قضايا الساعة والمتغيرات الجارية

في

لقاءات إعلامية مع الدكتور تيسير الآلوسي

 

 

أجرت بعض أجهزة الإعلام الفضائية والإذاعية والصحفية لقاءات مع البروفيسور الدكتور تيسير الآلوسي رئيس جامعة ابن رشد في هولندا ورئيس البرلمان الثقافي العراقي في المهجر.. وقد تناولت تلك اللقاءات الأوضاع والمستجدات في  بلدان شرق أوسطية مع موضوعات حيوية في مجالات الثقافة والشؤون الحقوقية والأكاديمية المتعلقة بالتعليم العالي وتطوراته وتحديثاته...

 

قضايا الفساد في لقاء تلفزيوني مع فضائية السلام

في لقاء مع محطة السلام العراقية كانت الأسئلة منصبة على التطورات الجارية في العراق وما يمكن أن ينجم عن بعض معالجات قضايا الفساد إذا ما طاولت رؤوسا كبيرة؟

 

وفي معرض الإجابة أشار الدكتور الآلوسي إلى أنه على الرغم من  خصوصية الوضع العراقي إلا أن المتغيرات تبقى في إطار محيطه الإقليمي وتأثيرات الانتفاضات الشعبية التي تتطلع إلى المزيد من الحريات ولبناء دولة مؤسسات مدنية تعنى بالشعب ومصالحه..

وقال: إن التوافقات التي جرت مازالت محفوفة بالعثرات والانقسامات ومخاطر انفراط العقد.. فضلا عن الأداء الحكومي تميز بعدم توافر الخطط والبرامج الناضجة الصحيحة وافتقر للإدارات الكفوءة والعمل المؤسساتي مع نقص واضح في القوانين اللازمة لتسيير العمل هذا إلى جانب شيوع الفساد والمحسوبية والمحاصصات التي أتت بنتائج سلبية خطيرة..  وأشار إلى أن العراق أمام مهام إقليمية ودولية ومطالب محلية لم تعد تحتمل التأجيل.. فدوليا هناك الاتفاقية الأمنية وموضوع انسحاب القوات والأموال العراقية المحمية دوليا وما سينعكس عليها بعد المتغيرات المنتظرة وإقليميا هناك مشكل مؤتمر القمة وهناك خروقات في الأوضاع العراقية من باب التدخل السافر الجاري فيه بأصابع بعضها بات يعمل بوقاحة مستفزة ..   ومحليا طبعا هناك الهموم المعاشية والحريات وقضايا البناء المعطلة وملائيين الفقراء والأرامل والعاطلين وأصحاب المطالب وعشرات آلاف المعتقلين بلا قرارات قضائية أو محاكمات وغير ذلك مهول..

وفي إطار الإجابة عن ما العمل؟ أكد على أهمية استكمال صياغة القوانين المؤدية لاستكمال المؤسسات الدستورية الرئيسة وتعزيز استقلالية السلطات وأدوارها في العمل.. مؤكدا بشكل مخصوص على قانون الأحزاب والقانون الانتخابي مع توفير لجنة انتخابات لا يشوبها تعليق من طرف وطني.. على ألا يتم دخول الانتخابات بشكل منقوص كما جرى في الدورتين السابقتين؛ إذ المواد 49 و 63 من الدستور تؤكد على أن الهيأة التشريعية تتكون من مجلس وطني ومجلس اتحاد الذي ما زال بلا قانون يشرع له.. وهو يمثل مخرجا جديا من مآزق البرلمان وطبيعة عمله وهويته التمثيلية الكاملة للشعب وأطيافه.. كما سيعيد القانون الانتخابي إلى العمل بالدوائر الوطنية في المجلس البرلماني الوطني فيما مجلس الاتحاد هو المعبر عن عن الأقاليم وعن المجموعات القومية والدينية والتركيبة العراقية التعددية الثرية بتنوعها..

