الطائفية السياسية في العراق الجديد
 
في العراق الديموقراطي الفديرالي الجديد:  تسمو ثقافة التعددية والتنوع والوحدة الوطنية


 

أ.د.  تيسير  عبدالجبار الآلوسي

رئيس جامعة ابن رشد في هولندا \ رئيس البرلمان الثقافي العراقي في المهجر

tayseer54@hotmail.com

info@somerian-slates.com


 

ومضات وإضاءات مفيدة:

تحية لإدارة هذه الأماسي الثقافية وتوجهها الوطني.

تحية للحضور الذي من دونه لا تكون من نتيجة للحوار المفتوح

تحية للرسمي وللشعبي في لقاء يغير من صورة العلائق السلبية بين مؤسسات الدولة والمجتمع ويغير من الأدوار ويدفع بها إلى أمام

تحية لتعميد الحوار الموضوعي الهادئ وخطاب التسامح وأن نقبل بالنقد مهما تعمق وبدا في إصابته جوهر ما نؤمن به فلربما الحقيقة لا تكمن بين أيدينا ولنبدأ حوارنا بموضوعية التعاطي لا شخصنة ولا فردنة ولا يحط من قيمة إنسان أنه يتبنى الرأي الآخر لأنه سيجد فيه الصواب بل يعلي من شانه أنه يحمل منطقا متفتحا ونحن العراقيين لطالما كنا اصحاب منطق عقلي

ولن ينفعنا مجاملات تبادل الكلمات الروتينية المعهودة فيما تختفي المصارحة والمكاشفة الجوهرية

 

الأحبة الأعزاء

بسؤال ما الثقافة؟ وبالإجابة عنه سيفضي الأمر إلى تسهيل مهمة فتح قنوات حوار حقيقية لا زيف فيها ولا تمظهر

 

فالثقافة هي:

1. المركب الذي يشمل المعرفة الإنسانية وتراكمها والقيم الأخلاقية والقوانين والأعراف والمعتقدات ومنتجات الآداب والفنون وجملة الإمكانات والعادات الموجهة لسلوك أبناء مجتمع بعينه.

2. والثقافة تمثل تاريخيا عامل التقاليد أو الإرث التراكمي والوليد الجديد الذي سيؤسس للتالي أيضا. وهي عملية تربوية نفسية من جهة اكتسابها وتعلمها وتناقلها وتفاعلها ما يمنحها قدرة التكيف والتبني العائدة لخصائص الإنسان الفرد والجماعة..

3. على أنه من المهم دوما مع حال الاعتراف بالتنوع والثراء في الثقافات أن نعود إلى القواسم المشتركة إنسانيا لطابع تطورها جذورا وولادة ومستقبلا وتطلعا بشريا موحدا.. فالثقافة توجه روحي للسيطرة على الطبيعي العشوائي وتدعيم القيمي الجمعي المشترك للوجود الإنساني حيث الأصل الاجتماعي لتلك القيم والأعراف والتقاليد المكوِّنة للثقافة...

على أنَّ هذا لا يعني لا الانفصال التعارضي بين الثقافات المتعددة ولا الاندماج بطريقة إلغاء شخصية الثقافات التعددية وتنوعها واستقلاليتها لكننا بعامة نجابه بثقافتين إحداهما الثقافة الإنسانية ثابتة التطور مفتوحته والأخرى هي الثقافة المغلقة الجامدة بمقابل الثقافة الحركية المفتوحة الي نتحدث عنها... وعلينا أن نتذكر هذا المدخل بقصد الإفادة من الحديث عن التنوع والتعددية من جهة وعن الوحدة في التنوع مصطلحا لا يلغي التعدد واستقلالية شخصيات أطراف هذا التعدد وحقهم في التعبير المشروط بمحددات موضوعية للمنطق العقلي وللوجود الإنساني وفرضياته...

من هنا سيكون لي تعريج هنا وآخر هناك بحسب الضرورة إلى معارف مساعدة لتوضيح الاصطلاح لربما سيساعدنا علم اللغة والمعاجم وعلم النفس والاجتماع وبالتأكيد علم السياسة وهكذا...

 

 

مدخل في جذور الطائفية ومفهومها

الطائفية لغة: مصدر صناعي أو اصطلاح مشتق من لفظ طاف، يطوف طوافا، فهو طائف وبهذا فالطائف يبقى ملازما ملتصقا بما يطوف أو يدور في فلكه؛ كما الجزء من كل لا فكاك له منه. وإذا كان الأمر ماديا يرتبط بدوران الجزء في إطار الكل، فإن الأمر سيتخذ المنحى ذاته بقدر تعلق الأمر بالطائفي فكرا وهو اللفظ الذي يشير إلى كل ما ينسب إلى الطائفة. وطبعا نقصد بالطائفة: جماعة من الناس أو فرقة منهم كقولك:(طائفة من المؤمنين أو طائفة من الساسة أو طائفة من المفكرين) وهكذا يكون القصد هنا جماعة أو فرقة منهم على أن يكون الرابط بين مكونات الطائفة ارتباط كل طرف (شخص) فيها بطريقة التبعية السلبية.. وكيما نؤكد حقيقة الارتباط والتبعية نلاحظ الدلالة الأخرى للطائفة كونها: بعض الشيء أو قطعة منه.. كقولك طائفة من الليل أي بعض منه [أذكـِّر أن العرب استخدمت طائفة من الليل أكثر من استخدامها طائفة من النهار ربما لدلالة سلبية أو لنقل للسلب في الحركة حيث الطائف تابع لما يطوف حوله وفي إطاره مُنـْشـَدّ إليه بتسليم تام في الأداء يلغي أي دور نقدي أو مراجعة من الجزء للكل ومركزه]..  وبهذا [نستنتج] أنَّ الطائفي هو شخص متعصِّب لطائفة تنغلق على مركز أو اعتقاد أو نمط تفكير ويرد [بحيادية] في المعجم العربي الأساسي ص803 أنه المتعصب لطائفة ذات مذهب معين. والطائفية مصدر يتضمن محتوى لمفهوم التعصب لطائفة ذات مذهب معين [ومرة أخرى كما يقول المعجم لأننا بصدد الاستقراء والاستنتاج لاحقا لمفهوم ربما يكون مختلفا عن معالجة المعاجم اللغوية المحدودة في القراءة فكريا أو سياسيا بالإشارة إلى سمات الانغلاق والسلب في الأداء] إذ التعصب هنا ليس لمذهب بمعنى اختيار الاعتقاد أو الإيمان باجتهاد (ديني) كما هو تعريف المذهب وإنما التعصب بالانشداد والتبعية السلبية واستلاب لإرادة الطائفي في مواجهة حركة الطائفية؛ على طريقة انصر أخاك ظالما أو مظلوما أو على طريقة بيت الشعر:

وما أنا إلا من غزية إن غوت      غويت وإن ترشد غزية أرشد

يقول برهان غليون في مؤلفه "الطائفية في الدولة والمجتمع": إن الطائفية تنتمي إلى ميدان السياسة لا إلى مجال الدين والعقيدة، وأنها تشكل سوقا موازية، أي [سوقا] سوداء للسياسة، أكثر مما تعكس إرادة تعميم قيم أو مبادئ أو مذاهب دينية لجماعة خاصة".

