حفل تأبين للفنان التشكيلي العراقي الراحل زياد حيدر

متابعة: ألواح سومرية معاصرة

22 يناير كانون الثاني 2006

info@somerian-slates.com

 

أقامت منظمة الحزب الشيوعي العراقي في هولندا احتفالية كبيرة لتأبين الفنان التشكيلي العراقي الراحل زياد حيدر مساء الأحد 22 يناير كانون الثاني الجاري.. وقد تصدرت قاعة الحفل التأبيني صورة الراحل واُشْعِلت  الشموع في أرجاء القاعة التي غصت بمحبي الراحل وأصدقائه من أكاديميين وكتّاب وفنانين. وقد حضر الاحتفالية سعادة سفير الجمهورية العراقية الأستاذ سيامند البناء  الذي كان في استقباله عند الوصول ممثلا منظمة الحزب الشيوعي ورابطة بابل للكتاب والفنانين الديموقراطيين..

في بداية الاحتفالية وقف الحضور دقيقة حداد على روح الفقيد تلا ذلك كلمة سعادة السفير الأستاذ البناء الذي حرص على توكيد دور السفارة العراقية وأركانها في خدمة أبناء الجالية هنا في هولندا وعلى إعلاء شأن اسم العراق والحرص على مصالح شعبه ومستقبله.. وقد أكد في كلمته المطولة التي حظيت باهتمام الحضور، على أهمية تعاضد العراقيين وتعاونهم وعلى تقديم مصالح الوطن والشعب والنظر إلى الأوضاع في الوطن من خلال وجود الشعب العراقي ومصالحه ومن خلال وحدة الجهود لخدمته وليس من خلال رؤية حالة الاختلاف التي قد تظهر بين فرد وآخر أو بين طرف وآخر..

كما تطرق إلى دعواته المتكررة للفنانين والمثقفين الديموقراطيين العراقيين ليساهموا في تطوير الجهود التي تبذلها السفارة العراقية من أجل تحقيق أفضل الحلول لأوضاع أبناء الجالية وإعلاء اسم العراق بعيدا عن سلبيات مواقف بعض الانتهازيين والتوفيقيين والنفعيين.. مشيرا بالخصوص إلى دور أركان السفارة العراقية في متابعة مجمل القضايا ومنها آخرها إعادة جثمان الراحل إلى أرض الوطن..

وقد رفع نعي السفارة العراقية للفقيد وأرسل بتعازيه الشخصية لعائلة الراحل وأصدقائه ومحبيه.. وحيّا تنظيم حفل التأبين بوصفه جزءا من جدية استذكار الراحل الخالد في أنفس محبيه وفي إبداعه وذكريات سيرته النضالية الوطنية التي قال إنه يشعر برفقة ذياك النضال الوطني الديموقراطي الذي تركه الراحل زياد حيدر برحيله..

وألقى كلمة منظمة الحزب الشيوعي العراقي السيد أحمد ربيعة وجاء فيها: "نجتمع اليوم لنؤبِّن المبدع والمناضل زياد حيدر الذي سعى منذ بداياته الأولى لكي يترك بصماته في هذه الحياة، سواء في بدايته السياسية المبكرة بانتمائه لاتحاد الشبيبة الديموقراطي العراقي أو في علاقته بحزبنا السيوعي العراقي أو من خلال أعماله الفنية التي أظهر فيها موهبته الفنية وحرفيته العالية هذه الأعمال التي كانت على الدوام منحازة للإنسان العراقي في معاناته وتمرداته ورفضه وإدانته للدكتاتورية والحرب والإرهاب..

ينتمي زياد المولود 1954 في العمارة إلى جيل السبعينات، الذي لم يحصد من وطنه الذي ربط مصيره وإبداعه به، سوى الخراب والعذاب، فمن الاضطهاد السياسي وما يرتبط به من تهميش وإبعاد ومحاولات الإسقاط السياسية وغيرها من العذابات إلى ساحات الحروب العبثية ثم منها إلى السجن وليحط أخيرا رحاله في هذه الغربة الممتدة الآفاق. وحتى حلم زياد، الذي يشكل حلمنا جميعا بعد رحيل الديكتاتورية البغيضة بوطن يسوده السلام والمحبة والديموقراطية لم يجد له بابا إلا بالقدر الذي سمحت به رياح المحاصصة الحزبية والطائفية والقومية.. وإذ شكلت حياة زياد مثلا للمعاناة والآلام التي عاشها المبدع العراقي فإن رحيله يترك الباب مفتوحا أمام تساؤلات عديدة ترتبط بأهمية إيجاد أو إعادة الحياة لكيان حقيقي يضم المثقفين والمبدعين العراقيين في هولندا أو في بلدان المهجر والذين هم الآن في أمسّ الحاجة له كي يعكس ويتبنى مصالحهم بحيث تتحول رعاية وتكريم المبدعين في حياتهم أو مماتهم جزءا من المشروع الوطني الذي تتبناه المؤسسات الثقافية والحكومية.. رحل زياد الجميل وترك الكثير من السى في قلوب كل الذين عرفوه.."

