الواجب الوطني في الدفاع عن حقوق المجموعات القومية والدينية واحترام الآخر وتطبيق مبدأ المساواة والإخاء

الأستاذ الدكتور تيسير عبدالجبار الآلوسي

رئيس جامعة ابن رشد في هولندا

رئيس البرلمان الثقافي العراقي في المهجر

tayseer54@hotmail.com

 

مذ تأسيس أول دولة في التاريخ البشري، وتحديدا في دولة المدينة في الحضارة السومرية ثم فيما تأسس من وجود حضاري ودول ما بين النهرين حيث مشاركة تامة بين شعوب أبناء هذه الدولة العتيدة التي قدمت للعالم أولى أسس التنظيم وقوانين الحكم وسجلات حقوق الإنسان ومنها حقوق المجموعات البشرية المتنوعة الألسن والهويات الإنسانية..

وبقي العراق وريث هذه الدولة ومجد حضارتها يحتضن الأطياف القومية والدينية وتعدد المعتقدات والمذاهب والاجتهادات، محافظا على سجل التفاعل الإيجابي البناء القائم على الطيبة والتسامح والتعايش السلمي وعلى احترام الأنا والآخر وتبادل العلائق الإنسانية من منطلق المساواة والعدل والإنصاف ومن منطلق ممارسة كل ما يؤكد عمق الإخاء بين جميع الانتماءات الدينية وأشكال التعددية في إطار الوطن الواحد...

لقد مورست علاقات الجيرة والجلوس على سفرة واحدة ومائدة واحدة وطبق طعام واحد وتبودلت كل أشكال العلاقات الإنسانية في الأفراح والأتراح واشترك العراقيون من منابتهم المتعددة في السكن الواحد وفي المشروعات التي جمعتهم سويا وانتسبوا لذات الأحزاب الوطنية والجمعيات الوطنية والمنظمات الوطنية والمدرسة ذاتها والجامعة نفسها والدائرة الحكومية والخاصة الواحدة..

كما تعانقت تضحيات وطنية من ألوان الطيف القومي والديني والمذهبي من دون التفكير بمثل هذي التقسيمات والتوقف عندها بوصفها شكلا معيقا أو مطلوبا التفكير به لأي سبب سلبي.. وكان العراقي في أي مجال يوجد فيه يدخل مباشرة في الإشكالية أو الموضوع أو النشاط ومفردات عمله وآليات تفعيله من دون أي توقف عند موضوع الانتماء القومي الديني المذهبي...

إذن كان الجوهر الإنساني البحت والوجود الوطني هو ديدن العراقي في علاقاته بأخيه العراقي.. وما كان يوما يفكر بإشكالية اسمها العلاقة بين مسلم ومسيحي وأيزيدي ومندائي ويهودي بطريقة تثير العراقيل أو العقبات أو المشكلات من أي مستوى أو نمط..

ومن ينظر إلى خريطة السكن وجغرافيا العيش كما سجل ذلك التاريخ وكما هو في عيشنا المعاصر والحديث سيجد بوضوح مثل هذا التشابك والتداخل في النسيج الوطني للعراقيين والجوهر الإنساني الذي يرفض وضع عقبة اسمها التعددية الدينية المذهبية..

وهكذا صوّت العراقيون على دساتيرهم وقوانينهم الناظمة لحيواتهم على أساس التوكيد على مبدأ المساواة والعدل والإخاء.. ومن هنا صرنا أمام مسؤولية الدفاع عن تراثنا ومبادئ عيشنا التي اخترناها على أساس لا الإقرار بالمبدأ فقط وإنما على أساس العيش على وفقه وفي ضوء مضامينه السامية النبيلة...

وفي ظرف العراق الجديد، تصاعد لأسباب باتت معروفة نهج التمييز العرقي القومي الديني المذهبي الطائفي؛ ما دعا العراقيين ويدعوهم للانتباه إلى تداعيات مثل هذه السياسية وفلسفتها العنصرية الشوفينية وما ستؤديه من نتائج كارثية لا على صعيد الانقسام واختلاق أو افتعال العقبات والعراقيل بل على صعيد إيجاد فرص الطمأنينة والعيش الآمن للجميع..

