تقرير رابطة بابل للكتاب والفنانين الديموقراطيين العراقيين في هولندا

عن

سير العملية الانتخابية في المركز الانتخابي الوحيد في هولندا

 

 

تمَّ في هولندا تخصيص مركز انتخابي واحد بمدينة أوترخت التي تقع وسط البلاد.. وكان هذا المركز الانتخابي محجا للعراقيين المقيمين في كل من فرنسا وبلجيكا وعدد من مدن البلاد الأوروبية المتاخمة لهولندا بسبب من عدم وجود مراكز انتخابية هناك... وقد وصلت بالفعل قوافل من أولئك العراقيين بسياراتهم الخاصة وبالحافلات التي تشاركوا في تأجيرها... واستطاع المركز الانتخابي الوحيد أن يستقبل الأعداد التي وصلته وأن يسيِّر أعماله من دون عراقيل وتعقيدات كبيرة...

ويمكن القول إنَّ فريق العمل قد أبدى جهادية منقطعة النظير وواصل موظفو المركز أعمالهم ليل نهار من دون كلل وبعضهم لم يكن يستطيع النوم لأكثر من سويعات معدودة في الأيام الثلاثة الأخيرة.. فيما كان مراقبو سير العملية الانتخابية من ممثلي الكيانات وهيئات المجتمع المدني والمراقبين الدوليين يتابعون بروح تطوعي وتعاضدي كل تفاصيل الأمور ومجرياتها بدءا من لحظة الافتتاح وحتى لحظة الإغلاق والانتهاء من الأفعال الضرورية اللازمة للعملية...

لقد مرت العملية الانتخابية في مركز هولندا بهدوء ونجاح ولكنها لم تخلُ من بضع اختراقات وثغرات سواء منها الإدارية التي طفت على السطح أمام أعين المراقبين على الرغم من كونها مسألة تخص موظفي المركز وإدارته مثل مسألة توفير الغذاء وما اكتنفه من احتجاج وطبيعة الاستجابة لاحقا وتأثيرها على سير العمل ووقته، أم بأمور تتعلق بالكيانات والناخبين وحيادية الموظفين أو صحة الإجراءات ودرجة مصداقيتها...

وقبل الإشارة إلى تلك الثغرات أو الأخطاء لابد من القول إن العراقيين هنا قد شعروا بأهمية الحدث وتفاعلوا معه بوصفه واحدا من عوامل ترسيخ بنية عراق الغد الديموقراطي الفديرالي الموحد ما جعلهم يحولونه إلى احتفالية تغنوا بها واتجهوا إليها بأنشودة صفقت لها الأكف ووجفت القلوب واهتزت الأرواح طربا مع إيقاعات مسيرتها.. وهكذا سمعنا الكلداني الآشوري السرياني والتركماني والكردي والعربي وأطيافنا جميعا تأتي بأغانيها وأهزوجاتها في الفضاء المقابل للمركز الانتخابي محيلة الأجواء إلى احتفالية وطنية صميم وكانت شبيبتنا فاعلة في توجيه خطابها عندما جالت في قاعة المركز بأشنودة موطني التي شارك فيها الجميع في احتفالية استنهضت فيها الهمم قبيل مباشرة عملية الفرز مؤكدين السمة الوطنية ووحدة المشاعر والانتماء...

كما ينبغي لنا الإشارة إلى أن الديموقراطية وممارسة العملية الانتخابية تحتاج إلى وقت أبعد لتترسخ التقاليد الصحيحة والصحية فيها.. فهي عملية تربوية تكتسبها الأجيال التي شرعت اليوم بممارستها تدريجا مبتعدة عن فلسفة الأمس وطبيعة العلاقات بين القوى المتنافسة وأسس ممارسة العملية وآلياتها. فعلى الرغم من وجود الجالية في وسط بلاد ديموقراطية عريقة إلا أنها وبسبب من طبيعة الانتماء وتاريخ الحرمان من الديموقراطية جوهرا وآليات وبسبب من درجة التفاعل غير المكتملة مع المحيط الذي تحيا فيه كان لبعض الناخبين العراقيين (من تيارات بعينها) أخطاؤهم المحسوبة مثلما تلك الأخطاء لدى الموظف..

ومن هنا على سبيل المثال لم تنقطع أعمال الدعاية في يوم الصمت الإعلامي خارج المركز وداخل المركز الانتخابي أيضا حيث دخلت كراديس عديدة تهتف داخل المركز بشعارات دينية في مقاصد واضحة للضغط النفسي على الناخب باتجاه قائمة بعينها.. وهذه مخالفة تتضمن استخدام شعارات محظورة في لائحة الانتخابات وهي في الوقت ذاته مخالفة للصمت الإعلامي فضلا عن كونها ممارسة للضغط غير الطبيعي على الناخب وعلى أداء المركز الانتخابي..

