البرلمان الثقافي العراقي في المهجر

إدانة جرائم الثلاثاء الدامي

المطالبة باستقالة المسؤولين الأمنيين واستدعاء لجنة تحقيق أممية فورا

جريمة الثلاثاء الدامي هي الحلقة الثالثة بعد الأحد الدامي والأربعاء الدامي

سيبقى الشعب العراقي مهددا بحلقة رابعة وخامسة ما لم يتم الكشف عن المجرمين الجناة ويصدر بحقهم العقاب الرادع

 

دم في الشوارع، دم في فوق أسطح المنازل، دم في المعامل والحقول والساحات، ووحشية تطارد الفقراء واليتامى والأرامل، وهمجية تحاول قطع شريان الحياة وما تبقى للبائسين من زوايا يقتاتون منها.. في هذا الفضاء المشحون بتراجيديا الآلة الجهنمية يرفض العراقي أن يكون كبش الفداء وأضحية (السيد) السياسي؛ ويتحدى الرعب مقارعا آلامه والجراح؛ ويدبر لعائلته الماء والكهرباء  و وقود المدافئ والمطابخ وقوت عيشه وينهض حتى برعاية الصحة وتعليم الأبناء وما ترك من شيء أو عبء على (الحكومة الوطنية المنتخبة!)..

ومع ذلك فإنَّ ما تبقى من مهمة لهذه الحكومة (محصورا في توفير الأمن) لم تنهض به وتركت رقاب الناس وحيواتهم لمقصلة الإرهاب وحروب ميليشيات أحزاب الطائفية وأوامر الزعامات المصطرعة ونواهيها.. وبات المواطن العراقي تحت سلطة زعماء الحرب المتخفِّين بقبعة (التقية) وبشعارات تمويهية تضليلية زائفة تلك التي لم تعد تسد رمق جائع أو تحميه من رصاص القتلة وتجاوزات السوقة؛ ولا توقف أنتهاكات أولئك (السادة) وأوامرهم المنشغلة بتطمين جشعهم..

وساهمت وتساهم قوى وهيآت ومنظمات في تمرير الجريمة عبر اكتفائها بإدانة (بعبع) القاعدة والبعثفاشية وترك مسؤولية من تقع عليه حماية الأمن وتوفير الأمان للمواطن بدءا بالقوات الدولية وواجبها في حماية الحدود من الاختراقات المارة عبرها وانتهاء بمسؤولية أجهزة الجيش والشرطة التي تطبل ليل نهار لادعاء جاهزية قواتها الأمنية وهي التي لم تستطع حماية حتى مبانيها ومقارها وأفرادها!

إننا في وقت نؤكد هذي الإدانة الواجبة للجرائم المرتكبة بحق أبناء شعبنا العراقي وبناته وفي وقت نشدِّد على رفض الخضوع لابتزاز قوى الإرهاب وأفعالها الدنيئة واستهتارها بكل القيم الإنسانية واستباحتها لكرامة الإنسان وحقه في الحياة؛ نشدِّدُ أيضا على مسؤولية الحكومة بعامة و وزارات الداخلية والدفاع والأمن الوطني والمؤسسات الحكومية المعنية بضبط الأمور والاستقرار وتوفير أجواء آمنة للمواطنين..

وفي ضوء استمرار مسلسل الجريمة بلا توقف وفي ضوء مسؤولية الأجهزة الحكومية تلك المسؤولية التي لم تستطع النهوض بها؛ فإننا اليوم نطالب بتشكيل لجنة تحقيق أممية في ما قامت به الجهات الحكومية من تحقيقات وما وصلت إليه من نتائج في مجموع الجرائم المرتكبة على مدار الأعوام الأربعة المنصرمة، هذا إذا كانت هناك تحقيقات جدية قد حصلت وإذا كانت توصلت لنتائج حقيقية ومادية ملموسة وظلت مخفية لأي سبب..

فما يجري بحق الشعب العراقي  يمثل جريمة إبادة مستمرة متصلة ويجب الكشف عن المجرمين الجُناة وتقديمهم للعدالة فورا، فلم يعد الحديث الدعائي المكرور عن بعبع الإرهاب ومن ورائه بكاف أو مقنع لمواطن مهدد في كل لحظة بالتصفية والموت.. متطلعين هنا إلى أشكال التضامن الدولية الفعلية الحقة وعدم الاكتفاء بمشاطرة شعبنا بالإدانات اللفظية.. إذ أن ما يجري اليوم لا يقف عند حدوده العراقية بل يهدد أمن المنطقة والسلم الدولي وينذر بكوارث إنسانية غير محسوبة العواقب ويتطلب جهدا أمميا يلقي بثقله بما يستجيب لمتطلبات وقف جرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجارية بالأقساط على حساب المواطن العراقي ولحساب صراعات سياسية وحزبية بامتداداتها الإقليمية والدولية..

كفى تقتيلا وذبحا ونحرا ودما يجري أنهارا في الوديان التي جفت من مياهها، كفى تصفية لعلماء البلاد ومثقفيه وصحفييه وأطبائه ومهندسيه كفى تصفية لأساتذة الجامعة ولنخبه وللمواطنين البسطاء الأبرياء.. لقد جاوز الظالمون المدى وحق اليوم أن يدق الناقوس الأخير للجريمة...

لن يقبل الشعبُ من الحكومة أقل من إعلان ملموس لكل مسلسل الجريمة ومن يقف وراءها وأن يتم كل ذلك بإشراف أممي ضامن لنزاهة الفعل وفوريته ولمتابعة التحقيقات و وضع النتائج بين يدي الشعب لتصدر القرارات الحاسمة والرادعة للمجرمين واستبدال المسؤولين الأمنيين بعناصر تمتلك الكفاءة والإخلاص لواجبها الكفيلة بوقف نهائي للجريمة..

أ.د. تيسير الآلوسي

رئيس البرلمان الثقافي العراقي في المهجر

رئيس جامعة ابن رشد في هولندا

مستشار رابطة الكتّاب والفنانين الديموقراطيين العراقيين في هولندا

لاهاي هولندا 08 ديسمبر كانون أول 2009