الفقر والفقراء في العراق الجديد: قراءة وتساؤلات وحلول!؟

أ.د. تيسير عبدالجبار الآلوسي

رئيس جامعة ابن رشد في هولندا

رئيس المرصد السومري لحقوق الإنسان

tayseer54@hotmail.com

 

 

أسباب الفقر عديدة وهي تتضاعف مع الحالات الخاصة بكل بلد عندما تعصف الأزمات  كحال الانهيار الشامل للدولة ومؤسساتها، كما حصل في عراق ما بعد 2003 جراء مسلسل الحروب العبثية وتراجيديا الأحداث التي رافقتها وتلك التي أعقبتها.

وعراقيا معروف كم تراجعت العملة الوطنية؛ في انهيار خطير من جهة القدرة الشرائية للدينار  وحال التضخم الذي بدا واضحا في تفاصيل الحياة اليومية للعراقي. وهو المبتلى بالبطالة الحقيقية والمقنَّعة وهموم العمل الاضطراري الجزئي مع تراجع الأجور وتدني قيمتها الحقيقية وانخفاضها الكبير. يقابل ذلك ارتفاع الأسعار واختلال البطاقة التموينية حيث فساد مفردات يتم تسلمها وهي غير صالحة للاستهلاك الآدمي بانتهاء الصلاحية أو بوجود مواد مؤذية  فيها كالمسرطنات أو نقص مفردات أخرى من تلك القائمة الهزيلة. ويمكنك أن تضيف هنا أزمة السكن حيث النمو البشري لا يصادفه بناء وحدات كافية وحيث الموجود بات خرائب مستهلكة لا تصلح للسكن الصحي وطبعا هناك النقص الفاضح بالموارد المائية وخراب  نظام الصرف الصحي ما بات يرتِّب ضغوطا مضاعفة تقع على كاهل المواطن المفلس؛ المواطن الذي يفتقد للخدمات بأشكالها حتى أنه عندما يخرج من باب بيته يكون مهموما بما سيجابهه في يومه من إفرازات أزمة الطرقات ونظام المواصلات المأزوم دع عنك مشكلات الكهرباء والاتصالات وانهيار النظام التعليمي مع شيوع الأميتين الأبجدية والحضارية...

و في بحثنا عن أسباب ظاهرة الفقر يمكننا أن نتحدث عن الاختلال في شؤون التشغيل سواء بارتفاع نسبة بطالة المرأة  حتى تصل أحيانا أكثر من ضعف نسبتها للرجال.. فيما يجري تشغيل الأحداث والأطفال بأجور متدنية وظروف عمل غير ملائمة بالمرة.  ويسود نمط الانتاج البدائي ما نجم عنه ضعف الانتاجية وهزال المردود. ضِف إلى ذلك انتشار أعلى نسبة فساد إداري ومالي عالميا، حتى أنك تجد مستندات تشير إلى صرفيات استثمارية بالمليارات مقابل انعدام تام للمردود و\أو المنتج المفترض. وعراقيا كي تتحدث عن أسباب الفقر والفجوة المتسعة فيه ينبغي أن نذكر انهيار الطبقة الوسطى ومحوها من التشكيلة المجتمعية. كما ينبغي قراءة انضمام قطاعات وفئات جديدة لقطار الفقر بسبب الانهيار الأمني وعمليات التهجير القسرية التي طاولت ملايين العراقيات والعراقيين، حيث خسروا أملاكهم الشخصية ومساكنهم وباتوا لمن بقي في البلاد في ظروف سكن سيئة للغاية خلقت لا مصاعب عيش عادية بل مشكلات خطيرة واحتقانات متفجرة باستمرار.. ونضيف أيضا هنا فقدان المعيل بسبب عشرات آلاف الضحابا للعمليات الإرهابية ونتائج الصراع الطائفي الدموي  مع عشرات آلاف أخرى من المعتقلين بلا تهمة ولا محاكمة...

