الخطأ في العلاقات الإنسانية بين صواب المعالجة وبعض الأحكام المتشنجة

نموذج الاستعداء بالتهجم على دول الجوار وشعوبها

تيسير عبدالجبار الآلوسي

tayseer54@hotmail.com

 

أن تتهم إنسانا بما ليس فيه يخلق كثيرا من المشكلات ويراكم كثيرا من التعقيدات وقبل ذلك يُوجِد كثيرا من الاعتراضات منها ما يطغى على صواب بعض الأسس التي انطلق منها التحليل أو الاستنتاج والحكم وربما يغطيها ويطويها بعيدا.. فكثير من الآباء وكثير من الناس (قد) يتعجلون في أحكامهم أو يقسون فيها وقد يتعاملون في معالجة خطأ ومخطئ بطريقة لا تفرّق بين حجم خطأ وآخر فتتساوى الردود والتفاعلات مع تلك الوقائع.. والأمر عند متابعة حال التصدي لتحليل واقعة اجتماعية أو سياسية مما يدخل في الشأن العام أو يدخل في محددات العلاقات الاجتماعية بين الفرد ومحيطه وبين فئة وأخرى وبين مجتمع وآخر أو دولة وأخرى، قد يعاني من ذات السلوك أو التفاعل فتحتدم بعض المعالجات وتصبح مجرد ردود أفعال سلبية متسرعة أو متشنجة متطرفة!

والأخطاء في الحياة الإنسانية تصغر أو تكبر بشكل نسبي فلا وجود هنا للمطلقات؛ وهذا الحدّ النسبي المتنوع المختلف في وقائعه وأحداثه يتحدد في ضوء ظروف تقويم الواقعة أو الفعل (الخطأ) أو (الصواب)..     وعلى سبيل المثال يجري بين مَن يرتبطون بعلاقات أخوية أو قرابية أو صداقية معالجة خطأ أحد  طرفي العلاقة من منطلق ودّي [لا عدائي]  يصحح ويقوّم الخطأ بطرائق الإرشاد والنصيحة والتعريف بمواضع الخطأ وحتى عندما ينتقل أسلوب معالجة الخطأ إلى مستوى العقوبات فإنه لا يدخل بمستوى ممارسة القطيعة والإلغاء  أو إلى حد ((الشطب على وجود ابن أو بنت أو أخ أو أخت أو قريب أو صديق)) كالطرد من بيت العائلة و\أو التخلص من المخطئ (بقتله مثلا!) لأن العلاج بوسيلة كهذه العقوبات يمكن أن يحصل [وقد وقع فعليا] ولكن بأحداث فردية ومع ذلك فقد ظل استخدام هكذا [عقوبات] في التفاعل مع خطأ الآخر، علامة مأساوية مستنكرة و مدانة.. إذ لم يقبل المجتمع الإنساني وقيمه السلوكية الأخلاقية بمثل هذه المعالجات الحدية المتطرفة. ودوما كانت التجاريب الإنسانية تميل للتوعية بوساطة الخبرات والحِكَم ومحصلة التجاريب وبوساطة علمَي النفس والاجتماع والتعريف بوسائل إيجابيةِ الممارسة في التعاطي مع الخطأ والمخطئ وفي معالجة ما ينجم عنه؛ وبات محظورا اللجوء إلى مراحل المعالجة الأخيرة بالــكيّ والقطع والاتلاف والإقصاء وما شابه.. وبات واضحا أنَّ مَن يتجه إلى مثل هذه الحلول يوصف بالجهالة أو بالعدائية والتوحش ما يتطلب التعليم والتثقيف ومحو أميته في مجالات المنطق العقلي وحركته وأدواره..

وفي الشأن العام بات التحليل السياسي أو الاجتماعي يستند إلى علوم ومعارف وسلوكيات وقيم تحميها قوانين مُلزِمة في الحياة العامة لمجتمع أو في العلاقات الدولية البينية إقليميا أو عالميا.

