الطائفية والحزبية الضيقة .....د تيسير الالوسي

مقايضة مصالح.. تصفية حسابات
الطائفية والحزبية الضيقة على حساب مصالحنا الوطنية العليا
الدكتور تيسير عبدالجبار الآلوسي
أكاديمي ومحلّل سياسي \ ناشط في حقوق الإنسان
2004\ 01 \ 12
E-MAIL: TAYSEER1954@naseej.com

في أجواء الحكم الانتقالي اليوم لم نصل بعد مسألة حكم المؤسسات وسيادة القانون واستقراره وثباته.. وفي الوقت الذي تعمل الأحزاب والقوى الوطنية جهدها من أجل تقريب ساعة إقرار الدستور والقوانين الأساس؛ تجري خروقات بسبب من افتقاد واقعنا إلى هذه القوانين ذات الديمومة والثبات, ومن افتقار الحياة العراقية طوال عقود ومديات امتدت كثيرا للتعامل مع الدستور الدائم ومع احترام مسؤول للقانون!
ولكنَّ الخطورة التي يبحث فيها مقالنا هذا تكمن أكثر في تعاطي بعض القوى واستغلالها الوضع القائم لاختراق المؤسسات وتثبيت عناصرها في قمّتها من دون التزام أرضية احترام التخصص الدقيق أو الكفاءة أو غيرها من الشروط الإجرائية الموضوعية.. وأخطر من ذلك كلـِّه ما يجري على الساحة من محاولات فرض تصورات قوة معينة على الساحة العراقية العامة..
من مثل التجاذبات وجدل البرامج السياسية وتفاعلاتها المحتدمة. إذ تعمل كلّ قوة على الاستئثار بفرض رؤاها أو الحصول على أكبر قدر من أرضية تثبيت تلك التصورات في القوانين الأساس للدولة العراقية.. وهذا الجدل ينعكس في مناقشة مشاريع الدستور من جهة وفي كيفيات وآليات العمل الحالي من جهة أخرى..
ولقد كشفت قراءة الفعاليات السياسية طوال الشهور الأخيرة عن ثغرات غير قليلة الخطورة في سياسة بعض القوى الوطنية من جهة تغليب المصالح الحزبية الضيقة وادّعاء القوة التمثيلية المطلقة لهذه الطائفة أو تلك الفئة الشعبية.. وأخطر أمورنا الراهنة تكمن في مفردتين الديموقراطية والفديرالية وكلاهما إيجابيتان ولكنَّ أسلوب التعاطي معهما يمكن أنْ يقلب إيجابية المفردة إلى مخاطر سلبية بعيدة راهنيا ومستقبليا..
فقوى التيار الديني (بتركيزها على البعد الطائفي في تمثيلها) تشحن الوضع بقيم تتعارض مع جوهر الديموقراطية وتضع العصا في عجلة التفاعل مع هذا النهج منذ الآن ومما تركز عليه تلك الأحزاب في آلية عملها اختزال الديموقراطية في الانتخابات ووقفها على هذه المفردة والتعاطي مع فكرة الانتخابات قبل إجرائها مع نتيجة مسبّقة مفترضة تتمثل في كون الحزب الديني وبرامجه وفلسفته (الطائفية) التقسيمية الضيقة هو رأي الأغلبية..
ولا تكمن خطورة الموقف من افتراض تلك القوى لأغلبية رؤاها ومناصرة الشارع لها؛ ولكن الخطورة الأعظم تكمن في عمليات على الأرض تجري اليوم على أساس من مقايضة القوى فيما بينها عبر سياسة التجاذبات ولوي الأذرع من نمط أنا لا أوافقك على طلبك قبل أنْ توافقني على رأيي.. ولأنَّ الأمر يجري بين أحزاب تدير السلطة اليوم فهو يمثل خطورة تأسيس تلك الأحزاب لمفهوم المقايضة بين قوى السلطة في اقتسام العراق وتوزيعه على أساس من المحاصصة [التقسيمية السلبية المرضية] بين تلك القوى...
ومن حق المواطن العراقي الذي يطمح لدولة متمدنة متحضرة تحترم رأيه وتقوم على أساس القانون والعدل والمساواة ووحدة التراب العراقي وإعلاء شأن المواطنة على حساب أية قيمة أخرى مهما كان وجودها.. من حقه متابعة ما يجري اليوم من أنشطة ..