وللحديث عن حجم الفقر في عراق ما بعد 2003، يلزم أولا رفض الأرقام الصادرة عن مؤسسات حكومية يديرها في كثير من الأحيان شخوص بلا شهادات؛ ربما يمتلكون شهادات ولكن لا علاقة لها بالتخصص ولا بعصرنا وحاجات سوق العمل الفعلي وطبيعة المهام الوظيفية المناطة بهم.. وهم في الغالب بلا خبرات مهنية ولكنهم يتحكمون بالمسؤوليات العامة في ضوء نزول المحاصصة و [ثقافة (عفوا) آلية أو نزعة اقتسام الغنيمة] إلى مستويات وظيفية دنيا حيث لم يكتفوا بتقاسم الحصص الوزارية والمناصب العليا. إن ضعف الكفاءة في إدارة المؤسسة لم ينجم عنه ضعف الانتاجية حسب بل نجم عنه تفاصيل سلبيات المعادلة الاقتصادية واستيلاد مشكلات جديدة في كل حركة غير مدروسة.

وللحديث عن فجوة الفقر ينبغي أن نرصد حقيقة الرواتب الخيالية التي ليس لها نظير عالميا لموظفي الصف الأول في الدولة حتى أن أجور التشغيل لعدد  محدود من هؤلاء يشكل عبئا ثقيلا ورقما مهما من نسب الموازنة العامة؛ في مقابل خط فقر يتحدث عن فتات الأرقام وهزيلها إذ يكتفون بحد أدنى يعادل 77 ألف دينار طبعا للإعلان عن أرقام ونسب معدلة في حجم الفقر! بينما لو قرأنا الأوضاع بخط حقيقي يعكس ظروف العملة والقدرة الشرائية وطبيعة الأجور والأسعار وتفاصيل الحمل الثقيل الواقع على كاهل الفقراء لتأكدنا من أن حجم الفقر عراقيا، ونحن دولة نفطية، يفوق دول أفريقية وآسيوية من تلك التي تصنف في قاع آخر 25 دولة عالميا من تلك التي ليس فيها أية ثروة كما العراق...

إنَّ نسبتي بطالة وفقر بحجم 30% و23% على التوالي هما أرقام جد متهاودة أمام هول الحقيقة وتراجيديتها. ولابد لنا حين نحكي عن نسبة بطالة تقترب من ثلثي طاقة العمل وأن نسبة الفقر ربما فاقت الـ7 ملايين نسمة لتصل إلى ما يفوق العشرة ملايين، لابد لنا حينها أن نتحدث عن وسائل تسريبها وحلحلة الأوضاع الناجمة عنها بالتعايش السلبي بوساطة خوانق استغلال ضاغطة يجسدها اتجاه الخضوع القسري لجرائم فساد وإرهاب تقض مضاجع المجتمع غير المستقر أصلا..

أما الحديث عن الحد الأدنى لخط العيش الآمن سواء للأمن الغذائي أم لغيره فإننا يمكن أن نسأل فقراء العوائل أنفسهم عن حجم الانفاق سواء على الغذاء أم الطاقة [من كهرباء ومن محروقات] أم النقل [وعلينا هنا أن نذكِّر بأن نسبة ما بات يدفعه المواطن على السكن والمحروقات والمياه بعد أن كان يعادل 13% عام 1993 صار 29% عام 2007 مع التنبيه على تفاصيل مثل عدم ثبات سعر العملة؛ وبالمناسبة نشير إلى تضاعف الصرفيات على النقل من 5% إلى 10% والأمر حاليا في تزايد!؟ ولمعرفة الحقيقة وتحديد خط الفقر يمكن أن نسأل الفقراء أنفسهم عما يصرفونه على الصحة التي أمست فعليا غير مجانية اليوم وغير مضمونة ولا مؤمَّنة مع التنبيه على مشكلات معقدة جديدة تتمثل في تصاعد نسبة الإصابة بالأمراض المزمنة وشمولها فئات عريضة وظهور أمراض مجهولة وأخرى معدية وانتشارها كالأيدز وغيره وأمراض خبيثة حادة كالسرطان مما لا تقوى إمكانات الفقراء على متابعة علاجه ومثلها أمراض وراثية ناجمة عن مسببات التشوه والإعاقة وما شابهها. وعلينا لقراءة المشهد أن نتحدث عن تفاصيل تسرب الأطفال من الدراسة لإعالة أهاليهم وهؤلاء في الغالب من دون معيل حيث اختفاء الأب وعجز الأم حتى أصبحنا نشاهد أمهات بعن بناتهن وصارت سوق بيع الأطفال رائجة [كما تسرّب بعض الجهات الصحافية] حتى في أقرب مكان من أعلى مستوى حكومي[المنطقة الخضراء]!!!