إذن، الطائفية فكرا سياسيا ليست  تعبيرا عن التعدد المذهبي الديني، إذ أن قراءة تاريخنا القديم والحديث يشير بوضوح إلى وجود المجتمعات متعددة الطوائف الدينية أو الإثنية من دون أن يكون ذلك قد أدى إلى نشوء دولة طائفية أو سيادة الطائفية على الحياة السياسية، ومن ثمَّ تقديم الولاء الطائفي على الولاء للدولة وعموم المجتمع الإنساني المتكافئ وقانونه العادل الممثل للجميع والسائد عليهم بالتساوي.

لقد سجَّل المجتمع البشري منذ ولادة حضاراته الأولى تعددية دينية حتى كان لكل عائلة [كبيرة] إلهها ودينها ولكل جماعة، بمعنى طائفة من المجموعة البشرية أو القوم، (دين) أو (مذهب) ولكن سنّة التطور في المجتمع ومن ثم في النظام الاقتصا-اجتماعي العام اتجهت إلى قيم التحضر والتمدن أي إلى ولادة مجتمع دولة المدينة وما أعقبه من تطورات قامت على ولادة قوانين هذه الدولة المدنية التي قدمت الولاء للوجود المدني على أي ولاء آخر...

ومع ولادة الديانات التوحيدية الكبرى الإبراهيمية وغيرها وسيادة تعاليمها ولدت معها فرص الاتساع في قراءات نصوصها الرئيسة بمعنى فرص الاجتهاد (الديني) وهو الأمر الذي ولدت في إطاره المذاهب الدينية  بقاعدة الاجتهاد لتسهيل الفهم والأداء؛ والاجتهاد هنا فعل إيجاب لا سلب.. وهذا بخلاف مفهوم الطائفة إذ هي فعل سلب لا إيجاب. والبحث عن علاقة بين المؤمن ونصه الديني  تمر أما عبر آلية إيجاب بالمرور عبر المذهب بمعنى الاجتهاد ما يتيح رفض إلزامية الإحادية المذهبية لأن الإشكالية هنا تعني البحث عن مساعد لإدراك نص بأفضلية وأدائه بأسهل الممكنات المتاحة [مثال؟]. وأما عبر آلية سلب بالمرور عبر الطائفي بمعنى التبعية والانغلاق وإلزامية أحادية الطريق الطائفي المتخذ لأن الإشكالية هنا تتحول إلى احتماء سلبي بمظلة الطائفة في وقت افتقاد [شاغر] حماية دولة المؤسسة وقوانين المجتمع المدني العامة..

يقول بهذا الصدد الدكتور علي محمد فخرو في مقاله (جدلية ممارسـة الطائفية): "ولم تسلم آخر الرسالات السماوية من المصير نفسه. فانبثقت من الدين الاسلامي الواحد شتى المذاهب المعروفة، وهي في الأساس مبنية على اختلافات بشرية في قراءة النص الأصلي وفي ممارسة أساليب تطبيق النص في الواقع. فوجود المذاهب والمدارس الفكرية الدينية أمر مقبول، بل مطلوب، وبالتالي لا يعني وجود الطائفية، فالطائفية لا تنبني على الاختلاف في الرأي وانما تنبني على التعصب المبتذل للرأي. انها ترفض التعايش مع الآخر وتهدف الى إقصائه أو تهميشه وهي لا تقبل المشاركة العادلة وإنما تمارس الاستحواذ على كل شيء."

 

متى ظهرت الطائفية؟ ما جذورها التاريخية؟ وكيف ظهرت؟ نترك التفصيل فيه لدراسات أوسع وأعمق بحثيا لفرصة مناسبة أخرى. ولكن باختصار نقول إجابة عن هذه الأسئلة: إنه في الوضع الذي تراجعت فيه المساواة بين الحاكم والمحكوم وفي الوقت الذي بحثت فيه القوى المتحكمة بالسلطة عن مبررات تمرير تجاوزاتها وظلمها عبر تقسيم المجتمع ووضع مكوناته في تعارضات وتناقضات لتوليد التناحر المُشاغِل وفي زمن احتاج الناس للاحتماء بمجموعات منغلقة في إطار مهنها كما في طائفة الحدادين، النجارين، الصاغة وغيرهم [هناك أسباب تاريخية للأمر]في هذا الوقت زرعت أول بذور الطائفية مستغلة استغلاق الخلاف على مستوى مصالح السوق التي تحركها؛ بنظام كم أكسب منك لمجموعتي التي تحميني وتوفر لي التعليم والتدريب فضلا عن الحماية النقابية والتأمينات اللازمة.. كما زرعت البذور الأولى للطائفية مستغلة بشكل أبعد وأشمل خطرا استغلاق الخلاف المذهبي محوّلة إياه إلى انقسام تناقضي بين المؤمنين بدين. بالمناسبة هذه الإشكالية ستتخذ حال تفاقم خطير عندما يستغلها محبو كرسي السلطة المتصارعون عليه فيتشبثون بوسائل تبرير أحقيتهم في السلطان ويوم ظهرت تاريخيا هذه الحال ولدت دويلات الطوائف في القرن الخامس الهجري كما هو معروف.. وتبعها الاحتراب والاقتتال الأمر الذي ألغى أي اهتمام بمؤسسات البناء وخدمة المجتمع الذي تشرذم وانكفى لتقوم بدائل أخرى تمثلت في ولادة عصر النهضة الأوروبي على أنقاض عتمة السلطة الكهنوتية لكنيسة القرون الوسطى ودويلات الطوائف المتهالكة لبقايا الدولتين العباسية والأموية. [بالمناسبة لابد من التذكير هنا بالحروب الدينية المذهبية الطائفية التي عانت منها الأمرَّين دول أوروبا قبيل نقلتها الحديثة]

وفي عصرنا الحديث ومع ازدياد حالات الاستبداد وقسوة الطغيان وهصره الأمور باتجاه التشظي والتقسيم احتمت مكونات اجتماعية بالقبيلة وأخرى بالطائفة بسبب هشاشة الوجود القبلي لديها لأسباب تاريخية [طبيعة التشكيلة الاقتصا اجتماعية\ الاقطاع في بعض أقاليم الوطن] وبسبب من هزال قراءة ظاهرة التعددية الدينية والمذهبية اجتماعيا (في إطار المجتمع) وعدم القدرة على قراءة معنى الطائفية السياسية بوصفها آلية مرضية تتقاطع عدائيا والتعددية ولا تعبر عنها أي لا تعبرعن التعددية في المجتمع.. 

غير أنّ بعض تداعيات التجربة الحياتية العملية أثر في الوعي الجمعي (المرتبك أصلا)، فجعل أثر تلك التجاريب مجتمع الطائفة يشعر بحماقة العلاقات الطائفية وماضويتها ومرضيتها، لكنه لم يستطع التخلص من تمكنها من سلوكياته وأدائه وطبعا من مستوى فهمه وتحليله المرتبك أو غير الناضج.. الأمر الذي دفع للعبة [الازدواجية] وطاقية التخفي والظهور بمظهر التمسك بالروح الوطني ومسمياته (شكليا) على مستوى الفرد المواطن البسيط وعلى مستوى السياسي أو الزعيم أو الحزب السياسي، ونقول اسميا شكليا أي بصورة مفرغة من كل (جوهر وطني) ومن كل (معنى وطني) حقيقي!

