السيد الكريم علي آل شفاف

 رسالة سلام وتسامح في ضوء دعوتكم لي بالتروي؟!

المعنونة "تيسير الآلوسي . . دعوة للتروي! فالإتحادية مصلحة وطنية"


قارئي العزيز شاكرا لكم الصبر والتأني وسعة الصدر أترك رسالة السيد علي آل شفاف كما هي وأضع إجابتي بالخط الأحمر من باب معالجة النقاط على ما جاءت وكما هي عليه في تتابع فقرات العزيز آل شفاف...

علي آل شفاف

12-16-2004

 بدأت سيدي العزيز  آل شفاف مقالك بعنوان يتخذ من اسمي مفتتحا له فوجهت خطابك لي شخصيا  وهي مسألة مقبولة بخاصة وهي تعلن بعبارة واضحة طلب التروي وهو طلب عين العقل عندما يصح في حقيقته ومستهدفاته.. ولا  نية لي هنا أن أتهم ولكنها حالة تسجيل ملاحظة للتحديد والتوصيف لا أكثر..

 

إننا وللأسف الشديد,لا نزال نشاهد أو نقرأ استمرار بعض الأخوة ممن نحسبهم معتدلين, على نفس سياسة القمع الفكري والسياسي, التي تحارب كل فكرة لا تتفق مع قناعاتها. عن طريق كيل سيل من التهم الجاهزة والمعلبة في مصانع تعليب العقليات القطعية (الدوغمائية) الجامدة, والمسلفنة في معامل الشكية (السيبتيسيزما) السياسية والفلسفية ـ ربما!

 

ولكن مطلع مقال الدعوة للتروي يبدأ بالقول [ممن نحسبهم معتدلين] أي بلغة تشكيكية سرعان ما تنتقل للغة اتهامية عندما تتحدث عن [ الدوغماتية والسلفنة...] وهو أمر يحتاج لتبيان فإن كان ما وصل من مقالي حتى يوحي بأمر كهذا فأنا أعتذر وأعيد الأمر (لاحتمال) عدم تمكني من إصال فكرتي......

 

نناقش هنا الأخوة الذين كنا نحسبهم معتدلين, ولا شأن لنا بالمتطرفين الآن. فلكل منهم "شرعة ومنهاجا".

 

وتؤكد عزيز آل شفاف أنَّك كنت تحسبني معتدلا [كنا نحسبهم معتدلين] بمعنى أنك وجدتني وآخرين معي حسب تعبيرك الجمعي لسنا معتدلين أو حتى المعتدل (السني) حسب تصنيفك لشخصي البسيط لا يمكنه إلا أن يعتدي أو يتجاوز أو يلغي (الشيعي) تحديدا وتخصيصا؟!!

 

ولنثبت مبدءا مهما, قبل الولوج في التفاصيل, وهو: إن الطائفية ليست عيبا !!!!! يتهم الموصوف بها, ولكنها انتماء. . كما هو شأن القومية والدين والجغرافيا وغيرها. فإذا أردنا أن نلغي إنتماءا معينا, فعلينا إلغاء جميع الإنتماءات الأخرى. وهذا غير ممكن.   وقد يقول قائل: ليس المقصود هنا الإنتماء, ولكن المقصود هو الطائفية السياسية.  فأقول: إن الأمر لا يختلف كثيرا, فلكل انتماء تداعياته الحياتية بما فيها السياسية والإجتماعية والإقتصادية.  فلا يمكن إلغائها . . ولكن تشذب بالعدل, وعدم التعالي القومي أو الطائفي. أي أنها مفهوم ذو مصداقين: إيجابي (طبيعي) وسلبي . .  وهنا من التفصيل ما لا يسعه المقام.

 

حتى هذه اللحظة لا نجد من المقال إلا مقدمة مقصودة بشخص الاعتدال ليس في شخص بعينه وهو البارز في عنوان المقال ولكن الأمر يدخل في التعميم من لغة المقال الجمعية بمعنى  الآخر السني على افتراض المقال وكاتبه السيد آل شفاف...

ولكنه يدخل لتوكيد صريح مدافعا عن الطائفية كونها ليست تهمة ولا عيبا ولكنها انتماء ووجود ويستتبع ذلك سياسة أي في الوقت الذي لا نستطيع إلغاء وجود الطائفة لا نستطيع إلغاء الفكر الطائفي [المعبر عنها؟!] وطبعا يوجب علينا صاحب المقال الاعتراف له بكون الفكر الطائفي مسلَّمة وبديهة لاجدال فيها!

 

يبدأ السيد تيسير الآلوسي مقاله المعنون " اللعب على حبال القرار واللعب بالنار فديراليات عراقية على أساس طائفي؟!! والمؤرخ في الرابع عشر من هذا الشهر, بالتصلب والإنفعال التالي, واصفا المطالب بـ " الإتحادية" أو "الأقاليمية" ـ والترقيم هنا مضاف من قبلي:

 

  "(1) محاولات أبعد من مستهدفاتها الانتخابية . . .

