تداعيات غاضبة ضد مغالطات تُجرِم بحق ثورة المهمشين

الثابت والمتغير في الوضع العراقي الكارثي الماساوي

الثابت عندنا وفي كل القوانين هو الشعب ولكن الثابت في خطاب التضليل هو الزعامة والحكومة التي سطت عليها

فهل مطلوب من الشعب دفع ضرائب إضافية لسواد عيون الفشل ومن كان وراءه؟

أليس ثمن التمسك بالحكومة الحالية مزيد من الفساد والإرهاب وارهاصات مخاطرهما الكارثية؟

لماذا  يتحتم على الشعب الرضوخ لحكومة فاشلة ولا ينبغي لمن فشل في مهامه التنحي؟

هل الصائب تغيير الشعب بمعنى خنوعه وخضوعه لجلاديه وناهبي خيراته وقتلته أم الصائب تغيير الحكومة التي صادرته ببلطجة مفضوحة؟

تيسير الآلوسي

 

 

الأمور في العراق الجديد تسير من سيء إلى أسوأ إلا لحفنة من الفاسدين والمنتفعين من وراء جرائم الفساد والإرهاب. الأمور في العراق الجديد باتت تسير باتجاه الانهيار حيث تفرد العراق بكونه الدولة الأكثر فسادا والأكثر فشلا بما يعني في القراءات الدولية ومنطق العقل والحكمة أنه المهدد بالانهيار والتفكك والتحول إلى كانتونات الطائفية التي تتحكم بها الميليشيات..

 

وليس ادعاء ولا افتراء أن يكون الوصف لعراق اليوم هكذا.. وبلا مبالغة ما يجري هو مأساة وهو حضيض الكارثة. ربما استغلال تمشية أمور بعض الفرقاء وفئة أو أخرى يمنح أصواتا لصالح حكومة الفساد وربما دواعي التضليل السياسي (الطائفي) تكبل منطق التفكير السوي عند بعض آخر وربما التخويف وإثارة الرعب والتهويل وإرهاب الناس يفرض الصمت على غيرهم، لكن ما ليس ربما ولا حال من الافتراضات والاحتمالات الظنية هو أن واقع البلاد والعباد وانهيار الدولة ليس مزحة ولا تصورا متخيلا مفترضا؛ إنه واقع حال تمكن من مؤسساتنا المنخورة! والنتيجة أنْ جعجعة بلا طحن وأن موازنات فلكية خيالية ولا مردود لحركة البناء والتقدم!؟

إن المنطق يقول: لا وجود لإجابة محتملة ومتقبلة دفاعا عن الحكومة العتيدة التي من فرط انحرافها أنها ماعادت حكومة وحدة وطنية؛ ولا حكومة شراكة، ولا حكومة توافق ولا حتى حكومة محاصصة حزبية فقد حسم الأمر وباتت حكومة استبداد لا يحتاج لكثير عناء كيما تفضح هذا الفساسد والاحتكار ممارساته الفعلية.. علما أنه ما من طاغية و لا متجبر ولا طاغوت ولا دكتاتور قال عن نفسه إنه مستبد يسطو على حيوات الناس. ولا تنتظروا من زيد أو عمرو أن يقول هذا كي تتعرفوا إلى حقيقته وتتخذوا القرار..

إن أكثر ما يحزنني هو سلبية بعضهم تجاه ما يجري وصمتهم عن الجرائم المرتكبة في مجالات حقوقية أصيلة ورئيسة كحق الحياة. وكحق العيش الإنساني وبلا مذلة وبتوفير الحدود الدنيا من العيش الكريم.

وبدل انتقاد الحكومة الفاشلة بل التي ترتكب الجرائم المتوالية بحق الوطن والشعب وبدل الانتباه على مخاطر السياسات الجارية وإلى ماذا تؤدي .. يتجه بعض المحسوبين على التحليل الاقتصاسياسي أو الاجتماعي العام أو السياسي لينتقدوا مظاهرات الشعب العراقي لمجرد أنها انطلقت من جغرافيا الوطن الغربية!!

لقد انطلقت في الآونة الأخيرة إدانات للتظاهرات و عدّتها رجعية وشبهتها بتلك التي وقفت ضد ثورة 14 تموز الوطنية.. هكذا بالجملة والمفرد توزع الاتهامات وتطلق التوصيفات لسواد عيون حكومة الفساد وقادتها المتفردين بالسطو على مقدراتها.. وهم يتوهمون أنهم يقدمون تحليلا موضوعيا وأنهم لا يندرجون في خانة من يجيرهم لمعركة قوى الطائفية المريضة!