ومن الطبيعي هنا أن تستغل الطائفية السياسية الفرصة لتتمكن من الأوضاع  ومسك زمام أمور السلطة وتوجيهها لمآربها ومصالحها الضيقة بإشاعة متجددة الولادة لحال القبول السلبي بالتعايش مع الممارسات الطائفية على مستوى الدولة ومؤسساتها المريضة.

يساعدها [الطائفية السياسية وزعاماتها] هنا غياب العدالة في الدفع باتجاه اللجوء للحماية العجلى المباشرة (للطائفة) وعدم انتظار قيام مؤسسة الدولة أو المجتمع التي قد لا تأتي في عمر الفرد وعائلته وهو أمر يعززه مفهوم (الشعلينة لازم) أو ما مسؤوليتي ولست أنا الذي سيغير العالم، بمعنى القبول بتداعيات الانقسام الطائفي ونتائجه مع معرفته بخطل آلياته وكارثيتها عليه من جهة من جهاتها أي من جهة حقوقه وتفاصيل يومه العادي. [بمعنى مساهمة الزعامة الطائفية في إشاعة انعدام العدل بقصد واضح لإدامة استيلاد اللجوء إلى أحضان الطائفية مع تعزيز لمبدأ التبرير بشأن ما تسميه ردود فعل المظلومين]

ولأن الطائفية سياسية بالجوهر، فلا يمكن القبول بتبرير وجودها كونها بالضرورة والحتم مرتبطة بالدين والطائفة وأنها مجرد (رد فعل مظلوم) وقع عليه حيف أو ظلم بسبب انتمائه إلى مذهب أو طائفة.. لكن ما يحصل هو أن الطائفية السياسية تعتاش وتتغذى على وجود أحداث ووقائع تصطبغ بالصراع على أساس الانتماء للمذهب والطائفة وتنمو باستغلال مثل هذه الأجواء [ أمثلة على اختراع وقائع تاريخية موضوعة لا سند تاريخي موثوق على صحتها لتأجيج الأمور عبر اختلاق تلك الجذور وكذلك اختلاق تفسيرات وتفاصيل تأويلية للوقائع المعاصرة بما يؤدي الدور ذاته وتلك مسؤولية الساسة والإعلام]... وما قد يزيد الطين بلة أن يجري تصوير موقف الطوائف الأخرى وكأنه مهادن للظلم الواقع على طائفة بعينها أو يقف سلبيا متفرجا تجاه المظالم التي تقع على أساس طائفي.. وهذا التصوير لا يقصد إثارة رد الفعل الطائفي وتعزيز خطابه حسب بل أبعد من ذلك كسب شرعية وجود الطائفية السياسية كونها الحل البديل في أجواء وجود المظالم والتعسف بمنطلقات طائفية الأسباب والدواعي[ أذكر بحكاية المبالغات والتأويلات لتوصيف جميع السنة بمهادنة وصمت عن المظالم التي لحقت بالشيعة وهو تصوير يغمط حقيقة أن جرائم الطاغية وقعت بحق الشعب العراقي بكل أطيافه بل أنه أحرق نفسه بخطله ومغامراته]..

وأعود للقول: إنّ التجربة الوطنية العراقية وكذلك تجاريب عدد من دول المنطقة أكدت أن مكونات المجتمع لم تتصرف بمنطلقات طائفية بل رفضت ذلك وتبنت الأساس الوطني في مسيرتها القديمة والمعاصرة كما أن القوى الوطنية الممثلة لأطياف المجتمع وطنيا إنسانيا ساهمت إيجابيا في المشاركة بكل أنشطة الدفاع عن حقوق المواطنين ومكونات المجتمع  على الصعيد الوطني المفتوح على الجميع بلا استثناء أو تمييز.. ولم يكن الشيعي يتحدث بروح طائفي في دفاعه عن أخيه في الوطن سواء السني أم المسيحي أم الأيزيدي ولم يكن السني ينطلق من روح طائفي في دفاعه عن أخيه في الوطن سواء الشيعي أم المندائي أم الكاكائي أم من أي مكون ديني أو مذهبي كان.. ومثل هذا حصل في مصر بمسلميها وأقباطها أو بسوريا ولبنان وفي دول الخليج العربي ما يجعلنا نصل إلى نتيجة مفادها أن الطائفية ليست شيعية أو سنية [مثلما لم تكن كاثوليكية أو أرثودوكسية أو بروتستانتية] وهي لا تنتمي إلى أي مجموعة دينية أو مذهبية إلا من جهة تضليلية أي خلق الغطاء الديني الطائفي للفعل السياسي ومحاولة شرعنة أدواته وأفعاله..

يقول الدكتور فخرو:  "إن ما سينفي وجود المشهد الأول المتمثل في وجود طائفة مظلومة وينفي الحاجة إلى المشهد الثاني المتمثل في وجود طوائف متعاطفة هو قيام الحياة السياسية على مبادىء وممارسات الديمقراطية. بوجود ديمقراطية عادلة وانتقال المجتمع إلى مبدأ المواطنة التي تحكم ممارستها القوانين المطبقة على الجميع والمساوية للجميع في الحقوق والواجبات".

وقد نترك تفاصيل التعريف بالطائفية واسسها السياسية لا الدينية لمواضع أخرى من هذا السمينار


تجربة الطائفية السياسية وممارساتها 

[[شوية تحملوا الأمر هنا لأنه لا ينصب على معاداة أحد بقدر ما ينصب على نقد إفرازات الطائفية]]


لنلاحظ بعض المساقات والممارسات التي تأتي بها الطائفية السياسية ومنها كارثية صراعات ساستها وزعاماتها كونها صراعا غابويا لا يحكمه قانون ولا يرعوي لحرمة.  إنّ سياسة الطائفية السياسية تخلق أرضية تراجعات خطيرة وبدل توظيف الفرص التاريخية في عصر الثورة التكنولوجية والعولمة واندماج الاقتصادات وتفاعلها البنيوي لاطلاق عملية إعادة إعمار الذات الوطني المخرّب، يتمّ في ظل الطائفية السياسية إطلاق عوامل التخلف والانكفاء الماضوي باتجاه مرحلة مظلمة في تاريخ البشرية هي مرحلة دويلات (الطوائف) التي أثبتت التجربة الإنسانية لا خطلها حسب بل دموية وبشاعة آثارها التي تركتها لنا تلك التجربة.. دعونا نحاول أن نسجل هنا بعض ما نجم عنها بالآتي:

1. في وضع البلدان النامية حاليا خلقت هذه السياسة تراجع الوضع الاقتصادي في البلاد وتحديدا في مستويي الزراعة والصناعة إلى أدنى مستوى بسبب من الانشغال عن مشروعات التحديث والتطوير. دعونا نتذكر أن الاقتصاد السائد والممكن على وفق خطط وقدرات (الطائفية السياسية) هو الاقتصاد الريعي الطفيلي وأن الأهمية في أغلب الأنشطة تنطلق من تحقيق أكبر سطو لصالح المتحكمين بالكراسي والامتيازات[هل يمكن أن نسترجع النموذج الأندلسي تاريخيا وأن نتحدث عن نموذج أفريقي وعن النموذج العراقي راهنيا؟]