من جهة أخرى  كان الآلوسي أعد كلمة  للقاء تضمنت التوكيد على إنه في ظل المتغيرات هناك اعتداء على الحريات وهناك فسحة لخروج بعض الأطراف لاعلى القانون والقيم الدستورية العليا عندما يجري التهديد بميليشيات للتعامل مع قضايا ومواقف وطنية مثلما جرى من التيار الصدري وإعلانه بوضوح أنه ما زال يحتفظ بميليشيا المهدي تهديدا صريحا للأوضاع القانونية فضلا عن طريقة التعامل مع الاحتجاجات الشعبية بطريقة غير دستورية وتتعارض والحريات.. وتلكم مما أشرنا إليه  في تهديد الوضع واحتمال انفراط التآلفات والتحالفات وطبعا في فرض أوسع للتلكؤ وتعطيل العمل بدل التفاعل مع المطالب الملحة العاجلة والفورية للشعب..  وبالتوكيد على أن معالجة الفساد من الراس ربما يخلق فرصا لتبادل التهديد والشرخ في الائتلافات لكنه سيكون وسيلة علاج ناجعة لتطهير المؤسسات من أشكال الفساد التي باتت مع الطائفية والإرهاب تشكل مثلث ارتكاب الفظاعات بحق العراقيين..

 

ملتقى معالجة آثار جرائم الأنفال مع إذاعة العراق الحر

وفي لقاء آخر أجرته إذاعة العراق الحر: سئل البروفيسور الآلوسي عن طبيعة الملتقى الذي انعقد في هولندا بشأن معالجة جرائم الأنفال والبحث في دروسها المستفادة ووسائل العلاج الحاسمة: قال : إن هذا الملتقى عبر عن لحمة عراقية من جهة وعن وجود رسمي ذي مغزى في التفاعل مع القضية.. كما أنه يأتي ليس استدرارا للعواطف ولا تناديا بكائيا انفعاليا.. بل يأتي للبحث في الحلول التي ستحمي الضحايا وتعوضهم عن سنوات الحرمان والألم وتوقف مسلسل التاثيرات السلبية الخطيرة وتتحول لعمليات البناء والخروج من مآزق العيش في الماضي المأساوي وآثاره وجراحاته الفاغرة...

وأشار إلى أن من بين مفردات الحلول التي نتطلع إليها أن تنعقد مؤتمرات وطنية ودولية سنوية ببرامج مدروسة لمشروعات تتناول الحياة بتفاصيل اليوم العادي بما يبني المخرب من القرى والقصبات وبما يبني الإنسان الجديد ويعالج أزماته وإصابته النفسية الاجتماعية والمادية.. وطالب لإزالة آثار جرائم الأنفال وغيرها من مثل المقابر الجماعية بأن يكون الحل وطنيا ملزما للحكومة الاتحادية في بغداد وليس بتحميل حكومة الإقليم  مهمة خارجة عن مسؤولياتها..  وطبعا أكد هنا على افتتاح مراكز بحثية  وطنية ودولية تساعد على تعاطي جدي موضوعي مع القضية ومآسيها.. كما اشار إلى أننا لن نستطيع الخروج من نفق التردي الجاري والانتقال إلى معالجة قضايانا الآنية الساخنة ما لم نستطع معالجة تلك التي ستظل شاخصة بعواقب إهمالها..

بمعنى أن الشعب بأطيافه وما تعرض له من جرائم تدميرية تخريبية يبقى بحاجة لتفاعل على المستوى الوطني ومن الحكومة الاتحادية ببغداد وليس بإحالة هذه القضية على إقليم وتلك القضية على محافظات والهروب من المسؤوليات (الوطنية بكينونتها) وبمعالجاتها المنتظرة..

 

دور المثقف في المتغيرات الجارية مع فضائية المجد

وفي لقاء مع قناة المجد الفضائية كان الموضوع يتناول دور المثقف  في المتغيرات الجارية اليوم في  بلدان المنطقة؟

وقد أجاب الدكتور الآلوسي بالآتي بالقول: إن الجماهير المنتفضة حملت ثقافة التغيير حيث كسر التابوات بكل مستوياتها السياسية منها والاجتماعية التي نجمت عن إفساد الحياة العامة وتشويه القيم فيها.. وقد أكدت الاحتجاجات على كسر المسلمات المصطنعة الدخيلة على مجتمعاتنا والمفروضة عليها تضليلا تحت ستار المحافظة على القيم  الاجتماعية والأخلاقية بما يذكر بقوانين العيب من مرحلة السادات وعلى القيم والثوابت الدينية وهي في حقيقتها إدعاءات لا علاقة لها بقيم شعوبنا وثوابتها الدينية والأخلاقية الحقة.. ومن هنا جاءت الاحتجاجات لتكسر تلك التابوات المريضة..