. . (2) وهي أبعد من أنْ تحاور وتناقش . . .

 (3) إنْ لم تقرر سلفا كما هو جوهرها الماثل للعيان فهي تبتغي جرّ الآخر لقرار بعينه؟ . . . . .

 (4) تحت ذرائع وتبريرات لوقف زمن الاستلاب والظلم والحصول على مكاسب وحريات من السلطة المركزية!

(5) ولنلاحظ أن الأمر يشمل الجنوب العراقي وجزءا بعينه من وسطه بالأساس!" 

سأناقش الفقرات الخمس أعلاه وهي في المقدمة, معرضا عن باقي المقال خشية الإطالة:

 

(1)    أقول: لا أدري ما هو الرابط بين المطالبات بـ "الأقاليمية" والإنتخابات, فهي وكما هو معروف شأن مصيري ـ وليس آني ـ متعلق بحاضرنا ومستقبلنا. ولم تطرحه ـ حسب علمي ـ أي جهة تنوي دخول الإنتخابات, كبرنامج إنتخابي . . وإن كان, فما هي الأدلة على هذا التشكيك والإيحاء بأن لها أهدفا مشبوهة ـ مثلا ـ أو تتناغم مع مصالح معينة؟                                     إن العمل على طريقة " إذا قال الكافرون ـ مثلا ـ "لا إله إلا الله" فإن من يقولها منا فإنه قائل بقول الكافرين" خطأ فاضح . . وعلينا أن نقول أفكارنا, ولا يهمنا من قالها قبلنا أو بعدنا, أو أراد قولها. لأننا (نرى) أنها تخدم شعبنا كله, وبلدنا بأجمعه. على عكس ما (تقطع) به أنت وآخرون كما سيأتي.

 

 

لقد طرح الموضوع بوصفه دعاية انتخابية وليس من الضروري هنا الإشارة (لاسم) الطرف الذي كنت أشير إليه، لأنني عالجت الأمر من بُعده غير الانتخابي، أي من بُعد التوجهات الطائفية في جوهرها كونها مضرة بوحدتنا الوطنية وهي تشكل تحضيرا لانقسامات خطيرة بخاصة في الظرف الحالي سواء من انتخابات أم من أمور أخرى يتأسس عليها عراقنا الجديد...

 

(2)    هنا يبدأ الأخ الفاضل بنفي الآخر, وهذا هو السبب الأساسي لمطلبنا بـ "الأقاليمية" أو "الإتحادية". وهو أيضا قمع للأفكار المخالفة, ما زال ولما يزل بعض الأخوة يمارسونه على الآخر شعوريا أو لا شعوريا . هذا ممن يفترض أنهم معتدلون فكيف بالمتطرفين . .

 

هنا يبدأ الأخ الفاضل بنفي الآخر كما تقول ولكن أين وكيف أنفي الآخر؟  ولماذا وهل من نفي الآخر مناقشة رؤاه ومعالجة ما قد ينجم عنها من مخاطر؟ أم من نفي الآخر محاولتي (المتواضعة) منع العنصرية والشوفينية والفاشية والطائفية من التأثير في أوضاع بلادنا

 

أعتقد أن الجواب تجده في المقابر الجماعية التي ملأت أرض الوطن. ويخبرك عنه السجناء السياسيون, الذين كتب الله لهم النجاة من سراديب التعذيب. وتستطيع أن تسأل عنه الملايين من المهاجرين والمهجرين

 

إن جرائم الفاشية الصدامية قد أصابت كل عراقي حيثما طعنت في أخيه العراقي من كل المجموعات والأطياف والمكونات؛ فالدكتاتور لم يكن معبرا عن طرف عراقي ضد آخر بل كان وباء حلَّ على عراقنا وعراقيينا من دون استثناء إلا المجرمين السوَقة الذين شاركوه الجريمة من نفر من لصوص وشراذم السادية..

في حين ليس صائبا بالمرة محاولة جعل جرائم الطاغية جرائم سنيّة حيث تمثل هذه القراءة جوهر خطر الطائفية التي نريد محاربتها ومنعها من ولوج حياتنا لكي ينعم العراقي بمواطنة حرة وبمساواة وعدل وإنصاف بعد زمن العزل والفصل والدم ... وهو ما تهيِّئه عن قصد أو من دون قصد تلك الحالة منن التركيز على طائفة دون أخرى وبالتحديد أحزاب الطائفية الزاعمة مرجعيتها الشيعية وأبناء الطائفة الشيعية براء من دوافعها وأهدافها التي تصب في فصل العراق وتقسيمه ومن ثمَّ عزل أبنائه عن بعضهم بعضا!!!