2. وتخلق فلسفة الطائفية السياسية حكومة هزيلة لا تستطيع العمل بشكل مؤسساتي جمعي وهي لا تستطيع أيضا الإشراف على مؤسسات الدولة كون هذه المؤسسات تنفصل عن بعضها بعضا وربما تتقاطع في أداءات تتناقض في الخطط المرسومة وفي التوجهات وآليات العمل لا تتوافر فيها أية فرصة للتكامل ما يمنع إمكانات النجاح لأي مشروع أو مؤسسة. [ربما من هنا الخشية من التصريح بطائفية المرجعية والاستحياء من تلك الإجرءاءات والممارسات الطائفية التي تشي بالحقيقة في بعض الأحيان]

3. آليات الحركة والعمل هي آليات بطرياركية أبوية تُبرز مرجعية (ربما الصنمية) وتنهض بمهام تلميع الصورة ومنحها فرص الوجاهة والزعامة عبر سوق الحسنات والمكارم وهدايا ذر الرماد في العيون في وقت تتحكم  بالمشهد بشكل نهائي حاسم ولا تسمح لأية مؤسسة دستورية أن تتحرك بمواجهة حركتها أو بالتوازي معها... وفي هذه الأجواء يجري خلق الزعامات العصماء وإيجاد أرضية الصنمية والتبعية المطلقة ولغة الإذعان لتلك الرموز العليا بوصفها الملاذ والملجأ الوحيد بلا وجود لبديل موضوعي... [هل يمكن الحديث عن تعطيل دور البرلمان في اتخاذ قرار بشأن عقدة تشكيل الحكومة العراقية؟]..

4. وتخلق الطائفية السياسية ثوابت منهجية في افتعال مستمر لوجود بعبع للتهديد وإثارة الهلع والرعب في الحياة العامة.. وهو ما يساعد على الدفع باتجاه اللجوء في كل تفاصيل الحياة إلى الركون لحماية سلبية من جهة وإلى تحليل المجريات بالغيبيات واللاهوت بعيدا عن أية حلول علمية بمعنى تعطيل العقل العلمي وإشاعة التخلف والحط من مكانة التعليم ومؤسسات البحث العلمي..[هل يمكن الحديث عن اوضاع التعليم في العراق الجديد]

5. والطائفية السياسية تشيع فلسفة التبرير لكل ما يصب في خانة فلسفتها ومصالحها الضيقة من أشكال التعذيب والانتقام تجاه المخالفين إلى تعطيل آليات العمل المؤسساتي الديموقراطي كالتداول السلمي للسلطة برفع شعارات مضللة بأحقية طرف طائفي وزعاماته من دون ممثلي المجتمع المدني وطنيا...

6. كما تشيع الطائفية السياسية فلسفات الفكر الماضوي السلفي سواء باختلاق سلفية مقيتة مرفوضة تمثل بعبعا همجيا عنفيا يتقاطع مع استدعاء طقسي لمظلومية تاريخية لا بقصد دراستها والاتعاظ منها كما يدعو المنطق العقلي بل لاستثارة أشكال الاحتراب والاقتتال والروح الانتقامي الثأري الذي لا يفضي إلا إلى حرب أهلية تستعيد منطق حرب البسوس وداحس والغبراء (الجاهلية) فكرا ولكنها تؤدي إلى حروب الإبادة الجماعية المعاصرة كارثيةَ َ وبشاعة..

7.  والطائفية السياسية أحادية المنطق تلغي الآخر ولا تعترف به لأنها تقوم على التقسيم مبدأ أولا ومن ثم على الأنا الذي لا يقبل حتى بوجود منافس ولا نقول آخر.. إن وجودها يقوم على مفهوم ((بقائي أنا ودوني الموت))... كما أنها بهذا الأنا الجديد  تمثل النموذج الأسوأ للطغاة كون الأنا هذه تحتمي بالمقدس الديني وتجمع في قبضتها كل السلطات الدينية الأخروية إلى جانب الدنوية بمفاصلها التنفيذية والتشريعية والقضائية..

8. وهي بفلسفتها تحمي الفساد وتؤسس له بأوسع وأشمل بواباته لأنها تدافع عن حاشيتها وتحميهم وتضعهم فوق القانون أي قانون كان.

9.  وبعد فمن تجربة الطائفية السياسية وممارستها محليا نرصد الآتي:

أ‌.    تشكيل الميليشيات والعصابات المنظمة المسلحة التي تمارس أشكال العنف من خطف وترهيب وترويع وتقتيل وتصفيات بشعة.. [جرى الادعاء بخروقات فردية وتبريرها بردود فعل متشنجة فضلا عن عدم الإعلان عن أغلب إن لم نقل كل الجرائم المرتكبة، مثال اغتيالات طاولت العقل العراقي وزعامات من أطراف مكونات المجتمع العراقي\\ أما هزال المؤسسة الأمنية أو سطوة فلسفة الطائفية واختراقها تلك المؤسسة نظرا للحجم النوعي الكبير الذي لا يبرر بالفردي ]

ب‌.       افتعال الحرب الأهلية والصراعات الدموية بين مكونات المجتمع على أسس طائفية.. بالقيام بعمليات مزدوجة على طرفي المعادلة بما يصوّر الأمر بأنه اعتداء من طرف مجتمعي ضد آخر.. مع تعزيز الاحتقان الطائفي بكل الممارسات التعبوية المخطط لها بمكر ودهاء.. [وقائع 2006]

ت‌.       إشاعة المحاصصة في دوائر الدولة، تحويل المسؤوليات الرسمية إلى وجاهات وكراس مع تثبيت ملكية كل منصب ومنها المسؤوليات السيادية وتبعيتها لطرف على أساس طائفي بحت.. وفي الوقت ذاته منع أي خطاب وطني من الظهور كبديل موضوعي للتقدم بالعملية السياسية وتطويرها وإنضاج مسيرتها.

ث‌.       إثارة نعرات مناطقية ومحاولة  إشاعة الروح الانفصالي التقسيمي بين محافظات الوطن وأقاليمه.. ووضع الأمور بطريقة تتعارض والتكاملية والخطط الوطنية للتطور وتوزيع الثروة..

ج‌. إشاعة الخشية والرعب من توجيه أي نقد لفرد في المجموعة فما بالك عندما يوجه النقد لإجراء اتخذه زعيم في مجموعة سياسية، هنا النقد محظور ممنوع بسبب من عامل العصبة ورابطة العصبية الطائفية ومن استبدال الرهط وتمييعه بالزعيم المرجع ومن ثمّ التزمت والهلع من قبول أو الاستماع لنقد مهما التزم التهدئة والموضوعية.. وفي هذا تعطيل خطير

 

 

 



ولمزيد من تسليط الضوء واختزالا للوقت لنبحث الأمر ببعض أوجهه الآتية:
الطائفية السياسية وحقوق الإنسان

كيف يمكننا فهم حقوق الإنسان في ضوء الطائفية السياسية؟ وكيف يمكننا تحقيقها وتلبيتها؟

ربما سيكون مفيدا هنا التذكير بأن ما نجم عن فلسفة الطائفية السياسية من أجواء العنف الدموي وتوفير أغطية الفساد بأعلى مستوياته النوعية عالميا هو العقبة الكأداء أمام أي تفكير بحقوق الإنسان..

