معالجة لأوضاع المجموعات القومية بسوريا وتضامن مع الشعب السوري وحراكه من أجل التغيير الديموقراطي

 

تيسير عبدالجبار الآلوسي

رئيس المرصد السومري لحقوق الإنسان

 

 

تفاقمت نتائج كارثية لإمعان النظام الشمولي الاستبدادي في سوريا في سياسته القمعية بخاصة تجاه الحراك الجماهيري السلمي للشبيبة الأطياف القومية والدينية  في عموم سوريا محاولا هنا زرع أسفين التناقضات والصراعات وبث خطاب الفرقة والتشظي التضليلي.. وتفرض الالتزامات الأخلاقية ومبادئ التضامن بين الشعوب متابعة دقيقة لنرى فيها بأعين الشعب الفاحصة مجريات الأوضاع بعمومها وخصوصها، بهمومها وانكساراتها وبانتصاراتها؛ وكيما نقرأ حراك الشبيبة السورية الواعدة التي تقدم يوميا أغلى التضحيات؛ فهي  تقدم قرابين تقتطع منا أجسادا وأرواحا في مشهد مروع لجرائم جنازير القمع وبشاعة ممارسات الاستبداد، الأمر الذي لا يمكن للإنسانية أن تقف عند حدود الفرجة؛ فارتفاع القرابين إلى حيث الشهادة وتنامي أعداد الضحايا  شهداء وجرحى ومصابين جريمة لا تغتفر.. وحدث جلل لا يُكتفي بشأنه ببيانات الإدانة والشجب.. وإنما ينبغي أن نتداعى لمعاضدة الجهود ووحدتها بإجراءات عملية مناسبة تفرض إرادة الحياة والحرية وتوقف حمامات الدم ومطحنة الآلة الجهنمية...

ويعرف العالم ويطالع صباح مساء محاولات النظام السوري  طمس الحقائق بتكرار إجراءات شكلية وتغييرات تضليلية ترقيعية لــ ذر الرماد في عيون (البعض)... فها هو تحت الضغوط يتلاعب في تفاعلاته مع القضية الكوردية حيث جملة من المطالب الجوهرية التي تبدأ بالقضايا المطلبية الحقوقية والتي يتشاطر فيها الكورد وجميع أبناء سوريا ولكنها لا تنتهي بقدر تعلقها بالقضية الكوردية بأمور جوهرية كالاعتراف الرسمي بهوية الكورد ووجودهم القومي وحقوقهم المكفولة في المواثيق والقوانين الدولية، وها هو يزوق لمجموعات قومية ودينية بفتات يرميه ويتحدث عن الخبز لأبناء الشعب فيما يتغافل عامدا عن الحديث عن الحرية والأمن...

ونحن نشارك الشعب السوري رأيه في أن الخلل الحقيقي في هذه السياسة، موجود في طبيعة النظام القائم على إلحاق الدولة ومؤسساتها بحزب شمولي دكتاتوري وإفراغها من  وظائفها في خدمة المجتمع من جهة كما تكمن في الطبيعة القمعية والأداء البوليسي المؤسس على إرهاب الدولة من جهة أخرى.. وتلكم سمات عفا عليها الزمن وبات حتميا تغييرها جوهريا جذريا، وليس باعتماد خطوات تضليلية أخرى تديم أمد حكم النظام ودمويته...

و الحل الذي نراه، مثلما ترفع الشبيبة السورية (شعارات معالجته) مؤكدة التكاتف بين مجموع الأطياف السورية، يكمن في تخلي النظام عن هذه الطبيعة الاستبدادية القمعية وعن المعالجات السطحية الفوقية التي تبقي على سطوته على الحياة العامة وأن يأخذ الدرس عاجلا بدلا الإيغال في مزيد من الدم والآلام.. وبهذا يكون على النظام اللجوء الفوري إلى الحل الأمثل في التحول الجذري عبر مرحلة انتقالية بإعداد الأجواء لتسليم السلطة للشعب ولمن يقرر انتخابه ديموقراطيا، بعيدا عن التسلط والقمع والطغيان..    

إننا إذ نعلن تضامننا الوطيد والكامل مع شبيبتنا المنتفضة في عموم سوريا، ومن منطلق مسؤولياتنا الإنسانية ومبادئ الإخاء الأممي بين الشعوب ومن مهمتنا في دعم مسيرة الاعتراف بالآخر وبالتنوع والتعددية وفي نصرة أخوتنا من المجموعات القومية والطيف السوري بهوياته الإنسانية، لنؤكد على إلزام السلطات السورية بالتوقف عن أنشطة المماطلة والتسويف كونها الغطاء التضليلي لجرائم التصفيات الدموية البشعة لمظاهرات الشعب السلمية بخاصة تجاه المجموعات القومية والدينية المقهورة..