 

 .   أخي الكريم!عندما أشعر بأنك لا تستطيع نفيي ولا أستطيع نفيك, وأنت تشعر نفس الشعور, سيزول الحاجز النفسي والموضوعي الذي خلقته ظروف ليس لك أو لي ـ ربما ـ ذنب في إيجادها. وستتعزز علاقتنا وتقوى, وسوف ينشد كل منا للآخر بسبب الروابط الكثيرة التي بيني وبينك.  فأزل تلك الغشاوة عن عينيك, وستجد أن هذا هو الحل الذي يبقينا معا كأخوة, يحب بعضنا بعضا. في بلد واحد عزيز علي وعليك, لأن كلانا سيشعر بأن العيش في هذا الوطن عزة وكرامة لنا, كما فيه حرية وسعادة

 

ولست بحاجة لكثير شرح وقد تحدثت أيها العزيز عن زوال الغشاوة والعيش بوصفنا مواطنين لا يفرق بيننا تقسيم آخر وعن ضرورة الابتعاد عن نفي بعضنا وهذا لا يأتي بعزلنا وانفصالنا وإلا ألن تمنحوا أبنائي تأشيرة دخول لزيارة أخوالهم غدا بعيد الانفصال؟

إنَّ القوة الغاشمة التي ستغتصب السلطة يومها من عراق مفتت مجزأ  "وهي ليست غير المرجعية الإيرانية" الساطية ببلطجة تعرفها قبلي على مناطق عراقنا الجنوبية اليوم وتأسر أهلنا بتلك البلطجة بوساطة أدوات لست بحاجة لمناقشتها في هذا الموضع تجنبا للتفصيل.. لن تسمح بمنح تأشيرة إقامة إذا ما رغبت عائلتي أن أسكن بين الأخوال؟؟

 إنها نكتة سمجة أن نفصل عشرات ألوف العوائل العراقية على أساس طائفي، مجاملة لأهواء إيران ومرجعيتها الدينية أو السياسية ..

بالمناسبة ليس لي أي اعتراض على من يكون هواه ومرجعيته إيرانية على ألا يكون ذلك على حساب إنسان آخر ولو كان فردا بسيطا يعتكف في بيته لشلل رباعي فيه.. خذوا ما لكم واتركوا ما للناس وليكن إيماننا بحقنا في شئ لا يتعارض مع حق الآخر في الوجود والحياة المستقرة

 

    فهل أنا خائن لأني أحلم بهذا الحلم ؟ . . وهل أنا عميل لأنني أرنو إلى هذا الأمل؟ . .  أم هل تراني مأجورا لأنني أطمح إلى ما أراه الخير والسعادة والحياة الحرة الكريمة؟

 

إن اتهام الشيعة بالخيانة أمر لا يرد إلا في مخيلة مريضة.. كما إنني لست بمُتهِم من يريد أن يحب إيران أكثر من العراق بالخيانة فذلك حقه الشخصي وخياره ولكنني أتحدث عن مصالح أناس وأحلامهم وطموحاتهم..  إن حلم العراقي الشيعي أمر أكثر من مقبول إذ يجب على كل عراقي من غير الشيعة أن يؤكد عمله من أجله مثلما يعمل من أجل الأطياف العراقية الأخرى بالروح نفسه وبالحيوية ذاتها..

 وهو ما أفعله باستمرار وكما ترى من جملة المبادئ التي ترد في سياق معالجتي هذه و من مقالاتي الأخرى ويبدو أنه لم يرد في ذهن محاوري السيد آل شفاف ما جاء في آخر مقالاتي وأحيلك هنا إلى دفاعي عن كون شيعة العراق حسب قراءتي وقراءة (المعتدلين) يرفضون الطائفية ويتمسكون بوطنيتهم ووحدتهم مع جميع مكونات شعبنا ولا يجدون انتماءهم للمذهب الشيعي حاجزا بينهم وبين بقية الطيف العراقي بل غالبيتهم ترى مرجعينها الدينية والسياسية كذلك وطنية عراقية هنا من عراقنا وترفض القبول بمرجعية أجنبية إيرانية بالتحديد لأسباب تعرفها سيدي الكريم...

 ولكن أمر التفرقة والفصل بين أبناء الوطن وتقديم الطائفية فكرا وسياسة على المواطنة هو شعار ووسيلة أحزاب الطائفية الانعزالية في فكرها إذ من دون الفصل والعزل  لايمكن لهذه الأحزاب البقاء فلطالما اعتاشوا  على مثل هذه السياسة المرضية مثلما تغذوا على دعم أجنبي خصَّ أحزاب الطائفية التي تزعم تمثيل الشيعة أوالسنّة والأمر سواء هنا واعتراضي ليس على الدعم نفسه بقدر ما هو على التدخل الأجنبي في توجيه أوضاع العراق لمصالح لا تخدم أبناءه..

