية التي كانت مضرب المثل!!! هل نعرف مستوى تدني التدريس وبرامجه ومناهجه وأساليبه؟ وهل نمتلك الحق في التحدث عن دروس أو حصص التربية والتعليم (الطائفيين: أقصد الطقسية المضللة للطفل وذهنيته ومنطقه) بمسميات مقدسة وأخرى ...؟!

وهل يحق لنا أن ندعم معلما في أن يضع التقويم المناسب لإجابة التلميذ بما يكون من نجاح ورسوب يفصل بين المتعلم وغيره وبين الصائب والخطأ؟ وهل تعرف وزارة التربية بالرِّشى ودورها في النتائج؟ وبالمحسوبية والمنسوبية(ويقال أنها تدري)؟ وهل تدري أن أنصاف أميين هم اليوم في سلك التعليم (والمصيبة أعظم لو أنها لا تدري بهذا)! عفوا ضعوا علامة استفهام وليس علامة تعجب لما سبق! وأسئلتي التوصيفية الأخرى: ما نسب النجاح وكيف تتحقق؟ ما نسب الغياب والحضور؟ ما نسب التسرب من المدرسة الابتدائية والمتوسطة فالثانوية؟ لماذا  لا يدخل ثلث خريجي الإعدادية الجامعة؟ ما ظروف المختبرات والمكتبات والمناهج واستقلالية الجامعة؟ وحرية العمل الأكاديمي؟ ومستوى الأستاذ؟ ووضعه الأمني بدءا من سلطته في الفصل الدراسي وحتى حقه في الحياة؟ ألا تعرف الجهات المعنية بأنه قد قضى نحب أغلب علماء العراق وأساتذته الذين عملوا في السنوات الأُوَل من التغيير ولم يفلت من التصفية الجسدية إلا من اختبأ خلف واجهات أخرى أو هاجر قسرا أو نزح مختفيا عن أنظار الأيادي التي لم تكشف عنها (الحكومة المنتخبة) ولا في حالة واحدة فقط ولو من باب رفع العتب والتدليل على مسؤولية وزارة الداخلية أو دائرة الأمن أو غيرهما!! عجيب أمور غريب قضية! حق التعليم كان مسلوبا بطريقة وصار مسلوبا بطرائق.. يمكنني أن أحيل هنا أيضا إلى تلك الدراسات التي تتعلق بحق التعليم للنازحين والمهاجرين والمهجرين الذين لم يسمع أحد بأن مسؤولا سأل عن متابعة أحد أطفال التهجير القسري الدراسة! سنتابع للإجابة.. قد نتابع؟؟

حق التعليم للنازحين والمهجرين العراقيين

http://www.somerian-slates.com/p540edu.htm

مذكرة بشأن الجرائم المرتكبة بحق العقل العراقي من الأساتذة والعلماء العراقيين

http://www.somerian-slates.com/v133ic.htm

 

 

 

* الدورة الاقتصادية وفلسفة العمل:

البطالة والأجور وخط الفقر والحصة التموينية وتضخم العملة و\أو قدرتها الشرائية ودينار من ورق بلا رصيد ورواتب شهر تصل وآخر لا ومرة يرتفع ومرات في الحضيض؟ ومصطلحات اقتصادية واجتماعية مرضية وأزموية صار المواطن }من مثل بائعة الخضرة الأمية وبائع السكائر (...){  ضليعا مجربا بالحديث عنها...

فوزارة الصناعة بمعامل ومكائن لا تشتغل أو عجلة لا تدور ووزارة الزراعة بلا مزارع منتجة ولكنها تنصح بعدم استيراد ما كنا ننتجه قبل خمسين سنة أو ما يُحتمل أن ننتجه بعد خمس خطط عشرية ووزارة الرّي بلا سدود ولا أمواه إروائية بانتظار فضلات مياه (تركية) أو (إيرانية) عندما تمتلئ السدود والخزانات التي قطعت الماء حتى جفت أنهار بالكامل ولا من يتحدث عن الأمر وكأنه ليس خطرا داهما يطال عمق الوجود العراقي والسيادة بأكمل تفاصيلها... كم نسبة البطالة بعد ذلك لا يجوز أن نسأل فالحكومة مشغولة بأمور، هي أهم من بطر المواطن البائس وسؤاله الملحاح عن عمل!

ومجددا نسمع [من بعض الجهلة المحسوبين على الدولة العراقية ومؤسساتها] خطاب التخوين والتكفير لمن ينتقد الحكومة وخططها فهي الوحي الإلهي المقدس كما كان الطاغية ومن يتحدث عن حقوق أو علاج مثالب أو نواقص هو عدو لا حبيب وهو عميل الطاغية المدفون!!

وأين سنجد رأس الشليلة كما يقول المثل العراقي.. سنجيب .. وقد لا نجد الفرصة للإجابة، حينها عذرا يا سادتي المُضيَّعة حقوقهم.