من هنا كان لابد من الوقوف بوضوح وبصوت عال ضد أية محاولات تنال من قيم الدستور والقوانين التي اتفق العراقيون على تطمينها لحقوقهم العادلة في المساواة والتكافؤ والعدل في فرص العيش وفي العلائق السليمة بينهم..

وصار لزاما التوكيد على وطنية العلائق وعلى الجوهر الإنساني الواحد الذي لا يعيق حق عراقي عن أداء مهمة أو وظيفة أو واجب أو تسنم مسؤولية وطنية عامة أيا كان انتماؤه القومي أو الديني حيث المساواة أساس المبادئ والقيم في الشأن العام...

ومن هنا ننتظر تحويل كل حدث يتجاوز على مبدأ المساواة إلى قضية رأي عام.. كونها تمس الإجماع الوطني وتتعارض مع الوجود المشترك الآمن.. وقد حدث في الآونة الأخيرة أن علت أبواق نشاز في الحياة العامة مستغلة (بعض) المنابر الدينية عن جهل وتخلف وعن مقاصد سياسية مريضة وهي لا تمتّ إلى الدين الحق بصلة؛ كما هو الحال مع تعالي صراخ (متشددين) في أحزاب الإسلام السياسي مستغلين الجوامع وخطب الجمعة ليفتعلوا أزمات ضد تسنم عراقيين من ديانات غير دينهم للمسؤولية العامة..

وتحديدا في كوردستان العراق  جرى بمدينة حلبجة التحريض ضد القائم مقام الجديد المعين في ضوء خبراته وشهاداته وكفاءته ونزاهته من قبل حكومة الإقليم.. وإذا ما تركنا مثل هذا التحريض يمر فإنه يمكن أن يتكرر في مواضع أخرى من بلادنا كما سيفضي هذا إلى ترك الإقليم لممارسات التشدد الإسلاموي المعادي بجوهره لمبادئ الدستور وحقوق الإنسان والمعادي للوسطية والاعتدال ولجوهر العلاقات السليمة بين أبناء الديانات كافة على أساس إنساني الجوهر..

إن الحملة المعلنة اليوم لا ينبغي أن تبقى محدودة لا بأبناء المدينة ولا بأصدقائهم بل ينبغي أن تمتد إلى أرجاء الوطن وجميع العراقيين من مختلف الأعراق والقوميات والديانات والمذاهب كيما يثبتوا أن عمق الوحدة الوطنية ما زال حيا  وما زال قادرا على التصدي لهذه الخروقات السياسية للمتشددين ومنعهم من فرض قيمهم المرضية على مجتمعنا..

إنّ مثل هذه الأنشطة هي بالونات اختبار وتحديات ستتفاقم وتودي بالاستقرار ليس في إقليم كوردستان حسب بل في البلاد وبالمنطقة.. ومن هنا وجب التصدي الحازم لأي ظهور هنا أو هناك لمثل هذه الجرائم بحق الإنسانية والدستور وحقوق المواطنين وإنصافهم..

وإذا ما كان حجم التصدي نوعيا ومميزا وكبيرا فإن ذلكم سيكون إشارة جدية مسؤولة من المجتمع ليقول للمتشددين كفى ولا مجال لوجود أنشطة التخريب في النسيج الاجتماعي ولا مجال لفرض مبادئكم التكفيرية التحريمية وأفعالكم الضلالية المعادية للوجود الوطني الإنساني وقيمهما..

وإنني هنا أذكِّر بأن مشاهد التشدد التقسيمية المرضية صارت مشهدا يتسع ويتكرر في أرجاء الوطن الواحد فبتنا نسمع عن منع (طبيب متشدد) مريض الفكر والفؤاد، لمسلم من أن يتبرع بدمه أو عضو سليم لأخيه المسيحي أو الأيزيدي وصرنا نسمع ونرى حالات حظر السكن في حي أو مدينة لمسيحيين أو صابئة مندائيين فأما أن يُسْلموا أو يرحلوا أو تتم تصفيتهم الدموية البشعة! وأصبحنا على مشاهد همجية ليس لها لا أول ولا آخر..