وإلا فما معنى تقديم مائة مليون دولار لحزب بعينه من إيران لو لم يعد زعيمه بتقديم ( تبرع) بمائة مليار للعمائم وليس لشعب إيران في زمن تذكرون كان وزير خارجية أمريكا يبحث رفع الديون عن العراق؟؟؟!!!

 

(3)   لم توضح أخي الفاضل أين "قُرِّرَتْ سلفا" هذه التي أسميتها محاولات؟   أفي إيران؟ وهذا هو الأرجح لأنك أقرنته بالطائفية ـ كما هي عادة أخوتنا في أي خطوة جنوبية أو عراقية عربية شيعية, في مصادرة عقولنا وأفكارنا ونسبتها إلى إيران ـ وهذا أيضا سبب آخر لمطالبتنا بالأقاليمية.                                                       

 

العزيز السيد آل شفاف: ليس من ديدن الوطني محاباة رؤى الفاشية وتهمها التخوينية الجاهزة وليس من لقاء بين فكر يحرص على أهلنا من العراقيين جميعا وقدم لأجله الغالي والنفيس وما أقوله ليس ترديدا لأقوال وابواق العروبيين أو الطاغية المهزوم بل هو فضح للطائفية الانعزالية التي تريدنا مقسمين مجزئين وليست الأحزاب الإيرانية المسماة عراقية بممثلة عن أهلنا في الجنوب فأهلنا من شيعة العراق يبقون وطنيين يقدمون وطنيتهم العراقية على أية شعارات أخرى بخاصة عندما يخص الأمر مشاريع جرّ جنوينا وعراقيي جنوبنا من شيعة العراق ليكونوا أذلاء تابعين للإيراني ليس لسبب مذهبي أو حتى ليس لانتمائهم للطائفة الشيعية بدليل كون الانتماء للمذهب أو للطائفة الشيعية ليس سببا لوحده بكاف للانضمام إلى إيران وتحويل المرجعية إليها وكأن العراقي الشيعي قاصر والوصي عليه هو الشيعي الإيراني القصد المعمم الإيراني الذي يزعم مرجعيته لشيعة العالم وقديكون الصحيح أن تكون المرجعية هنا في العراق في النجف وليس العكس.. ولكن الأمر سياسي بحت ومطامع مفضوحة.. إذن أنا أتحدث عن خطل الفكر الطائفي الانعزالي وأحزابه وقائمته التي تتسمى بالقائمة الشيعية وهذه التسمية نفسها هي ما يرفضها الشيعي العراقي فضلا عن فكرها وخططها ومستهدفاتها لأنه يدري أن خياره ليس في القائمة التي تعزله عن أهله وأخوته وأبناء عمه وأهل وطنه الذي ولد فيه وعاش وقاسمهم الآمال والأحلام...

العلاقات أيها العزيز بين الأحزاب الطائفية والقوى الأجنبية ليست بحاجة لبحث وعناء وقد صرح مسؤولوها باستمرار بالروابط المكينة بينهم وبين تلك القوى الأجنبية (إيران) [وغيرها عندما يتطلب مزاد البيع]كما  وصل الأمر بقيادات بعينها بالتبرع بمئة مليار للدولة الجارة لشهر واحد تسلمت فيه السلطة!! كما أسلفنا تعويضا عن خسائرها من جرائم صدام وشركاؤه في الحرب من [بعض] المعممين التي أضرت بالشعبين الجارين الصديقين الإيراني والعراقي وهما الخاسران في كل تلك الأحوال والخدمة ليست إلا لقوى الظلم والعدوان المتحكمة بالشعوب الإيرانية التي هرب من ظلمها الملايين وما زال بعضهم يطبل لها ليجلب مآسيها لبلادنا..

 

    علما أنها ليست بصالح إيران على المدى البعيد. فكما تعرف فإن في إيران عرب أصلاء, وشيعة بالكامل. يسكنون الأراضي المتاخمة لنا, ومن عشائر نصفها في الجنوب. وانفصالنا قد يغريهم بالإنفصال عن إيران, والإنضمام لأخوتهم في الجنوب.

 

التفكير باحتمالات التوحد مع هذا الشعب أو ذاك وتحفيز عرب إيران على الانفصال أمر فيه من الروح القوموية والعروبية ما هو بيِّن واضح وله مجاله من المناقشة إذ الحديث عن مصالح شعب العراق من دون تقسيمات هو محل تناولنا هذا ولكن الحليم تكفيه الإشارة عندما يراجع هذه العبارة..