 

 

* المجتمع المدني وقوانين عمل مؤسساته والأحزاب والسياسة والناس والمافيات

 

مليونين صوت انتخابي بـ 150 كرسي في المجالس لا حق لها بأن تتحدث عن استقلالية واختيار حر يقع خارج الأحزاب (الكبرى) وعليه فإن الكراسي تؤول للغالب المنتصر وليذهب خيار ما يقارب نصف حجم الناخبين الكلي إلى الجحيم  فالذنب ذنبهم لماذا تفرقوا بأصواتهم (الديموقراطية الوطنية)؟.. هكذا كُتب الفرمان الانتخابي المسمى قانون الأحزاب .., يقول صوت الغالب الحاكم: نحن لا ننكر عليكم أنكم إذا حصل خطأ وأخذتم أغلبية يوما، حينها يمكنكم تصحيح القانون ووضعه في خدمة صوت الناخب وحقوقه.. أما الآن فعلى حد تصريح مسؤول مهم [يُخشى] ذكره تصريحا "ليش هو يكدر أحد بعد ياخذها حتى ننطيها" يقصد لا توجد فرصة بعد اليوم لمن يمكنه أن يأخذ كرسي السلطة.  وتعليق المواطن الغلبان: "لعد ليش تكولون إن أهم أمر في الديموقراطية هو التداولية" فيما يدندن مواطن غلبان آخر أكثر نباهة من الأول: " طيب مشّوا الأمور بدون هذي التصريحات البلية، يعني خلوها سكتة، صنطة.. واتداولوها بيناتكم ولو بالجذب".. يعني تعديل قانون لصالح الحفاظ على خيار في أقل تقدير ثلث أصوات الشعب يحتاج لضجيج وعجيج ومحاولات فاشلة ولكن توجيه مؤسسة تشريعية  يمكن أن يتم بتوجيه قرار شفاهي من سلطة تنفيذية على ذمة تصريح (نائبة في البرلمان بقناة الفيحاء ليل 17 حزيران)... طبعا لا حرج في العقد التي تتحدث عن قوانين ضبط مؤسسات المجتمع المدني وظهور لوائح تحديد وتهذيب وتربية وتعليم وتوجيه وتحفيظ وتحنيط و و و و و و ..........ماذا سيتبقى؟  قد أكون أدري ولكنكم أدرى مني بما لا يحتاج لاستكمال بقية الفقرة..

 

 

* الوضع الدستوري والقانوني ومؤسسات تنتظر التشكيل بلا طائل

في العلاقة بين سلطة وأخرى ومسؤولية أو تخصص أو وزارة وأخرى:  الوضع كما في "حارة كلمن إيدو إلو" فأنا وزير وزارة كذا لا يمكن لغيري التدخل في وزارتي فهي ملكية لي وللحزب الذي وضعني فيها.. ولا صوت يعلو على صوت المعركة عفوا على صوت معالي الوزير المحمي من حزب كبير طبعا لا صغير أرجو هنا عودتكم إلى أصل مختزل لمحاضرة بهذا الموضوع

(www.somerian-slates.com/p592law.htm) ...

 ولا حق للمواطن أن يحكي همومه قانونيا أو أن يعترض على أمر إلا من منفذ حصة الجهة التي اختزلت وجوده بوجودها باسمه. فـ علي حسين كاظم عباس مجبر ألا يكون علمانيا ديموقراطيا وطنيا عراقيا وحسب بل هو فقط من حصة الإئتلاف الشيعي لا غير وعمر عمران عثمان مجبر ألا يكون علمانيا ديموقراطيا وطنيا عراقيا وحسب بل هو فقط من حصة التوافق السني لا غير والقائمة لا تنتهي بالتقسيم الطائفي فلكل طيف هناك جهة لاختزاله ومصادرة وجوده الوطني العراقي وهويته الإنسانية كيما لا يستطيع المطالبة بتنفيذ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان... أو مواد الدستور الوطنية العراقية الصحيحة أو القوانين المنجزة بتضحياته............

 

أين حقوق الناس؟ من يحميها؟ ومن يدافع عنها؟ ولا نقول من يحقق بعضها! أيها السادة تنبهوا لا تحملكم عصبية لقريب أو حبيب أو نسيب على حساب حق لإنسان فإن أرملة (وما أكثرهن فهن بالملايين) وإن يتيما (وما أكثرهم فهم بالملايين) وإن جائعا أو مريضا أو طالب حق لابد يوما يأتي وينقلب المجنّ لصالحه كن يومها قد لا تأتي الحلول هادئة.. ولابد من اعتبار واتعاظ ممن لم تكد مغادرته تُنسى بعدُ...

