شغيلة العراق لا يستجدون صكوك الغفران من أجهزة تقمع الحريات وتصادر الحقوق فيما تعجز عن كبح جماح الجريمة وأركانها!

تيسير عبدالجبار الآلوسي

رئيس المرصد السومري لحقوق الإنسان

اعتاد العراقيون أن يصطبحوا مع احتفاليات الشغيلة في الأول من آيار ولكنهم كما يبدو من التوضيح الذي اصدره الإعلام المركزي للحزب السيوعي العراقي لن يحصلوا على رخصة التظاهرة المحددة بين ساحتي الفردوس والتحرير.. واكتفى التوضيح بالقول"إن هذا الموقف، وأي موقف مماثل قد يأتي لاحقا، لن يثنينا عن مواصلة طريقنا – طريق الانحياز الى الوطن والمواطن، والتزام قضايا الناس وهمومها وتطلعاتها." فيما لا يجد شغيلة اليد والفكر هذا التوضيح كافيا للتفاعل مع السياسة الممنهجة لبعض الأجهزة الحكومية التي باتت تعلن بشكل سافر عن خطوات ذبح التنظيمات التي تتحدث بروح المجتمع المدني والعقل التنويري في البلاد. وهي تتخفى بأوجه وتبريرات متلونة ولكنها لا يمكن أن تنطلي على شعب خبر اللعبة مع أنظمة الطغيان والاستبداد.. وها هو يجابهها مع عناصر باتت متنفذة في أجهزة الدولة وإدارتها العليا حتى اصطبغت تلك الأجهزة ببرامج معادية لأبسط معاني الديموقراطية وآلياتها..

إننا إذ ندين هذه السياسة القمعية المعادية لحقوق التعبير نؤكد على أن دور القوى الديموقراطية لا يمكنه أن يبقى بهذه التفاعلات التي تكتفي بتوضيحات مكاتب إعلامية بما قد يسمونه ضبط النفس؛ فالاكتفاء بتلك التوضيحات (المنضبطة بسياسة المصادرة والاستلاب) في حقيقة نتائجها ستدخل مجمل العملية السياسية في خانق من يقودها الحكومة فعليا في بغداد اليوم وسينتهي بها إلى طريقها المسدودة..  الأمر الذي سيضاعف آلام الجريمة السياسية الجديدة القديمة..

وسيبقى من حق الشغيلة أن تنزل إلى الشارع وميادين بغداد للتعبير عن حقها في الوجود.. وأن يُبرهَن على حقيقة أنها المكون الرئيس في البلاد وليس قشمريات من يقسّمون الشعب بتراتبية الطائفية المقيتة ليتعاملوا مع الشعب على أنه حصص وغنائم مستعبدة يضعون كل قسم منه في خانة أتباع هذه الزعامة الكارتونية المصطنعة بعباءات وأعمة الجهل وما بات معروفا عند الناس جميعا بالدين السياسي..

إن عالمنا اليوم غيره بالأمس وإن شغيلة العراق من النضج ما يمتد لأكثر من قرن من النضالات والوعي ولن يُسحب البساط إلا من تحت أرجل الطغاة وعناصر المرض التي مازالت تنخر بمؤسساتنا في محاولة لإعادة البلاد إلى الوراء مجددا.. فــ كفى عبثا بمصائر الشعب وأنتم يا مرضى العصر، احزموا أدوات النصب وألاعيب الدجل والتضليل وارحلوا بفساد ما نهبتم من عرق العمال الساهرين من أجل لقمة نظيفة شريفة لعوائلهم.. كفى لجرائم حلف (الطائفية الفساد الإرهاب). ولْيُعلي صوت الشغيلة صبيحة الأول من آيار مطالبنا كافة، فمطالبنا ليست تسولا على أبواب ناهبي جهودنا وثرواتنا بل حقوقا ثابتة ننالها بدفاعنا عنها.. لن نختبئ خلف أبواب أكواخنا وتحت أسمالنا بل سنمزق تلك الخرق البالية ونخرج بصدورنا العارية وبحناجرنا الحرة مثلما بسواعدنا السمر لنشيد عراقا جديدا هو عراق الأمل عراق الديموقراطية والفديرالية.. وسنكنس كل أزبال الماضي التي مازالت تتشبث بسياسة الأمس الديكتاتورية حيث القمع والمصادرة والاستلاب وحيث كتم الأصوات والأنفاس.. لن نقبل بمكرمات السيد فقد اقتلع الزمن السيد الطاغية ولن نقبل بعودة طاغية يتسيّد على رقابنا وشرفنا وكرامتنا...