 

 أم في أمريكا ؟ وهنا التناقض! لأن الأمر إن كان كما (تقطع) أو تظن ـ أي الهدف هو  الإنفصال ـ فأنه ليس في صالح أمريكا تغيير الخريطة السياسية الحالية, التي طالما خدمتها, ومستعدة لخدمتها دوما. فما الذي يضمن لها مصالحها فيما لو أنفصل الجنوب, وهو ثلثي العراق سكانا تقريبا, وأكثر من أربع أخماس العراق ثروة, وفي عقيدتهم محاربة السلطان الجائر, وليس طاعته وإن كان كافرا. أم في إسرائيل؟ والحال معها كما هو عليه مع أمريكا.

 

لست بحاجة للتفصيل بخصوص جهة المرجعية التي أشير إليها فيما يخص مرجعية قوى الفصل العنصري والعزل الطائفي والأمر  لا يحتاج لكثير عناء والأمور لا تجري بطريقة غرف المؤامرات هنا أو هناك ولكن معالجتي انصبت في الحديث عن أخطاء سياسية خطيرة تخدم قوى إقليمية ودولية من جهة وهي قد تكون جرت هنا أو هناك مما لا شأن للكاتب في متابعته بقدر ما يهمه  ما يخدم العراقي وما لا يخدمه ...      

           

ثم تقطع بعبارة متناقضة !!!!؟  فتقول:                                       

"كما هو جوهرها الماثل للعيان" !!!!؟

   ولعمري كيف يكون الجوهر ماثلا للعيان. إنما الجوهر يتمظهر للعيان بصورة تنبئ عنه, ولا يَمثل الجوهر بذاته للعيان. فراجع الجزء الخاص بـ "الصورة والمادة" في كتب أرسطو, أو حتى كتب قريبك الأستاذ المعروف في الفلسفة "الآلوسي", ففيها ما يسد حاجتك هنا.  ثم لو فرضنا صحة صياغة الجملة, فياحبذا لو أبنت لنا: كيف قررت سلفا؟ وأين قررت؟ وكيف مثل جوهرها للعيان؟ لاسيما بعد الذي ذكر أعلاه.  ثم ما الخلل أو الخطل أو الزلل في أن ندعو إخواننا ـ أو الآخر كما سميتهم ـ لقرار نرى فيه خيرنا جميعا, بل عزنا وكرامتنا جميعا, وتعزيز وحدتنا عن طريق إزالة العقبات الحالية؟ التي لو تركت بدون معالجة, لأدت ـ فعلا ـ إلى الإنفصال.

 فما ندعوا إليه هو "من باب سد ذرائع" الإنفصال.  فأنا هنا (أدعو) ـ ولا (أجرّ) كما تقول ـ وبكل صراحة ووضوح إخواننا, وخصوصا المعتدلين من المثقفين منهم, إلى السعي الجدي لإقامة إقليم بالطريقة التي يرونها تحقق وتعزز وحدة وسيادة العراق.

 

إن كل الخيارات مفتوحة بحسب رؤية العراقيين وخياراتهم في حاضرهم ومستقبلهم ولا ينوب عنهم في التصويت على أمر أية قوة أو متحدث ومنهم كاتب هذه السطور تناولا ومعالجة.. وما نقدِّمه من معالجات فهو أدخل في تقديم الصورة التي نعتقد أنها الأفضل والشعب يختار ما يراه بحق أفضل أو أصدق في ملائمة ما يريد وقد لا تكون غريبة حين تأتي في حينها حتى مسألة الفديرالية بأي شكل أو خيار ولكن الأمر هنا يتعلق بتحليل الوضع القائم وتداعياته وهل بحق يمكن أن يخدمنا اليوم الحديث عما يتناغم ومحاولات جهات إقليمية ودولية لتفتيت العراق أو تحضير الأرضية للأمر؟ ألا يمكن في منطق السياسة أن نحدد وسائلنا ومستهدفاتنا بحسب الأوضاع وما يجري فيها من تهديدات أو مخاطر...

 

(4)   إن كلمتي "ذرائع" و "تبريرات" قد توحي بالتلفيق واختلاق الأسباب ولكن أسألك الله! هل ان " وقف زمن الاستلاب والظلم والحصول على مكاسب وحريات من السلطة المركزية!" كما ذكرت هو حق لكل إنسان أم لا؟                                           فكيف يكون اختلاقا أو تلفيقا؟   ألسنا قد خرجنا توا من زمن الإستلاب والظلم حقا ونحن مهددون بعودته ـ لا قدر الله؟ أليس من حقنا أن نحمي أنفسنا وأبناءنا من خطر ممكن الوقوع في أي ظرف ؟ أليس من حقنا أن نحمهم من مقابر جماعية أخرى, يقوم بها من تعلمهم حتى الآن وبكل بشاعة ووحشية ؟  هل علمت ـ أخي الكريم ـ عما يحدث في اللطيفية مثلا؟    أم ما حدث في زيارة عاشوراء؟ حيث يشعر البسطاء من النساء والشيخ والأطفال  بالخوف في كل مرة يزورون بها إماما أو يؤدون بها شعيرة ما.  هل علمت ـ أخي الكريم ـ بالأفكار التكفيرية الوافدة على بلدنا العزيز؟   هل علمت بالأموال الطائلة من التبرعات, ومن الجهات الرسمية التي تمنح لأسباب لعلك أعرف بها مني؟ 

 

بلى علمت بكل ما تقول ولكن هذا الروح في عزل عراقنا الشيعي عن عراقنا السني أمر فيه من الخطل في اتهام السنّة وجودا مذهبيا بالمذابح وهو خطل.   وفيه اتهام لكونهم أي السنّة جميعا يتوجهون لمذابح أخرى والأمر ليس كذلك، فالسنة والشيعة سواء في دين واحد ومن اعتقاد ديني مشترك واحد...  أما المقابر الجماعية التي قتلت شيعيا واحدا فما بالنا بالجريمة النكراء كاملة! فهي غصة وألم وجرح في قلب كل عراقي وبالتحديد  العراق السني، والعراقي السني يجدها جريمة بشعة بحقه بوصفه عراقيا وبوصف من جرت ضده هو أخوه العراقي أيضا أما التطبيل لشيعية الضحايا والمتاجرة بالجريمة  فلا يختفي وراءه  إلا ما كان يختفي وراء بكاء الطاغية على جرائم موت أطفالنا الذين كان سببا في موتهم  وطبعا الحديث هنا  ليس عن كل من يتحدث عن الضحايا هو مطبل مزمر بل وجب علينا نحن العراقيين جميعا وسواء بسواء أن نخلدهم وأن نضعهم في ذاكرتنا من أجل ألا تتكرر الجريمة ومن أجل أخذ العبر ومن أجل وحدة العراقيين لا من أجل تمزيقهم لأن وقوعها جاء على أساس من العزل الطائفي في ظل نظام احتوى على كل ما هو مقيت وأبعد من سلبي إجرامي خطير ولكن ليس من صحيح تصوير ما أصاب عراقنا هنا أو هناك من أبنائه وكأنه أصاب قسما من أهلنا ولم يصب الآخرين أو آلم قسما ولم يؤلم آخر فحتى لو جرت الجريمة في جنوب أفريقيا لكانت مؤلمة لعراقي نبيل شريف فكيف وقد حصلت في أخيه وابن عمه؟؟ ولست أدري وقد أدري وأنت تدري  ما مشكلة بعضهم  وعقدتهم وهم  يبحثون في نار الطائفية ويتفاخرون بها !!!!

 

       هل علمت ـ أخي الكريم ـ بتصريحات ملك الأردن الأخيرة التي يريد منها زرع الفتنة بين أبناء العراق ويريد مصادرة حق الأغلبية من أبناء شعبك وعدم السماح لهم بأخذ دورهم في بناء وإدارة شؤون بلدهم ؟  

 

نعم أدري ولي مواقفي من كل من يتعرض لعراقنا بل لأي عراقي حتى لو كان مخطئا فهو عراقي ونصرتي له تكون بتصويب سلوكه ونصحه وليس في تركه للآخر الأجنبي أيا كان ليضرب فيه ويطعن ولا يمكن لي يوما أن أمالئ جهة أجنبية على حساب عراقي أو طرف عراقي حتى لو تناقضت مع العراقي في الفكر والسياسة.. فكيف وهناك من يطعن بعراقيينا من الشيعة؟ لا يمكن أن أقف وأتفرج على ذلك... وتدرون أن ردي في مثل هذه الأمور كان حاضرا باستمرار عن وطنية شيعة العراق ولست شيعيا لا انتماء بالدم ولا بغيره ولكنني أشعر بفخر أن يتهمني يوما شخص بدفاعي المستمر عن أبناء العراق الشيعة وعن حقوقهم قبل حقي في أي خيار يرون بوصفهم عراقيين وبأي وصف يريدون..

ألا إنني شيعي حيث يريدون مهاجمة شيعة العراق فليهاجموني وأنا المتصدي لهم.. وبعد مثل هذا الموقف أتساءل مثل غيري  ما قيمة فرض منطق العزل العنصري الطائفي والفصل بين عراقيينا وتمكين خطوط الخطر والانقسام بيننا.. ألا يرى العراقي أن الخير في وحدته وليس في عزله؟؟؟

                   

                                        وهل . . وهل . . وهل.                                                                                 بعد كل هذا ـ وأكثر منه بكثير ـ ألا يكون "وقف زمن الاستلاب والظلم والحصول على مكاسب وحريات من السلطة المركزية!" كما تذكر حقا لنا ولكل إنسان؟

(5)   ثم تقول:

ولنلاحظ أن الأمر يشمل الجنوب العراقي وجزءا بعينه من وسطه بالأساس!

فأقول: إن هذا التقسيم ليس من وضعنا ـ نحن المطالبون بهذا الأمر ـ بل معمول به منذ زمن الطاغية ـ وربما قبله. فكما تعرف فإن النظام السابق ـ ولا أظنك تتهمه بالطائفية الشيعية ـ هو الذي قسمه على الشكل التالي:

 البصرة والناصرية والعمارة, تدار بعثيا من قبل مكتب تنظيم الجنوب, ومقره في البصرة. السماوة والديوانية والحلة والنجف وكربلاء, تدار بعثيا من قبل مكتب تنظيم الفرات الأوسط. وهكذا بقية مناطق العراق.

فهذه التقسيمات الإدارية ليست جديدة, وكل ما نطالب به هو توسيع اللامركزية. لتصل إلى ما يصطلح سياسيا عليه بـ "الإتحادية" أو "الفيديرالية" كما أسميتها أنت.

فلا داعي ـ يا أخي الكريم ـ للتشكيك في نوايا الآخرين واتهامهم بشتى الإتهامات.

 

تقسيمات من زمن البعثفاشي والطاغية أهكذا يكون الدفاع عن مشروعية التقسيم والتبرير لها؟!!!

وهل صحيح أنَّ اللامركزية لا تصح إلا بالفديرالية؟ ولا غير الفديرالية؟ وبعضهم يراها بالانفصال التام والاستقلال عمَّن عن اسم العراق ووجود العراق؟ لا أدري للانضمام إلى من؟؟!!!!

 

وكما ترى فإن هذا الرد على مقدمتك فقط, وباختصار شديد. ولو أردت الرد على كل المقال لاحتجت (إلى أضعافا؟) مضاعفة من الصفحات, ولكن فيما سلف نزع للإلباس وكشف للإلتباس. وقبل أن أختم أود أن أبين أن لا علاقة للحواجز الطبيعية أو الجغرافية فيما ندعوا أليه. فهذه الحواجز قد تلاحظ فيما بين الدول, ونحن ـ هنا ـ لا ندعوا إلى فصل وإنشاء دول.

ومع ذلك, فهناك دول إتحادية كثيرة ليس بين أقاليمها أي حواجز, وهي أصغر من العراق مساحة كألمانيا الإتحادية, والإمارات العربية المتحدة, والمملكة المتحدة, وأكثر من ذلك, فإن الفواصل الجغرافية بين بعض محافظاتنا هي واسعة جدا, في حين أنها بين الأقاليم الألمانية ـ مثلا ـ لا تتعدى بضع كيلومترات أو أقل. وأكثر من هذا فإن نهرا صغيرا لا يتعدى العشرة أمتار, يفصل بعض الدول المستقلة عن بعضها.  وأكثر منه أن نقطة حدودية على شارع  بين مدينتين المسافة بينهما أقل من كيلومترين, تفصل بين فرنسا وألمانيا.  وأقل من ذلك بكثير بين دول أخرى. فإذا كانت المسافة الفاصلة بين دول مستقلة تماما عن بعضها قصيرة إلى هذا الحد, فكيف نشترط  فواصل جغرافية أو طبيعية بين أقاليم دولة واحدة.

 بعد هذا كله أدعو ـ أخي الكريم ـ إلى التروي وعدم إطلاق التهم تحت تأثير الإنفعال والتسرع.

 

أين التروي وأين انفعالي؟ وفي ماذا؟  وأين التهم وقد ذكرت أنني أناقش الأمور مناقشة قد تصيب وقد تخطئ؟ وإنني لا أملك أكثر من أنْ أحاول تسليط الضوء على ما يمكن أن يحدث ومن يخدم؟؟

 ولكن المشكلة قد تكمن في أنَّ بعضنا لا ينبري للدفاع إلا حيث جاء اسم إيران حينها تثور الثائرة وتدور الدوائر ويأتونا باسماء العرب أجمعين الزين والشين فهل لهذا أساس أم أن إيران كما يريدون إقناعنا به ليس لها مصالحها في عراق اليوم والغد مثلما كانت بالأمس؟؟  

وانظروا إلى ما يقوله أحد المتصدين لمعالجاتي ضد العزل الطائفي [وليس ضد الانتماء لطائفة] إذ يقول لم يكن العراق موجودا وكلما في الأمر أن بعض العربان كانوا غرب الفرات فيما كان شرق العراق الذي وُلِد بمؤامرة سايكس بيكو فارسيا ولست بصدد مناقشة تاريخ بلاد الرافدين مع من يريد القول بفارسية العراق شعبا ووطنا.. ولكنني أثق بان السيد علي آل شفاف لديه من رحابة الصدر ما يجعله معي حيث وحدة العراقيين أمر أهم من بعض التفاصيل التي يمكن أن ننفذها يوما ما في قابل الزمن وأن نذهب بها بعيدا كما الفديرالية وغيرها بحسب خيار الشعب..