 

أكتبُ كلماتي هذه محذرا من أن المواطن المغلوب على أمره لن تنطلي عليه ألعاب تغيير قمصان الخدع السياسية بالتحول الزائف  من الطائفي إلى العلماني الوطني الديموقراطي.. ويبقى الوضع على ما هو عليه في رحلة سنوات أخرى مشرعنة بصوت هذا المواطن المضلل ببعضه والمخدوع ببعضه الآخر والمسلوب الإرادة المصادر بقسم ثالث و و و و ... فعضة الجوع وإيذاء الجرح وألم الاغتصاب ومهانة الإذلال لا يمكن أن يعالجها خبث أو مكر في التعاطي مع خيار هذا المغلوب على أمره...  أيها المعنيون بكلمتي، انتهوا من قشمريات الاتهام والتخوين والتكفير وتكرار ثقافة بناء الطغاة وتعزيزالتصاقهم بكراسي الفساد على حساب مسؤوليات خدمة الناس ومطالبهم وتلبية حاجاتهم وتطمين حقوقهم، فهذا الأمر له مشروعاته الوطنية الديموقراطية المناسبة وأدواته وأهله الذين يمكنهم التصدي لمهمة تنفيذه..

إنَّ أي منصف لا يمكنه أن يسكت على ظروف الحرمان من الحقوق والمصادرة والاستلاب التي تتم بشتى الأشكال والتبريرات ولكل من يحب وزيرا أو حزبا أو يدافع عنه لمصلحة أو لأمر في نفس (يعقوب)  لا نطلب منه سوى تذكر أن هضم حق يتيم أو سائل محتاج أو أرملة أو عجوز أو معوق أو عاطل عن العمل لابد أن يطاله قانون حقوق الناس يوما وليس ذلك اليوم ببعيد...كما أنه ينبغي أن يدرك حق التداول وواجب الاستجابة لعمليات بناء الحياة بتفاصيلها الصحية الصحيحة إذ القضية ليست تسلم الكرسي ولكنها تحقيق العدالة.

 بعامة يا صحبي الكرام الأفاضل، إذا بقي صاحب هذه الكلمات حيا معافى، فسيعود لمقترحات ومعالجات يرجو أن تكون [إنْ أصابت] جرعة ماء في فم عطشان أو سببا في لقمة بفم جائع.. وهذي جميل المحبة والأماني للجميع بلا استثناء، لأنَّ قصدية تبيان حقوق الناس والعمل من أجلها لا يدخل في ما تؤديه سمة النـَّيـْل من طرف، فردا أو جماعة، بل الرئيس والنهائي الأخير يكمن في تحقق مطالب الإنسان فقط لا غير ويصل أمر سماحة خطاب حقوق الإنسان أنه يتضمن اعتذارا من جميع الأطراف ذات العلاقة والعمل على تطمين مصالحهم المشروعة كافة.

 

في اليوم العالمي لحقوق الإنسان: مطالب ملحة وإجراءات تنتظر الأفعال لا الأقوال

http://www.somerian-slates.com/p575hr.htm

 

 

 

*** الأسئلة التالية فيما سيأتي بحلقات أخرى، ستتمثل في: من المسؤول؟ ولماذا لا يُكشف عن مجرم وظروف جريمته؟ ما دور الطائفية وتمظهراتها الجديدة في هضم حقوق الناس؟ ما دور الفساد في اختراق مؤسسة الدولة وتشويهها وتعطيل جهدها بالكامل؟ ما خلفية الإرهاب؟ وما أساليبه ومستوياته؟ كيف تتم مصادرة الناس واستلابهم الإرادة والقرار؟ متى يمكن تلبية حقوق الناس؟ وهل ما جرى ويجري من (انتخابات واستفتاءات) بالضرورة (يقع في صحيح)  آلية الديموقراطية وهي في جميع الظروف والأحوال تلبي حريات التعبير والخيار والتصدي لمسؤوليات البناء؟ كيف نقابل بين الدفاع عن حقوق الناس والدفاع عن مسيرة بناء دولة القانون والمؤسسات العراقية الجديدة ؟ كيف يساوي بعضهم زورا  وتضليلا بين المسؤول أو الزعيم والحزب والحركة وبين الشعب  لتضييع الحقوق؟ وأسئلة ستأتي في طي الكشف المحتمل عن حقائق لن تظل مخفية على سبيل المثال كيف يعود حق المواطن في حركة حزبية صحية وصحيحة بدلا من تشكيل أحزاب ممن لا يملك أكثر من السلطة فرضا وجاه المال وسلطته...

