نداء من المثقفين العراقيين

لقراءة أوضاع المرأة العراقية وإزالة المخاطر التي تتعرض لها

 

بمناسبة يوم المرأة العالمي يُهدي مثقفو العراق ومبدعوه أجمل أمنيات الخير للمرأة في العراق ويتطلعون معها إلى مزيد من التقدم في مجال تطوير تنظيماتها وتجمعاتها وأنشطتها وتصعيد وتيرة العمل المشترك من أجل تعزيز نتائج النضالات لوقف مسيرة صارت في أشد حالات الانفلات في استباحة حيوات النسوة العراقيات والتحكم بمصائرهن وأوضاعهن التي تزداد انحدارا وتخلفا...

إنَّ واقع المرأة العراقية يجابه اليوم كثيرا من المخاطر والتحديات ومنها:

1.      حالة تعطيل القوانين الدستورية بشأن حقوق المرأة..

2.      تفعيل قوانين الأعراف تحت مظلة السلطة الدينية المقدسة وسيادة أشكال تنظيم ما قبل الدولة وتحديا تفعيل قبلية بالية أو طائفية مريضة  للتحكم في قضايا المرأة والمجتمع...

3.      تفعيل قوانين العيب والعار في المستويين الاجتماعي والسياسي وتوسيع نطاق التثقيف بهذه الخلفية الظلامية الممثلة لأحط مراحل التخلف الإنساني...

4.      فرض أنماط من اللبس غير العراقي مثل الشادور الإيراني والرداء الأفغاني مع مبالغات مضافة أخرى ..

5.      أمام الأزمة المستشرية  للبطالة الواسعة فإنَّ أول من تطاله البطالة هي المرأة كما تم تحديد مجالات العمل وميادينه المسموح لها بها... علما أنها المعيل لعشرات ألوف الأسر بوجود أكثر من مليون أرملة ومليون مطلقة وأرقام شبيهة من تلك التي تشير لاختفاء أرباب الأسر لأسباب قهرية...

6.      انعدام الرعاية الصحية الخاصة بالمرأة من مثل رعاية الحوامل والولادات وظاهرة حالات التشوهات وأمراض التأثر بالإشعاعات والكيمياوي وما إلى ذلك...

7.      ولا يشمل التعليم البنات أو أنهنَّ أول من يجب حرمانه من ذلك الحق داخل العائلة العراقية المأزومة...

8.      ولا فرصة جدية حقيقية أمام المرأة لتنظيم نفسها في جمعيات ومنظمات إلا بشرط الخضوع والتبعية لسطوة جهة من جهات الإسلام السياسي... وتجد المنظمات الحقيقية عقبات وتجاوزات واعتداءات صريحة خطيرة باستمرار...

9.      تعاني المرأة العراقية اليوم من المشكلات الاجتماعية الخطيرة وهي تتعرض اليوم لأبشع عملية استغلال عبر استرقاقها وبيعها أو المتاجرة بها في سوق النخاسة والجنس سواء كان ذلك داخل العراق أم خارجه وباتت هذه المشكلة من الخطورة بحجم نوعي عميق الغور عبر العصابات المنظمة وأساليب تمريرها أنشطتها تلك..

10. وفوق هذا وذاك تجد المرأة العراقية نفسها اليوم أمام مشكلات عائلية مريرة حيث لا تستطيع أن تلعب دورها إيجابيا بمصادرة حقوقها في التعبير وفي إدارة حياة أبنائها وعائلتها وتختل أجواء التوازن والعلاقات داخل العائلة بسبب من التشوهات الخطيرة في التركيبة وبالتدخلات القهرية من خارج العائلة ومن داخلها... ونشير هنا إلى مشكلات العنوسة وتوسع حالات الطلاق مقابل تراجع حالات الزواج ومشكلات الفصل الديني والطائفي و الفقر والحاجة وما ينجم عن كل ذلك...

لقد استبيحت  الحرمات ولم يعد للعائلة العراقية مستقر وهدوء حتى في بيوتها. إذ لا يوجد منزل آمن يحتفظ بحرمته ضد التهديد والاقتحام المنظم المستمر وبالتأكيد أعظم الأمور ما تتعرض له المرأة في مثل تلك المداهمات المخزية وما يضاعف الأمر أنه يجري بتحد سافر لكل عرف أو قيم أو وازع من ضمير وأمام أعين الأبناء والأزواج والآباء.

وهكذا افتقدت المرأة العراقية لكل أشكل من أشكال الرعاية سواء الرعاية التعليمية ام الاجتماعية أم النفسية أم الصحية في ظل حكومة تعتريها أعراض الفساد الوظيفي الإداري والمالي فضلا عمّا تجابهه من معضلات معقدة أخرى...

وبدلا من مراكز للرعاية ولدراسات مشكلات المرأة وأشكال وأسباب معاناتها ومعالجة ما أصابها مما ترك لها من ندوب نفسية وتعقيدات اجتماعية كما في النساء المؤنفلات أو ضحايا المعتقلات وضحايا الخوف والرعب لزمن سيادة الجريمة المنظمة بكل مستوياتها وأشكالها ؛ بدلا من كل ذلك فإنَّ أحزاب الإسلام السياسي وإدارتها بزَّت النظامين الإيراني والأفغاني وممارسات معتوهي المغاور الظلماء من طالبان والقاعدة فيما تعرِّض المرأة العراقية له من بشاعات شنعاء...