فالبحث عن توفير أمن المواطن لا ينطلق من وجود بنية مؤسساتية قادرة على التعاطي مهامها ومسؤولياتها وطنيا ودليلنا الوضع العام في بلدان مثل لبنان وبعض دول الخليج ومنطقة الشرق الأوسط ومنها العراق بالتأكيد.. إذ المؤسسة الأمنية تقف عند تخوم الانقسام الطائفي ولا تستطيع اتخاذ قرار مهني حرفي في إطار مسؤولياتها عندما يصل الأمر إلى الحدود التي رسمها التقسيم الطائفي سواء جغرافيا على الأرض كما في بيروت الغربية وبقية الضواحي والتقسيمات أم سياسيا عندما يصل الأمر لشخصية محمية من أحد الأطراف والأمثلة هنا تمتد حتى تصل لا أحيانا بل كثيرا إلى أدنى أدوات التنفيذ والصراع من جنود وأفراد القوى المتضاربة.. دع عنك مسألة الأمن الوطني بمستوى شلل المؤسسة الأمنية أمام اختراقات لاحصر لها..

ولنتجه باتجاه وزارة العدل وسجونها والسجناء عندما يكونوا بالآلاف وعشرات الآلاف وتجري عمليات التعذيب المحظورة دوليا كما تجري عمليات الاغتصاب وحتى القتل أو الاغتيال بطريقة منهجية منظمة في رصد واضح  لتنفيذ حالات انتقام بشعة...

وكيف هي حقوق التعليم في مدرسة بلا مناهج علمية وفي جامعة تسطو على قاعات المحاضرة عمليات إرهاب الأساتذة  إذا ما تجاوزوا خطوط الجهل المضروبة  على المعارف المسموح بها في قاعة الدرس والبحث العلمي.. [وللحديث هنا تفاصيل] مثلا ممارسة فرض إجراء طقوس العزاء في رياض أطفال ومدارس في مراحل مبكرة من العمر بكل التداعيات النفسية التربوية والقيمية التي ستنجم عن هذه الممارسات.. وما جرى بشأن تعيين رئاسات جامعات أو لافتات السواد على جميع جدران الصفوف والقاعات غيرها في احتلال غير مسبوق وأسلمة مطلقة للأجواء طائفيا ما يثير رعبا وهلعا انقساميا واضحا..

ومحاولة أسلمة المؤسسات والمكونات المجتمعية المختلفة كما في إرهاب أبناء المجموعات الدينية الأخرى من مسيحيين ومندائيين وأيزديين وبهائيين وكاكائيين وشبك ويهود ومما جرى عمليات قتل واختطاف واغتصاب وترويع وتهديد وابتزاز بكل أشكال هذه الأفاعيل وحشية وبشاعة.. أما أسلمة المؤسسات فيمكن للناظر أن يلاحظ ممارسة الصلوات حتى خارج مواعيدها وفي أماكن مفتوحة مقصود اختيارها لعرقلة عمل المؤسسة المدنية وليس ممارسة الطقس الديني ذاته.. وهذه مجددا أمور تجري بمنهجية وبأوامر القوى التي تحتفظ بقوة التسلط على الناس..

وفي شأن الصحة العامة فإن التلوث البيئي الأخطر عالميا من بقايا اشعاع ومن مخلفات باتت بعض الدول تدفع بها عبر وديان الأنهار المقطوعة مياهها وعدم وجود استيعاب حقيقي للمستشفيات سواء من غرف عمليات أو غرف وأسرّة المرضى أو المختبرات والمرافق الملحقة فضلا عن تهجير قسري للمتخصصين

والظروف المعاشية ومعاناة الأزمات الغذائية وتوريد مستهلكات خارج الصلاحية أو ملوثة أو مخلوطة وثغرات الحصة التموينية ورفع العقوبات عن متهمين بقرارات غير قضائية ومثالنا هنا أن جرائم الفساد في وزارة التجارة انتهت بلا مدان

أما الأرامل والأيتام فليس لهم حتى رب يحميهم إذ لا حرمة لله أمام يشاعات الانتهاكات الجارية وتجارة الرقيق الأبيض باتت مشخورة في دمشق وغيرها...........

 

 

ومثل هذا وغيره حق المواطن في الشفافية وهو لا يعلم أية إحصائية عن مجريات الموازنات سوى قراءة أرقام  بطريقة جعجعة بلا طحن إذ 300 مليار تم صرفها ولا أثر لمتغير لا في المكهرباء ولا في الماء

 

وحقوق التنظيم المهني النقابي تقمع بقوانين الطاغية المهزوم بطريقة منع التنظيم النقابي في وزارة النفط على أساس أن لا وجود للعمال والجميع موظفين وعلى طريقة منع نقابات الكهرباء كافة لأنها على وفق معالي الوزير تتعارض ومسيرة الانتاج!!؟ فيما يجري ترتيب تنظيمات على الطريقة البعثفاشية بإلحاقها بأحزاب السلطة الدينية الطائفية



الطائفية السياسية وحقوق المواطن (إلغاء المواطنة)

لا مواطنة في دولة الطائفية السياسية إذ المواطن تابع لحلقة أضيق بوضوح هي تبعيته لجهة طائفية وهو لا يتبع حتى طائفته لأن الطائفية السياسية تختزل المجموع في حزبها وفي زعامتها وتضع هؤلاء بديلا عن الجمهور

 

 

تعارض الطائفية السياسية والوحدة الوطنية

 

إن فشل قوة سياسية في إدارة الدولة (وطنيا) يمثل عجزها تجاه إمكان تحقيق  سياسة موضوعية وطنية سليمة، بمعنى يمثل فشلها المخصوص بها أكثر مما يمثل أو يعبر عن تخلف مكونات المجتمع وسيادة الأميتين الأبجدية والمدنية أو ادعاء السبب في سيادة التعصب لهذا المذهب أو ذاك كما أنه لا يعبر عن عدم وجود الكفايات البشرية والمادية للتطور [العراق يملك قدرات علمية متقدمة كما يملك ثروات هائلة ومجموع الميزانية للسنوات العجاف كانت مغطاة من الثروة التي دخلت دع عنك الدعم الدولي]. وكيما تتحقق انطلاقة متغيرات جدية في واقعنا كما يقول الدكتور فخرو: "ليس المطلوب أن يتحرر المجتمع المدني من عصبياته أو تضامناته الطبيعية المتعددة، الدينية أو المذهبية أو الإثنية التي تعكس واقع الحال، خاصة في مجتمعات تقليدية، أو خارجة حديثا من التقاليد، وإنما أن تتحرر النخبة السياسية من تماهياتها الجزئية لتتمكن من تجسيد مثال الوطنية وأن تحرر معها الدولة ومؤسساتها من احتمال ارتهانها للعصبيات الخاصة، حتى تتحول بفضل سياساتها الوطنية إلى دولة أمة، أي دولة مواطنيها."