يُذكر أن بعض تلك الحالات شهدت تنسيقا وتنظيما ليس من طرف الناخبين لوحدهم بل دفعا ومبادرة من موظفين في المركز الانتخابي بعينهم ما أجج الموقف بين أولئك الموظفين وعدد من المراقبين الممثلين لأطراف وكيانات معينة... ولابد من الإشارة إلى أن المراقبين عامة أكدوا عبر ممارسة أدوارهم على ضرورة تدخل إدارة المركز وموظفيه في مثل تلك الحالات ولكن الحسم لم يكن بمستوى المسؤولية ولم يأتِ في الغالب في وقته المناسب فكانت الهتافات تأخذ طابعها التصاعدي التأجيجي حتى تنتهي من أداء ما تريده..

افتعال حالة من التزاحم في بعض الأحيان وتوزيع مجموعات ضغط على بعض المحطات من دون غيرها وقد نبه باستمرار المراقبون إلى مسألة حسم الموقف ومنع تداعياته ومن ذلك عدم تمكن المراقبين من المتابعة الدقيقة في ظل حالات التزاحم المفتعلة أو إمكان تمرير أو مرور أخطاء بعينها.. والحديث هنا توكيدا عن كون التزاحم ليس حالة معبرة عن ضغط حقيقي بقدر ما هي حالة حصلت بشكل مفتعل لسهو أو احتمال التعمّد والقصد؟

وقد لوحظ في أثناء سير العملية الانتخابية لمرات عديدة تحدّث مدير محطة بعينها مع الناخب ودخوله معه خلف الستارة عند عملية الاختيار وجرى التنبيه على الأمر في حينه مع موظفي المركز وكان تفسير الموقف يرد بالقول إن بعضهم أمي لا يعرف القراءة والكتابة وأن بعضهم لا يعرف اختيار المربع الصحيح لقائمته ولخياره وهي إجابة ليست دقيقة وغير مقبولة... وقد جرى هذا حسب تسجيل مراقبة ممثلي الرابطة من قبل أشخاص ينتمون لقائمة دينية معروفة لا غير..

وقد مارس موظفو هذه القائمة (الدينية المعروفة) الذين يُفترَض فيهم الحيادية والنزاهة في موقعهم الوظيفي بالمركز الانتخابي، مارسوا الدعاية لرقم بعينه ولاسم قائمة (السيد) حسب توصيفهم فضلا عن أفعال من نمط الخطاب الديني الذي تدخَّل في التأثير على الناخب.. إلى جانب تبعيث أو اتهام قائمة وتوصيفها بالبعثية والإجرامية بصوت مسموع في محاولة للتأثير المقصود...

وكان موظفو القائمة المعنية (...) في حال من التنصت على أي حوار بين أي مراقبين يقفان للحظة مصادفة أو عفو الخاطر ما يشير لطبيعة تنسيق مسبق ومقصود لأطراف تلك القائمة ويشير إلى حالة التعبئة والدفع لعدد من الممارسات التي سبق الإشارة إليها هنا كونها ممارسات منسقة... هذا بخلاف المفترض من عهد المصداقية وتطبيق اللوائح بدقة من كل موظف بشكل فردي حيادي ونزيه...

وقد سجل مراقبو الرابطة حصول ملاحظة في ختم ناقص للورقة الانتخابية بالتحديد الخاصة في ظهر الورقة التي تحتوي على رقمي 731 و730 في حين يجري ختم كل ورقة أخرى بختمين.. كما إن بعض الأوراق المتبقية لم يتم تمزيقها أمام الناخب وهذا الأخير يغادر من دون متابعة الأمر أو معرفته بالمعنى المخصوص.. فيما أشهر بعض الناخبين أمام الكاميرا ما كتبوه من خيار انتخابي من خلف الصندوق والستار...

وشهد مراقبو الرابطة ظاهرة العصبية والتوتر لدى بعض الموظفين إلى درجة الإساءة والخروج على اللياقة وعلى اللوائح ونحن نرى أن التعب والضغط قد أخذا مأخذهما ولكن الأمر كان لا ينبغي أن يؤثر على سير عمل بعض الموظفين والموظفات وألا يسمح بتمرير الأمور بطريقة غير ناضجة وغير مكتملة وإذا كانت الأمور جرى تسييرها بمضاعفة جهود بعض الأطراف فإنه ليس من الصائب تكرار الحالة هذه أو تركها من دون الإشارة التي تفيد في لاحق ممارساتنا الانتخابية..

ثغرة عدم تعرف بعض الموظفين أو إغفالهم لطبيعة مهامهم كما حصل في دخول مدير محطة ما في لحظة الفرز على دور مشرف الطاولة أو كما في تداخلات بخصوص المهام بين المراقب وبعض الموظفين.. وهذا ما جعل بعضهم يحتدم في أمور بعينها..

سجل موظفون من قائمة بعينها خرقا في إدخالهم لناخبين بأوراق غير كافية ولا تفي بالشروط المطلوبة للتعريف بالناخب وتركوا الناخب يصوِّت على الرغم من ذلك فيما وقف الموظفون الآخرون (بشكل عام) موقفا حاسما بالخصوص وكشفوا مثل هذه الحالات.. كما تم تسجيل محاولات التصويت لأكثر من مرة من قبل قائمة (من كركوك وغيرها...).