الحريات والحقوق فوق كل شيء وقبل كل شيء.. ونذكّر هنا بكل أعمال المصادرة والقمع من منع الحريات النقابية والتدخل في انتخاباتها والعمل على شق صفوفها واستبدال البعثفاشية في قيادتها بالفاشية الدينية الجديدة ومن تهديد النقابات التي لا تخضع لسلطة الاستبداد وسرقة ثروات البلاد بقوات الجيش والأمن إلى وقف عمل النقابات بالوزارات التي يريدون السطو عبرها على خيرات الشعب وثرواته.. إلى منع العمل الحزبي ذي الاتجاه التنويري العلماني ومحاربته بأساليب التكفير والتزوير والتضليل والأمثلة والقائمة تطول بشأن الحريات والحقوق ليس آخرها اتهام كل من يخرج على أحزاب الطائفية الزاعقة بدين التزوير السياسي بأنه عدو السلام!!!

ونحن شغيلة الوطن الأعرف بـ معاني السلام و النضال السلمي.. ونحن الذين صغنا السلام ومازلنا ننشده وسنشيده؛ أما قوى الظلام والتخلف التي تسللت للسلطة مجددا في ليل الحرب والدم وأشكال العنف الميليشياوي وغيره، فلن تستطيع البقاء بغير ما تفرضه من القمع والعنف. قانونكم الدم والجريمة والبشاعات وكلمتنا الحاسمة آتية أنْ كفى أنهار الدم وكفى أسوار الاعتقال للحريات وكفى استلابا ومصادرة لوجود الإنسان فينا.. وسينتصر السلام على العنف والموت الأسود .. بلى، سنكنس آثار الطاعون من شوارعنا وسننظف الميادين، والأول من آيار ليس سوى الرمز والمنطلق.. ومهما طال زمن بقائكم  في أبراجكم العاجية وخلف أسوار وحمايات فإنها ليست سوى هنيهة وينتصر السلام..

 راياتنا حمراء الظلاميون ومصدر العنف هم الذين فرضوا على شغيلتنا لونها بأنهار الدم وحماماته الفاجرة التي أكرهتمونا عليها..  فصوت الشغيلة يعلو قائلا: نحن نحب الحياة التي صنعناها بأيدينا...  وراياتنا بيضاء لأن الحياة التي نريد ولأن النضال الذي ننهض به وأدواته هي الحياة سلميا وهو  النضال سلميا من أجل تلك الحياة الآمنة المستقرة وهو أداؤنا..  وأدواته ليست غير  صدورنا العارية وزنود العمل التي لا تحمل سلاح الموت والدم التي تحملها أياديكم بل نحن نحمل أدوات الإنتاج وما نملك غير حناجرنا وأصواتنا العالية تنشد للسلام..

سنخرج لكم من كل بيت خاو بلا قوت يوم للجياع كما عبرت عن ذلك حكمة الأئمة الصالحين وليس المزيفين المضللين يوم قبل: عجبت لفقير يموت أطفاله جوعا ولا يخرج ليقارع الظالم" ...   سنخرج لكم من كل حي سوَّرتموه بأسوار الحصار والدمار!  سنخرج لكم في ميادين مدننا المكتظة بالأرامل والأيتام وبملايين الشغيلة الذين ينتجون الخيرات ولم يكفِكم سرقتها ونهبها بل تحاولون إعادة استعباد الناس..

