نداء من أجل إنقاذ أهالي البصرة الفيحاء من كارثة الإبادة الجماعية

من أجل إنقاذ الحياة في العراق

أ.د. تيسير عبدالجبار الآلوسي

ناشط في مجال حقوق الإنسان

 

تواردت الأنباء من داخل مدينة البصرة، تفيد بمعالم بداية كارثة إنسانية خطيرة قد تؤدي لإبادة جماعية لأهالي المدينة بدأت حاليا  بمناطق جنوبية المحافظة.. وإذا كان بعض الأهالي قد شرعوا بالنزوح بعد علامات خطيرة بشأن موت أصاب الزرع والضرع وبعض المواطنين، فإنّ إمكانات النزوح ليست متوافرة للجميع ولا تمثل الحل الأمثل لمواجهة الكارثة التي ستطال عاجلا أهالي المحافظة كافة...

 

إنّ ما يجري هناك ليس حجبا لمياه الكارون والانخفاض بها من مستوياتها المعتادة إلى مستويات تتسبب بكارثة إنسانية مؤكدة.. فالأمر تعدى ملوحة المياه وتحول البصرة من مدينة نهرية إلى مدينة بحرية المياه فجأة بلا استعدادات بمشروعات التحلية المعروفة في المدن البحرية؛ فالأمر بات أخطر بسبب من المواد الكيمياوية الخطيرة التي ترد فيما تبقى من مياه ترسلها مصبات الأنهر السابقة من معامل التلويث..

وبات الأهالي يشهدون يوميا قتلا للمزارع والمواشي وماتت الكائنات والأحياء الدقيقة من غذاء الثرةوة السمكية التي أبيدت هي الأخرى بعد أن كانت تتوافر بعشرات آلاف الأطنان.. وما عاد الأهالي يمكنهم العيش أو توفير مياه الشرب الذي كانوا بتناولونه من مياه شط العرب حتى من دون مادة الكلور المعقمة...

إن الكارثة التي تحصل بمجمل تأثيراتها البيئية والاجتماعية والإنسانية تنذر بجريمة إبادة جماعية، في وقت تمنع السلطات المحلية أية تظاهرات سلمية بات الأهالي يطالبون بها لإيصال الصوت مباشرة من ميدان الصراع بين الحياة والموت في كل ثانية تمضي من حيواتهم وحيوات بنات البصرة وأبنائها.. وأبعد من ذلك فإن الإجراءات المتخذة ليست أكثر من قرارات بلا فعل ميداني يجلب رشفة الحياة من الماء للعطشى من الأهالي...

إن الخط الفاصل بين حياة الإنسان البصري ومقتله بات بيد إجراءات ستحيق بهذا الإنسان كونها لا تتفاعل مع الحاجة الفورية المباشرة للماء ومع حجم هذه الحاجة الحقيقي. وباتت تصريحات بعض مسؤولي المدينة تشير بوضوح إلى مخاطر مثل هذا التساهل والإهمال وأحيانا العبث السياسي واللعب بمصائر الناس وحيواتهم في إطار الخضوع لخلفية من العلاقات الإقليمية والدولية..

إن قطرات المياه التي تريد إيران إرسالها عبر حاويات أو أنبوب هي كما تلك القطرات التي تسربها بما تبقى من مياه الكارون لتحمل الملوثات الكيمياوية التي باتت تتسبب في إصابة السكان بأمراض حمى مالطا والكوليرا والتيفوئيد وأوبئة لا حصر لها.. وعليه فإن الحلول تكمن في إجراء فوري عاجل بوقف حجب المياه وتحويلها عن مساراتها الطبيعية سواء في الكارون أم في غيره من عشرات الأنهر المشتركة بين العراق وإيران..

وبالإشارة إلى أزمة المياه في عراق اليوم، فإن تجفيف الأهوار والأنهار من قبل كل من تركيا وإيران وسوريا يعني ارتكاب جريمة بحق الإنسانية وليس الشعب العراقي لأن المتغيرات البيئية ستتجه إلى أوضاع أكبر من حدودها الجغرافية المحلية...