والآن لنقرأ مجددا أرقاما رسمية تقول: إنَّ فجوة الفقر لا تتجاوز الـ 4.5% مع أنها تشكل ثلاثة أضعاف هذا الرقم في الريف على وفق الحكومة. ولنتساءل قبل ذلك عن الفرز الطبقي وهول فجوته بالتساؤل عن معدل الدخل السنوي لطبقة المناصب العليا التي تصل إلى ملايين الدولارات وربما لطبقة دونها مباشرة لما يصل فيه الدخل  لمئات ألوف فقط لاغير من العملة الصعبة! فيما لا تصل بحسب خط فقر حددته الحكومة ذاتها لـ730  دولار سنويا لمن يتوسد ذياك الخط الأليم.. واذهبْ، قارئي العزيز، أبعد الآن لتقرأ أوضاع من هم تحت الخط من سكنة  بيوت الطين وجريد النخيل والصفيح ممن لا يدخل بيوتهم وارد عمل ولا تشملهم رعاية اجتماعية، فماذا يمكننا  أن نضع حجما لدخلهم المعتمد على البحث في بقايا الفضلات من أجل قوت يوم يبقيهم على قيد الحياة! كيف يمكن لامرئ أن يقرأ تلك الأرقام وحقيقة مقدار الفجوة؟ إنه لمن السخرية بالعقل والمنطق أن نقف على فجوة بأقل من 5% وطبعا من أصدرها قصد الإعلان عن دقته عندما تحدث عن الأرقام العشرية بعد الفاصلة [4.5%]!

على أية حال، ففجوة الفقر مريعة في حقيقتها لو تمّ الإعلان عنها.. وتلك الفجوة ليست مجرد مشكلة أمن غذائي  ولقمة عيش بل هي ذاتها الفجوة التي تشكّل المنبع الحقيقي لمشكلات الجريمة من فساد وإرهاب. إنَّها الثغرة والمنفذ لأية قوة معادية  تبتغي اختراق البلاد وإخضاع العباد. وليس بالضرورة أنْ يكون العدو خارجيا؛ فلربما كان هنا بيننا يعمل من أجل تفكيك البلاد وخرابها على خلفية  الاستمرار بإشاعة الفقر، وجعله ظاهرة تنخر في الوجود الوطني للبلاد وفي العيش الإنساني [للعباد]...

ولكن، وبغية استقصاء الظاهرة بدقة وموضوعية، لنبحث عن فجوات أخرى؛ فبين الريف والمدينة فجوة لا يسميها من أصدر تلك الأرقام والنسب. فالفقر في الريف يشكل 39% فيما هو 16% في المدينة أي ما يقارب مرتين ونصف وربما أكثر من ثلاثة أضعاف لو قرأنا الحقائق. والمشهد يقول: إنَّ نسبة الفقر في محافظات كوردستان تقل عن الـ10% [ب‘شارة لتطورات إيجابية] فيما تصل محافظات العراق الأخرى في نسبة الفقر لأكثر من 40% وفي الريف العراقي تصل النسبة إلى 75% في المثنى و61% و60% على التوالي في كل من بابل وواسط أي بنسبة بين الثلثين والثلاثة أرباع من أبناء تلك المناطق يعانون آلام الفقر ويجابهون مشكلاته!

وربما رفضت بعض التقارير الحكومية الرسمية الربط بين الفقر والبطالة وقصرت الأمر على ضَعف الإنتاجية وهي بهذا تتعامل بصيغة ترى الفقير لا يحصل على أجره لضعف إنتاجيته وكأنّه يعمل بالقطعة عند من يقدم تلك الدراسات التي ينبغي أن تقرأ عبر عناصر متنوعة مركبة كيما تكون النتيجة علمية دقيقة. وهي [أيضا] تغفل حقائق ، على سبيل المثال لا الحصر، أنّ عمل 56% ممن هم حول العشر سنوات بلا أجر فيما عمل النساء بغالبيتهن العظمى يتم بلا أجر في الريف وبأجور متدنية في المدينة خلا ساعات استنزافهم المضافة؛ ويتغافلون عن كون  ما يحصل عليه [نصف المجتمع] أو القسم الأفقر في البلاد من الدخل لا يتجاوز الـ7% مقابل 43% تذهب للخمس الأغنى ممن يتقاضون أجورا خيالية مقابل أنشطة لا تساوي مدخولاتهم: فأي توزيع عادل للدخل!؟  