لقد تأسست دول المنطقة من دون أن تتعرض لتهديد من التعددية التي اتسمت بها بكل مستوياتها القومية والدينية والطائفية وبهذا وقفت مكونات المجتمع موقفا موحدا من القضايا الرئيسة حينها.. وقد تأسست بانطلاقة وطنية في وقت ساد مجتمعاتها في مطلع التأسيس ضيم التقاليد البالية إلى جانب ضغوط النظام العام في بعض المفاصل، وعلى الرغم من الطبيعة التعددية ومن ظروف التخلف فإن أبرز التشكيلات الحزبية السياسية والنقابية تشكلت على أساس النضال الوطني لتحقيق الاستقلال والشروع بجهود النهضة والتقدم. وما زالت تلك القوى وجمهورها الشعبي العريض في مسيرة الدفاع عن القيم الوطنية ورفض النزعات التقسيمية التي باتت تشكل عامل ضغط  خطير بسبب من التناغم مع قوى الدعم اللوجيستي ومخالب التدخلات الأجنبية الدولية والإقليمية.. [تذكير بعصبة مكافحة الاستعمار والاستثمار ومسميات حزب الشعب والوطني الديموقراطي وبرامج تلك الأحزاب وممارستها]

إنّ التمسك بالبعد الوطني ورفض التبعية يقف على تقاطع مع قوة الدعاية التي تحملها الطائفية السياسية بزعمها التعبير عن أتباع المذهب وأبناء الطائفة وبأن تنسيقها مع نظم سياسية إقليمية يعبر عن مصلحة  أبناء الطائفة  على حساب وجودها الوطني الذي يمثل استغلالا مزعوما لها.. ولكن ممن يأتي الاستغلال على المستوى الوطني عندما تكون أحزاب الطائفية ذاتها هي من يحكم البلاد والعباد؟ لا يجيبون [أو يتعكزون على مبررات لا تقوى على إقناع أمي] لأن القصد تمرير لعبة التدخل بحصان طروادة...

إن تراث النضال الوطني ما زال من القوة بما لا يقبل المحو والإغفال وما زال المجتمع حي الذاكرة قوي التمسك بمبادئ الوطنية ورفض التقسيمات والتشظيات التي تتعارض وتطلعاته في عالم يتجه إلى التوحيد والاندماجات ومن هنا نجح مشروع الفديرالية عراقيا بقدر تعلقه بكوردستان لإيمان الشعب بصواب هذا الاتجاه وصحة التجاريب المعاصرة بشأنه مثلما يستجيب موضوعيا بصواب ودقة في العراق لكن الفدرلة  بمعنى التشظي على أساس طائفي رفضتها جموع الشعب العراقي سواء بالتصويتات التي جرت كما في البصرة أم في مستويات  ووسائل أخرى حتى أننا بتنا أمام تراجع بارز و بيِّن لأصوات حركات عوَّلت على معزوفة الفديرالية الطائفية فتراجعت عنها وإن كان ذلك ربما بشكل مؤقت...

إن دمج آليات الحياة اليومية للشعب بآليات اشتغال مؤسسات الدولة بوساطة منطق الطائفية وفلسفتها التي تمارسها الحركات السياسية الحاكمة وادعاء أن ذلك يمثل  التعددية الطائفية تحديدا، أمر من التزييف والخطورة بما لا يقبل حتى توصيف أنه ادعاء تضليلي... فهذه الفلسفة تعني عمليا تعارضا فعليا هو الأخطر مع الوحدة الوطنية ويعني بالملموس تفكيك وحدة المجتمع وعلاقات مكوناته وطنيا  وجعل الحركات المتحكمة بمؤسسات الدولة، طائفة تحتكر السلطة والثروة بصورة مطلقة، وتضع نفسها بديلا للشعب وبمواجهة تطلعاته ومطالبه وحقوقه وهي تمارس جهدها لتشظية الواقع ومشاغلته بصراعات هامشية فيما يجري تعطيل كل حركة شعبية من تنظيمات نقابية وحزبية وطنية ومن جمعيات ومؤسسات مجتمع مدني أو إفراغها من محتواها ومن إمكانات التأثير بل أية إمكانية للعمل إلا من فسحة ضيقة عبر حركات احتكار السلطة أي حركة الطائفية السياسية وهي أحادية نخبوية فوقية مهما تعددت مفردات وأشكال تمظهرها.. [مطلوب التذكير هنا بدور وعي أعضاء الحركات في التصدي لانحراف الطائفية عن الوطني ومطالبه والتذكير بدور أعضاء المؤسسات التشريعية والقضائية ودعمهم في جهودهم لا تركهم يواجهون مصيرا مجهولا من التعنيف والتصفية]

وهكذا فالطائفية لم تنبع من مؤسسات دولة الاستقلال الوطني، بل دخلت من منافذ غير محلية وغير وطنية أي من خارج الدولة الوطنية ومجتمعها الموحد، لكن بالتأكيد دخلت في استغلال للأزمة المستفحلة على مستوى الدولة الوطنية بعد متغيرات فلسفة السلطة منذ سبعينات القرن المنصرم كما في صعود البعثفاشية في العراق أو تعزز أشكال السلطة القمعية وصيغ  دكتاتورية الطغاة وتفريغ مؤسسات الدولة من قيم العمل الدستوري والصلة بتلبية الحقوق والحاجات، ولكن الطائفية لم تكن يومها الأزمة الرئيسة ولا هي كذلك اليوم في عديد من البلدان. وفي ضوء هذه القراءة لا يمكن دراسة الطائفية بمعزل عن عمليات الدفاع عن تكريس مكاسب (الغنيمة) وامتيازاتها ولا بمعزل عن الأوضاع السياسية العامة لا الأرضية المذهبية الدينية كما يجري تصوير الأمور مغالطة وتضليلا. والطائفية السياسية  لا تمتلك آليات مستقلة في أدائها أو وحدة فكرية منهجية ولا يمكنها التقدم أكثر في الوسط الشعبي إلا  بالعمل تحت طاقية التخفي وإلا بارتداء الأقنعة وتمرير المآرب من وراء حجاب. ومن هنا فهي توكيدا تعارض مع الوحدة الوطنية والمبادئ الوطنية وما تختفي خلفه هو مسميات وبراقع وهي براقع ليست سهلة الكشف إذ أن بعض الحركات تتمسك بقوة بمسمى (الوطني) وأبعد من ذلك تستعير برامج القوى الديموقراطية الوطنية  لتعلنها برامج وطنية لها كما  ترفع شعارات وطنية لكنها جميعها تبقى مجرد ألفاظ وحبرا على يافطات الدعاية الكاذبة.. وببساطة يسأل المواطن نفسه هل يملك كهرباء وماء نظيفا وهل يملك تعليما وصحة أو مرتبا يعيله كما يسأل نفسه عن دوره في توجيه الأمور وحسمها أم أن الأمور بيد الزعامات التي تستبدل أصواته وآليات وجوده المؤسساتية عبر البرلمان وعبر النقابات وعبر الأحزاب وعضويتها وعبر مؤسسات المجتمع المدني؟ يسأل هل استتبت أوضاعه وهل أمن على حاله وهل لدمه ثمن بل لحياته بمجملها قيمة؟ والجواب سيأتي ليتحدث عن الحقيقة بسطوع الشمس وبما لايحجبه برقع ولا حجاب وتلكم بعض نتائج الطائفية على الأرض...