وفي قراءة مشاركة أحزاب معينة (كأحزاب التيار الديني) في مظاهرة كركوك ضد الفديرالية [علما أنَّ تلك الفعالية كانت قد نظمتها قوى معلومة بارتباطاتها وأهدافها سواء مع النظام المقبور من جهة أم مع دول مجاورة معروفة وبأي حال لم تكن تلك القوى تقصد مصالح أبناء كركوك وكنّا قد بيّنا أهمية الرجوع إليهم في تحديد مستقبل المدينة] في تلك القراءة ـ وهي واحدة من قراءات عدة مفترضة ـ نجد أنَّها [أي مشاركة أحزاب التيار الديني في تلك الفعالية] عملية محسوبة على الرسائل التي تبعثها قوى ذلك التيار للقوى الكردية كي توافقها بشأن مفهومها للديموقراطية الذي يمنحها حصة الأسد في السلطة [قبل الانتخابات] مقابل موافقتها على جزئية من الفديرالية وهو ما ظهر للعيان بُعيد تلك التجاذبات... وليس بعيدا مواقف قوى معينة أخرى في الإطار نفسه...
إنَّ السير في منهج المقايضة على تلك الشاكلة, شاكلة تقسيم العراق على قوى معينة وجعل كل قسم ضيعة لقوة معينة هو مقدمة لتقسيمه وتفتيته بل لاضمحلال دولة اسمها العراق ويومها لن ينصر أبناءه ويستقبل شتاتهم بلد.. فهل تريد قوة وطنية مثل هذا المستقبل البائس للعراقيين أم أنَّها ترى مصلحة طائفة في إلحاقها بدولة إيران ومجموعة قومية في إلحاقها بتركيا وما تبقى ليذهب إلى الجحيم أو ليكن ثمن الانتقام التاريخي أو في أفضل أحواله ليكن من حصة من يريد أنْ يشتري ويبيع!!!
التفاعل بين القوى السياسية وبرامجها ديموقراطيا يجب أنْ يحتكم للإنسان العراقي وأستخدمُ هنا مفردة (الإنسان) للتأكيد على كل حقوق الإنسان المعترف بها أمميا.. وأنْ يحتكم إلى المواطن العراقي وأستخدمُ مفردة[المواطن] للتأكيد على إعلاء شأن المواطنة العراقية ووضعها ووضع المواطن وصوته فوق كل الاعتبارات الضيقة وغير الضيقة الأخرى..
إنَّ أية قوة تدعي الوطنية ولا تتعامل من منظور احترام المواطنة وتقديم المواطن ورأيه ولا تتعاطى مع مستقبل العراق الديموقراطي [الدستوري] الفديرالي الموحّد تظل حالة ادّعائها مجرد لعبة [تقية] تتخفى وراءها من أجل أهداف لا تنسجم مع تطلعات الشعب بوصفه كلا موحدا لا يقبل التجزئة والتشطير والتفتيت..
أما سياسة تصفية الحسابات فهي تقوم على حالات الانتقام والثأر من مواقف الآخر حيثما أبدى رايه بصراحة وموضوعية .. ومن ذلك ما يتعرض له كتّابنا من حاملي راية العدالة والمساواة والحرية حيث تأتيهم التهديدات صباح مساء من أجل إسكاتهم أو إبعادهم عن مواضع التأثير وفضح السياسات التي تضر ببلادنا ومستقبلها وتقوم تصفية الحسابات حتى بين القوى التي تحمل راية السجالات غير الموضوعية فحيثما لا توافق قوة سياسية قوة سياسية أخرى تبدأ تصفية الحسابات بالإيقاع بها أو بالوقوف مع خصومها حتى لو كان الخصوم ليسوا من طرف مَن ينوي تصفية حساباته مع غريمه..
وينطبق هذا في مثال مظاهرة كركوك وإنْ صغـُر حجمها وشأنها وتأثيراتها.. ولا يخرج من دائرة المقايضات و التصفيات إلا تلك القوى الوطنية النزيهة وهي قوى يعرفها شعبنا ويعاضدها ويؤازرها؛ ولكن الوضع القائم ليس وضعا مؤاتيا لتقدّمها الواضح حيث تعمل على طمس دورها والتعتيم على فعالياتها قوى محلية وإقليمية ودولية .. ولكنَّها بتنظيمها التحالف الوطني الديموقراطي المفتوح للقوى الشريفة التي تبتغي نهضة العراق ووحدته وإعادة إعماره على أسس تحترم كل قومياته وأديانه ومذاهبه أو طوائفه وفئاته ومكوناته؛ بتنظيمها هذا التحالف تبدأ طريق وقف تأثيرات فعل التقسيم بالمقايضة أو بتصفية الحسابات وما إليهما من أفعال سلبية مضرة..