على أننا ينبغي أن نقول: إنّ بلادا نفطية كالعراق فضلا عن مواردها الطبيعية الأخرى وغير الطبيعية لا يمكن أن تستمر فيها ظاهرة الفقر إذا ما اتخذت خطوات عمل جدية مناسبة وتوافرت إرادة سياسية وإدارة عامة تستند إلى العقل العلمي العراقي وخططه الملائمة الأنضج. وإذا ما تجنبنا شروط البنك الدولي وآلياته التي تسمى الاصلاح الاقتصادي في وقت  لا تمثل هذه التسمية سوى غطاء لفكرة التحول من الاقتصاد المخطط إلى نظام رأسمالي مشوّه [بتقصّد] في بلداننا بسبب من الاستثمارات الريعية وتلك الطفيلية  التي تجسد أدوات نهب الثروة الوطنية من جهة والسطو على جهود أبناء البلاد والإبقاء على الظواهر السلبية في مسيرة الاقتصاد وعدم النظر فعليا لجموع المتأثرين بهذه السياسة الاقتصادية المريبة.. ومن بين التهديدات التي تعرض لها العراقي في السنوات الأخيرة بسبب ما سميّ سياسة الإصلاح الاقتصادي، محاولة إلغاء البطاقة التموينية [المريضة أصلا] الأمر الذي يعني إمكان أن تتصاعد نسبة من يقع في دائرة خط الفقر بما يزيد على الـ11% لتنقل الرقم الحكومي الرسمي نفسه إلى نسبة 34% مذكرين هنا أن الرقم الحقيقي قد يتجاوز الـ40% كما تذكر بعض التقارير الإحصائية ونراها أكثر من ذلك بحسابات استقراء الواقع.

إنّ الأرقام الحقيقية لأوضاع الفقر بحاجة لإعادة رصد في ضوء إحصاء سكاني شامل وفي ضوء قراءات مختلفة نوعيا تنظر إلى الوقائع كما هي وبدلا من تقدير حوالي 77 ألف دينار شهريا كخط فقر، لنتذكر أن بعض القراءات تشير إلى أن 800 ألف دينار لا يمكنها أن تطارد حاجات الفرد والعائلة العراقية بأسعار اليوم ومتطلباته. وفي ضوء ذلك تكون فجوة الفقر متسعة بعمق ونسبة الفقر بأرقام مضاعفة..

لكننا إذ نشخص ظاهرة الفقر ونقرأ حقيقتها لا نكتفي بإيراد تلك الصورة المأساوية ولا الاكتفاء بتقرير السبب الجوهري الكامن في تحكّم مثلث الطائفية الفساد الإرهاب بالإدارة العامة ولا نتوقف عند إشكاليات الخطاب السياسي ومطالب التغيير والبحث في إرادة سياسية مخلصة وناضجة لتحمل المسؤولية وإنما نحاول، مع كثير من الباحثين المتخصصين من ذوي الخبرة والكفاءة، وضع أسس مبدئية أولية لمعالجة الفقر في البلاد مقترحين من أجل ذلك خطة تتناسب وموضوعية قرار عراقي بتحمل مسؤولية رفع نتائج الفقر عن كاهل الواقعين تحت تأثيره ونجملها بالآتي:

 

1.  ضبط الوضع الأمني وإشاعة الاستقرار. فمقارنة بسيطة بين كوردستان وبقية أنحاء البلاد تشير إلى الفارق الأمني ونتائجه في تجاوز الفقر وغيره من الظواهر السلبية.

2.  إطلاق عجلة الاقتصاد بالاستثمار الإيجابي لا الطفيلي وبالموازنة بيين القطاعات وأولوياتها وتحديث الصناعة والزراعة ووضع خطط إنقاذ مركبة سريعة مباشرة وطويلة الأمد بخاصة بشأن تشغيل طاقات العمل المعطلة.

3.  مكافحة الفساد بأشكاله وبأعلى مستوياته أي الشروع من رأس الهرم ووضع آليات مناسبة لإنهائه بوجود مشاركة أممية بالخصوص سواء بالخبرات أم بالبرمجة والتنفيذ والمتابعة.

4.  تعديل الأجور وسلمها ووضع ضوابط للحدود الدنيا والعليا لها. ومعالجة مشكلة الأرقام الفلكية لأجور المناصب العليا في الدولة.

5.  معالجة مشكلات العملة وتضخمها وقدرتها الشرائية وربط متغيراتها بأية سياسة منتظرة بشأن الموازنة بين الأجور والأسعار.