 


 
الطائفية السياسية وجوهر الفديرالية\ نفهمها في التقسيم والتشظي لا في الوحدة والتعاضد


 
الطائفية السياسية والمعرفة \ طبيعة الوعي ومعاداة الثقافة والتنوير

لننطلق من فقرة نقرأها في ويكيبديا بعنوان السياسة والطائفية: ونصها يقول: "معظم الأحيان تكون "الطائفية" السياسية مكرسة من ساسة ليس لديهم التزام ديني أو مذهبي بل هو موقف انتهازي للحصول على "عصبية" كما يسميها بن خلدون أو شعبية كما يطلق عليها في عصرنا هذا ليكون الانتهازي السياسي قادرا على الوصول إلى السلطة. فمجرد الانتماء إلى طائفة أو فقرة أو مذهب لا يجعل الإنسان المنتمي إلى تلك الطائفة طائفيا كما لا يجعله طائفيا عمله لتحسين أوضاع طائفته أو المنطقة التي يعيشون فيها من دون إضرار بحق الآخرين، ولكن الطائفية فكرا والطائفي وجودا هو الذي يعوّل على رفض الطوائف الأخرى وغمطها حقوقها أو هو الذي يُكسب طائفته تلك الحقوق التي لغيرها تعاليا عليها أو تجاهلا لها وتعصبا ضدها والقصد هنا من الطائفة لا جمهور مذهب بعينه بل جماعة  تتحكم بالسلطة وتديرها لمصالحها مستبدلة وجودها الفوقي بالآخرين.

من هنا كان الفكر الطائفي يتعارض وأي شكل للوعي يمكن أن يفضح ممارساته ويزيل الأقنعة التي يتستر بها الطائفي.. وبالمناسبة الطائفي بالأساس عنصر متخلف بوعيه  لا يحمل ثقافة أكثر من قاعدة بيانات معلوماتية تمرر انتهازيته ومآربه المخصوصة. إذ يدير كل شيء بالأوامر السلطانية العليا النافذة بلا مناقشة وإلا استل سيف التكفير.. والتكفيرهنا بنوعيه التكفير الديني واسترجاعه أساليب القصاص السلفية  وإقامة الحدود الدموية الإرهابية والتكفير الفكري المستلب لحق النقد والمراجعة والاقتراح وهو التكفير التعطيلي لكل منطق عقلي ولكل أداء تنويري يعتمد الحكمة والتجربة والأساس الثقافي للوعي الإنساني.


 
الطائفية السياسية وإلغاء مبدا احترام الآخر والتنوع

الطائفية هي على طريقة ((كل العراقيين هم بعثيون وإن لم ينتموا)) أو على طريقة ((أنا صاحب حق أباشره لا يبدأ غيري في حقه حتى أنتهي من حقي الذي لا ينتهي)). بمعنى لا مكان لحق الآخر إلا ببقايا مدعوة لانتظار الذي لن يأتي.. نفي الآخر ونفي صوابه بالمطلق وزعم أن الحقوق كلها من حصتي التي أستعيدها كما أشاء وأعيد توزيعها كما أشاء وبالتأكيد من حقي بوصفي طائفيا ألا أبقي على نتفة حق للآخر والمبرر رد الثأر والانتقام وانعدام البصر والبصيرة لدى الطائفي الانتهازي المريض كما فعلت النازية والشوفينيات القومية التي أغلت الآخر أو وضعته موضع الأدنى في الترتيب الاستعلائي المعروف..

الطائفية دينيا هي في أن أصحاب دين هم أصحاب الحقيقة وغيرهم الباطل وهم  شعب الله المختار وغيرهم أعداؤه.. وهي مذهبيا كما تزعم الطائفية في فكرها كذلك حيث أن طائفة مصطفاة من الله والبقية إلى لعنته وغضبه في تبرير لاستلاب الحقوق وحصرها في الطائفة أي في  نخبة السلطة الحاكمة التي تستبدل وجودها حتى بطائفتها المزعومة الاصطفاء..


خلاصة
الطائفية السياسية تعارض مع فلسفة العراق الجديد في الوحدة الوطنية والفديرالية وإلغاء لاحترام التعددية والتنوع
 

التمعن في الخارطة الديمغرافية للوطن ليس بحاجة لكثير عناء كيما يلاحظ التعددية في تكوين المجتمع بمستوياتها كافة وهو ليس بحاجة لجهد كبير كيما ينظر في العمق التاريخي الذي اغتنى بهذه التعددية في عطائه الحضاري عندما ساد الاحترام بين الأطراف على أساس من الوجود الإنساني المستند لمجتمع المدينة وآليات وجوده ومسيرة أنشطته وفعالياته..  وبخلاف ذلك حيثما انحرف باتجاه إغلاق دوائر الطوائف ووضعها في تعارض المصالح وآليات الوجود صارت الأوضاع إلى التأزم والاحتقان والتراجع..

وهكذا أثبتت التجاريب الإنسانية في كل الأديان أن التعاطي مع المذاهب كونها اجتهادات تحترم  بوصفها محاولات ووسائل لتسهيل فهم النصوص الأساس لأي دين، هو أمر إيجابي وأن التحول بالمذاهب إلى إيمان بأفضليات تأتي لحساب طرف منغلق على حساب الأطراف الأخرى المهمشة قصدا وقسرا هو بمثابة إدارة التعددية إدارة سلبية خطيرة تتحول بالتعددية من الإغناء إلى التخريب والهدم والسلب مطلقا.

إن التعاطي مع المذهبية من بوابة حصرها في إطارها الديني البحت ومنع الهبوط بالمذهب اجتهادا عقليا بشريا مخصوصا بالنص الديني والارتقاء بوجود المجموعة الدينية وتقسيماتها (الطوائف) أمر يتطلب مزيدا من الهدوء والصبر مجتهدين في الحياد الموضوعي الذي يتطلب هو الآخر خروجا من الثوب الديني إلى الثوب المدني بقدر تعلق الأمر بحقوق المجموعة البشرية وحاجاتها ومنها المرتبطة بالقيم الروحية الدينية لها.  

بمعنى أن الحل المناسب للتصدي لأي احتمال في ممارسة الطائفية بوصفها وجودا سياسيا اجتماعيا هو منع الخلط التضليلي بين الديني والدنيوي في مسار الحكم والسلطة. إذ تبقى السلطة المدنية أساس الاتفاق على ممارسة مبادئ العدل والمساواة ومنع التمييز وقطع الطريق على الأثرة والأفضليات القائمة لطرف على حساب أطراف أخرى.

والعقدة الحقيقية تكمن في تسليم السلطة لطائفة أو أخرى أو لسطوة الطائفية السياسية يعني  عرقلة خطيرة لآليات عمل الدولة ومؤسساتها وتجييرها بعد تفريغها من محتواها لصالح مآرب ضيقة تخضع لنخبة طائفية تستبدل لا المجتمع وتعدديته بل حتى الطائفة التي تدعي تمثيلها والتعبير عنها.. وهي بهذا تعود لطغيان أقلية على الأكثرية الشعبية التي لا تتمثل في إدارة الدولة حيثما سادت مؤسسات تلك الدولة الطائفية السياسية..