ومن هنا فإن قضية المياه ليست قضية لعبة تضاغطات سياسية في خواتيمها بل هي حرب ضد الإنسانية يتطلب وضعها بهذا المعنى السياسي على طاولة مجلس الأمن فورا وإدخالها في سلطة البند السابع من جهة الأمر بتنفيذ القرار الفوري بإطلاق المياه..

لقد خرجت القضية من دائرة مسؤولية الحكومة العراقية وقدراتها على التعاطي مع حياة ملايين العراقيين وكارثة إبادة جماعية بحقهم وكارثة تخريب بيئية. وكلتا الكارثتان ستنطلق بتأثيراتهما إقليميا وعالميا بطريقة أخطر من تلك التي يغمض (البعض) أعينهم عنها..

وهذا إذا ما تركنا مسائل نزوح من الريف إلى المدينة وأعبائه الديموغرافية ومتطلباته ومشكلاته وإذا ما تركنا مشكلات الأوبئة واستيلاد جراثيم وفيروسات جديدة وانتقالها المؤكد في المحيط وإذا ما تركنا موجة أخرى من النزوح إلى دول الجوار بمعضلاته الجديدة..

 

وفي ضوء تشخيصنا هذا لحجم الكارثة فإن كل منصف يدافع عن حقوق الإنسان في الحياة الكريمة، يطالب منعا لضحايا أكبر لهذه الكارثة بالآتي:

 

1.  إعلان منطقة البصرة والمحافظات المجاورة منطقة منكوبة.

2.  وبإيصال مياه الشرب والاستخدام الآدمي بكميات كافية فورا.

3.  وأن تتخذ الحكومة العراقية والجهات الأممية الإجراءات العاجلة الكفيلة بتلبية المطالب الإنسانية الفورية..

4.  أن تتجه الحكومة العراقية بوفود فنية متخصصة بجميع المجالات التي تشملها الأزمة لفتح حوارات عاجلة وأخرى استراتيجية مع الدول المعنية ومع مجلس الأمن الدولي بمشروع واضح المطالب العاجلة والآجلة..

5.  ونحن هنا نتجه بمطلبنا المباشر العاجل هذا إلى معالي الأمين العام للأمم المتحدة للنهوض بمسؤولياته القانونية والإنسانية بدعوة مجلس الأمن الدولي للانعقاد والتدخل العاجل بخصوص معالجة الوضع الكارثي في منطقة منكوبة تتعرض لاحتمالات الإبادة الجماعية في حرب المياه الناجمة عن ضغوط اختلال التوازن الاستراتيجي في المنطقة.. وإجرائيا الجارية عبر تغيير مصبات الأنهر وحجب الكميات الطبيعية ونسب الحصص للدول المتشاطئة والمشتركة في مسارات الأنهر فضلا عن القصور المأساوي في تلبية المطالب العاجلة من جهة وفي تعريض السكان للأوبئة الفتاكة من جهة أخرى كما أسلفنا التوضيح وفي ضوء التقارير الواردة ميدانيا...

6.  نطالب بأن تجري المشروعات الخاصة ببناء السدود والزراعة والرّي في تلك الدول المجاورة للعراق على وفق الاتفاقات والقوانين الدولية المخصوصة سواء منها المبرمة ثنائيا أم المقرة في المواثيق الدولية...

7.  نطالب بإطلاق فوري للمياه من الأنهر المحولة عن مساراتها الطبيعية.

8.   نطالب بتشكيل لجان تحقيق فنية متخصصة (محلية عراقية وأخرى دولية) تتعلق بالآثار البيئية والاجتماعية والإنسانية الصحية الحياتية بمختلف مظاهرها ونتائجها الكارثية وهنا نحيل مطلبنا بخاصة لمعالي الأمين العام لتوجيه عاجل بلجنة أممية متخصصة مباشرة أو عبر ممثلية الأمم المتحدة في العراق...