وحتى ذلك الحين ستبقى آلام الجوع والألم والجراح الفتاكة الفاغرة تصرخ قائلة: عن أي وطنية نتحدث وعن أي أمن والمواطن يجابه بصدره الأعزل موجات الإرهاب وحتى بعد تضحيته بابن أو بنت أو رجل أو امرأة فليس هناك من يتابع كشفا عن جريمة الاختطاف أو القتل والاغتيال.. نذكر (فقط نذكر والعهدة على الرواة والأقاويل بأمل حسمها من جهة رسمية) بأن فضائح تسربت عن علاقات أحزاب وعناصر بهذه التصفيات ولا من مجيب قضائي رسمي يحسم الأمر ويكشف الحقيقة؟ أين لجان التحقيق؟ ماذا انتهت إليه؟ هل تم حفظ التحقيق ضد مجهول في آلاف الجرائم التي اجتاحتنا؟ هل مهمة الحكومة إلقاء التبعات والمسؤولية على الإرهاب وتنتهي المهمة؟ السياسي يمكنه الحديث حتى تبريريا عن مسؤولية الإرهاب لكن هل هذا صحيح على لسان المسؤول الأمني ومسؤوليته؟ وهل لجان التحقيق تملك الكفاءة والاستقلالية والحياد؟ هل الذي يمارس التعذيب في أقبية الشرطة عراقي حقا وإذا كان عراقي الجنسية فهل هو عراقي الهوية وهل يمتلك صلاحية وتصريحا من طرف بممارسته تلك؟ وهل هو صحيح الذهن والتصرف لا مريضهما؟ ألا تعلم وتدري قيادات الوزارة ومسؤولو حقوق الإنسان بالأمر؟ لماذا لا يتم الإعلان عن السجون ومواضعها ومن فيها على الأقل للبرلمانيين المعنيين!؟ هل الاغتصاب لسجين أو سجينة عمل فردي خارج مسؤولية السلطة والوزير؟ هل منح وجبة إضافية  و (استكان) من الشاي لمحتجز أمام الكاميرات يكف الجرائم المستمرة الجارية خلف القضبان؟ من يمنح الثقة ويحجبها  بـ وعن المسؤول في ضوء كل هذا؟ وهل يمكنه بالفعل حجبها؟ هل يحق لوزير تحميل المتهم وتذكيره بجريرة الجرائم التي تقع على العراقي تبريرا لتعذيبه واستلابه حقوقه الإنسانية المشروعة؟ كم هو السقف الزمني الذي يجب على الشعب العراقي تحمله؟ وكم حجم التضحيات والعذابات يجب أن يقبلها لكي يستطيع السادة المسؤولين الوصول لمرحلة، لا الاستجابة للمطالب الإنسانية ولكن وقف [فقط] الاعتداءات الصارخة على الناس لا في السجون ولا في الشوارع بل في بيوتهم التي ما عادت توفر لهم الألفة والراحة والأمان والطمأنينة؟؟

متى ننتهي من شماعة التبرير وننتقل للعمل؟ هل حقا أن كل شبيبة العراق ورجاله ونسوته لا يريدون العمل وأدمنوا التبطل؟ هل حقا أنهم جميعا يرفضون خطط الحكومة الرشيدة في إطلاق عجلة الاقتصاد والبناء وإعادة الإعمار وهم في خرائبهم - عفوا بيوتهم - ينامون منتظرين أن تطعمهم الحكومة؟ هل حقا سيبقى الإرهاب والفساد والتقسيم والاحتراب الطائفيين إذا ما جرى بالفعل إطلاق الدورة الاقتصادية وتشغيل الناس؟ هل سيبقى موطئ قدم للعنف عندما ينشغل الإنسان بنشاطه السلمي وبأنشطة البناء بدل الهدم والتخريب؟ هل سيترك الإنسان حقوقه ليحيا محبطا متشنجا عنفي السلوك إذا ما وجد الأوضاع تتحرك باتجاه مطالبه اليومية؟ هل ستبقى ثقافة الإنسان سلبية تجاه محيطه وبيئته وهو يجد رعاية هذا المحيط وسمو بيئته وزهوها؟ ماذا نريد من إنسان تحيط بيته المياه الآسنة بل تخترق البيت وتدخل حتى مع مياه شربه وطعامه؟

وبانتظار التالي، هاكم مثلا مفردا: فها هو مسؤول يُبرِز أنه وفر ألتار المياه الصالحة [وبعضها مغشوش بلا منازع ولا عجب!] وطبعا هذه الألتار للبيع وليست هدية وهي لتجارة بعينها وليس لمعالجة أوضاع مشروعات المياه التي تصل منازل الناس لاستهلاكهم (البشري) (الصحي)! وللمزيد أدعوكم أعزائي للبدء بمتابعة  مواطن غلبان مذ لحظة استيقاظه حتى لحظة نومه وسترون أي نوع من الحقوق يمتلكها؟؟

ونوما هانئا سيدي المسؤول وسهرة طيبة سادتي الحمايات الساهرة على راحته وكان (الله) في عون عباده من المواطنين الغلابة وإن كان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم...