معركة الأنبار بين خطل الطائفية وتحديات الواقع المأزوم

أ.د. تيسير عبدالجبار الآلوسي

رئيس جامعة ابن رشد في هولندا

رئيس البرلمان الثقافي العراقي في المهجر

tayseer54@hotmail.com

 

البداية السياسية للطائفية في العراق؛ أنَّ أحد أجنحتها تسلل إلى البلاد فيما بعد العام 2003 ومارس مختلف الألاعيب حتى كاد ينفرد بالسلطة وسطا عليها محوِّلا إياها لأداة تخدم مآربه.. ومن أجل شرعنة وجوده اندفع ومن يقف وراءه من خارج الحدود لاختلاق كل الفرص والذرائع من أجل ولادة وتشكيل فصيل أو جناح طائفي (مقابل) يشرعن في ضوء اصطراعه معه وجوده الطائفي وفلسفته المرضية. وبأبسط الحسابات فإنّ وجود جناحين طائفيين يوفر فرصة لآلية افتعال التهديد الذي يمثله بعبع الجناح الطائفي الآخر ومن ثمّ وجود جناح حماية مقابل في ثنائية تعتاش بها الطائفية!؟ إذن فالحركة الطائفية سياسية بامتياز وهي واحدة بآلياتها وأساليب اشتغالها والحصول على مآربها لكنها تتمظهر بجناحين متناحرين سياسيا ولا تمارس عنفها تجاه قياداتها وبناها المخصوصة فهذه لا يمسها الضر إنما تقع نتائج اصطراعها بشأن تقسيم الحصص الغنيمة على حساب أبناء الشعب من أتباع المذاهب المأسورين في خيمة طوائف يُفرض عليها الانقسام ويُختلق بينها الاحتراب...

فكل جناح يوجه خطابه إلى مَن يدعي الانتماء إليهم [من أتباع مذهب وأبناء طائفة بعينهما] لافتا نظرهم إلى (بعبع الجناح الآخر) مصوِّراً إياه مصدر خطر وتهديد لهم. وطبعا كل جناح يزعم أنّ وجوده هو تجسيد بالضرورة لحماية من يدعي الانتماء إليهم وتمثيلهم ولو جاء هذا التمثيل بالإكراه والبلطجة، مع ظاهرة استبدال أدوار الظالم والمظلوم؛ وتجديد لعبة التحذير من نكبات جديدة كتلك التي جرى ويجري اجترارها لمآرب في أنفس الطائفيين وليس لدروس وعبر وجب الابتعاد عنها وتجنبها بتجنب أسباب حدوثها أو احتمال تكرار وقوعها.  

ولكن في ظروف المتغيرات الجديدة بُعيد العام 2003، ومع اضطرار الأطراف الطائفية لقبول اللعبة الديموقراطية وآليتها الانتخابية، فإنها لم تدخلها ولايمكنها أن تدخلها من دون تفصال القوانين الانتخابية بما يمكّنها من تجييرها لمصلحة تكرار التسلل عبرها إلى مواقع السلطة والتحكم بها من نافذة (الانتخابات)! ولكن حتى هذا الأمر، أي التسلل عبر نافذة الانتخابات، مع تكرار الدورات الانتخابية، لن يكون كافيا للفوز بكرسي السلطة الغنيمة! فقوى الطائفية لا تستطيع العيش والاحتفاظ بالسلطة إلا عبر أداتين هما: الفساد والإرهاب. وهي من أجل ذلك تشعل ما تراه من مشكلات بتوقيتات تعتقد أنها محسوبة لمآربها...

فبالفساد سنجد تلك القوى [الطائفية] تبني نظاما كليبتوقراطيا يمكنه أن يختلق الأزمات المتعاقبة واصطراعاتها لمشاغلة المجتمع واجترار صوته بيعاً وشراءً في لعبة مافيوية للسوق الطفيلي؛ وهي لعبة مفضوحة ولكن معالجتها تظل بحاجة لموقف جوهري نوعي مخصوص، ليس موضع تناوله هنا. وبالإرهاب تمارس [القوى الطائفية] بلطجتها على المجتمع حيث يقع المواطن بين فكي رحى مطحنة الطائفية المتشكل من سندان الفساد ومطرقة إرهابها الهمجي، وهو [أي المواطن] يبقى الخاسر الوحيد في المعارك الطائفية.. إذ أنَّ ساسة الطائفية كما أشرنا، لا يمسهم ضرّ لا من قريب ولا من بعيد..!؟ ويوم تشتعل الأمور لا يخسر مشعلو الحرائق سوى ثمن تذكرة الهروب، وحتى هذا الثمن لا يحتاجونه بل يدفعونه من الثروات المنهوبة ومن جيوب الفقراء المثقوبة عمدا....

ومن أجل قراءة مجريات الأمور في معارك الأنبار وبعد هذا المدخل الموجز؛ دعونا نسجل توطئة تؤكد أنّه في البحث عن الجريمة نبحث عن الدافع والسبب، وفي البحث عن الجريمة نبحث عن المستفيد؛  وبوساطة الإجابة عن هذين التساؤلين، نصل إلى الحقيقة ونصل إلى المجرم الحقيقي. ونحن في ضوء هذه التوطئة يمكننا قراءة (اتجاه) المعركة التي تم زجّ الجيش العراقي بها في محافظة الأنبار مع سياسة متعمَّدة لخلط الأوراق، بقصد ومن دونه، كما يمكننا تحديد أطرافها وطابع ما لديها من مآرب وغايات ومن ثمّ الخسائر التي توقعها تلك المعارك في الوطن والناس.

 

ومبدئيا لا يختلف اثنان على واجب الجيش العراقي في تطهير الوطن من رجس المجرمين الإرهابيين، ونحن هنا نؤكد دعوتنا من أجل التحشيد والوقوف معه شدّاً لأزره وتوحيدا للموقف الوطني أمام التهديد الغاشم لغزوات قوى الإرهاب.. ونؤكد أيضا على ألا يُنفَّذ هذا [أي تطهير الوطن] بالطريقة التي تمت إجرائيا ميدانيا. فلقد أوقعتنا (قيادة الجيش) في فخاخ مختلفة عديدة؛ منها على سبيل المثال لا الحصر: طابع الخطط الميدانية التي جرت عبثية وبعنتريات لا دراسة فيها ولا دقة ولاموضوعية في التعامل مع تحركات القوى الإرهابية. فكان نتيجة الأمر أفدح الخسائر البشرية والمادية في الجيش من جهة وفي المدنيين من جهة أخرى. فضلا عن هروب قوى الهمجية الإرهابية وعناصرها بأقل الخسائر. وفي موضع آخر جاءت المناورات والخطط العسكرية وحالات التردد والاندفاع مرة والانسحاب في أخرى سببا في غزو قطعان الجريمة لمدن وأقضية المحافظة، فتمَّ جرّهم أو إدخالهم فيها، عبر خطط أما أنها اشارت لجهل بآليات إدارة المعركة أو أنها تغافلت عنها بقصد ما!؟

إذن من جاء بقوات داعش والفروع الأخرى للقاعدة إلى المدن، هي عوامل متعددة منها حال انعدام الخبرات؛ الأمر الذي يتمظهر بخطط رعناء وأشكال قتال ميداني غير محسوبة العواقب بما يُحتمل أن يكون جانب من ذلك مقصودا منه العودة ثانية لتبرير الضرب في المدنيين وإيقاع الطعنات فيهم!! وعلى وفق ذلك فإنّ تلك الممارسات ربما حفزت بعض من أبناء المحافظة لاتجاهات سلبية قوَّت أو دعمت الجناح الطائفي المقابل ومن ثمّ خدمت حال صبّ الزيت في نيران الحرائق المشتعلة!! وهو الأمر المبرر [ولا أقول المسبَّب المسوّغ لأنه تفاعل غير صحي وغير صحيح، ينحصر بأفق طائفي مرضي ضيق]. وللمثال على الممارسات الطائفية: ظاهرة ترديد بعض مجندي الجيش (الوطني) العراقي لشعارات طائفية (ثأرية) مثيرة للحساسيات من جهة ومثيرة لاستعداء أبناء المحافظة بخاصة مع مرافقة تلك الشعارات والصيحات حالات اعتداء مباشر على المدنيين ومسّ الكرامة واقتحام البيوت والتجاوز على حرماتها، بالإشارة إلى ممارسات لقوات سوات! الأمر الذي تبادل المنفعة مع الجناح الطائفي المقابل الذي ردد شعارات طائفية مقابلة؛ وكل طرف يضلل أتباعه بتبرير لغته الطائفية بوجود التهديد أو بعبع الآخر! على أننا حين نتحدث عن الجيش العراقي يجب أن نسجل أنه مؤسسة من المفترض أن تكون وطنية المنحى والتركيب والممارسة ولا يستوي الحديث عن مؤسسة وطنية للدولة العراقية بمقابل قوى وعناصر طائفية من أي من جناحي الطائفية.. فلا مبرر للجيش أن يقع فريسة خطاب طائفي بأي حال من الأحوال.. وتسجيل ملاحظة عليه بهذا المنحى من الخطورة بمكان!!

ومتابعة لاستنطاق الصورة وتوضيحها نقول: في ضوء هذا المشهد جرى وسيجري اختلاق فجوة بين أبناء المحافظة وبين الجيش الأمر غير المحسوب وطنيا بل المحسوب لمصلحة قوى الطائفية بجناحيها سواء الذي يدعي سنيّته أم الذي يدعي شيعيّته. وفضلا عن عملية التمييز الطائفي في تركيب الجيش العراقي وفضلا عن ضخ البنية الميليشياوية وآليات اشتغالها فيه على حساب الوطني والمهني الحرفي وعلى حساب مصالح الشعب والوطن، فإن اللعبة تدخل في تشكيل أدوات حماية سلطة الطائفية  وأداتيها ممثلة بالفساد والإرهاب...

وتوكيدا هنا على الحقيقة، فإنّ معارك الأنبار تدار حتى اليوم بطريقة، يخدم فيها جناحا الطائفية [أي الذي يدعي سنيّته والذي يدعي شيعيته] يخدم كل منهما الآخر والضحية في المعركة ليس سوى أبناء المحافظة، أبناء الوطن، أبناء الهوية العراقية، هويةً وطنيةً، يتم الاعتداء على وحدتها بتقسيمها وتشظيتها بوساطة خلط الأوراق في تلك المعارك...

ومعركة الأنبار اليوم واقعة بين عبث الخطاب الطائفي وتحديات الواقع ومطالب الدولة المدنية في السلام والتسامح. ومن أجل توضيح ذلك فإنّنا نضع بعض الرؤى بصيغة تساؤلات نوجزها في الفقرات التالية، وهي التساؤلات التي يمكنها أن تفضح بعضا مما يرتكب بحق الوطن والمواطن بمعنى شمول المجتمع ليس في الأنبار وحدها بل في كل أرجاء البلاد. وتنطلق تلك الأسئلة من بحثها:

 

   *  عمَّن جاء بقوات داعش إلى المدن والأقضية؟ وأين كان هذا الجمع الهمجي المتوحش بكل هذي التجهيزات العسكرية الثقيلة؟ هل نزلوا من السماء أم نبعوا من آبار في الصحراء؟ أو نفذوا من خرم الحدود غير المحمية بجيش كان ينبغي أن يكون واجبه هناك حيث حراسة الحدود؟ وأين كانت قوات السيد القائد العام عندما اختبأت وتخفَّت كل تلك المجاميع الإرهابية؟ وأين تدربت وتجهزت لمثل هذه اللحظة؟ ومن حدّد لحظة المعركة؟ وكيف تم تحديدها؟ لماذا لم يجر تطهير المدن والأحياء من هذه العناصر الإرهابية حتى تمكنت اليوم أن تزحف بقوات منظمة؟ متى وكيف وأين تنظمت؟ هذه بعض أسئلة نوجهها إلى القيادة المعنية وجهدها الاستخباري؟؟؟

 

  * ومن الأسئلة التي توحي بما نريد الإشارة إليه من أجوبة وتجسد تساؤلات الشارع: هل يُقبل في أيّ جيش (وطني) في العالم أنْ يرفع رايات طائفية!!؟؟؟؟ وهل يقبل أنْ يحملَ شعارات ورموزا ورايات طائفية!؟ وهل يُقبل أن يطلق هتافات طائفية!؟؟؟ ألأم يحظر الدستور مثل هذا؟ ألا يشكل ممارسته خرقا دستوريا؟؟؟

 

 * وهل يمكن لعاقل أمين حريص على الحقوق والحريات أن يقبل ممارسات قطعات وعناصر وقيادات في الجيش (العراقي) تجاه المدنيين من اعتداءات فاقت الوصف، بدل أن تحميهم وتنافح عنهم وتؤمِّن لهم بيئتهم من مدن وقرى وواحات، ومن ساحات اعتصام!؟ وهل حقا، أن كل هذه الحشود (الإرهابية) المنظمة كانت موجودة في ميادين الاعتصام!؟؟ أليس هذا خلطا آخر أوقع الأمور في مآزق غير محسوبة؟؟؟

 

* وللمتابعة في استقراء ما جرى ويجري نقول: طيب، مارست قيادة السلطة مرة إهمال (الصحوات) وربما إقصاء أغلب أجنحتها فيما هي تعود اليوم في هذه المعركة المختلِطة بممارسات (طائفية) واضحة مفضوحة، لتطلب عون (العشائر).. فلماذا قوات العشائر هي من يقاتل الآن؟ هل سيكون هذا استكمالا لخطة [ربما] تبرر في وقت لاحق، الضرب العشوائي الاعتباطي العبثي بين أبناء المدن في الغربية!؟ أم ربما يبرر أمرا أبعد وأخطر؟؟؟ وحتى إن لم يكن الأمر كذلك؛ ألا تحسب (القيادة) لغد التداعيات؟ واحتمال ظهور قوات ميليشياوية بكل ما تحمله من أعباء وتثيره من مشكلات مع توظيف قوات العشائر اليوم؟؟؟