فمثلا عندما تريد تحليل أخطاء في السياسات الرسمية لدول المنطقة عربية أو غيرها و (تعمم) في تحليلاتك فتلجأ في تقويم الخطأ في ممارسة أو إجراء أو قرار إلى التعميم وتتحول منه إلى الــ(المطلقات) ومن ثمَّ إلى أن تلغي الآخر تضع نفسك في موضع الخطأ الأكبر إذ لا يوجد مطلقات ولا يحق لامرئ تضخيم خطأ الآخر إلى الدرجة التي يلغي بها هذا الآخر ولو في ذهن من يرتكب خطيئة الإلغاء والتجاوز على منطق معالجة العلاقات..

وفي ظروف الأزمة والتعقيدات التي نحياها في العراق اليوم، شاع عند (بعض الكتّاب) العراقيين من صحفيين وإعلاميين وسياسيين جدد [وربما بعض مخضرمين] أسلوب الرد المتشنج والمتطرف على مجريات وقائع في كنف العلاقات العراقية بمحيطه الإقليمي دولا وشعوبا.. فهناك بعض مَن يهاجم بشراسة (إيران) ويحسب أنّ العداء مع إيران من العمق ما يمثل صراع وجود! وبالمقابل هناك مَن يهاجم بشراسة (الدول العربية وشعوبها) ويحسب أن العداء مستحكم مستغلق مع من يسميهم سخريةَ َ (العربان أو الأعراب)!

وفي الحقيقة فإنه بهذا لا يكون قد أنجز التحليل الموضوعي لمجريات الأمور ولا تبيّن أسبابها الحقيقية ولا وصل إلى حل رصين لأيّ من جملة المشكلات السائدة...فضلا عن كون ممارسته تلك تتعارض تماما مع مبدأ العلاقات التاريخية الثابتة والعميقة بين الشعوب كما تتعارض مع مبدأ حسن الجوار والتعايش السلمي بين الدول مثلما تتعارض مع مبادئ تبادل المصالح المشتركة من منطلق المساواة وعدم التدخل.. وفوق ذلك وقبله تمثل تلك الممارسة معالجة سلبية تستمر في الإخلال بالاستقرار وحكمة مجابهة الأخطاء وإدارة دفة المسيرة بنائيا...

 

ومن المفيد أن نشير بتوكيد إلى ثبات [واستراتيجية] العلاقات الإنسانية بين شعوب المنطقة ومكونات مجتمعاتها القومية والدينية، إلى الحد الذي يسمح لنا بالإشارة الملموسة إلى التداخل بين هذه الشعوب في العلاقات الاجتماعية الإنسانية ما انعكس وينعكس في أشكال من المظاهر والأداءات من مثل تداخل الأصول في العوائل والأسر والقبائل وفي اللغات وتبادلها التأثير وفي الأساليب اللهجية وفي القيم الأخلاقية وعدد من الطقوس والممارسات العامة وفي قواسم مشتركة متنوعة وغنية تجمع بينهم...

وهكذا فإن أية أفكار تحاول شرذمة المجتمعات وتشطيرها على أسس من الصراعات المفتعلة بمظاهرها  المرضية مثل التقسيم على أسس (الطائفية السياسية) ومثل التقسيم على أسس (الديانة) أو على أسس العرق أو القومية، تبقى كل هذه التقسيمات [بخاصة عندما تصاغ تناقضيا] ناجمة  عن خطيئة في التحليل وخطيئة في الاستنتاج وهي ناجمة  بالتأكيد عما نوجزه هنا في النقاط الأساس الآتية:

1.  خطأ في فهم الصراعات المحتدمة وتفسيرها بكونها ناجمة عن التعددية والتنوع القومي أو الديني أو المذهبي.. وبناء على هذا الفهم القاصر يتم الاستنتاج بوجوب الفصل بين من يؤمن أو ينتمي لهذه القومية أو تلك ولهذا المذهب الديني أو ذاك محولين الأمور إلى طواثف منغلقة متناقضة المصالح والوجود ومن ثمّ محتربة متقاتلة على وفق أوهام مرضية أو افتعالات متعمدة! وسنعود لقراءة هذا الخطل في الاستقراء والاستنتاج*.