6.  تفعيل حقيقي جدي لقانون الضمان الاجتماعي ووضع آليات مناسبة لجعله في خدمة إزاحة شبح خط الفقر عن كاهل الشرائح المعنية أو المشمولة به.

7.  تفعيل البطاقة التموينية وتصحيح مفرداتها ومعالجة الخلل فيها.

8.  حل مشكلات السكن والخدمات العامة والشروع بعمليات  تجديد الأبنية الخربة مع ما يرافقها من خدمات أساس وتحديدا بناء القرى العصرية وبناء المدن الجديدة وتحديث القديمة بآليات لا تتلكأ حتى مسافة أجيال لاحقة ببناء المساكن الشعبية الآن وليس غدا!

9.  معالجة جدية مسؤولة لعشرات آلاف العوائل المهجَّرة والمهاجرة وإعادة الأمور إلى نصابها بشأن ما فرضته الحرب الطائفية من تشوهات ومن نتائج مدمرة. ومن اللازم بالخصوص التعويض عن الخسائر في الممتلكات والأرواح وتوفير السكن اللائق وسد الحاجات الضرورية...

10.                      الاهتمام بالتعليم بجميع مراحله وجعله من أولويات الخطط والموازنات واستثمار وسائل تحديثه والكفاءات المهاجرة وأنظمة التعليم التي تستثمر التكنولوجيا الأحدث من أجل توفير الأموال والطاقات والوصول في سقف زمني مناسب إلى أفضل النتائج...

11.                      تحديث نظم الصرف الصحي والطرقات وإدخال وسائل النقل الحديثة  وتمكين المواطن من وسائل الاتصالات الأحدث، فضلا عن توفير الماء والكهرباء ومتطلبات الحياة العصرية.

12.                      التحديث الإداري وإعادة الهيكلة وتفعيل أنظمة قانونية لعمل المؤسسات وآلياتها في الإنجاز ومستويات الإنتاجية...

13.  استعادة المنهوب وليس الاكتفاء بالخطب بشأن الفاسدين واستعادة المبالغ المدورة الناجمة عن عدم التنفيذ وفائض الواردات الناجمة عن فروق الأسعار الافتراضية والفعلية للنفط وهناك كثير من مليارات جرى ويجري نهبها من دون أن تعاد للخزينة ومن دون أن تعود على المواطن بتأثير!؟ وهنا لابد من التوكيد على أهمية المحاسبة وإصدار القرارات الحاسمة وتنفيذها وعدم تركها سبهلل بلا شفافية في حال مما يثير الريبة بدور في التغطية على مثل هكذا جرائم كبرى!؟؟

 

ولابد في خاتمة المطاف أن نؤكد أن هذه القراءة لا تتقصد  الاتهام والتعريض بجهة أو أخرى ولا بزعامة أو شخصية مسؤولة، بقدر محاولتها قراءة الواقع كما هو. متلمسة هنا وسائل الحل والمعالجة الأنسب.. ولكنها في الوقت ذاته تؤمن بثبات في أنّ العراقيين ليسوا شحاتين على أبواب كائنا من يكون من المسؤولين إذا ما فكر أحدهم بتجاوز آليات  تداول السلطة ونسف الخيار الديموقراطي للشعب و\أو عاد أحدهم الآخر إلى فلسفة المكرمات وآلياتها وأشكال الترقيع وإطلاق الأرقام المتهاودة المضللة واستخدام وسائل التخدير وتمييع القضايا بالتصريحات الرنانة والخطب والفذلكات التي لا تغني ولا تسمن.. فالقراءات والإحصاءات يجب أن تكون واقعية، تعكس الحقيقة. والمعالجات يجب أنْ تدرك أنَّ زمن المكرمات والتضليل قد ولَّى وأن زمن الحقوق هو ما يجب أن يكون اليوم.

 

*  ورد أصل هذه المداخلة وأبرز مفرداتها في لقاء مع إحدى القنوات الفضائية العراقية، ولربما توافرت الفرص المناسبة للاتساع بالأمر وكتابة بحوث متفرعة عنها في كل مفردة من مفرداتها وهو ما ينتظر من باحثاتنا وباحثينا في التخصص. فضلا عن جهود المنظمات المعنية بدراسة حقوق الإنسان الذي يجري استلاب حياته هنا تحت وطأة مشكلات الفقر.