 

إنّ مجمل تداعيات الحرب في الأنبار تشير بوضوح سافر إلى أن اللعبة أتعس من كونها انتخابية فهذا الجانب منها يقوم على اختلاق بعبع الآخر الطائفي الذي يهدد طرفا ليصبح  الطرف الطائفي الآخر هو حامي الحمى وهو البطل .. فيضرب هذا (البطل) عصفورين بحجر حيث زعيم حزب بعينه [الدعوة] ينفرد بأغلب السلطات مستغلا ظهوره وكأنه يلجم المتشددين الإرهابيين المحسوبين على السنة فيما يبتز حلفاءه من قادة الطائفية من المحسوبين على الشيعة ليكسب الأصوات الانتخابية في جناحه ويهيئ لحلفائه من الطرف (الآخر) اكتساح المحافظات الغربية بلعبة مرسومة سلفا..

ولكننا في إطار تلك المعمعة تجابهنا أسئلة أخرى من قبيل سؤال عن القوى المساهمة في المعارك ومن ثم اتجاهات تلك المساهمات: فلماذا يتم تجاهل القوى المساهمة في تلك المعارك؟ ولماذا يجري تجاهل مصالح أبناء المحافظة بل مصالح مجمل الشعب العراقي؟ ولماذا تقف الإشارة إلى القوى المساهمة عند حدود ما يعزز الانقسام الطائفي؟ ولماذا لا يحسب لمحور معارك بعض أبناء المحافظة ضد السلطة الطائفية حساب؟ إنّ أسئلتنا هنا وإشاراتها هذه تأتي في ضوء ما باتت فيه المشاركات ليست مقصورة على (داعش) والحرب ليست محددة بهذه الأخيرة؛ ولكن هناك أيضا عودة [وظهور] قوى من النظام القديم  باتت تشتغل بصيغة منظمة وجمعية ولها تحالفاتها الميدانية، الأمر الذي يجب حسابه؟؟؟ وأبعد من هذا وذاك ينبغي التفكير بموقف الجمهور الأوسع من أبناء المنطقة الذي سيتخذ قراره في ضوء الواقع المنفلت الأمر الذي يوقع قراراته في مآزق أحيانا ستكون متناقضة مع مصالحه وستخدم اللعبة الطائفية الإرهابية؛ بسبب اتجاه إدارة المعارك وخلط أوراق قواها الفعلية وبسبب فرض الانقسام حال الوقوف قسرا مع طرف أو آخر، لا يعمل أيّ منهما مع اتجاه تطبيع الأوضاع وتعزيز مسار بناء الدولة؛ بل يعمل مع اتجاه تخريب مؤسسات الدولة أو تعطيل بنائها لمصلحة بناء نظم ماضوية مرضية تستغل الجهل والتخلف من جهة وتستغل سطوة العنف وبلطجته كما تستغل الفرص التي تمنحها إياها حال خطل التعامل مع الوضع العام من قبل قيادة الدولة حاليا!!

إذن، القضية أنكى وأخطر من تلك الرسمة السطحية التي تتركز على الكسب الانتخابي، إنها تنفلت من عقالها، بخاصة أن الانتخابات مازال عليها ثلاثة أشهر أخرى. واللعب بالنار وإشعالها بات جلي الظهور والوجود عند أغلب الأطراف المشاركة في تلك المعارك، على أنّ إشعال نيران الحروب بطابع طائفي ليس سهل الاطفاء كما يتخيله بعض من أطلق اللعبة وتوقيتها الذي ظن أنها ستبقى بحدود خدمة نتائجه في الانتخابات. إن وجود قوى محلية غير محسوبة وأخرى إقليمية ودولية بخاصة منها المخابراتية سيبقى عامل تأجيج وتحولات ربما مفاجئة وكبيرة المخاطر إذا متم التهاون بشأنها...

 

ومن هنا وفي ضوء حقائق الأمور وليس مظاهرها؛ يجب على القوى الوطنية أن تتخذ موقفا حازما حاسما اليوم قبل الغد. وأن يجري توعية المواطنين وكشف المجريات بشفافية تامة. وهذا يمكن أن يتحقق بفضل وحدة تلك القوى وبسبب من طابع اللحظة الراهنة التي لا يمكن لمواطن أن يغفل عنها وهي تكشف آليات تعامل طائفية وإرهاب دولة بمقابل إرهاب ميليشيات تتشكل منهما مطحنة ليس للمواطن فيها لا ناقة ولا جمل.

ويلزم لقوى الشراكة في الحكومة التسامي بموقف حازم ونهائي يرفض ما يجري ويخضعه لإرادة وطنية ولمجلس الدفاع وللقيادة العليا بعيدا عن حال الانفراد  بالسلطات المدنية والعسكرية التي لم تجلب سوى الكوارث.. وننبه هنا على أن ما جرى ويجري لا يقف عند حدود جريمة تقتيل في المواطنين المدنيين الآمنين بل هو تعريض الشعب العراقي لطعنة خطيرة ربما تفرز شرخا قد يؤدي إذا ما استمرت الأوضاع منفلتة إلى تداعيات نوعية أخطر قد يكون من بينها الحرب الأهلية!!! ولا يعتقدنّ طرف أن حسم الأمور بوساطة الجيش هو نهاية للقضية، ذلك أن انتهاء معركة نظامية لا يعني انتهاء فرص الإرهاب في مواصلة عنفه الدموي البشع والعسكرة لا توفر الحل لأنها لا تنهي أرضية العنف بل هي أرضيته الخصبة في وقت أرضية الحل الحاسم لن تكون سوى بالاستجابة لتلبية المطالب الحقوقية للمجتمع المحلي واتخاذ طريق التعايش السلمي  مقابل الاحتراب ونور المعرفة مقابل ظلام الجهل ومنطق العقل وحكمته ونضج الوعي مقابل منطق التخبط والتخلف.. فالسلام وحده بديل الحرب بكل تشظياتها وتمظهراتها....

 

وهذه القراءة تقول: لا تستبعدوا من الحل أمرا أو أسلوبا أو نهجا، ما دام واقعيا موضوعيا، ولكن في الوقت ذاته، يجب الحذر ويجب الارتقاء لمستوى المسؤولية ووقف الآتي من الثغرات والأخطاء ومما يُرتكب اليوم جهارا نهارا:

1.  فأولا يجب وقف الخطل في الخطط سواء كان متعمدا أم غير مقصود ناجم عن الجهل. ومن أجل ذلك يجب توظيف خبراء عسكريين وقادة مجرَّبين في المعارك ضد الإرهاب، وتعويض النقص في الجاهزية عبر الاستعانة بالأصدقاء.

2. ,ويجب وقف خلط الأوراق وحال افتعال معارك ضربت (الحراك المدني) متخفية بادعاءات محاربة الإرهاب.. فهل يُعقل أنْ يكون ميدان مثل ساحة اعتصام مصدرا للتفخيخ ولكل هذه التجهيزات الحربية التي شاهدناها..!؟ هل تنبع الأرض متفجرات أم تمطر السماء أسلحة والجيش وغيره يحيط بتلك الساحة الصغيرة المحدودة؟؟؟

3.يلزم الخضوع لصوت العقل بوقف الاعتداءات على المدنيين وإنهاء التجاوز على الحرمات واقتحام المؤسسات والبيوت الآمنة.

4. ولابد من وقف الأعمال الإعلامية التضليلية، ولتلك الأصوات ذات المصلحة في التأجيج وصبّ الزيت في النار.

5. وينبغي إنهاء الممارسات الطائفية بوصفها جريمة ضد الوجود الوطني وضد وحدة الوطن والشعب وبوصفها أرضية للخراب واشتعال الأمور.

 

 

إن هذه القضية، قضية المعارك في الغربية بحاجة لمؤتمر وطني على أعلى مستوى سيادي كيما يتم حسم الموقف ووقف التداعيات وتوجيه الجهد الوطني ضد الإرهاب وقواه وتأمين أجواء الوطن لأبنائه سلما وأمنا واستقرارا وتوجها نحو بناء الدولة المدنية.

خلا ذلك فإن الشعب حسم أمره تجاه قوى التضليل وألاعيبها الطائفية ومقامرتها بمصائره.. وتصويته لن يكون بالحيرة بين جناحي الجريمة الطائفية بل في لفظ كل الطائفيين وأجنحتهم وتشكيلاتهم وباختيار التحالف المدني الديموقراطي وحليفه الاستراتيجي حركة التحرر القومي الكوردية ركن الفديرالية في عراق ديموقراطي جديد. وعسى لمن يقرأ ويسمع الصوت أن يتعظ ويحتكم لمنطق العقل ومشورة العقلاء....