إنَّ تقدّم قوى شعبنا نحو إقامة الدولة الدستورية واحترام القانون يوجب على كلّ الأقلام الشريفة وعلى كلّ القوى الوطنية فضح أية تداعيات مضرّة بمستقبلنا الوطني وبمصالح شعبنا بكل تفاصيلها.. وعلينا الوقوف بصلابة وحسم ضد ما يُحاك علينا من من أهلنا عندما يخطئون السياسة فنعمل على مفاوضتهم وإدارة الجدل بما يعيد الأمور إلى نصابها وإلى مسار خدمة شعبنا بمعنى وقف سياسة تصفية الحسابات بالثأر والانتقام وما إليهما, لأنَّ مَن يدعو لاحترام القانون لن تكون قوتـُهُ إلا بالبدء بنفسه في ذياك الاحترام ...
من هنا كانت قراءتنا في متابعة أعضاء مجلس الحكم غيرها في احترامنا للمجلس نفسه بوصفه الهيأة الوحيدة المتاحة لنا اليوم في التعاطي السياسي.. ومن هنا كانت مناقشتنا لرؤى مجموع أعضاء المجلس وآحاده تتعاطى الموضوعية وتحاول الابتعاد عن الاتهام وكثيرة هي شخصياتنا الوطنية وأقلامها الحرة النبيلة النزيهة التي تعالج أمرا وتؤمن في الوقت ذاته بإمكان وقوع الخطأ في رؤيتها مثلما تفترض الصواب فيه وهي تنتظر جدلية الواقع هي التي تحكم صحة المعالجة من خطئها أو غلطها..
وعليه فهذه القراءة تبحث في تفاعلات رؤى مطروقة اليوم مطروحة في الشارع السياسي العراقي.. وهي تحتمل الخطأ والصواب مؤمّلة أنْ ترى الصائب هو السائد في مساراتنا جميعا.. حيث تخضع السياسات والبرامج لتمحيص جمهور الناخبين في ظلال احترام أصواتهم ورؤاهم وفي ظلال احترام دولة القانون.. لا دولة تحكمها مقايضات المصالح وتقسيمات الأهواء وتبعيتها لمستهدفات القوى الإقليمية والدولية أو حتى قوى داخلية من بقايا الأمس المريض..
إنَّ تأهيل الوضع العراقي لمرحلة الدستور الدائم لا تأتي عبر قنوات تقاسمِهِ مقايضةَ َ بين القوى الأساسية بل تأتي عبر منفذ وحيد.. ذلك أنَّ احترام الدستور والقانون لا يمرّ إلا من هذا المنفذ الوحيد وجوهره الوطني النزيه.. وليس بعد ذلك من جوهرين للنزاهة والوطنية ولاحترام الشعب وجعل كلمته ومصالحه هي العليا..
كما ينبغي التأكيد على أنَّ [قوة َ َ] تبدأ المرحلة المنشودة على أسس تخرج على دستورية السلوك السياسي ومشروعيته لا يمكنها في الغد القريب من احترام القانون وتحقيق مصالح الشعب.. أما سياسة المقايضة القائمة فهي تعمل على تفصيل الدستور على مقاسات معامل التفقيس لتفريخ دجاجات بلون الطيف الذي تريده القوة الفائزة بعملية تصفية الحسابات منذ يومنا القائم...
فهل سيُكتـَب دستورنا الدائم على أساس قبضايات (أشقياء) الشارع وفلسفاتهم؟ هل سيُكتب بخلاف ما ينتظره شعبنا من قواه الوطنية وتحكيمها للموضوعية ومنطق العقل التنويري؟ وهل ستستطيع تلك القوى ضبط اندفاعات بعض عناصرها وتهور بعضها القليل؟ بخاصة علمنا بأنَّ التخريب ليس بحاجة لأكثر من قليل من العناصر فيما البناء يحتاج لتضافر كلّ الجهود من غير استثناء..
لنوقف سياسة المقايضات الضيقة ولنوقف سياسة التصفيات التي طاولت قوانا واستباحتها.. لنوقف التأسيس لاختراق القانون ووضعه على أرضية خاوية هزيلة.. ولنبدأ وضع أسس عراقنا الديموقراطي الفديرالي الموحد بجمهورية دستورية تمتنع على قوى التخريب ورؤاها الظلامية المتعارضة مع حقوق الإنسان العراقي وعلو شأن المواطنة العراقية...
ولا يوجد عراق قوي بسياستي وحدي وفكري وحدي من دون الآخرين وأفكارهم وسياساتهم ولن قويا بي وحدي وبرؤاي الخاصة وحدها.. فلست أنا مالك الحقيقة المطلقة وحيدا فريدا .. العراق قوي محترم لأنَّه عراق كلّ مكوّناته وكلّ فسيفسائه القومي الأثني العرقي الديني المذهبي (ولا أقول الطائفي) السياسي وكلّ تفاصيل تكوينه قوي بلحمة وجوده ووحدته هكذا نكون أو لن نكون...