لن يوقف هذا مطالبة حقوقي أو منظمة عظيمة الأهداف ولا العنف وصراعاته ولكن من يوقفه هو الصوت الشعبي الأوسع والأكبر والأكثر وحدة وإصرارا على التصدي..

إن ممارستنا ثقافة التسامح والتعايش السلمي كما كان تاريخنا الممتد آلاف السنوات الشداد وما اكتنفها من انكسارات عنفية للدولة العراقية وحضارة وادي الرافدين، إن ذلكم هو انتصار ثقافتنا الإنسانية الجوهر والمقاصد والمبادئ كما حصل دوما وعاد مجتمعنا الموحد بنسيجه التعددي وأطيافه وألوانه وتنوعه..

اليوم سيداتي سادتي، أنتظر منكم أن تؤكدوا هذا الموقف التاريخي المنتظر وتكون تحدياتنا في المواقف المنتشرة هنا وهناك ذات موقف عميق مميز كبير بمستوى المؤمل منّا جميعا وليس صعبا توسيع حملتنا من أجل أن تمضي سفينتنا بسلام وترسو في موانئ الوطن بأمان وأول المطالبين بموقف التوكيد هذا هم العراقيين من المسلمين والعرب بوصف التهمة تتجه لتصم جباههم بالتشدد ضد الآخر المنسي الذي يُضام يوميا من (متشددين) يدعون زورا وبهتانا تمثيلهم للمسلمين ولدينهم ومبادئه الحنيفة السمحاء وما هم كذلك..

فالثقافة أيها العراقيون النجباء، هي محصلة ممارساتنا وهي نتاج إيجابيتنا أي مشاركتنا الآخر همومه ومشكلاته وأفراحه وأتراحه.. فهلا وضعنا أسماءنا هنا حيث يُنتظر أن نؤكد فلسفة التسامح وثقافة التعايش السلمي بيننا نحن العراقيين من دون تمييز قومي أو ديني أو مذهبي أو غيره.. هلا وضعنا توقيعنا وإمضاءنا حيث يُنتظر منا أن نؤكد رفضنا لأفراد من المهووسين المتشددين  المرضى من جهلة الفكر والدين ممن يريدون أن يفرضوا علينا فتاوى ما أنزل الله بها من سلطان؟!

هلا وقفنا وقفتنا الوطنية التي تعلن بوضوح أننا عراقيون أولا وآخرا وأننا متساوون ولسنا بحاجة لجهلة يسوسون قيادنا كما هؤلاء المرضى الذين ما أن تجلببوا واعتمروا الأعمة حتى تخيلوا أنهم صاروا مراجع بديلة عن الأسوياء من المراجع الوطنية والدينية والفكرية!

تفضلوا لمناصرة كل ما هو إنساني سليم ولكل ماهو وطني سليم ولكل ما ينتمي للمنطق العقلي التنويري ولكل ما يؤكد سلامة إيماننا بمبادئ العدل والتسامح والسلام ولكل ما يؤدي بنا لتوكيد إخائنا ووحدتنا..

وبين أيديكم نموذج من حملاتنا وما يحدث اليوم من وقائع.. ضعوا لا توقيعاتكم وإمضاءاتكم حسب بل تعليقاتكم التي تنبع من فلسفة الوسطية والاعتدال وإلإيمان بوحدتنا الوطنية الإنسانية في إطار احترام تام لتعدديتنا وتنوع أطيافنا.. وتلكم هي حكمة حملة يُنتظر ألا تكون باسم واقعة لمواطن عراقي  كاكائي حسب بل هي لمبدأ المساواة بين مواطني العراق كافة نؤكد تسامينا به وإيماننا به بلا منازع ولا تردد..

