استنكار ما يجري لأطفال سوريا والعراق وفلسطين

وتطلع لتقديم باقات ورود بيضاء بمناسبة اليوم العالمي للطفل

أ.د. تيسير عبدالجبار الآلوسي

رئيس جامعة ابن رشد في هولندا

رئيس البرلمان الثقافي العراقي في المهجر

tayseer54@hotmail.com

 

 

بمناسبة اليوم العالمي للطفل نريد أن نساهم بقرع نواقيس هذه المناسبة عساها تنفع في صحوة هنا أو انتباهة هناك.. الأهم والأبرز في هذا التنبيه هو أن تذكِّر المناسبة بحقوق الطفل الضائعة؛ وأن نتذكر أننا بمجابهة عالم متوحش تكثر فيه الأمراض النفسية والاجتماعية مثلما انعكاسات المشكلات الخطيرة اقتصاسياسيا من مشكلات الفقر والبطالة وتشغيل أو عمالة الأطفال وما تفرضه كل تلك الجرائم من نظم استغلالية، فتُستلب فيه حريات وحقوق للكبار فما بالنا وصغارنا!

إنني مفجوع بما آلت إليه أوضاع حقوق الطفل في مجتمعاتنا الإنسانية برمتها، أقصد ايضا الأطفال في دول التقدم التكنولوجي والديموقراطيات، وأخص منهم أطفال مخيمات اللجوء وعوالمهم الخفية المستترة! فإذا كانت بعض الأوجه هناك فيها سلامة من بعض أبوابها، فإنني أكثر فاجعة بشأنهم في بلداننا النامية أو المتخلفة ومنهم تحديدا أطفال سوريا اليوم وأطفال العراق وفلسطين!!

فهناك اليوم أبشع مشهد للحرب العبثية الدموية الكارثية، مشهد أكثر همجية يطيح بكل معنى لقيم احترام الطفولة وتجنيبها بشاعات أبسط من تلك التي يعيشونها منذ سنتين وأكثر بوحشية لم يصفها قانون أو لائحة حقوقية أو اتفاقية أممية!!! إن كوارث الاعتقال والتعذيب وتقطيع أجساد الطفولة البريئة هي بعض مما مارسه النظام وجرائمه التي لا توصف! فالوجه الآخر لممارسته ومواصلته جرائمه المازوخية، كان في إطلاق الرصاص الحي عليهم وهم يخرجون من مدارسهم الابتدائية بعمر الزهور وهناك إلقاء القنابل المحرمة عليهم وعوائلهم في ملاجئ العراء! وهناك صواريخ الموت هدايا [من النظام ومن بعض أوباش يحاولون اختراق الثورة بأمراضهم وبجرائمهم!؟] وهناك العقارب السامة التي يرسلها (البلد المسلم)، وهو بنك الإرهاب ورصيد تموين الجريمة وإدامة سيول أنهار الدم، لمخيماتهم التي تفتقر لأبسط شروط الحماية. وطبعا هناك الجوع والحرمان من الرعاية الصحية والتعرض لتجارة إقليمية فجة ببيع الصبايا (بذريعة تزويجهنّ للستر!) والاستغلال الجنسي لأطفال تحت سن الـ15 مثلما يحصل لأطفال كثر بفلسطين!!! هل تتذكرونها!؟ ألا تستحق وقفة تعالج ما يجري فيها منذ أكثر من ستين سنة من الشدائد؟

أما أطفال العراق، فهناك الولادات المشوهة التي باتت صورة معتادة [هل تتذكررون اليورانيوم المنضب؟]. ومع المواليد السليمة خلقيا تجابه الطفولة أمراض لها أول وليس لها آخر حتى إذا بلغ السادسة ابتلعته شوارع التشرد وأوكار الجريمة وأدناها ذاك العمل القسري بكل استباحاته حيث أبشع صنوف الاستغلال بأشكاله ومنه الأبشع ممثلا في المتاجرة بالأطفال سلعة تباع وتشترى وبالاستغلال الجنسي المعبِّر عن أسوأ وحشية عاشتها المجتمعات حتى الحيوانات لم تمارسها!

وهناك قيم وحقوق وحريات منها بشأن الصحة البدنية والنفسية وبشأن التعليم الذي يركز على انتماء الطفل لزمنه فيجد أطفال العراق أنفسهم اليوم منذ مرحلة رياض الأطفال يخضعون لماضويات وقشمريات طقسية ما أنزل الله بها من سلطان وتمرر كونها (دينا) وهي عين الكفر بالدين مثلما الكفر بالإنسان وقيم وجوده، لينمو معهم مرض السوداوية والتشاؤم وفلسفة التراب والقبر والموت والانتقام والتوحش وبكائيات لا يعرفون بل لا يدركون ماذا تعني اليوم بمستوى وعيهم الطفولي البريء، ولكنها تدركهم بنوازلها وعقدها ومشكلاتها التي تهيئهم لمستقبل إجرامي يتطلع إليه من يمارس بحقهم هذه الجرائم..