إن الأوضاع العراقية باتت من السوء ما يجب على القوى الوطنية الديموقراطية الشريكة في العملية السياسية التنادي لمؤتمر يكاد يفقد موعده ويتجاوزه الزمن وتصير قدرات المبادأة بيد من يتحكم بالوضع الأمر يفرض التعجيل به.. ولأولئك الذين يشكلون القوى التي تقود الحركات الشعبية  بتياراتها الوطنية الديموقراطية أن يتنادوا للانتفاض على الاستبداد وبوادره..

فالشعب بلا خدمات يتحمل، وبلا حقوق ولا حريات يمرر حتى حين ولكن بحال من الاستعباد  والإذلال والدفع به إلى أسواق النخاسة بل إلى مذابح ومجازر أكثر مما هي عليه اليوم لا يمكنه أن ينتظر دوره في مذبح الطائفية ومن يتصدر قيادة آلتها الجهنمية.

إن الأساس في الأمر في نظم الديموقراطية يكمن في تكرار استفتاء الشعب عند مثل هذه الأزمات الغائرة في العمق ولعل الانتخابات والتداول السلمي للسلطة هي الامتحان والآلية وبوجود ضمانات للشفافية والنزاهة واحترام إرادة الشعب وصوته وخياره.. والأساس في المرجعية في النظم الديموقراطية أن السيادة والسمو الدستوري والمرجعية هي للشعب وليس للحكومة المختارة لإدارة مرحلة وما يجري في بلادنا هو إخضاع القوى السياسية بالقوة والبلطجة لإرادة إحادية بل إخضاع الشعب لتلك الإرادة ممثلة بفرد وربما بعض منتفعين في حركته وحزبه!!

إن المظاهرات الوطنية العراقية الأصيلة التي خرجت ليست طائفية وليست رجعية إنها تعبير عن الاحتقان وعن الأزمات التي وضعت قيادة الحكومة الحالية والسابقة البلاد والعباد فيه.. إنها تعبير عن إرادة الشعب العراقي حتى لو كان المشاركون فيها بحجم يمثل نصف أو ثلث الشعب فالشعب يتظاهر وينتفض بقوى وحركات فيه ولا يدفع بالرضيع إلى الشوارع لأن هذا ليس من منطق الأمور!!؟

إن التضليل الطائفي والقمع وأشكال الحصار والضرب بيد من حديد ونار هو الوسيلة لتعطيل انتفاض شعبنا في شرق البلاد وجنوبها مثلما في غربها. ولن يطول التعطيل ويوم تنضج القيادات السياسية ستأتي لحظة التغيير الحقيقي ديموقراطيا..

وبالمناسبة أوجه كلامي إلى من يتحدث عن رجعية المظاهرات وانتمائها لمعسكر مظاهرات 1959، تلك المظاهرات حتى لو دافعت عن أتباع مذهب ديني يعاني من التهميش وكان هذا حقيقة واقعة فهي محقة وهي سليمة ولا تنتمي لرجعية أو طائفية  بل هي رد على النهج الطائفي القائم على التهميش والمصادرة وعلى الشروع بضرب فئة أو جهة لينتهي الأمر بالسطو على كل المشهد في البلاد وأبسط ساذج يعرف كيف يقوم الطغيان ويتأسس وجوده...

أما وجود عناصر متطرفة وطائفية ورجعية في هذه المجموعة السكانية أو تلك فهي حالة تتقلص وتعالج لا بالاتهامات بالمطلق كمن يقول عن السنّة أنهم إرهابيون!!؟ وكمّن يقول عن الشيعة إنهم بالمطلق صفويون!! فهذه ليست مهزلة حسب بل جريمة لم نقبلها من الطائفيين وأضاليلهم لنقبلها هذه المرة ممن يعد نفسه في تيارات وطنية ديموقراطية!

إن حرب الطغيان الطائفي للحكومة الفاسدة في بغداد والمسطو عليها بانقلاب رجعي معادي لمصالح الشعب ومعارض لوجود دولة عراقية سليمة هي تلك الحرب وطبعا قياداتها التي تحاول بشتى السبل جرّ الاحتجاجات الشعبية إلى العنف حيث المطلوب قطع رأس التظاهرات وسحقها بالعنف. وهي ذاتها التي تطلق خطاب توصيف التظاهرات بالطائفية وتعمل على التدليل على أوهام مزاعمها بمحاصرة التظاهرات في مناطق جغرافية من الوطن وباللعب على الحبلين مع مناطق أخرى.. وإلا فما انتفض من أجله أبناء الغربية هو ذاته ما يعاني منه ويطالب به أبناء الشرقية والجنوب..