ثم ألقى الدكتور تيسير الآلوسي كلمة رابطة الكتّاب والفنانين الديموقراطيين العراقيين والبرلمان الثقافي العراقي في المهجر التي جاء فيها: أننا ‘ذ نحتفي بذكرى الراحل إنَّما نؤكد خلود إبداعه وروحه مازال طريا يحلق في القاعة منشدا معنا لحن اللوحة واللون ليوصي بمتابعة مشوار نضاله الذي بدأه مطلع السبعينات.. وجاء في الكلمة: "رحل عنّا الفنان زياد حيدر إلى الخلود والأبدية معلنا تنكيس راية من رايات الإبداع وشعاع شموس رسمت الجمال لنا وسجلت بأحرف تلك الريشة علامات حياتنا وتفاصيلها .. رحل زياد المتمرد الناشط في غربته بخاصة منها هنا في هولندا حيث عمل من أجل جمع شمل الفنانين العراقيين ودعم مطالبهم ومحاولة معالجة أسباب معاناتهم مذ كان عضوا في الهيأة الإدارية للرابطة بدوراتها السابقة لسنوات خلت...

ونشاطه هذا في غربته هو النشاط الذي انسجم مع تاريخه الأصيل الذي التزم فيه هموم الناس هوية له في وجوده الإنساني والفني حيث نضاله الوطني المتفاني في صفوف اتحاد الشبيبة الديموقراطي العراقي وحركة اليسار السياسي، وهو ما كان سببا في معاناته وآلامه عبر المطاردات البوليسية للنظام الديكتاتوري وأجهزته القمعية..
غادر زياد حيدر في غربته منتصرا على محاولات القتل والعزل التي مارستها ظروف الغربة وأعباء الزمن المعقدة وأوصابه الثقيلة، فهو المنتصر بريشته وبلوحته اللتين يتركهما أخيرا لتكونا سِفره في خلودِ ما أثاره وتركه من انطباع في أنفس عشاق معارضه الثائرة على سكون الزمن وتراخيه ومراراته..

فلقد كان للثورة مداخلها لا في السياسة حسب بل وفي استخداماته الفنية كما في معالجاته اللونية وفي حركة ضياء اللوحة وتوزيعاتها وإسقاطاتها وفي نهجها بتناول موادها وأفكارها...

لقد كان الراحل زياد حيدر المتمرد في حياته الخاصة والعامة، القلِق باستمرار من الآتي مما سيصنع وما ستقدمه ريشته؛ فقدم سجلا حافلا من أول معرض تشكيلي يشارك فيه في بغداد الفن والإبداع العام 1974 وحتى آخر لوحة لم تكتمل حين خذلته ريشته وهو يعدّ لمرسمه  ومحترفه في الغربة ..

غادرنا إلى عالم الأبدية في منفاه الهولندي بأمستردام، تلك المدينة التي تذكره في ساحاتها وشوارعها عندما كان يمرق باحثا عن لقمة عيشه مستخدما ريشة البورتريت مصارعا مضض الألم في بعض لحظات آلام الإهمال وبؤسه الذي تعرض له فنانونا في بلدان الشتات...