وعن دور المثقف في المهجر: قال إنه دور مركب بسبب من طبيعة مواجهة مهام مزدوجة تفرض من جهة الانفتاح والتفاعل مع الآخر ومن جهة تتطلب إعلاء شأن الهوية الثقافية المخصوصة .. إلا أن ما يسهل الأمر يكمن في الطبيعة الإنسانية للثقافة كونها الأس والهوية المشتركة وإن بدت بتعدديتها وغنى تنوعها.. وعن مجابهة آثار الاندماج قال: إن عمليات الاندماج والتفاعل لا تعني إلغاء الهوية بل يمثل الأكاديميون والمبدعون من أبناء الجاليات فرصة للتعبير عن قوة الشخصية ثقافيا ومن ثم تأثيرهم هم في محيطهم مثلما  يتأثرون بالمحيط المهجري تطويرا وتحديثا باتجاه إيجابي..

من جهة أخرى كان قد أعد الدكتور الآلوسي كلمة تشير إلى أن الانتقال من الدولة القمعية إلى الدولة المدنية الجديدة سيتطلب الانتقال من طبالي السلاطين إلى المثقفين الذين يجسدون الشعب وهويته.. الأمر الذي يتطلب إطلاق الحريات العامة ومنها حرية الإبداع وكبح معوقاته وإطلاق حريات التنظيم والتجمعات الثقافية كاتحادات الكتاب والأدباء والفنانين من مسرحيين وموسيقيين وتشكيليين وغيرهم إلى جانب تحديث التعليمين الأساس والعالي وولوج عالم التكنولوجيا واستخدامته والاهتمام بالمكتبات من المؤسسات البلدية إلى مجموع المؤسسات العامة من تعليمية وغيرها مع اهتمام بمراكز البحوث وإطلاق حريات الصحافة والتعبير وتفعيل دور الإعلام والآداب والفنون ومؤسساتها والاهتمام الريس بثقافات المجموعات القومية والدينية والبدء بتأسيس المجالس الوطنية للثقافة وحماية العقل الجمعي من علماء ونتاجاتهم بدل شيوع جرائم التصفيات الجسدية وغيرها من تهجير وتفريط بتلك الطاقات..

 

