تصريحات عدائية وأوراق إصلاح وهمية وجعجعة بلا طحن!

لا انتظار لغودو دولة القانون بعد اليوم

أ.د. تيسير عبدالجبار الآلوسي

                                                                                                                       رئيس البرلمان الثقافي العراقي في المهجر

tayseer54@hotmail.com

 

 

 

تتوالى يوميا عبر فضائيات تتعدد ولكنها لا تمثل سوى صوتا واحدا لجهة باتت اليوم تتحكم بالسلطة الاتحادية منفردة. وعلى الرغم من كل الادعاءات في البحث عن مشتركات وشراكة رمتها في سلة مهملاتها إلا أن تلك القوة ما عادت تخفي حقيقة نهجها. فهي تطلق التصريحات على ألسنة قياداتها الوسطية والعليا والأولى بلا انقطاع حتى وصل الأمر بهم بأن يصفوا قوى وطنية بالعدو!؟ فأين تكمن ادعاءات الحرص على الشراكة؟ وأين هي ورقة الإصلاح المزعوم وجودها من تلك التصريحات العدائية!؟ أليس أجدى بقيادة التحالف الوطني أن تنسق موقفها وتوحده من القضايا الوطنية ومن الوطن والشعب وقواه الحية قبل أن تدعو الآخرين لوقف ردودهم المستحقة قانونا ومنطقا على التصريحات العدائية؟

أين نجد الحقيقة في جوهر مواقف التحالف الوطني في التصريحات والممارسات أم في مزاعم ورقة متوهمة لا وجود لها؟ أم أن الأدوار موزعة على قوى التحالف (الطائفي) كيما يعبروا المرحلة بأقل مقاومة من القوى الوطنية الديموقراطية وكيما لا يفتحوا على أنفسهم أبواب نضالات شعبية موحدة؟ كيف نقرأ سياسة قوة سياسية؟ أليس من نهجها الفعلي ومن ممارسات قادتها وتصريحاتهم؟ أم أنهم بحق مقتنعون بأنهم سيمررون في ضوء طيبة ومصداقية القوى الوطنية وميلها للنهج السلمي تقدمهم لفرض سلطة استبداد (الأغلبية) البرلمانية التي لا تمثل الأغلبية الشعبية كما يعرفون هم قبل غيرهم؟

إن تصريحات كثيرة يمكن رصدها ولكن على سبيل المثال تصريحات مجيد ياسين لا يضارعها إلا تصريحات تنطلق من رأس كتلتهم السيد المالكي الذي طالما اندفع في أقوال تورط البلاد في أزمات داخلية وأخرى مع دول ينبغي أن تربطنا بها علاقات الود والإخاء.. وهم كما يلاحظ المتابع العراقي يطالبون الرئيس بالحياد السلبي بل بالصمت ليكون على وفق رؤيتهم تلك على مسافة واحدة من الجميع وقصدهم العلي ألا يكون عائقا ضد تجاوزاتهم فهم لا يقبلون بموقف ضد أعمالهم العدائية لأن ذلك سيحجِّم من خطط التقدم نحو مواقع أمامية من الحكم الاستبدادي الفردي.. إنهم يرفضون أي قرار قضائي أو تشريعي يدينهم ولكنهم يطبلون ويزمرون لما يقع في خندق سياسة الانفراد بالسلطة..

لقد دانوا فخامة الرئيس لتصريح يستجيب لدوره المنتظر رئيسا للجمهورية يمنع فيه التجاوز والسلوكيات السلبية أو العدائية التي تقسِّم المجتمع ومكوناته وتضعها في احتراب، على وفق تصريحات نائب دولة القانون. ولكنهم بتجاوزهم القيمي وبالأداء الذي يعتدي على القانون ويكسر قيمه لا يخضعون لمحددات ولا يقبلون محاسبة. إن هذه السمة هي السمة التي تؤكد لا الخروق والنواقص بل أن مثل هذا التفكير يجسد قيم الطغيان والانحراف عن النهج الديموقراطي المنشود نحو النهج الاستبدادي الفردي المتحقق فعليا بسبب من تركز السلطة بأيدي شخصية وحاشيتها المسماة كتلة القانون ومثل هذا النهج كان الطاغية صدام يحكم بوساطته بادعاء أنه سلطة حزب البعث الذي يزعم تعبيره عن الأغلبية!!!

إنّ المنتظر اليوم، ليس انتظار غودو الذي لن يأتي وورقة الإصلاح التي يزعمون إعدادها منذ أشهر وسنوات لطالما ادعوا باكتمالها ولكنها ليست سوى فزاعة يوهمون بأنها ستتضمن كل الأوراق والمواثيق السابقة التي افتضح أمر عدم التزامهم بها وتنصلهم من عهودهم تجاهها. بل عملهم على النقيض منها ومن كل أمر يلبي إطلاق حركة إعادة الإعمار وإصلاح الأوضاع. ومن الطبيعي أن نذكّر هنا بتكديس التسلح بأسلحة لا يمكنها أن تكون قوة وطنية لحماية السيادة من الاعتداءات الخارجية لعدم تكافؤها مع أسلحة دول الجوار المعنية ولكنها أسلحة يمكن أن تكون قوة عنفية بيد مركزية الاستبداد واندفاعاته وعدوانية نهجه فضلا عن أنها أسلحة غير محكومة بالتزامات من مثل ألا تستخدم ضد الشعب ومكوناته...