هذه كلمات موجزة في اليوم العالمي للطفل الذي يصادف في الغد، حيث كان ينبغي كما أرادت الإنسانية من اتخاذه يوما احتفاليا ، كان ينبغي أن يكون عيدا للطفولة يحتفلون به ويرون عالما مختلفا غير مشاهد الموت والتربية بروح الفحش والانتقام والجريمة والشذوذ.. كان وكان، وياريت ما كان! وكان يا ماكان زمن على نواقصه كان زمنا عشناه ببساطة، أما اليوم فالطفولة تجابه أبعد مما جرى ويجري من جريمة! فهلا عدنا لرشد وحكمة تنصف تلك المليارات في كوكبنا وهذه الملايين في بلداننا؟

آمل أن يساهم الجميع وأولهم النساء بالتداخلات كيما نؤكد لأنفسنا أننا على العهد نمضي معا  في الدفاع عن الطفولة والحياة ومثلهن أخوتهنّ من الرجال المتنورين أصحاب الوعي الإنساني العميق كيما نُغْنِي ونتقدم ونرتقي بوجودنا لأننا يوم نهتم بالطفولة وبسلامتها فإننا سنهتم بالسلام والحرية وبتطمين العيش الكريم.. أنا أخطاب ذاك المنزوي المقفل على تقوقعه الكهنوتي يسبح بحمد ربه علّه ينجيه مما ذنوبه وأقول له إن الرب لن يغفر لمن يُجرم وقت الاستغفار، فالتوبة انقطاع عن الجريمة وسلوك لصحيح الاعتقاد لا قشمرياته التي تداهن وتخدم المستغل المجرم فيما تضحك على نفسها قبل الضحك على الرب في الاستغفار والصلاة الكاذبة ونفاق الكلمات!!!!!!!!!!

 

فهلا وضعنا باقة ورد من كلمات من نور قلوبكم البيضاء أيها الأعزاء جميعا نساء ورجالا، شيبا وشبيبة.. هلا كانت زيارات لدور الأيتام وللمدارس والمنتديات بورود من قبس العيون؟ هلا أجرينا نشاطا في الحي لأطفالنا؟ هلا خصصنا برامجنا بهذي المناسبة زاهية بالطفولة من دراسات وبحوث ولقاءات؟ وهلا كان هذا اليوم ناقوس خير لاتفاق وعهد بالتغيير؟؟؟

 

أما عني وأنا أكتب كلماتي فأتذكر ما لي وما عليّ؛ ولا يبقى سوى اعتذاري من كل بناتنا وأبنائنا من المرضى جسديا، ومن المبتلى عالمهم بالنكبات من آليات إهمالهم في البيت مرورا باستغلالهم بأشكاله وحتى نصل مطحنة السياسة والحروب التي أتت وتأتي عليهم بمجنزرات الموت ومقاصل الوحشية!!! أعتذر لهم جميعا أصالة عن نفسي وعن مجتمعات وحركات ومؤسسات لم تستطع أن توفر حماية، ولكنني أؤكد تفاؤلا لغد جديد، إذ لم أنكسر ولن أنكسر خضوعا لزمن الاستغلال ومافيات الجريمة لأنني وكل المتنورين قبلي نشعر بعنفوان التحدي في أنفس أطفالنا الرائعين، لا تكسرهم هزيمة أو خسارة أو بشاعة حاولت تشويههم. فالأصل أن الإنسان يتنفس وأنه لم يلطخ نفسه البريئة بأوساخ المجرمين وهو ليس مذنبا ولا ينبغي أن يحيا يعيش ذنب غيره، بل ينبغي أن يحيا دوما بإصباحات جديدة وذلكم هو الوعد بالتغيير بألا نشاهد مزيد خسائر بوقف الجريمة والتحول إلى  بناء عالم جديد.

ومودتي وانحناءة لأطفالنا يوم يكونوا بحق سلاطين وجودنا عندما نوفر لهم هذا الوجود آمنا حرا يقدّس الحقوق وأنسنة وجودنا ويغادر أوهام مقدسات مرضى فلسفة القبور وتكفيريي زمننا من مخلفات فلسفة الكهوف المظلمة.

إليكم باقات ورود بيضاء كما وجودكم البهي النقي المشرق.