ما البديل الحقيقي والحل الحاسم في العراق للأزمة وتداعياتها؟

دعوة للإلتفاف حول نداء وطني وخارطة طريق للحل الحاسم

أ.د. تيسير عبدالجبار الآلوسي

رئيس جامعة ابن رشد في هولندا

رئيس البرلمان الثقافيي العراقي في المهجر

tayseer54@hotmail.com

 

تعقدت الأزمة حتى بلغت حدا كارثيا مريعا، بات يطيح يوميا بعشرات ومئات من الضحايا من الأبرياء من المدنيين وغيرهم. وإذا كان الصحيح أن مبلغ ما وصلنا إليه نجم عن ثلاثي ((الطائفية الإرهاب الفساد)) فإن من الصحيح والأكثر دقة أن هذا الثلاثي ليس شبحا فضائيا هبط في وادي الخير والسلام فأتى على الزرع والضرع ولا هو فيروس غير مرئي بات يفتك بنا عبر وجود  هلامي وهمي بل هذا الثلاثي وجود ملموس ممن لهم مآرب مرضية وانتهزوا الثغرات الموجودة في العقد الأخير كيما ينحرفوا باتجاه المسيرة نحو طريق الخراب وما يوفر لهم فرص النهب والسلب وإشباع أطماع وتعطش للجريمة والدم!!

ولكن، في اللحظة المعقدة الراهنة ما عاد الأمر مقبولا  أن نتوقف عند التنظير وتبادل حوارات نظرية، لا تغني ولا تسمن.. ولكن القضية قضية حياة وموت لآلاف من الأبرياء، الأمر الذي لا ينتظر سجالا بل يطلب علاجا فوريا طارئا!؟ هنا أصبح علينا واجب البحث العاجل في الحل الأكثر حسما والأنجع علاجا للمجريات المأساوية الجارية.

اليوم، شاهدنا لقاءات بين بعض زعامات حزبية للطبقة السياسية، وهو أمر محمود بقدر علاقته غير المباشرة بالحل، لكنه سيكون أكثر استقبالا يوم يتحول من المستوى البروتوكولي ومن الاستعراض الإعلامي الذي قد يكون مجرد ممر لأجندة محلية أو إقليمية سرعان ما يعاود لاحقا باتجاه ذات الآلية المقيتة التي تحكمت بالوضع السياسي برمته!

المطلوب؛ إذن ليس ((تبويس اللحى)) ولا قبلات ومصافحات استعراضية لا تنكأ سوى سطح الجراحات فتثير المواجع ولا يلتئم منها جرح... المطلوب؛ إقرار صريح بأخطاء البرامج التي قادت باتجاه الأزمة واحتقانات كارثية وتحول عاجل نحو البديل.

وهنا لابد من التوكيد على الآتي:

1.  سرعة الدعوة لانعقاد مؤتمر الزعامات التي بيدها إدارة الفعل الرسمي حاليا.

2.  سرعة الدعوة لمؤتمر وطني موسع للقوى السياسية في داخل الحكومة والبرلمان وخارجهما.

3.  انعقاد جلسات مجلس الوزراء بكامل الطاقم واتخاذ قرارات إجرائية جماعية مشتركة  إعدادا للمؤتمرين ولتلبية خارطة طريق نحو الحل الذي سيتم التوصل إليه وتنفيذه.

4.  التوجه للجنة سياسية متوازنة في أعمال التحضير والدراسة...

5.  مع الاستفادة بأقصى المتاح من مبادرة يحضّر لها اليوم، الأكاديميون من العقول العلمية العراقية ذات الخبرة من المستقلين غير التابعين لحزب أو جهة كيما تضع الدراسة الأنضج والأشمل للحل البديل، بعيدا عن تأثير انحياز أو ميل.