 

 

 

حضرة الدكتور المحترم.
تحية طيبة .. لقد أثارني موضوعكم هذا وبقية مواضيعكم الأخرى لأنكم
في هذا الموقع وفي كافة المواقع... تهاجم فيها الشيعة مرة بأسم الطائفية ومرة بأسم الظلامية والقدسية ... تتهم الشيعة بأنهم طائفيون دينيون ... وكأنه لو حكم الشيعة لنقلب الوضع في العراق على عقب ولرجع العراق الى حالة الظلام الدامس ... وسيفقد العراقيون انسانيتهم وسيحكم الفرس .. وووو...... لخ.أسئلك بالله هل كتبت مقالة ضد حكم المجرم صدام أثناء حكمه؟ثم لماذا تستبق الأمور وتحكم على الشيعة بأنهم كذا .. وكذا...قبل ان يستلموا أي حكم أو منصب... ألم يكون الشيعة مضطهدين منذ تأسيس العراق والى الآن؟
نحن لم نكن طائفيين أن الطائفيين تعرفهم من يادكتور؟.هم المقبور صدام وزمرته ومن يدور في فلكهم....؟.ان الديمقراطية والحرية هي التي يجب أن تحكم ... الأغلبية هي التي تحكم سواء شيعة او غيرهم
أليس كلامي هو المنطقي؟.
نرجوا منكم ان تقللوا من مثل هذه الكتابات الطائفية .... لأنها ستدع آخرين يكتبون .... وبمطارحات فلسفية وسياسية ودينية وسوف ندخل بمتاهات لاتجدي نفعا للعراق... نحن شعب واحد لاندع للطائفية ان تفتح بابها المؤصد علينا ....

تقبلوا فائق احترامي

البصري

1