لقد ذهب وفد كامل الصلاحية من القيادة الكوردية إلى بغداد، ولكنه عاد بخيبة الأمل وبخفي حنيني ولأن القيادة الكوردستانية عند توجهها الحريص على النهج الوطني الفديرالي وعلى الذهاب إلى آخر مشوار المحاولات بقي على تصريحات متحفظة بأمل احتمال التغيير لكننا لم نجد هنا من الطرف المتحكم بالاتحادية في بغداد سوى نهج التضليل من جهة ونهج إطلاق الوعود التي تريدنا ننتظر غودو المسمى ورقة إصلاح دولة القانون غير الموجودة إلا وهما مرضيا سيعني انتظارها مزيدا من الضحايا من الشعب وتضحية كاملة بمطالب الناس البسطاء والفقراء..

إن الحديث عن أسقف زمنية هو الآخر أشبع قتلا وموتا فمنذ المرات السابقة كان لكل محاولة تطلقها القوى الوطنية سقفها الزمني ولكن حيث تقتل وتموت ينبري التحالف بلعبة الأسقف الجديدة وعلى حد قول المثل الشعبي "" موت ياجحيش..." هكذا يراد للشعب وهكذا يراد لقواه الوطنية.. فهلا ارعوينا وانتهينا من وضع اليد بأيدي صانعي غودو العراقي [من كتلة القانون ورئيسها] وهو غودو الذي لم يأتِ سابقا  والذي لن يأتي اليوم ولا مستقبلا!؟

ثم كيف يتم قبول تمرير التصريحات بلا محاسبة وبلا اعتذار على اقل تقدير؟ إن هذه الخطوة إن لم تكن حقا للجهة المتجاوز عليها وهي حق ثابت فإنها حق متجذر للشعب كي لا يتم شرعنة التجاوز والقبول به في الممارسات والعلاقات بين قوى سياسية في إطار دولة تحرتم وجودها وتحرم شعبها ومكوناته.. ومن هنا فإن الواجب يقضي ليس بضبط النفس وعدم الرد بل باستخدام كل المسالك القانونية في مقاضاة سياسية من جهة ومقاضاة قانونية حيثما استعدت الضرورة وتفاصيل الأمور.. ولا مجال للتغاضي عن الخطابات المتشنجة لأنها في الحقيقة تستمر في منح خطاب التحريض والاستعداء أوار إشعاله وإطلاق نيران الاحتراب بين قوى الشعب.. كما أنها ستكون سببا في الإبقاء على أسباب الفتن واحتمالات إشعال الانقسامات والتاناقضات الخطيرة التي ستقصم ظهر الفديرالية يوما بمركزية مقينة أو بانقسم استعدائي بديلا عن وحدة اختيارية أو استقلالية وتحرر يقوم على الاحترام والاعتراف بالآخر بودية وإخاء..

إننا يجب أن ننتهي من عبث هذه الطبقة السياسية التي باتت تتصور نفسها بحق الحاكم المطلق والأصل والفصل وأنها القانون والشرع وليس غيرها سوى تابعين خانعين أو مجرمين يقبعون في أقبية سجون مفتوحة على مئئات الآلاف وعلى جرائم تصفوية أصغرها حجما الكواتم ومئات الضحايا وآلافهم والمفخخات والاقتتال الطائفي وجريمتي الفساد التي تلتهم الفقراء والإرهاب الذي يلتهم البسطاء.. أما القوى الوطنية وقوى التحرر القومي بخاصة هنا بكوردسستان فإنهم على حد وصف بل نهج دولة القانون وقادتها ليسوا سواء أعداء يريدون محاصرتهم في أقاصي الجبال!! وخسئ من يتحدث عن إحياء جريمة كتلك التي دمرت آلاف القرى والقصبات والمدن وقتلت وأبادت مئات آلاف الأبرياء والزرع والضرع فيها!! وإنها لكبوة ولكن مسيرة العملية السياسية وتقدم العراق نحو خياره الفديرالي الديموقراطي النقي الأصيل لن تحيد وقوى الديموقراطية والتحرر القومي والوطني صاحية فاعلة تعي دورها في الحفاظ على ما تحقق وفي منع الانحراف ومعالجة الأمراض ورسم صائب المسالك إلى أمام.

لن يكون ذلك عنفا بل قوة السلام والحركة السلمية هو من سينتصر بإرادة شعبية موحدة لجميع قوى الديموقراطية والخير والتآخي والوئام. وسينضم كل جمهور الشعب حتى من الذين وقعوا أسرى الوهْمِ والتضليل الذي رسمته لهم عناصر مرضية في قمة الهرم السياسي ممن نفذ إلى الإدارة في غفلة وثغرة من مسيرة العقد الأخير وظروف معقدة تحكمت فيه..

هل ينتظر الشعب العراقي غودو دولة القانون وورقة إصلاح مزعومة؟ هل سيقبلون بتدبيج ورقة تضليلية عند تصاعد ضغط الشعب وافتضاح أمر غودو الذي يصنعونه؟ هل نقبل بتضييع السسنة ونصف السنة الباقية من عمر رحلة سرق غودو ثلثيها؟ أم ننتهي بحسم الأمر ونشرع بإعداد فرص التحدي وتوفير وسائئل آمنة حرة مستقلة تضمن تلبية خيار الشعب في انتخاباته الجديدة التي يقول فيها كلمته ويستعيد فيها حقه في استرداد ما سرق من غالي حياته المنهوبة منذ عقود؟ القول الفصل بأيدي قادة حركة العراق الفديرالي الديموقراطي الجديد ولكل مقام مقال بانتظار حسم القوى الوطنية ولا انتظار لغودو دولة القانون أو ما يسمونه ورقة الإصلاح تضليلا واستغفالا..  وللقضية بقية معالجة بأصواتكم وأقلامكم.