9.  نطالب الحكومة العراقية بتقديم الإحصاءات الرسمية لنتائج حرب المياه على الأرض وعرضها على الشعب العراقي والعالم  والتوقف عن التعاطي مع الكارثة من منطلقات العلاقات الحزبية واللعبة السياسية...

 

 

إننا في وقت نعلن وقوفنا مع أهلنا في محنتهم بين الحياة والموت نؤكد حرصنا على التعاطي مع المعضلة المأساوية بموضوعية وبعيدا عن أية حسابات سياسية وأننا سنتابع الأمر هذا على وفق ما يلبي مصالح أهلنا وكل شعوب المنطقة ويحميها وبيئتها من أية نوازل أو هزات.. ونحن نضع جميع الأطراف أمام مسؤولياتها التاريخية الفورية العاجلة واثقين من التعاطي النبيل والمسؤول مع هذي المطالب الإنسانية... ونعد بتحويل هذا النداء إلى حملة واسعة توكيدا لحجم الكارثة وما ينبغي النهوض به من جهد مركب لإيجاد الحل الفوري والعاجل لها وهو أقصى ما نبتغيه...

 

 

بعض معلومات من مختلف وكالات الأنباء والصحف والمؤسسات الرسمية والمدنية:

 

 

·          وكالات\طريق الشعب: حذر اعلاميون وسياسيون من حدوث اضطرابات وتظاهرات عفوية في مدينة البصرة على خلفية مشكلة ملوحة المياه واستمرار انقطاع مياه الشرب والسقي. 

·          طالب المجلس السياسي للمدينة باعلان البصرة مدينة منكوبة،

·          قالت مصادر ان دول الجوار تتخذ اجراءات حدودية لمواجهة احتمالات نزوح سكاني واسع من المدينة. وقالت (الملف برس ) أن النزوح الداخلي يشير إلى " مغادرة سكان الفاو، وانتقالهم لقضاء أبي الخصيب عن طريق التنقل بالـ (اللنشات) عن طريق شط العرب، لان السلطات المحلية والعسكرية، تمنعهم من التنقل برا لأسباب (سياسية) من دون الأخذ بنظر الأعتبار حال المدينة التي يجب عدها مدينة منكوبة"

* قال مراسل إذاعة المانية من داخل مدينة البصرة في تقرير نشر في موقع الاذاعة "اشخاص كثيرون في الادارة والمنظمات الانسانية حذروا من ان المدينة مقبلة على كارثة انسانية  يصعب تقدير نتائجها بعد ان امعنت ايران في اجراءاتها تجفيف الانهر التي تزود المدينة بالمياه".

·          أن "مشكلة شحة المياه وملوحتها إذا استمرت، ستنتج كثيرا من الأمراض والأوبئة، وسيكون تأثيرها اشد من الأعمال الإرهابية".

·          دخلت بعض مناطق البصرة وخصوصا قضاء الفاو والمناطق الجنوبية من المحافظة مرحلة الخطر، بعد أن غادرته أكثر من 110 عائلة مؤخرا بحسب إحصائية دولية مع التوقع بهجرة الكثير منها قريبا، بسبب أزمة الماء المالح.

·          وقالت الملف برس بأن الفلاحين تركوا بيوتهم بعد هلاك أشجار (الحناء) والمحاصيل الأخرى في بساتينهم، كما يستغيث مربو الأسماك في الفاو والسيبة المجاورة من هلاك مئات الآلاف من أسماك (الكارب) في المزارع الخاصة بتربية الأسماك هناك، وإن الهلاك شمل المجهريات والطفيليات الغذائية التي تتغذى عليها الأسماك هذه. في حين إن السلطات المحلية تتجاهل كل مايحدث فيها، وتكتفي  بالوعود التي ليس لها أية صحة على ارض الواقع في حين انها تعرف المسبب لهذه الكارثة، وتشير التقارير الرسمية إلى أن نسبة الملوحة في مياه شط العرب عند نقطة السيبة (50 كلم جنوب البصرة) تجاوزت 28 ألف جزء من المليون،وتتجاوز الرقم هذا عند نقطة الفاو ،فيما يجب أن يكون المعدل المفترض والمسموح به هو أقل من 500 جزء من المليون، إذ إن المعدلات في مياه البحر تتراوح بين أل 38-48 .