وتعرِفه أكثر..  قاعات عرض كبرى لإبداعات مشاهير الفن وأضوائه وأعلامه فقد كان المبدع الذي كسب وجودا فنيا كبيرا في الوسط الأوروبي المحيط، لحرفية مشهده وحجم مكانة لوحته وروحها الخلاق.." وتساءل الدكتور الآلوسي قائلا: "فهل ستعود لوحات الفنان إلى وطنها بغداد؟ هل سيُنظر إلى مبدعينا وأعمالهم الإبداعية بعيدا عن إهمال الأمس؟ وهل سيُحتفى بالراحل هناك في وطن قدم له زياد حيدر آخر نبضة من حياته وآخر نبضة لريشته حيث غادر وهو يرسم لوحة للوطن والناس..؟؟" وقال: "إنَّ رحيل زياد حيدر المبكر انعكاس لمصائب وآلام وشدائد ومعاناة فنانينا في غرباتهم السبع وفي محنهم العشر!  فلا نتركنَّهم يُطمَسون وهم راياتنا وبيارق عزّنا...  وليس بعد غير عزاء لك في أهلك أحبوا فيك تمردك وثورتك والتزامك وإنسانيتك وشموخك وفنك الكبير يا زياد حيدر..  غادرتنا شابا في كل شئ ويلتزمك أهلك خالدا في كل معاني العطاء والإبداع وستبقى ريشتك بما حفرته في الذاكرة العراقية والإنسانية من اسم سومر الأزل حتى عراق الأبد والخلود... فنم قرير العين.. وعزاءنا فيك خلود عطائك وفنك والشيم الإنسانية العراقية الأصيلة التي تتركها ودعوة لعراقيينا أن يضعوا هذا الاسم اليوم في سجلنا العراقي من شهداء المنافي والمهاجر وهم يودعونا ليتركوا لنا بصرخة الوداعات المبكرة سؤالا يريد إجابة؟؟؟؟؟؟؟".

وقد تضمنت فقرات الاحتفالية بعد ذلك عددا من القصائد ومقطوعات موسيقية ترنمت بشجن الحزن وألم الوداع وفراق الراحل  وتُليَت برقيات تعزية من اتحاد الشبيبة الديموقراطي العراقي ومنظمات وجمعيات عراقية في هولندا والوطن.. كما قرأ الفنان قاسم الساعدي عريف حفل التأبين رسائل شكر لمبادرات فخامة السيد رئيس الجمهورية العراقية الأستاذ جلال الطالباني والدور الإيجابي الفاعل لسعادة سفير الجمهورية العراقية في هولندا بخصوص نقل جثمان الفقيد الراحل..

ومما تضمنه حفل التأبين قصائد في الذكرى حيث ألقى الشاعر صلاح حسن وعبرات الألم تكاد تخنقه قصيدة بالمناسبة ورد فيها:

هذا الميت لي

لي جنازته وأحلامها

سأدفته في حياتي

وأطعمه من دمي

كي لا يموت موته

 

إنه ميتي وأنا حياته

أنا حضوره الهش

وهو غيابي الذي يتقدم

كي يستفيق من موته

هذا الميت ليس لأحد غيري

وجنازته لي

تابوته جسدي

ومنزله سجني

لاأحد يعرف هذا الميت مثلي

إنه سري

ولا يعرف سري غير موتاي

أشيعهم إلى يقظتهم حين أنام

هذه الليلة سأنام طويلا

كي يستيقظ ميتي

ويمضي إلى مرسمه

يكمل لوحته الأخيرة

وتمتم الفنان وسام أيوب العزاوي قبيل معزوفاته التي عبرت عن الأسى والألم بكلمات جاء فيها: "إلى ذكرى الرحيل الأليم ووجع المغادرة والوداع الذي صار لصيقا مع عراقيي المنافي والمهاجر منذ الرثاء الأول لأزمنة الألم والمراثي وحتى رحيلك يا زياد حيدر إلى الخلود والأبدية.. إليك وأنت تعلن غياب ريشة بل راية من رايات الإبداع.. إليك أقدِّم همسات موسيقاي لتعانق معزوفات تتركها مع موسيقا ألوان لوحاتك. لوحات الجمال والخلود عساني أقدم بعضا من دَيْن في أعناقنا نحن زملاؤك الفنانين.. لنخط لك لوحة من موسيقا ولون ونضع اسمك في سِفـْر الخلود العراقي مذ سومر وحتى عراق الألم والجرح الفاغر اليوم... حيث لحظة وداعك وفراق ريشتك.. نـَمْ قرير العين فغدا يعلو لك من جهدك صرح يفتتحه لك زملاؤك، الألمُ فيه أنك تغادر والخير فيه أنك خالد باق في القلوب المُحِبّة.. فإليك هذه الموسيقا.. هذا اللحن.. هذا الشجن من مراثينا السومرية الباقية:" عزف بعد هذه الكلمات من شجن اللحن العراقي ومؤلفات رثاء للراحل...

 

وقرأت نادية كاشف الغطاء كلمات في الراحل ومما قرأته منها:

زهرة بعطر رازقي العراق

على الضريح

يازياد

رفيقي

أأنعى نفسي في غيابك؟!!

أم أنعاك لرحلتك

التي تضاهي كل الأبعاد

عتبي عتبي

وكل العتب

لرحيلك بصمت دون

كلمة وداع

...