2. خطأ في قراءة أهداف أحزاب الطائفية السياسية ووسائلها بوصفها الجهة التي تتحكم بالوضع العام القائم.. ما يدفع للتعاطي معها بوصفها حامية للقانون والجماعة البشرية (الطائفة) وما يدفع لشرعنتها والتبرير لها ولمجريات الوقائع التي تفتعلها في الصراعات الميدانية وهو أمر يخالف الحقيقة...*(حال الاضطرار والحاجة لحماية عندما تفتقد الحماية السليمة الأصل)

3.  خطأ في قراءة مرجعيات القوى والأصابع اللاعبة ميدانيا بالاعتقاد بأن وجود مجرم عربي أو تركي أو إيراني يسمح بالقول إن شعب هذا المجرم أو أمته أو من ينتمي إليهم هم كلهم أعداء شعبنا وجب إعلان القطيعة والحرب عليهم..!!*(صيغة التهجم والتطاول على الآخر بأشكال منها السخرية ومنها التكفير السياسي والتعامل الاستعلائي وما شابه)

 

وإذا كان الإنصاف والعدل يدعونا للقول إنه ليس مِنَّة على أحد أن نعترف له بحقه  في التعبير عن آرائه وتطلعاته وخياراته في الحياة وأن يمارس التحليل والاستقراء والاستنتاج والتفاعل وإصدار الأحكام واختيار العلاقات، فإنه من العدل والإنصاف القول: إنه يجب في كل ذلك أن يعرف حدود حرياته التي تنتهي عند تخوم حريات الآخرين ما يُلزِمُه في أدائه بمجمله بمنطق العقل والموضوعية ومنطق الإيجاب في العلاقات وعدم ممارسة علاقة أو نشاط يمثل تجاوزا أو تعديا أو ما يكون على حساب طرف ما بطريقة عدوانية...

وبودي هنا تسجيل ما يقع به بعض الكتّاب عندما يتحدثون عن (الفرس) و\أو (المجوس) وعن (العربان) أو (الأعراب) في إشارة  سلبية المعاني والمقاصد باستخدام تلك الألفاظ في وسم مجموع الشعوب والنظم المعنية  .. بكل ما يتضمنه هذا الاستخدام  من روح عدائي وبما يتضمنه من وقوع في خطأ التجاوز.. إنّ تحويل مفردة الفرس المجوس إلى شتيمة هو عمل عدائي غير سليم بجوهره وتفاصيله وبديلنا ينبغي أن ينصب على التفكير بقبول علاقات ودية صحية سليمة وتعميدها بمنطلقات إيجابية وممارسات التفاعل الإنساني البناء القائم على المساواة والإخاء والعدل.. وبالمقابل ينبغي التفكر بهذا النهج من الاستعلاء والتهكم والتهجم على العرب  وغيرهم شعوبا ودولا..

وفيما لا يوجد من يقبل باعتداء عليه ينبغي أن يتذكر هذا في نهجه مع الآخر وألا يعتدي هو على الآخرين.. وفيما لا يوجد فرد منا ولا جماعة ولا شعبا و لا دولة يقبلون باعتداء عليهم، ينبغي لهؤلاء [الكتّاب والساسة] أن تكون سياساتهم فرصة لجذب الآخر لعلاقة الاحترام المتبادل القائم على مبدأ المساواة والإخاء وليس النقيض المرضي..

إن ضخ هذا الخطاب سيخلق أرضية عداء بين الشعوب والدول عبر الشحن بروحه وممارسة نهجه وهو أمر لا يستقيم ومنطق مصالح البشرية جمعاء.. لابد من البحث فيما كان إيجابيا في تاريخ العلاقات بين الشعوب وأن ننشط حركة البحث والتقصي في مختلف العلوم والمعارف ومسيرة العلاقات بين العراق وكل جار من جيرانه بالإيجاب..

وينبغي هنا أن نبحث في المسوح والاستقراءات التي تعمّد مستقبل العلاقة الودية. وببساطة؛ يقول المنطق: إن التعاون والتعاضد أدخل في البناء وتجاوز المصاعب ومحو الآلام، فيما العكس سيكون استهلاكا لطاقة الجميع وتضخيما لآلامهم ومعاناتهم وربما مآسيهم.. فمن يختار سبيل المعاناة له ولشعبه ولدولته؟!