ولقد أزيحت المرأة العراقية من كثير من الميادين المهمة التي احتلتها بجدارة ومسؤولية عبر سِفر نضالاتها طوال القرن الماضي في الدولة العراقية وما بقي لها اليوم سوى حالات الادعاء وبهرجة التمثيل الشكلي الذي يمرِّر سطوة الفلسفة الذكورية وسطوة أدوات الجريمة..

وإذا كان صحيحا أن المرأة العراقية ما زالت تنهض بأعباء النضال الفئوي الخاص بها وبالنضالات الوطنية بعامة وأنها ما زالت تكافح من أجل تحقيق الحريات لها تحقيقا لانعتاق المجتمع من أسار أشكال استغلالها، فإنه من الصحيح أيضا أن ذلك صار مكلفا في قرابين التضحيات أكثر من كل ما سبق ولا يشابهه في الجريمة المهولة إلا زمن القرون الوسطى وظلامها الدامس...

إنَّ ثقافة الجريمة والاستلاب والمصادرة والتقتيل والذبح على الطريقة الهمجية الوحشية ثقافة الظلمة والتخلف ومغاور تورا بورا تنتقل بقوة السكين العمياء والبندقية الرعناء والقنبلة الصقعاء...

إنَّ ما يؤكد هذه الحقائق ليس بيانات منظمات النساء والمجتمع المدني والأحزاب السياسية العلمانية والمتنورة ومعالجاتها الموضوعية العلمية بل تؤكده وقائع الأمور حيث تعالت نداءات الاستغاثة المستصرخة الضمير الإنساني لوقف جريمة قتل النساء واستباحتهنَّ حتى صرنا أمام أنهار من الدماء التي تغطي شوارع أحيائنا الشعبية يوميا..

إنَّ جملة المشهد الذي يعاني منه العراق عامة يتأسس على تحالف السلطة، المال، السلاح بما يمثله من غطاء كارثي حقيقي في توجيه أو إدارة الأعمال الإجرامية من بلطجة وتجارة واسترقاق وما أشبه، وهذا ما يعقد مسيرة استعادة حقوق النساء وتحقيق العدل والمساواة وإنصافهنّ على وفق مباديء الديانات السماوية والقوانين الإنسانية القويمة..

إننا بهذه الصورة الداكنة ندعو إلى توسيع نضال المرأة العراقية بالاستناد إلى قواها الواعية وإلى القوى الحليفة التي تتبنى تطلعاتها وأهدافها وبالاستناد إلى دعم جدي مطلوب ومنتظر من المنظمات الدولية بالخصوص..

ونحن نريد لحملة مناصرة المرأة العراقية أن تتجه نحو:

1.         توسيع تنظيم المرأة العراقية وتوحيد المنظمات المتنورة وجهودها..

2.         عقد الصلات الوافية مع المنظمات الدولية  وتنسيق الفعاليات بالخصوص..

3.         عقد التحالفات والأنشطة على المستوى الوطني بعيدا عن سلطة القوى التي تمثل غطاء في برامجها لاستباحة النسوة العراقيات..

4.         أوسع حملة إعلامية بكل وسائل الإعلام والاتصال وبكل المستويات المنتظرة منها وبخطط موضوعية سديدة مدروسة..

5.         فرض تعديلات قانونية مناسبة تتيح حماية المرأة وحركتها  وتمنع اتصال استباحتها كما في المطالبة بمضاعفة العقوبات التي تمس التعرض للمرأة مثل الاتجار بها واستعبادها واختطافها أو تصفيتها وعد تلك الجرائم جرائم كبرى تمس مصير البلاد والمجتمع...

6.         إعلان أعلى مستوى جدي مسؤول من أشكال التضامن العملي مع المرأة العراقية داخل الوطن وفي المهاجر الجديدة في دول الجوار...

وليكن قبل هذا وبعده تصعيد وتائر النضالات الوطنية من أجل المرأة العراقية نقطة انطلاق العمل من أجل استتباب السلم والأمن وانطلاق عمليات البناء وإعادة إعمار المخرب في الإنسان العراقي... ولن يأتي ها بالاسترخاء والقبول بأشكال العمل التقليدي أو بممارسات لا تصمد أمام المشهد الكارثي المهقد الجاري... وسيكون في هذا الإطار على القوى التي تدعي تبنيها مطالب المرأة أن ترقى لمستوى مسؤولياتها وأن يؤدي هذا لنتائج ملموسة على الأرض لا تنتظرها حيوات النسوة المهددة ولا أجسادهن وأرواحهن المسترحصة في سوق الخاسة ومطحة الآلة الجهنمية الدائرة كل لحظة...!

 

أ.د. تيسير الآلوسي

البرلمان الثقافي العراقي في المهجر

رابطة بابل للكتّاب والفنانين الديموقراطيين العراقين في هولندا

لجنة الأكاديمين العراقيين في المهجر

أوائل آذار 2008 لاهاي