إن قشمريات ربط أعناقنا بمرجع يوجهنا على وفق رغبات وأهواء ويختلق طقوسا لعبادته يزعم أنها تمتلك قدسية إلاهية لن تضللنا ولن نقبل ديانة تجعل من البشرية عبيد إنسان يتربع على عرش فرعون جديد فالدين لله وحده والوطن رمز ما ننتج وما تجنيه البشرية يبقى للإنسان المجتمع بالعدل والمساواة والإخاء ..
فكفى عبثا .. فقد فشلتم في كل شيء إلا زعيقكم بقيادة البلاد وإذلال العباد. وأنتم من جهلة الزمن المعتم المظلم لا تفقهون أمرا تفرضون وجودكم لتديروا السفينة في بحر يموج ويبقى بحاجة لربان الحقيقة والحق من المتنورين كي يصل بها إلى ميناء السلام.. ولستم أنتم من يصل بها بعد فشلكم..

اليوم نعود من جديد لسياسة الضيم والظلم.. وها هي صكوك الغفران نطلبها لممارسات سلمية محددة بأسقفكم ولا ننالها.. تلك الصكوك تتناثر بين أجنحة تيارات الطائفية والإرهاب وهي حكر عليكم تمنعنوها على وفق فلسفة الموت والحصار والتكتيم والتضليل التي تفرضونها على الشعب.. فكفى قشمريات الجريمة والاستبداد..
سنشيد عراقنا حرا ديموقراطيا فديراليا لتعود خيرات ما ننتجه لجميع العراقيين على أساس العدل والمساواة..
سنخرج مطالبين بانتخابات نحن من يسنّ قوانينها ولن نقبل الزيف والعبث لكي لا تعبر نتائجها إلا عنا وعن أصواتنا وإرادتنا الحرة..
ولكي ينتهي زمن صكوك الغفران ونحتفل بايامنا من أجل عيون أطفالنا عيون الفقر واليتم ومواجع الألم... 

ستحرر كرامتنا من العسف وليعش شغيلة العراق أحرارا ولتنتصر إرادة عراق جديد عراق ديموقراطي بحق لا بزيف وتضليل..

وإن هي إلا دعوة لتظاهرات سلمية تطالب بكامل الحقوق وليس أرباعها وأنصافها.. ومعكم يا شغيلة الوطن كل التضامن الأممي وجميع منظمات العمل والحقوق والسلام.

 

تجري في البلاد حال من تدحرج كرة ثلج لطغيان جديد؛ أدواته عناصر سلبية من تلك التي مازالت تحمل فلسفة الديكتاتورية وآلياتها.. وإذا لم نتدارك معا وسويا الأمر، فإننا سنصير إلى دكتاتورية جديدة.. ربما التحفت غطاء دينيا زائفا ولكن الجوهر الدموي يبقى واحدا، مثلها مثل كل الدكتاتوريات وفسادها وعبثها بمصائر البشر.. إن تحالف (الطائفية الفساد الإرهاب) هو من يتحكم بالمشهد اليوم، ما يتطلب موقفا حازما وحاسما من قوى التنوير بوجه قوى الظلام والتخلف.. إننا لا ينبغي أن ننظر إلى القضية من منظور على من وقع عليه الضيم ودرجة اختلافنا الأيديولوجي معه أو ربما السياسي وإلا بتنا فريسة تدرّج سلطة الطغيان في التهامنا واحدا بعد الآخر .. أيتها العراقيات أيها العراقيون، إن منع تظاهرة الأول من آيار هي مفردة من سلسلة محظورات تمارسها السلطة الأمنية بلا مبرر سوى قمع الحريات والحقوق ومصادرة المتنورين وقوى التقدم من بناة الديموقراطية والتعبير عن المظلومين حقا وليس زيفا.   فلنقف معا وسويا في طريق السلام والديموقراطية في بلادنا.. ليعلو صوتنا هادرا موحدا من أجل حقوقنا جميعا على أساس من المساواة والعدل بين جميع مكوناتنا وأطيافنا وما يقع على أخي واقع عليّ ومن هنا تأتي قراءة هذه المعالجة التي تنتظر إنضاجها من قبلكم أيتها الصديقات أيها الأصدقاء:

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=305460