المقام العراقي والجالغي البغدادي شهريا في لاهاي

أ.د. تيسير عبدالجبار الآلوسي

رئيس جامعة ابن رشد في هولندا

رئيس البرلمان الثقافي العراقي في المهجر

tayseer54@hotmail.com

 

المهاجرون الذين باتت إقامتهم دائمية في مهاجرهم المختلفة مازالوا يحملون ذات السمات التي تشدهم لتراثهم ولموسيقاهم وأغانيهم. إنها مفردة من مفردات وجودهم وحيواتهم تربوا عليها حتى صارت تسري في الروح وفي نشيجها وكينونتها.. وليس بمستطاع أية غربة مكانية جغرافية أن تمزق وجود الهوية في بنية المشاعر والأحاسيس والعواطف التي تنبني منها الأنفس الإنسانية..

إن الانشداد إلى الموسيقا والأغنية التي تمثل منابع إنسان وموئل صباه أمر طبيعي وراسخ في حيثيات وجودنا.. وها هي جموع المهجريات والمهجريين يلتحمون في مشاعر جياشة حيثما زارهم فنان أو فنانة أو حيثما التأموا في احتفالية لا يتغنون إلا بأغانيهم التي ترنموا بها في شبابهم ورقصوا على إيقاعات موسيقاها..

من هذه الأرضية وأهميتها توجهت خطط الجمعيات والمنظمات المهجرية وحاولت دوما عبرها أن تعمق روابط المهجريين بوطنهم وهويتهم المشرقية حيث القضية لا تقف عند عراقيين ولا عند عرب أو كورد وكلدان أو آشوريين أو تركمان وغيرهم بل هي تشمل مجتمعنا الإنساني بعامة. ومن هذه الأرضية انبثقت  أفكار عديدة التمعت بقدح من مقترح ورد من أحد الأصدقاء الأعزاء في إقامة مقهى أو منتدى يشدو فيه المقام العراقي...

وتطويرا للفكرة واستنادا إلى توجهات تتبناها مؤسسات جامعية في البحث عن أدوات التطبيق والممارسة الميدانية الفعلية، فلربما كان دعم الملحقية الثقافية العراقية بلاهاي أو وزارة الثقافة العراقية لهذه المسألة تجسيدا لأحد أنشطة المراكز الثقافية العراقية مثلا في المهجر. وطبعا هذا النشاط يمثل جانبا حيويا ومهما لمكانته الروحية وتلبيته جوانب ثقافية بعينها لبناتنا وأبنائنا في غربتهم..

كما يمكن أن تلبي الأمر جهة استثمارية بفتح المنتدى في إحدى القاعات المهمة على أن يكون في البداية ضمن الإمكانات المتاحة دوريا في أمسية شهرية ثابتة تكون كل أول جمعة أو سبت ذلك أن الجمعة أو السبت يمتلك فيهما المهجريين فرص الاستراحة والعطلة الأسبوعية كما أنه سيكون بشكل شهري مريح في التفرغ له والحضور  ليتعرف فيه جمع المهجريين لفرص طيبة للقاء من جهة ولربما كانت في ثنايا المشروع فكرة المسرحة للقصخون العراقي التقليدي ولأشكال من المسرح الاحتفالي يقدم معه الحكواتي بطريقته أو مجالس تراثية مناسبة وهكذا...

إن هذه الأفكار بمجملها تخدم ثقافة جمالية تغني الروح والأنفس وتتقدم بها خطوات إلى حيث عالم يمتلئ بفيض الإبداع ولربما كان هذا المنتدى الشهري مدرسة فنية تقرب المقام العراقي من ذائقة الجيل الجديد وتمنح فناني اليوم لقاء مباشرا بخاصة في ظرف وجود قمم الإبداع للجالغي البغدادي وللمقام العراقي هنا في لاهاي بهولندا...

نحن نجد جوزة أستاذ الموسيقا المبدع محمد حسين كمر وسنطور الفنان وسام أيوب وسيدة المقام العراقي الفنانة المتألقة دوما فريدة محمد علي.. ولكنك يمكن أن تجد قائمة مهمة أخرى من الفنانين المهمين من الصف الأول والريادي للأغنية العراقية الأصيلة وللمقام كما بصوت الفنانة العراقية الكبيرة شوقية العطار وأستاذ الموسيقا العربية الدكتور حميد البصري.. لا يمكن أن نقف هنا فهناك من شبيبتنا أسماء لامعة فازت بجوائز أجنبية عالمية وتنتظر اللقاء الحميمي مع منتديات كهذه، وإذا فتحت ذكر الأسماء فسنحتاج لمسافة قبل أن ننتهي من تسجيلهم وأترك ذكرهم لمعرفة جمهور الجاليات المقيمة..

اللقاء الشهري أو حفلة الشهر يمكن أن تجتذب جمهورا ليس من هولندا ومدنها بل من الدول الأوروبية المجاورة كما يمكن أن تستقطب جمهورا أوروبيا كبيرا ومهما من المستشرقين ومن ذواقي الفن الشرقي، وستكون يوما مركزا فنيا خالدا يؤمه السياح من مختلف الجهات...

إن هذا المِعْلم يبقى نافذة وسفارة أخرى للفن الشرقي والعراقي بألوانه بخاصة هنا المقام العراقي.. فهل من مجيب يتبنى الفكرة. علما أن أحد شبيبتنا ممن يمتلك إدارة قاعات معروفة يمتلك قاعة مناسبة لهذه الفعالية بشكل مخصوص ويمكنه توفيرها إذا ما استجاب أولا الفنانون المعنيون بتقديم الجهد الإبداعي الغناسيقي.. حيث تكون الوصلات الفنية بمستويات ومراحل..

فبين الثامنة مساء والثانية عشرة ليلا، يمكن أن تقدم إحدى مبدعاتنا الشابات أو أحد مبدعينا الجدد وصلة قصيرة يعقبها القصخون لمدة محدودة وربما لوحة حكواتية أو ممسرحة من المجالس والمناظرات ليبدأ الجالغي البغدادي بوصلتين كل واحدة لمدة ساعة أما أن تنفرد سيدة المقام فريدة في شهر بالوصلتين ويكون الشهر الآخر للفنانة الرائدة شوقية أو أن يكون لكل منهما ساعة منفردة تترتب في كل شهر بمبدعة وتنهيها الأخرى والعكس في المرة التالية..

أو ربما يتم الاتفاق بأسس أخرى.. وترتيب ينظم الأمور بطريقة تتناسب وخيارات الفنانات والفنانين لطريقة العمل..

أضيف هنا أن مركزا للمقام يمكنه أن يكون موجودا في ضوء هذه الأنشطة وترتبط الدراسات الغناسيقية مع أساتذة التخصص عبر قسم متخصص في أحد الجامعات العاملة كما جامعة  ابن رشد التي تعنى بتوجهاتها في البحث عن وسائل تطبيقية عملية للدراسات النظرية المتوافرة فيها... وهكذا فالمشروع له تفاصيل وعناصر متعددة مركبة وينتظر اجتماعا لعرض تلك الأركان والتدارس الفعلي..

دعوة للتفاعل وإلى ملتقى.

http://www.ahewar.org/m.asp?i=221

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=301474