 

 

·          وحسب الملف برس تقول مصادر المنظمات التابعة للأمم المتحدة العاملة في الجنوب (الهجرة، والتوطين والصليب الأحمر ومنظمة إدارة مشاريع الإغاثة وغيرها ) أنها التقت أعضاء من مجلس المحافظة، وهي تنتظر تقديم طلبات رسمية من الحكومة المحلية للتدخل،لأن القضية أصبحت تهدد بوقوع كارثة إنسانية،فيما تؤكد مصادر أخرى من داخل مبنى الحكومة المحلية إلى أنها (الحكومة) غير قادرة على عمل شيء،

 

 

·          ويؤكد عدد من أهالي الفاو والسيبة إن السلطات المحلية منعتهم من إقامة تظاهرة أمام مقر السلطة المحلية في البصرة احتجاجا على الوضع المأساوي الذي يعيشون به وخصوصا مع تذمرهم من كل الوعود الحكومية بل إن بعضهم يتهم السلطات المحلية بأنها تريد معاقبتهم لأسباب مجهولة.

·          وأوردت شبكة النبأ: تحذيرات من كارثة بسبب الانخفاض الحاد في مياه الفرات وحذر مسؤول عراقي رفيع المستوى من «كارثة» اقتصادية وبيئية وشيكة في حال استمرار معدلات الانخفاض الحاد في تدفق مياه نهر الفرات الذي تسيطر تركيا على مقدراته ويعبر سورية قبل وصوله الى هذا البلد.

·          ويقول مدير عام المركز الوطني لادارة الموارد المائية عون ذياب عبدالله ان «معدل تدفق مياه الفرات عند الحدود العراقية - السورية قبل اعوام عدة كان 950 مترا مكعبا في الثانية، فيما يبلغ حاليا 230 فقط»، اي ان نسبة الانخفاض تبلغ حوالي 75 في المئة.

·          ويؤكد ان «مشكلة الفرات سببها تشييد عدد كبير من السدود في تركيا حيث هناك خمسة، بينها سد اتاتورك العظيم. اما في سورية فهناك سدان على المجرى الرئيسي للنهر».

·          واقامت ايران سدودا على روافدها فيما يتهمها مسؤولون عراقيون بتحويل مسار بعض هذه الروافد الى الداخل الايراني بدلا من العراق. ويشير المسؤول الى تدني مستوى تدفق المياه من ايران اثر تغيير مجرى نهر الكارون الذي يصب في شط العرب ونهر الكرخ الذي يغذي هور الحويزة، الواقع بين ايران ومحافظتي ميسان والبصرة في العراق. كما شيدت ايران سدودا على روافد دجلة ما ادى الى انخفاض منسوب المياه في مجرى نهر الزاب الاعلى، القادم من ايران.

·          وفيما يتعلق بدجلة، يشير الى ان «معدل مياهه يبلغ حاليا 55 في المئة من المعدل العام (...) وقد تكون هناك شحة اذا انجزت تركيا سد «اليسو» المتوقع اكماله عام 2012 بطاقة استيعابية حجمها 11 بليون متر مكعب».

·          و اكدت وزارة البلديات والاشغال قبل فترة «انقطاع كامل للمياه الواردة من نهر الكارون القادم من ايران ما ادى الى عدم صلاحية مياه الشرب في منطقه الفاو وتسبب بتلوث وملوحة عالية في المياه الخام».

·          تلوث وملوحة عالية في شط العرب نتجية قطع مياه الانهار القادمة من ايران      وحذرت وزارة البلديات والأشغال العامة العراقية الاحد من ظهور "تلوث ونسبة املاح عالية" في شط العرب نتيجة قطع ايران مياه الانهر والجداول القادمة من اراضيها.