وبعامة فقد كانت ملاحظات مراقبي الرابطة تُنقل مباشرة إلى الموظفين ويجري تسوية الأمر بتسجيله والتنبيه عليه في محاولة لمنع الخطأ أو الثغرة وفي محاولة لطمأنة الأوضاع وتهدئتها وتسييرها بطريقة موضوعية كما في عملية التهدئة بين مراقبين احتجوا بشدة واحتدموا ضد أفعال الهتاف داخل القاعة وبين موظفين بعينهم ساهموا في تأجيج تلك الأفعال والاختراقات. وينبغي أن نقول إننا هنا في هذا التقرير الذي نعلنه من باب تطوير الممارسات الانتخابية وتعزيز الوعي بأصولها الإجرائية حذفنا أسماء القوائم وأرقامها مع إشارة إلى كون الخروق قد جرت بالتحديد من قائمة بعينها وموظفيها وممثليها وناخبيها لاتاحة الفرصة لمعرفة الوقائع والحقائق...

كما ينبغي القول هنا إن المفوضية لم تكن محقة في اختزال المراكز الانتخابية التي كانت موجودة في المرة السابقة بمركز واحد إذ أن كثيرا من الناخبين والناخبات النسوة لم يحضروا لأسباب تتعلق بصعوبات لوجيستية تخص النقل وتخص المشاغل والارتباط بأعمال وأنشطة وظروف اجتماعية (عائلية ومادية وغيرها)   وظروف صحية وجملة من الموانع الأخرى التي كانت ستسجل حضورا أفضل بخاصة لتيارات بعينها لم تستطع توفير السيارات ووسائل النقل التي وفرتها بعض التيارات المعروفة بالدعم المادي المتاح...

ومن الأهمية بمكان التوكيد على خطورة حالة رفع الصور والشعارات الدينية بالمخالفة مع التعليمات والإرهاب النفسي وضغوطه مما كان يُصار إليه مع كل مجموعة داخلة إلى المركز الانتخابي... فضلا عن ممارسة عدد من الموظفين لأمر التدخل في الخيار والدعوة لرقم بعينه هو بالذات رقم القائمة (الدينية)....

نأمل أن يكون جهدنا المتواضع هذا جزءا من مسار لاحق تتوطد فيه آلية العملية الانتحابية النظيفة الناضجة الخالية من الابتزاز والضغوط والثغرات والافتعالات والأخطاء المقصودة وغير المقصودة من جميع الأطراف... ونحن نأمل أيضا ألا تنتهي ملاحظاتنا وملاحظات مجموع المراقبين المحليين والدوليين التي تقدمنا بها في حينها لموظفي المركز الانتخابي إلى الإهمال لأن العبرة بنجاح الانتخابات لا يتم ويكتمل من دون الأخذ بملاحظات مجموع المراقبين وبإعادة حقوق القوائم التي اختارها الناخب العراقي حتى في حال منعه من الاختيار (كما حصل أحيانا) فهناك اعتراضات جدية ينبغي العودة لها لتحقيق ما حاولت بعض القوائم حرفه عن الاتجاه.. وبقية الأمور وتفاصيلها ووسائل الحسم تدركه المفوضية ومجموع أطراف العملية الانتخابية وتعرف تسييره بطريقة موضوعية صحية صحيحة وصائبة...

إن مسار العملية الديموقراطية ومستقبل الوطن بكامله مرهون بالالتزام بتدقيق النتائج واحترام إرادة الناخب العراقي وحرياته وخياراته كما أرادها هو لا كما حاولت بعض الأطراف والقوائم افتعالها.. وعليه نحن نعتقد أن الغرامة المالية لمخالفات جدية على الصعيد الوطني العام غير كاف لتعزيز ثقة العراقي بمستقبل الانتخابات في بلادنا ومن ثم مستقبل تكوين المؤسسة البرلمانية التي يجب أن تمثله لا أن تمثل إرادة طرف سياسي بعينه مهما كانت سلطة ذاك الطرف وسعة تأثيراته بوسائل مشروعة مقبولة وأخرى غير مشروعة ومن ثم مرفوضة بتاتا من سير الأنشطة الوطنية المستهدفة...

وفي الختام نهنئ شعبنا العراقي بخياره للعملية السلمية ومسار الديموقراطية ودولة المؤسسات واحترام القانون وإعلاء شأن حقوق الإنسان العراقي وتقديس مطالبه المشروعة في الحياة الحرة الكريمة وكل عام وجميع العراقيين بخير وتقدم وأمان واستقرار وبراية السلام والديموقراطية ترفرف خفاقة في الوطن...

 

رابطة بابل للكتّاب والفنانين الديموقراطيين العراقيين في هولندا

رئيس الرابطة الدكتور تيسير الآلوسي -  سكرتير الرابطة الفنانة عفيفة لعيبي

السادس عشر من ديسمبر كانون الأول 2005