 

إن في تاريخ كل شعب وأمة ونظمها ودولها التي قامت مآزق ومثالب تعود لزعامات وأنفار ممن دفعوا تلك الأمم والشعوب لأوضاع مشحونة بالعداء ومن ثم إلى الاحتراب والعلاقات العدائية.. وفي تاريخ كل  مجموعة بشرية أزمنة من تردي الأوضاع وتراجعها بسبب طبيعة النظم  والظروف العامة التي تحكمت بتلك الأزمنة والمراحل ولا يعيب تلك الأمم والشعوب أن تعالج الأمر وتراجعه بما يفيدها في تجاوز ما وقعت فيه من تراجيديا الاضطراب وخلل البنى الاقتصا اجتماعية في مرحلة أو أخرى..

ولابد أن درجات التطور والنمو ونضج النظم ومستويات العطاء والانعكاس في رخاء الأمم ورفاهها ظل عبر التاريخ البشري مختلفا بين مجموعة بشرية وأخرى.. ومن هنا لا يستقيم هذا الروح العدائي الاستعلائي في التعاطي مع الفرس وطبائع علاقاتهم معنا ولا في التعاطي مع العرب وكأنهم كانوا ويبقون دوما أبناء جاهلية العلوم والمعارف والتخلف والبداوة ومساوئ السلوك والقيم.. فهذا ليس صائبا ولا صادقا في قراءة التاريخ. وهذا الوصف لا ينطبق لا على العرب ولا على أي شعب أو أمة في أية مرحلة..   ومرة أخرى نؤكد أنَّ ذلك من البدهي ومن مسلـَّمات عدم وجود (المطلقات) ومنها مطلقات التوصيف الدوني السلبي لشعب من الشعوب كما يحلو لبعضهم وصف العرب مثلا..

وإلا، فكيف لكاتب يتحدث عن طبيعة مطلقة تؤشر جهل العرب وتخلفهم ووحشيتهم وهمجيتهم!!! وهو بالمناسبة يستشهد لإثبات توصيفه بشعر من روائع ما أنتجه الإبداع الإنساني بما يمتلكه من قوانينه البنائية الجمالية والمضمونية؟ وذات الكتّاب يتحدثون عن انحطاط القيم وتخلف (العرب) وجوديا إنسانيا ودونيتهم فيما يستشهد بحركة اجتماعية ومنطقها الفكري الفلسفي وأدائها الإيجابي كما في حركة الصعاليك على سبيل المثال لا الحصر؟ ويزعم أن الجهل والتخلف متوارث عند العرب ليس حتى اليوم بل باق إلى الأبد!!!؟؟

والعرب (أيها السادة) ليسوا المقصورين على السيف ولا على الفتوحات (العسكرية) بل هم بناة حضارة لازالت [ولا أقول ما زالت بقصد دلالي هنا] شواهدها قائمة حتى اليوم ليس في بلدانهم حسب بل وفي بلدان أخرى.. ومع ذلك فالعرب شعوبا ليسوا شوفينيين استعلائيين على أحد مثلما لا يقبلون باستعلائية آخر عليهم.. والشعوب العربية تمتلك حركاتها الاجتماعية النهضوية وحركاتها السياسية التنويرية التي تحمل مبادئ السلام والتقدم...

وشخصيا وأنا مجرد فرد بين ملايين غيري يحملون المبادئ الإنسانية السامية ويؤمنون بها في وحدة الشعوب وتضامنها وتطلعها إلى مصيرها الإنساني المشترك من أجل حل ما يجابه الجميع من معضلات ومشكلات ومصاعب.. ولكن ماذا سيقول العربي البسيط وأقلام هؤلاء الكتّاب تضغط على وعيهم  وتستعديهم بالشتيمة مرة وبالسخرية  مرة أخرى وبنظرات الاستعلاء والاستهجان  وبمسخ صورهم وتشويهها والتطاول عليهم شعوبا ومنظمات ومؤسسات ودول؟

أتصور أن مثل هكذا خطاب لا يستعدي فقط ولا يشيع الفرقة والتشنجات والتفاعلات السلبية بل مؤداه التحضير للاحتراب والاقتتال وهو أمر لا يضر في العرب وحدهم شعوبا ودولا بل في العراقيين بلا استثناء.. فهلا تذكرنا أن خطاب الاستعداء هذا سيف يضرب فينا مثلما يضرب في الآخرين.. ومعول يهدم في بلادنا مثلما يفعل في البلدان الأخرى؟؟