زياد..

يارفيق حبر أقلامي

أمنيتي

أمنيتي

أن تكون رسمت خطوط

لوحتك الأخيرة

في ساعة الصفر

لترسلها مع أول خيط للفجر

لأني حينها أكون

 أحلم

بالرؤيا في المنام

 

رفيقي .. من أنعى؟؟

من أنعى بالغياب..!!!

العراق

أمستردام

نفوس الأحبة الأعزاء

كثااااار  هم .. كثار

أأنعى الألوان التي فارقتها

بصرخة

فأنا أيقن أنك

لم تستسلم.. لساعة

المنام

أأنعى

مرسمك

ولوحاتك التي تركتها

دون أن تعلقها

على الجدران

من أنعى

من

فهم كثار

يا زياد

يا رائحة رازقي العراق."

 

أما برقيات التعازي فقـُرِئ منها برقية اتحاد الشبيبة الديموقراطي العراقي وفيها ورد الآتي:"ينعى اتحاد الشبيبة الديموقراطي العراقي فرع هولندا الفنان المبدع المناضل زياد حيدر الفقيد كان عضوا نشيطا في اتحادنا منذ بداية السبعينات وسبق أن شارك في مهرجان الشبيبة العالمي في برلين لسنة 1970 وحصل على جائزة لإبداعاته الفنية. إن خسارة زياد هي خسارة الثقافة والفن العراقيين إذ كان زياد ينتمي إلى الجيل الذي تصدى بكل إمكاناته سواء السياسية أو الإبداعية للدكتاتورية وسياسة الحرب والإرهاب والتدمير وكان نصيرا حقيقيا لشعبنا في ايام المحن وجسَّد هذا كله في إبداعاته الفنية.. لعائلته وأصدقائه ومحبيه الصبر والسلوان.. اتحاد السبيبة الديموقراطي العراقي فرع هولندا"

وأرسل النادي الثقافي العراقي في لايدن برقيته وفيها كُتِب: " يتقدم النادي الثقافي العراقي في لايدن بالتعازي الحارة إلى عائلة الفقيد الفنان زياد حيدر ورفاقه وأصدقائه ومحبيه. وبفقد الراحل زياد حيدر خسرت الحركة الفنية العراقية أحد روادها الذين كانوا دؤوبين للتعبير عن هموم الوطن ومترجما حقيقيا لآمالهم. ونحن واثقون أن أرض العراق ولود وأن مبدعينا رغم نكساتهم مستمرون بالعطاء اللامتناهي كعطاء زياد لذا فهو حي بين العراقيين...    نادي لايدن الثقافي."

 

وجاء في برقية السيد علي الهندي باسم الملتقى العراقي الهولندي في برنفلد: "الأسى يجمعنا في الرحيل سواء في ترحال المنافي وبلدان المهاجر القصية، تلك التي شاركنا فيها طويلا وعميقا الراحل زياد حيدر أم أسى فقدانك أيها المبدع العزيز لأهلك وصحبك.. إنَّ خسارة مبدع عراقي بالطريقة المأساوية المبكرة تلك  لا تكتفي بدق ناقوس الحزن وجرح الخسارة ولكنها تنبِّهُ على مآسينا التي تكاد تتكرر عبر دهرنا وآلامه وأوصابه... فليكن ذلك إيذانا بفعل لا يقف عند ذكرى بل ينهض ليخلِّد الراحلين المبدعين وهم يسكنون الأبدية... ولنجعل من ذكراك فعلا متصلا مستمرا للإبداع والحركة والأمل بألا تتكرر مأساة الرحيل الفاجعة تلك. إننا في الملتقى العراقي الهولندي نؤبِّنك بتطريز اسمك بين مبدعينا الخالدين.. فلنحفر الاسم للراحل زياد حيدر على لوح الخلود العراقي المرفرف الباقي بيننا... فلك الذكر الطيب أيها العزيز وأنت تودع حياة رسمْتـَها بريشتك ريشة الإبداع والخلود"

 

و رُفِعت برقيات شكر باسم الحفل التأبيني إلى فخامة الرئيس العراقي الأستاذ جلال الطالباني لتكفله بأمر نقل الجثمان إلى الوطن وتخصيص راتب تقاعدي لعائلة الفقيد وهذا نص البرقية: "فخامة السيد رئيس الجمهورية العراقية الأستاذ جلال الطالباني المحترم

وبساطة سعادة سفير الجمهورية العراقية في هولندا

باسم العديد من أصدقاء ومحبي الفنان الراحل زياد حيدر، عائلته، وباسم مجلسنا التأبيني نثمن فيكم روح المسؤولية الوطنية التي شملتها مبادرتكم بتحمل نفقات نقل جثمان الراحل إلى موطنه وبصرف مرتب تقاعدي لأسرته. إن ذلك ليؤكد أهمية مسؤولية الدولة إزاء رعاياها ومواطنيها، مثقفيها ومبدعيها..