بقي عتب أخوي للسيد شفاف فليست جملي من السطحية لتُقرأ  كما صوَّرَ بخصوص الجوهر والمظهر وإلا فهل سيقرأ الآية القرآنية "واسأل القرية" في أن نسأل القرية أرضا أو شجرا أو غير ذلك إلا أن نسأل أهلها؟؟!  وحسنا فعل في الاستدراك لكنه عاود الغمز الأبعد من اللغوي حين أحالني مشكورا لفضلاء فلاسفتنا العراقيين وقد يفيدني هذا في تدريسي الفلسفة الإسلامية ويعنيني في تخصصي الأكاديمي في بعض محاضراتي الحالية

ومثل ذلك الغمز في استخدام الفديرالية تعريبا بدلا من ترجمتها وكأن الأمر فيه عيب ولست بصدد شئ مبيَّت أن أصحح إضافة "الغير أكيدة" كما ورد في مقالكم إلى "غير الأكيدة" بتعريف المضاف إليه لا المضاف فائدة لي في استذكار العربية وقد يكون في إفادة من يريد... 

 

كما أدعوه وباقي الأخوة المثقفين العراقيين, إلى النظر بجدية للأمر.

وعلى أنه حاجة عراقية وطنية خالصة, ومصلحة لكل العراقيين.

وليس فيه ما يهدد وحدة بلدنا, الذي إن لم نكن نحن أشد حرصا على سلامته من الآخرين, فلسنا ـ بأي حال ـ أقل منهم حرصا على ذلك.

ولعلي واثق من أنك والآخرين من مثقفينا ستكونون من أشد الدعاة إليه, إذا ما دققتم النظر,  وتأملتم عميقا, وبعيدا عن الأحكام المسبقة, والقناعات الغير أكيدة.

 وفقنا الله جميعا للخير والسداد.

علي آل شفاف

ألمانيا

16.12.2004

talib70@hotmail.com

 

العزيز آل شفاف

سأظل ممن تراهم في خدمة أهله جميعا وبإنصاف للحق وللفكر النزيه وأول أهلي شيعة العراق وأبقى مدافعا عن كون شيعة العراق هم عراقيون قبل أن يكونوا أتباع هذا أو ذاك وولَّى زمن الوصاية لأي كان ولأي سبب كان فالعراقي من كل الأطياف والانتماءات يريد أن يحيا ويعيش بسلام وأمان وبلقمة شريفة ولا أعتقد أن العراقي سيقبل بيعه بمزاد إيران أو غيرها ولن يقبل بسمسار جديد يحل محل السركال الذي كنسته ثورة تموز 1958 بأي اسم زعَمَ أو ادعى وسيختار العراقي وحدة وطنه ووحدته مع أخيه ولن يكون عقله وهواه مع مرجعية لا تقدم له خيار الحياة الحرة الكريمة ولقمة العيش له ولأبنائه بعيدا عن ذل أيام زمان.. والثروة التي يطفو عليها عراقنا سيسرقها من يسمسر على مرجعية الشيعي خارج عراقيته.. ما يجعلني أنا الذي أدعوك وأدعو كل مثقف عراقي غيور للدفاع عن مرجعيتنا المشتركة الواحدة التي اسمها العراق الواحد لكل العراقيين ...

وحيثما كانت وحدته مع أخيه العراقي متينة وحيثما تمسك بوحدة بلاده كانت له كل تلك الثروة أما الحديث عن تقسيمات تمهد للطامة الكبرى وتبيع شيعة العراق وأهله جميعا لمالك ومضطهِد جديد فأمر لن ينطلي على أهلنا من شيعة العراق المتمسكين بعراقيتهم ووحدتهم في ظل راية العراق واسم العراق ومواطنتهم لعراق تعددي علماني ديموقراطي فديرالي موحد..

ألا فتحية الخير والود والمحبة والتسامح والسلام مني إليك ولكل مَنْ يعز العراق ووحدته ووحدة أهله.. وأشكر لك اتاحة فرصة حوار بلا انفعال وآمل ألا يكون من وصف لأمر في غير موضعه فإن زللت أو أخطأت في موضع فليكن بيننا جوهر عراقيتنا وأخوّتنا فيه ولكم مني الاحترام..

وسامحني حيثما وجدت في كلماتي تفسيرا يبعدها عن هدف الدفاع عن حقك قبل حقي وتوكيد واجبي لك قبل وفوق واجبك نحوي...

 

الموافي بعهده السومري الدكتور تيسير الآلوسي