إن محاولات جدية مشرقة جرت في تطهير المظاهرات من المندسين من أتباع جهات حكومية وأخرى إقليمية لدفع بعضهم لرفع رايات القاعدة الإرهابية ولرفع شعارات طائفية حصرا ولإشعال الفتنة فيما الحقيقة المشرقة أكدت تمسك أبناء الغربية بوحدة الوطن وسيادته وبالدفاع عن الكرامة والحقوق والحريات وطنيا وعلى الرغم من ضعف التيار الوطني الديموقراطي وعدم نزوله المباشر ميدانيا إلا أن قيادات التظاهرات حافظت على وطنية التوجه رغما عن محاولات شق الصفوف بالرشى وشراء الذمم وبدفع عناصر متطرفة متشددة مدفوعة الأجر وبمحاولات الاغتيال والتهديد والوعيد وبخطاب إعلامي سياسي مغرض وباستغلال قوى الدولة استغلالا منحرفا معاديا لأية حركة شعبية

إنني أحذر تلك الأصوات التي تكتب ربما بوعي وعن قصد أو عن جهل ورعونة سياسية من الإدلاء بتحليلات تضخ في الخطاب الطائفي نيران حقد ولصالح حكومة الطائفية والاستبداد

بينما الواجب يقول إن عليهم التصدي للتضليل وللجريمة الجارية يوميا

ينبغي دعم التظاهرات وتوضيح إيجابياتها ودفعها لمزيد من رفع رايات الوطن والوطنية ورفض الطائفية بأشكالها ومنع أي خطاب طائفي مرضي أن يخترقها تحت مختلف الضغوط، فإن مقتل مطالب الثورة يكمن في هذا المرض وهو ما تريده القوى المستبدة الجديدة

إنني لا أرى في المالكي زعيما أبديا مطلقا ولا سلامة في خيار بعض عناصر تشاركه برامجه اللامنطقية وربما المقصودة لإضرار البلاد والعباد  ولا أعرف قانونا ولا سياسة ولا ضميرا يقبل التمسك بمن يؤدي ببلاد لهذا الحضيض وليس من المنطق أن نخطّئ الشعب فهذا المنطق لا يرى فيه أبسط إنسان صوابا إن المنطق لا يرى صوابا في التمسك بموظف والتخلي عن الشعب!!؟

وتساؤلاتي هنا ببساطة تقول:

هل مطلوب من الشعب دفع ضرائب إضافية لسواد عيون الفشل ومن كان وراءه؟

ألا تكفي عشر سنوات عجاف منحت لهذه القوى لتقديم برامجها في إدارة البلاد؟

أليس ثمن التمسك بالحكومة الحالية مزيد من الفساد والإرهاب وارهاصات مخاطرهما الكارثية؟

ولماذا  يتحتم على الشعب الرضوخ لحكومة فاشلة ولا ينبغي لمن فشل في مهامه التنحي؟

هل هي ملكية طابو لمن أثرى واغتنى وأفسد وأجرم طوال عشر سنين من البلاء؟ ومن منح تلك الملكية لهم؟ و أين موقع الفقير المعدم من ثروات البلاد ومن حقه في العيش الكريم بلا مهانة وبلا استغلال؟؟؟

 

ولمن يتهم التظاهرات بكونها رجعية لن أتهمه بالخيانة ولا بكتابة أمر مدفوع الأجر ولكنني أشخص فيما كتبه رعونة سياسية وعليه أن يحدّث من قدراته في التحليل أو يصمت لأن القضية تشمل الناس وحيواتهم ووجودهم وحقوقهم وحرياتهم وهي ليست أمرا للعبث والتصنع في إطلاق مقالات وتدبيج بيانات تبريرية للخطل والخنوع...

ولمن وقع في فخ التضليل أبشره بأن انتصار الشعب العراقي للديموقراطية آت غير بعيد ومثل الشعب العراقي مثل كل شعوب الأرض فلا تضعوا العربة أمام الحصان فالحكومة الحالية - وهي نفسها السابقة - أجرمت بحق الشعب وعليها التنحي لحكومة تعد لانتخابات ديموقراطية..

وهذا لا يتعارض مع خيار الشعب للعملية السياسية والأداء السلمي بل يجسد هذه الحقيقة.

بقي توكيد أخير قبل أن أختم؛ نعم هناك في كل فئات الشعب عناصر تطرف وعناصر تمثل خطابا غريبا أجنبيا ولكن هذا لا يعني اتهام الشعب بأمر والخنوع لأوامر قوى هي ذاتها التي تلعب لعبة أنا أستغلك دفاعا عنك ضد الأجنبي فقد شبعنا من ذريعة الاستعداد لإسرائيل وهذه المرة الاستعداد لمقاومة العرب والسنة وقشمريات أخرى، ونحن نرى ونحيا يوميا كم هي دماء العراقيين جميعا شيعة قبل السنة تسيل أنهارا بلا من يوقف نزيفها!!

إن التظاهرات هي أداة الشعب لوقف النزيف من الوطن الواحد ومن الشعب الواحد بكل أطيافه وألوانه ومكوناته وبمساواة بين الجميع...