نرجو لكم ومن خلالكم لبلادنا أن تعبر جسر الألم لغد يتسع للضوء، الإبداع، الأمل والسعادة... مع كامل التقدير.

المجلس التأبيني لايدن هولندا 22 يناري كانون الثاني 2006"

كما رفع المجلس التأبيني رسالة تحية أخرى لسعادة سفير الجمهورية العراقية في هولندا وهذا نصها: " سعادة سفير الجمهورية العراقية في هولندا الأستاذ سيامند البناء المحترم

  أصدقاء ورفاق ومحبي الفنان الراحل زياد حيدر، عائلته والمجلس التأبيني المقام لذكراه في مدينة لايدن يتقدمون بالشكر لكم ومن خلالكم لطاقم السفارة لما بذلتموه لتأمين نقل جثمان الفقيد الغالي إلى بغداد؛ نرجو لكم ولبلادنا كل خير وأن يبعد عنها كل مكروه.    المجلس التأبيني  لايدن هولندا 22 يناير كانون الثاني 2006"

وكان الفنان قاسم الساعدي قد افتتح الحفل التابيني بهذي الكلمات:

"كما لو أن كابوسا يجثم بلا انتهاء .. كما لو كذبة كما فجيعة تطيح مرة وإلى الأبد بحضارة ذات أفياء وجذور.ز كما لو أن بلادا تُمحى.. كما إعلان حرب وكما قدر لا رادَّ له يجيئ النبأ.... زياد مات!!

وقلب يتسع لعالم بأسره سُدَّت عليه شهقة الهواء.. زياد يترجل عن صليب العمر والمنفى.. ويمضي عائدا للبلاد التي شربت روحه وبادلته أنخابه مرارات سجونا وانكسارات أحلام..

طاقة حياة لا تنضب مذ عرفته طالبا في أكاديميو الفنون الجميلة ببغداد السبعينات.. حي كنهر دقيق كمبضع دؤوب كنبي يسعى لرسالته فنان مخلص لعبادته وضمير في غاية الأناقة..

كانت البلاد تقاد إلى حتفها .. أجيال تؤخذ عنوة إلى مسالخ حروب لا انتهاء لها.. لكن طائر الجنوب .. طائر الجنون برفع يده وضميره احتجاجا يؤاخي بين تمرد على شروط الرسم وىخر على لا عدالة شروط الحياة ويمضي بعيدا فمن بناء افتراضي لعوالم بصرية إلى رؤية نفاذة تعيد بناء عالم باسره ...

فيما عاد الفنان الساعدي ليواصل رثاء الراحل قائلا:

في عراق الجحيم كان زياد حيدر زجيله يقاوم بشجاعة سطوة اليديولوجيا الفاشية مرتين مرة في الخلاياومرة على سطح لوحة ترفع سقف آفاقها لجديد جميل.. زياد يدفع ثمنا كامل الفداحة عشر سنين سجن ..

الثالث من كانون الثاني في العام الذي ما يزال بعد جديدا في ظهيرة ثلاثاء رصاصي كان زياد سعيدا بميلاد قلبي جديد يغادر كائناته العزيزة

يودع نهيرا للورد

فزياد كان على موعد كي تأتي إليه آخر مسمارين لصليب الروح حين يكون السارية .. لإكمال ما كان يشغله: مرسمه، بدايته الجديدة.. في غفلة من انشغال كان الموت يتسلل داخلا ! وزياد يكلم صديقته: الهواء يهرب مرة أخرى تعالي بشئ منه سريغا يصمت الخطر وينتظر السؤال ..........؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

 زياد لم يمت زياد كان حزبا على قدمين..

يحشرج الكلام في حنجرة صديق الراحل وزميله الفنان قاسم الساعدي ولا يسطيع إعلان ختام التأبين ليعتلي الدكتور الآلوسي المنبر بتحية لــ طيفِ الروح (روح الراحل زياد حيدر) الذي يتنسم هواء قاعة تغص بالصداقة والوفاء ويعلن الملتقى في الأسبوع التالي في أمستردام بمرسم الغائب الحاضر زياد حيدر..