إن الاعتقاد بأن مجتمعات دول المنطقة أسيرة القبلية والطائفية هو اعتقاد غير مبني على الإحصاء ودراسة الظواهر علميا بل ينبني على التضاغطات الفكرية السياسية وما يسود منها في الواقع وهو ايضا تضليل ربما مقصود في بعض الأحيان.. كما أن ميل المجتمع لسيادة بنية فوقية وفلسفتها لا يعود إلا لمسار الدولة ودرجة مفارقتها التعبير عن المجتمع وتلبية حاجاته ومن هنا يقترب المواطن من الدولة أو يبتعد بحسب هذه الحقيقة ومن هنا ازدادت أو تراجعت حالات البحث عن الحماية القبلية والطائفية، الأمر الذي يبيح لنا القول أن المشكل لم يكن دوما في التعددية داخل المجتمع (الوطني) بل في سياقات الحكم وفلسفته وإجراءاته الفعلية...

 

 

 

 

 

أسئلة:

تطالب بعض التعقيبات أن يتحدث الشيعي عن أخطاء الشيعة والسني يتحدث عن أخطاء السنة وهذا مع ثقة بالنية الصادقة الطيبة لدوافعه من باب التهدئة وتقليل الخلافات والتقاطعات إلا أنه تمرير من زاوية أخرى للطائفية السياسية وتوكيد على المدى الاستراتيجي لمعنى كونها تمثيل للطائفة وهنا المخاطر بعيدة المدى أو الأعمق غورا.. والصائب أن يجري التأكيد على الفصل بين نقد جرائم الطائفية السياسية وبين تبني مصالح أبناء هذه الطائفة أو تلك.. وربما بطريقة تكتيكية وبشكل مؤقت سنحتاج لبعض مهادنة محسوبة التهديدات والانزلاقات إلا أن ذلك يبقى محدودا وسرعان ما يجب الإقلاع عنه...

وتطالب بعض التعقيبات بالموازنة بين فضح طائفي وآخر على أساس الاعتقاد بوجود طائفي شيعي وآخر طائفي سني ولابد هنا من توكيد مزلق التقسيم الذي يجره الطائفي السياسي حتى للكتاب والمنظرين عندما يدفع باتجاه فرض القبول بتمظهراته الزائفة بادعاء الانتماء لطائفة أو تمثيل أخرى والتعبير عنها.. المزلق الآخر هو المساواة بين بين جريمتين يرتكبهما طرفان سياسيان وتختلف توصيفات تلكما الجريمتين وكأننا نطالب بالمساواة في القصاص من سارق الملايين وسارق الفلس والمشكلة هنا أن الحديث في السياسة بحاجة لسلم أولويات في كل شيء في المسؤولية الجنائية عن جريمة أو وضع وفي حجم الجرم المرتكب ونوعه ومستواه فكيف يمكن سياسيا أن تحاسب من يمسك بزمام الأمور عن وضع يتحمل كامل المسؤولية عن توجيهه وتأمينه بذات ما تحاسب طرفا آخر خارج المسؤولية وتوجيه الأوضاع.. إنها معالجة مريضة أن تطلب من الضحية أن تخاطب طرفين طائفيين أحدهما يمسك المسؤولية والآخر خارج دائرة المسؤولية بذات الخطاب.. أو أن تعاقب لا تقل بريئا ولكن من لا علاقة له بجريمة ومسؤوليتها وتترك المسؤول الحقيقي عن تأمين الوضع ضد وقوع تلك الجريمة..

إن المشكلة هنا ستجر إلى مساواة قسرية بأن نقد مثالب طرف يلزمه نقد مقابل بذات الحجم والنوع للطرف الآخر.. وعند البحث لن تجد أي اثنين متساويين في السمات إيجابا وسلبا.. ولكل منهما إيجابياته وثغراته وحجومهما المختلفة نويا وكميا.. وفي ضوء ذلك يتحدث خطاب النقد الموضوعي بقدر تعلق الأمر بالمذاهب والطوائف على أن النقد للطائفية السياسية يبقى مفصولا عن أي شكل نقدي آخر كما لمعالجة القضايا الاجتهادية الدينية المذهبية التي تتطلب متخصصيها من داخل المذهب وخارجه...

ويجري السؤال والتحدي من الطائفي نفسه فيقول إنه يحمل اسم الوطني ويتخذ برامج وطنية فلماذا يفرض عليه توصيف الطائفي وفي هذا تخفي وقصور في فهم الوطني من الطائفي أو تعمد للتخفي والتضليل هذا من جهة ومن جهة أخرى إذا لم يكن في هذا وذاك طائفيان فمن الطائفي ومن يثير كل هذا العجيج والضجيج أم أن الشعب وآلامه وجراحاته وعذاباته كاذب دعي والصادق هو الطائفي المتخفي كما الذئب بفروة الحَمَل!! [نقول الحسين انتل بالكهرباء ومات \ تعبيرا عن التساؤل الاحتجاجي عن جرائم تتكرر يوميا تحديدا منها الطائفية: من تهجير وتقتيل وأشكال تهديد وابتزاز] كيما نكشف حقيقة الطائفي نسأله عن تنظيمه الحركي ومرجعيته الفكرية الفلسفية وسيتضح الفصل الطائفي في التعاطي مع عضوية تنظيمه كما سيتضح تعاطيه مع أي الأفكار والفلسفات أو التوجهات الطقسية (الدينية) بالانغلاق على ممارسات بعينها من دون غيرها. وإجرائيا لا يتم تمرير فعلي لمفردة برامجية تتعارض وذلك الروح المغلق على تعاليم بعينها كما تجري الممارسات والإجراءات بوضوح لا يحتاج لاستعادة من إعلاء المشهد الطقسي الطائفي لا الديني من حيث الجوهر.. إذ المفترض أن تكون المذاهب اجتهادات تلتقي بجوهر واحد لكن الطوائف اختلاف انفصالي وتعارض وتقاطع غير محسوب العواقب...

 

وعلى أقل تقدير هناك لجوء لمرجعية الطائفة التي تجمد الوطني لحساب الطائفي فتفتح بوابات التعاطي مع الأجنبي مع إخلاله الاستراتيجي الخطير على حساب مصالح الوطن وتحوله إلى تدخلات وأعمال استغلالية وهنا لأي نقد موضوعي لابد من التوكيد على عدم وجود عداء مع الإنسان مع الحركة والتنظيم ولكن مع البرامج التي مؤداها المزالق والمخاطر

كيف تنظر الطائفية وفكرها إلى القومي والوطني؟ من هذا السؤال سنجد التعاطي مصلحي انتهازي وتكتيكي ينتقل إلى النقيض فيفجر الأزمات والمخاطر والمغامرات لنلاحظ فرضيات الخوف لدى السني من وقوع الشيعي أسير تقديم علاقته المذهبية على الوطنية وعلى القومية وهو ذاته خشية الشيعي من وقوع السني أسير تقديم علاقته المذهبية على الوطنية ولكن الأسئلة تكمن في تذكير وحدة السني والشيعي في الانتماء القومي ووحدة الشيعي والسني في الدين ووحدتهما في الوجود الإنساني ومطالبه ووحدتهما وطنيا حيث الدولة الوطنية هي الشكل الأفضل اليوم في تلبية حاجات الإنسان هنا المواطن ومع تعميد الوطني نتجنب مخاطر تهديدات التبعية وفسح المجال لتدخلات إقليمية على حساب الوطني كما أن تلبية مطلب التحالفات بكل أشكالها سيكون أأمن مع قوة الدولة الوطنية وتماسكها لا مع ضعفها وتفكيكها  كما يفعل الطائفي