المؤتمر الثالث عشر للحزب الديمقراطي الكردستاني

خطوة بناء أخرى في مسيرة التحرر القومي الكوردي وتعزيز البناء الديموقراطي الفديرالي في العراق

أ.د. تيسير عبدالجبار الآلوسي

رئيس جامعة ابن رشد في هولندا

رئيس البرلمان الثقافي العراقي في المهجر

 

يمثل انعقاد المؤتمر الثالث عشر للحزب الديموقراطي الكوردستاني خطوة بناء أخرى في مسيرة التحرر القومي الكوردي التي بدأها قبل 64 عاما من النضال والعطاء بقيادة الراحل ملا مصطفى البارزاني.  و تكللُ هذا الانعقاد أنوار مضيئة في قمم كوردستان لتخلد شهداء الحزب في مسيرة كفاحه التي اكتحلت بمنجزات كبيرة على المستويين الوطني والقومي أصبح يعيشها اليوم شعب كوردستان.. فعلى الرغم من أنّ نظم الجريمة والطغيان كانت اغتالت في هذا السِّفر النضالي قيادات وأبطال كفاح كما اغتالت جوهر بيان الحكم الذاتي وارتكبت أفظع جرائم الإبادة إلا أن عزيمة الحزب ومناضليه والإصرار على الانتصار لقضايا الشعب تكللت اليوم بالانتصار للشهداء وللضحايا وبولادة الحكم الفديرالي حيث برلمان وحكومة كوردستان الحرة..

وإذ يواصل الحزب الديموقراطي الكوردستاني مسيرته فإنّ لمؤتمره وأعضائه الحق في الفخر بما أنجزوه وبالمكانة الكبيرة التي بات يعول عليها مجمل الوضع العام  ليس في كوردستان بل وفي عموم العراق والمنطقة. وتكفي الإشارة هنا إلى الدور المميز الكبير الذي لعبه الحزب وقيادته ممثلة بالسيد مسعود بارزاني في جمع الأطراف العراقية على طاولة مستديرة للخروج من النفق المظلم وحل أزمة تشكيل الحكومة الاتحادية التي استعصت طويلا..

واليوم  يدرك أعضاء المؤتمر وقياداته حجم المسؤولية المترتبة على مثل هذا الدور وتلك الواجبات التي تنتظرهم في ضوء تعقيدات بعض مفردات الأوضاع من جهة ما تحاول القوى المعادية إثارته من مشكلات وعراقيل.. وهم بالتأكيد يدركون حجم المسؤولية التي تنتظرهم على مستويات تبدأ بالتحديث والتطوير للعمل الحزبي وبجمع الطاقات والقوى الحزبية كافة في بوتقة المسيرة الجديدة.. وفي اختيار برامج جديدة لمرحلة تنتظر منهم توكيد صواب الخيارات التي تمت طوال تاريخ الحزب وبرامجه منذ ولادته في منتصف آب أغسطس 1946...

ومن الطبيعي أن تشكل حجر الزاوية في السياسة الكوردستانية قضية تعزيز التعايش السلمي الأخوي لمجموع الأطياف والمكونات الموجودة بكوردستان ولقضية تعميق العطاء لصالح وحدة القوى الكوردستانية المتحققة بفضل نضال الحزب وبرامجه الإيجابية.. وعلى المستوى العراقي حيث تنامي دور الحزب وحجمه النوعي الكبير فإن الدفاع عن تجديد بناء المؤسسات الوطنية الفديرالية بمبادئ المدنية و المعاصرة وعلى أساس ديموقراطي سيظل الركن المكين ليس لتقدم العراق الديموقراطي الفديرالي الجديد بعامة حسب وإنما لإيجاد الضمانة الأكيدة والوطيدة لمسيرة البناء والتقدم السلميين في كوردستان..

وسيتطلب هذا مزيدا من التركيز على وحدة القوى الديموقراطية وعلى تعزيز هذه الحركة وإعلاء مكانتها وعلى مواصلة التحالف التاريخي الذي تعمد طويلا على سفوح جبال كوردستان الشماء يوم خاضوا سويا معارك البيشمركة التاريخية ضد الضيم والظلم والعسف.. واليوم تضع قوى الحرية والديموقراطية آمالا جدية كيما يتعزز هذا النهج التعاضدي وتتضافر الجهود وتتركز البرامج على مهمة الدفاع عن الحياة المدنية وعن الحقوق والحريات وتعميدها بعميق التلاحم والاهتمام حيث روح المواطنة من جهة وحق المساواة والعدالة لجميع المكونات القومية والدينية التي تحيا في البلاد.. كما يؤمّل وتتطلع حركة الديموقراطية والمسار المدني السليم لمنح الأولوية المناسبة لقضية الثقافة التنويرية والاهتمام الجدي المسؤول بأنشطتها ومنع قوى الظلام من تحقيق أغراضها المريضة في الالتفاف على قوى التنوير والتقدم.. وستطلب هذا أيضا اهتمام وأولوية مخصوصة لشؤون التعليم الأساس والعالي وتحديثهما بما يتفق وعصرنة الحياة وتقدمها الشامل... وسيكون لقضايا ومشكلات مهمة كما تلك التي تحاول بعض عناصر التخلف اختلاقها من مثل مسائل حقوق النساء وضمان حركتهم ومشاركتهم التامة في البناء ومسيرة التطور ودمقرطة الحياة وتلك مهمة جدية رئيسة نثق بأن الحزب سيفرد لها موضعها المميز في برنامجه الجديد..

ولأن الدور الوطني العراقي بات مميزا كبيرا فإن للحزب أن ينظر عبر برامجه إلى محيطه  إقليميا ودوليا وسيكون لمواصلة النهج الإيجابي القائم على التعاطي مع الواقع وعلى خلق التوازنات الصحية في تلك العلاقات الأممية  الدور الأمثل في تحقيق مزيد من التقدم في الحياة كوردستانيا وعراقيا وما يعود على جميع الأطراف المحلية والدولية بالخير.. فالأساس هو نهج اختطه الحزب في جميع مراحله بالتوكيد على علاقات مشتركة تحقق مصالح الجميع بأسس متوازنة متبادلة، تقوم على مبادئ المساواة والسلام والتقدم..  

إننا نحن أصدقاء الشعب الكوردي لنفخر بعلاقاتنا في إطار روح التآخي بين الشعوب وفي إطار نهج العلاقات الوطنية والأممية إنسانية الجوهر ثابتة الجذور والاتجاه المتطلع لغد أفضل يُبنى سويا ومعا.. وإنه لفخر لكاتب هذه الكلمات أن يحمل لقب صديق الشعب الكوردي في شدائده  وفي مسيرته المظفرة ذلكم أنّ ما يشير إليه هذا ويعنيه هو تلك التربية النضالية العتيدة والإصرار من الشعب الكوردي على تعزيز قيم الإخاء والتعايش بين المجموعات المتآخية في وطن التآخي والسلام.. وفي ضوء هذا ومن هنا بالتحديد نحيي انعقاد مؤتمر الحزب الديموقراطي الكوردستاني ونضع الثقة وطيدة في نجاح أعماله وتكللها بتفعيل الدور المميز من أجل صفحات مشرقة جديدة مضافة إلى السفر النضالي الكبير له...