ونحن نشارك المحتجين وطلائعهم في أن الحل يكمن في البديل الديموقراطي بتغيير جذري يقوم على مشاركة حقيقية من شرائح المجتمع السوري كافة، بما يلبي الانعتاق والتحرر وبناء الدولة المدنية الديموقراطية بعد عقود من الهيمنة والإستبداد.

 

ومن أجل ذلك فإن أي حوار ذا مصداقية لن يأتي إلا بــ:

1.  الشروع بإعادة الجيش إلى ثكناته وممارسة دوره السيادي الوطني بدل إذلاله بدور الشرطي..

2.  وإلزام القوى الأمنية بمهام حماية التظاهرات السلمية لا الاعتداء عليها..

3.   وإطلاق سراح المعتقلين ومنح الحريات التامة لممثلي هذه الجموع الهادرة في الميادين وطلائعها السياسية..

4.   وأن يقبلوا بإدارة القوى الوطنية وقيادة الانتفاضة لخطوات التفاوض، ونؤكد هنا بالخصوص على ممثلي المجموعات القومية والدينية ومنهم هنا ممثلو الشعب الكوردي وشبيبته وطلائعه..

 وعليه فإننا نرى أنه لن يكون للحوار من جدوى إلا عبر الرضوخ لإرادة التظاهر السلمي وكفالة ممارسته من دون تضييقات وأعمال قمع دموية بشعة...

إننا ندعو قوى الحرية والسلام، قوى الديموقراطية والتقدم لمزيد من التضامن مع الشعب السوري بأطيافه من أجل وقف ألاعيب النظام وجرائمه ومن أجل وقف تدهور الأوضاع ووقف سفك الدماء؛ وسيكون هذا التضامن طريقا يؤدي حتما لانتصار إرادة الشعب في الحل الحقيقي  الملبي لمطالب الاعتراف بسمو الحق الدستوري للشعب ولشرعية إرادته وسيادتها العليا  والاعتراف في إطار الوطن  والمواطنة  بالتعددية وبالمساواة بين أبناء الشعب بمختلف الانتماءات القومية والدينية والمذهبية وتلبية الحقوق السياسية الثقافية الاجتماعية لكل هذه المجموعات ومعالجة الغبن والمآسي التي تعرضت لها وتسجيل ذلك دستوريا فضلا عن تعزيز الوحدة الوطنية وإنقاذ سوريا برمتها من براثن تأثيرات الفساد والاستبداد...

إننا إذ نثق بتوجه الثورة السورية إلى طريق بناء دولة مدنية ديموقراطية لا تخضع للتشطير والانقسام ولأمراض الصراعات البائسة التي تروج لها عناصر النظام؛ لنحيّي شهداء الحرية والديموقرطية في أرجاء سوريا كافة،  داعين هنا إلى مزيد من التضامن ومطالبين المجتمع الدولي بالضغط على النظام السوري من أجل معالجة جدية مسؤولة تكفل الكف عن تصويب الرصاص الحي إلى صدور الشبيبة المحتجة، ومؤكدين أن زمن الضيم والظلم والاستبداد قد ولى بلا رجعة.. ونحن على ثقة من أن أصواتكم ستكون عامل تفاعل من أجل تجنب مزيد من الضحايا بحسم المسار حيث باتت الأوضاع تتطلب تدخلا عاجلا ومسؤولية قرار أممي يتناسب والمنتظر لوقف الجريمة متضمنا دعما فاعلا ومباشرا لقيادة الانتفاضة واعترافا صريحا وراسخا بها كونها تمثل الشرعية الحقة بسوريا، شرعية الشعب وسيادته...

 

 

 

·       يصدر هذا العمل باسم المرصد السومري لحقوق الإنسان بالاعتماد على الأنباء الفاجعة لتواصل سقوط الضحايا من بنات الشعب السوري وأبنائه الأمر الذي يتطلب إشارات صريحة للحلول السياسية الشاملة لا الترقيعية.. مع إدانة مباشرة وحاسمة لأعمال العنف وإرهاب الدولة  ومطالبة جميع الأطراف لوقفها فورا..