إنني أدعو إلى ارتقاء الوعي الوطني العراقي لدى أبناء الشعب [ولدى كتّابه ومثقفيه وقادته] إلى مستوى المسؤولية بما يقطع الطريق على اثنين يكتبان اليوم بهذا النهج:  الأول كاتب جاهل لا يدري نتائج فعلته ومثله من لم تخدمه وسائل تعبيره وأدوات صياغة خطابه والآخر كاتب قاصد متعمد يعرف ما يريد في تهجمه من إيقاع بين الشعوب والدول بما يخلق أرضية الحروب وفوضاها ومآسيها وهي غاية أعداء الإنسانية وأعداء الشعب العراقي وحركاته الاجتماعية المدنية والسياسية من قوى التقدم والسلام والديموقراطية.. وهذا الكاتب (السياسي) تحديدا هو من ينتمي إلى خانة الطائفية السياسية سواء منها من تلفع ببرقع الزعم بتمثيل الشيعة ومعاداة العرب أم من تلفع ببرقع تمثيل السنة ومعاداة الإيرانيين فالاثنان لا ينتميان إلى المذهب الديني لأنهما جدلا ليسا سوى خطابين سياسيين يدعيان ما يغطي جرائمهما بالإيقاع بين الأطراف كافة واستغلال ضجيج وعجيج المعارك والحروب؛ كما أننا نعرف أن بوضوح معنى خلط الأوراق بين وضع الشيعة في خانة الفرس ووضع السنة في خانة العرب ومقاصد هذا التقسيم غير الصحيح باختلاق تعارضات وتناقضات وهمية لا وجود لها بين الشعوب ولا تقضي بحتمية احتراب النظم وليس تعايشها سلميا كما هي الإمكانية الأنضج ...

 وما ينبغي لنا [من بديل] هو مزيد من الجهد في تنقية الأجواء بين المؤسسات وخطاباتها والمزيد من البحث في الأوجه المشرقة الإيجابية في تاريخ المسيرة على مستوى الوطن وعلى مستوى دول المنطقة وشعوبها.. فنحن ننتمي شئنا أم أبينا لوجودنا وهوياتنا في ظرفي الزمان والمكان (التاريخ والجغرافيا) فضلا عن القواسم المشتركة للانتماء من مختلف أسباب التنوع الإنساني الذي يسميه مصطلح علم الجمال (الوحدة في التنوع) والذي تسميه قيم التسامح والتفاعل البنَّاء لا الهدام (احترام الآخر) في مبدأي المساواة والإخاء..

وما علينا سوى العمل على إزالة خطابات التفريق والهدم والعدائية، خطابات الاستهجان وردود الفعل المتطرفة المتشنجة، خطابات إلغاء الآخر أو الاستعلاء عليه أو وضعه في خانة الدونية بما يدفع لاستيلاد لغة الاحتراب والتناقض المفتعل بين بني البشر أمما وشعوبا ونظما اجتماعية وسياسية في عصر بات يمضي إلى تحقيق مبادئ التعايش السلمي بين المختلفين فكرا وسياسة وتركيبات اقتصادية واجتماعية..

فهل مازال لمثل هذه الأصوات من إصرار على التعدي على الآخرين؟ و هل مازال لمثل هذه الأصوات من إصرار على محاولات اختلاق التناقض والاحتراب؟ أم أنّ تلك الأصوات ستأخذ العظة وتستفيد من التجربة و تلجأ إلى خطاب التهدئة وخلق أجواء التسامح التي تفسح المجال للتعبير عن إرادة الشعوب والنظم في التعايش بسلام بخلاف ما يتجه بنا إليه من سيصر على افتعال أجواء الضغينة والعدائية وما سيؤججه ذاك الإصرار المرضي من حروب عبثية مختلقة لا أساس لها في قيم الشعوب وأهدافها ومراميها...؟؟ وحتى على مستوى بعض المجموعات التي تستند للفكر المنحرف عن قيم الإنسانية ومعتقداتها وحتى على مستوى بعض النظم المنتفخة بمصالح معادية لمسيرة السلم والديموقراطية: هل سنوفر لهم الأجواء التي تغطي فلسفة الحرب والعدوانية الهمجية أم سنسحب البساط بتعميق خطاب السلم ووحدة الشعوب والأمم؟

ولا أظن بعد هذا التمهيد والكشف أن عاقلا حكيما  مسالما هنا سيختار طريق التشنج والاستعداء...