 

حملة تضامن من أجل تطبيق المساواة والعدل في تسنم أبناء المجموعات القومية والدينية المناصب الحكومية

تضامنوا مع تسلم المحامي السيد كوران أدهم مسؤولية قائم مقام حلبجة

في موقف حكومي سليم، قررت حكومة إقليم كوردستان تعيين المحامي كوران أدهم بمسؤولية قائم مقام مدينة حلبجة.. وذلك بعد هروب القائمقام السابق عقب اختلاسه مبالغ مالية من المشاريع التي كانت قيد التنفيذ في المدينة. وبعد مطالبة عدد من ذوي الشهداء وأبناء المدينة بتعيين المحامي السيد كوران أدهم بديلا رسميا جديدا، بالاستناد إلى تاريخ هذه الشخصية النزيهة الكفوءة، وكونه أحد المحامين الذين حضروا محاكمات قضية الأنفال وقضية التطهير العرقي ضد الكورد وكونه رئيس هيأة المحامين في قضية قصف حلبجة بالأسلحة الكيمياوية وقضية كانى عاشقان التي راح ضحيتها عدد كبير من أهالي حلبجة.. بعد تلك المطالبة العادلة السديدة، قامت حكومة الإقليم بتبليغه بقرار تعيينه قائم مقام حلبجة على وفق القانون وبناء على ما كفله الدستور من مساواة وعدالة في تسنم المناصب الحكومية من قبل جميع المواطنين بغض النظر عن انتماءاتهم القومية والدينية...

 إلا أنه بمجرد وصول خبر هذا التعيين الإداري السليم، اندفع (بعض) المفسدين الذين لم يجدوا شيئا ضد المحامي نزيه السيرة نظيف اليد والناشط في مكافحة الفساد وإحالة عدد من المفسدين ومن أزلام النظام السابق إلى القضاء، اندفعوا لتحريض ثلاثة ممن يسمون بـ(الملالي) ليستغلوا المنابر الدينية في الجوامع المساجد وغيرها محاولين إثارة نعرات الفرقة والشقاق بين أبناء المدينة بذريعة أن هذا المحامي من الديانة ((الكاكائية)) ولا يجوز تعيينه قائمقاما على المسلمين كما حدث في خطب الجمعة 25/12/2009 وأنشطة تحريضية أخرى..

إن هذا النشاط التحريضي ينافي أبسط حقوق الإنسان والمواطنة ويتعارض وما يكفله الدستور في حق تسنم جميع المناصب الحكومية الرسمية بلا تمييز عرقي أو ديني.. وفي ضوء ذلك، نطالب الأصوات الحرة النزيهة لتوقيع هذه المذكرة التي تؤكد حقوق جميع المكونات القومية والدينية في العمل بدوائر الدولة وتسنم المناصب والمسؤوليات في ضوء الكفاءة والنزاهة ولتكن مساندتنا للمحامي كوران أدهم مفردة في التصدي لحملات التحريض المثيرة لنعرات التمييز الديني والاحتراب بين أبناء الوطن الواحد لذرائع دينية طائفية فيما أهدافها تبقى في حقيقتها محاولة لإبعاد الشخصيات النزيهة الكفوءة عن تسلم المسؤوليات وهو ما سيفضي لمزيد من أعمال الفساد والمفسدين. ولنواصل العمل من أجل وقف حملات التحريض المرضية كافة ومتابعة القائمين بها قانونيا واجتماعيا سياسيا بوصفهم يمارسون أنشطة تتقاطع والدستور وحقوق الإنسان والمساواة بين المواطنين وفضلا عن ذلك فإن تلك الحملات لن تؤدي إلا إلى الاحتراب وزعزعة الاستقرار والسلم الأهليين وضرب العلائق المتينة بين نسيج المجتمع الواحد... وممباركة جهود التصدي لهذي الجريمة والارتقاء بوعي التعايش المشترك بين أبناء مجتمعنا ذي الطابع التعددي المتنوع...


أ.د. تيسير عبدالجبار الآلوسي البرلمان الثقافي العراقي في المهجرجامعة ابن رشد في هولندارابطة الكتاب والفنانين الديموقراطيين العراقيين في هولندا

أ. علي محمود سياسي

أ. دلشاد خضر

لتوقيع الحملة يرجى التفضل بالدخول في هذا الرابط:

http://www.ahewar.org/camp/i.asp?id=190