 

تجدر الإشارة إلى أن النداء الوطني، كيما نبرهن على توجهنا نحوه لا ينبغي أن يبقى حبيس الحلم والمكاتب وأوراق الدراسة والبحث وبيانات نطلقها كبالونات في فاضء إعلامي أو آخر بل ينبغي أن ينبثق من مشاركة الجماهير الشعبية الأوسع بالدعوة اليوم لـ((مظاهرة وطنية)) شعارها الوحيد خيار السلام ورفض العنف وشعارات الوحدة الوطنية ورفض التقسيمات الطائفية وخطابها.

إن التوجه لاختيار مناسبة ذكرى ثورة العشرين سيعني على سبيل المثال لا الحصر خيار معنى (الثورة على زمن العنف والتردي)، والتغيير الجوهري النوعي لمسيرة يريد الشعب وقواه التوجه بها نحو عراق جديد عراق الديموقراطية وبناء الدولة المدنية.

إنّ هذه الرؤية تنتظر تفاعلا عاجلا وتفعيلا جديا من جميع الأطراف في داخل الوطن وفي المهجر. وليكن من أجل ذلك، يوم 30 يونيو حزيران يوما لإحياء معاني الثورة التي شارك بها العراقيون بكل مكوناتهم وأطيافهم وتوجهاتهم؛ لنضعها هنا عمليا اليوم في أرض واقعنا، إزالة للتراجعات، ومحوا ، وإتيانا بالبدائل النوعية التي ترقى لزمن نحياه بعد قرن من تلك الثورة الوطنية المعبرة عن وجودنا تاريخا مجيدا وحاضرا بهيا.

إنني أضع الفكرة الآن بين أيدي قوى الخطابين المجتمعي المدني و السياسي العراقي الأعرض لا أستثني منه طرفا سواء التيار المدني الديموقراطي الوطني أم القومي التقدمي التحرري أم الإسلامي المعتدل المتفاعل مع المتغيرات. لا أستثني من العراقيين وجودا قوميا أو دينيا أو مذهبيا جميعنا مدعوون للتنازل اليوم عن شروطنا وعن تمترسنا خلف هويات  فرعية: حزبية أو فئوية أو طائفية أو غيرها.

لنعبر عن وجودنا الوطني من جهة وعن تمسكنا ببناء دولتنا التي تجمعنا كافة. ومن دون ذلك لن يحظى طرف باستقرار أو حماية أو سلامة.

الفكرة وآلية تنفيذها بملخصها هي أن يستقبل كل طرف هذه الدعوة ونداءها ويحولها لممارسسة تخصه بإعلان التوجه يوم 30 حزيران يونيو إلى الميادين بشعارات وطنية بحتة لا تحمل رايات خاصة ولا صورا  ولا علامات غير العلامة الوطنية.

إن مهمة هذه المظاهرات تكمن في تعزيز خيار الشعب لطريق العملية السياسية طريقا سلميا للأمن والأمان وللبناء وإعادة الإعمار وللتحول من حكومة بلا نظام عمل وبلا برامج عمل إلى استعدادات وافية لانتخابات مستحقة بعد ثمانية أشهر يُضمن فيها تعبير الشعب عن إرادته وخياراته.

هذه المظاهرات ستهتف للعراق ولوجودنا الجمعي المشترك ولن يهتف طرف فيها لحزب أو مكون أو فئة أو حركة أو زعيم أو مرجع.. فإن تحققت هذه التظاهرة فهو نجاح الشعب للتعبير عن نفسه ووعيه وهو نجاح الجميع للإعلان عن طي صفحة وفتح أخرى جديدة نوعية مختلفة جوهريا..

إنها صفحة العفو العام يطلقه الشعب بكل حركاته وقواه لينتقل إلى بناء مؤسساته مجددا بطريقة سليمة صحيحة. طريقة تنبني على  برامج البناء والتقدم وإعادة الإعمار وليس غيرها من قشمريات ما عشناه بألم جراحاته الفاغرة!

أما المؤتمرات المصغرة والموسعة الرسمية وغير الرسمية فهي ما ستتبناه العقول العراقية التي تثابر اليوم على إعداد ترتيبات اللقاء بجميع الفرقاء وصياغة التصورات المناسبة لعرضها على المؤتمر الوطني بوصفها برنامج عمل وتقدم إلى أمام.

 

إننا لا نخوّن طرفا هنا، ولا نتهم آخر؛ بل نرمي من مقترحنا أن نجد أرضية لوقف التداعيات الخطيرة والتحول نحو أول خطوات التغيير.

و

ندائي إلى: كل أطراف الحكومة العراقية وزعاماتها الفاعلة المؤثرة، كيما تتخذ قرارها أخيرا بالعودة لمرجعية العراق والعراقي وخياراته، ولتجاوز اشتراطاتها المخصوصة والتمسك غير المجدي ببرامج لم تمنح البلاد استقرارا ولا العباد انعتاقا من أزمة.

ندائي إلى كل قادة الأحزاب والحركات والتيارات السياسية، الزعامات والقيادات كي تسارع لاستثمار الفكرة بوصفها كرة بينية لا تعود للاعب سياسي منهم، بل هي صميم ما يفكر به الجميع ويتقاسمه في توجهه الحالي

ندائي هذا إلى كل قوة قادرة على التحرك والمبادرة الجزئية أو الكلية كي نشرع اليوم:

1. الإعداد لطقوس هذه الاحتفالية الوطنية الكبرى واستفتاء أنفسنا كوننا جميعا مع السلام وضد العنف، مع إعادة الإعمار بقوانا الموحدة. ولنضع طاقات رسمية وغير رسمية بخدمة شعارات وحدتنا وخيارنا بلا أية علامات قد تشير لما يعرقل الفعالية الوطنية المنتظرة.

2. تشكيل اللجنة السياسية الوطنية التحضيرية للمؤتمر الوطني.

3. تشكيل بنية الحكومة المصغرة لاتخاذ الإجراءات العملية لتسيير الأعمال جمعيا وبفاعلية لجميع الأطراف.

4. تفعيل لجان البرلمان باتجاه استكمال ما ينبغي استكماله وليس حصر الأمور بقيود المراجعات الرقابية الخلافية.

5. استكمال إصدار التشريعات وبناء المؤسسات المؤملة استعدادا للانتخابات القابلة.

6. استقبال مبادرة الأكاديميين العراقيين الذين يستكملون اليوم إعداد مبادرتهم بلقاء مع جميع الأطراف وتسليم لجنة المبادرة تصورا كاملا لما يراه كل طرف سياسي  مع الإجابة عن اسئلة قادة المبادرة ووفودهم.. انتظارا للمشروع الذي سيصاغ في ضوء تلك التداولات لإطلاق النداء الوطني وخارطة الطريق للحل الجذري الحاسم والنهائي الذي يقره المؤتمر الوطني ويتكفل بضمان تطبيقه حكوميا رسميا وشعبيا.

7. مساهمة السلطة الرابعة في الاتصالات والتعبئة والتشحيد لما أشرنا إليه في أعلاه. تعزيزا لوسائل التحريك وتشجيع الأطراف ولا نقول الضغط لغرض تلبية النداء.

 

إنها ومضات أولى من تحضير مازال يُطبخ على نار هادئة كي لا يقع في فخ الاستعجال والتصادمات غير الصحية. ولكن هذه الفعالية الوطنية الكبرى لن يكون أفضل لها ومن طابعها الوطني سوى اجتماع كل الأطراف في الجهد الموحد.

وليس لنا من حلول أن نتوقف اليوم عند انتقاد أو آخر، أو اتهام أو آخر، أو حال من الظنية والشك وأمراض التقاطعات السياسية. إن الحل يكمن في نزولنا المنظم بعد أن تأخر النزول العفوي وتفاقمت الأمور ولا مجال لانتظار منعا لمزيد كوارث.

فهلا تمعَّنا في النداء وأبعاد ما يريد وما يمكن أن يحقق إذا ما التقينا عليه وفيه؟؟؟