لقاء مع محطة  ANN  بشأن الانتفاضات الشعبية في البلدان العربية

وفي لقاء أجرته محطة  ANN  : أجاب الدكتورتيسير الآلوسي عن أسئلة المحطة قائلا: إن الانتفاضات الشعبية العربية قد جاءت لا بوصفها ثورة جياع بقدر ما هي ثورة تعبر عن تقدم الوعي الشعبي وتطلعه إلى تحقيق مطلب التغيير الجوهري في النظام السياسي  باتجاه بناء نظم الديموقراطية التي تلبي مطالب الشعوب وتدخلها في مرحلة التحديث والمعاصرة الجارية عالميا.. وبشأن الأوضاع في سوريا فهي لا تخرج عن هذا الاتجاه ولن ينفع هنا سياسة الترقيع في إعلان النظام بضع إجراءات تأتي في الوقت الضائع حيث فقد النظام شرعية وجوده ولم يعد الشعب وقواه الحية تثق به بعد عقود من الويلات ومن تخلف الاقتصاد والأمراض الاجتماعية المتفشية في ظل سياساته الرديئة.. كما أن هذه الإصلاحات الناقصة والتي لا تلبي التغيير المنشود لم تأتِ إلا تحت ضغط الخشية من الانتفاضة الشعبية ونتائجها.. بينما حسم الشعب قراره وفات أوان مثل هذه الترقيعات الساذجة والألاعيب التي ماعادت تنطلي على طرف... من جهة أخرى فإن لجوء النظام القمعي إلى استدعاء قوات إقليمية يشير إلى خشيته من انفراط العقد حتى داخل آلته القمعية وهو يعتقد أنها لم تعد بمستوى قمع الثورة بهذه السعة والشمولية وبات يقلقه تخلي بعض قواه عنه حيث الاستقالات والانفضاض في محيطه... وبشأن المتغيرات التي تجري في سوريا وتاثيراتها أحال الدكتور الآلوسي المسألة إلى الموقع الجيوبوليتكي لسوريا ودورها  في المنطقة وعلاقاتها وامتدادات ذلك؛ مثلما أمر تبادل التأثير مع عدد من البلدان العربية وشرق أوسطيا سيكون لذريعة إسرائيل هزيمة ماحقة حيث يسقط ادعاء كونها محاطة بدول دكتاتورية عدائية وطبعا سيكون للشعب ثقله في نظام ديموقراطي ما يعني قوة التصدي لتهديدات عدائية إقليمية استمرت في الاحتلال سنوات وعقودا.. وفي إجابته عن سؤال لماذا أسبقية السياسي على الاقتصادي في التغيير الذي تطالب به الجماهير السورية؟ قال :   إن تلك الجماهير باتت على قناعة بأنه في ظل نظام قمعي تنبني خططه بمجملها على سياسة بوليسية وعلى إشاعة الفساد ونهب الثروة الوطنية لا يمكن التقدم بمطالب إصلاحية اقتصادية بحتة؛ فالأساس في الأمر حل العقدة المسيطرة فوقيا أي معالجة قضية النظام السياسي والتحول به نحو آليات الديموقراطية التي توفر لا الحريات السياسية حسب وإنما أيضا الحريات الاقتصادية والاجتماعية والحركة المدنية المناسبة لمتغيرات تفعيل الدورة الاقتصادية لا تعطيلها، كما يجري في ظل النظام القائم.. وقد أشار في موضع آخر إلى عامل وحدة النضال الوطني وتمسكه بالمعطيات المدنية الديموقراطية التي ترفض سطوة السلفية والأخوان ومن ثم تُسقِط تهديد بعبع هذا التيار المتطرف المتشدد كما يدعي النظام لتبرير بقائه أو لشطر القوى الثائرة في أوساط الشعب السوري.. ومن جهة أخرى أكد على تضامن وطيد من قوى الديموقراطية والتقدم والسلام في المنطقة والعالم مع الشعب السوري الذي يقرر أوضاعه ومساراتها وحده ومن دون تدخل من أطراف خارجية أو قوى دولية أو إقليمية وأشكال التضامن لا تتعارض واستقلالية القرار الوطني بخلاف موقف النظام الذي بات يستند إلى قوى إقليمية (قوات قمع إيرانية مثلا) في  تشكيل دفاعاته الأخيرة ... والنصر الأكيد سيكون حليف الشعب السوري مثلما حصل في تونس ومصر وبقية بلدان المنطقة على وفق ما ورد في بيان البرلمان الثقافي العراقي في المهجر الصادر قبل أيام..

 

 

وفي لقاء مع محطة أخرى قال في لقاء مخصوص بشأن سكان أشرف: إن ما يجري هناك يمثل اعتداء وجريمة  ضد الإنسانية وخروجا على ما يلزمه الدستور والقوانين الدولية للحكومة العراقية وهو مؤشر على خروقات الحكومة في ممارستها للقوانين تحديدا منها الحقوقية.. مؤكدا على أنه يجب التعامل مع قضية أشرف وسكانه من جانبها الحقوقي بتوفير الحماية التي تفرضها القوانين المعنية من مثل اتفاقية جنيف ورفض قبول مبررات التسييس من جهة والتبريرات المصطنعة من جهة أخرى عندما يتعلق الأمر بالجوانب الإنسانية البحتة والقوانين التي ترعاها.. إذ لا يمكن القبول بقتل عشرات الأبرياء العزّل وإصابة مئات آخرين بأية ذريعة وما يقدم هو مجرد تضليل  وتغطية على جرائم يجب محاسبة مرتكبيها وإلا فإن هذه السياسية التي باتت متكررة من أطراف الحكومة العراقية ستتحول إلى سياسة ثابتة ينجم عنها دكتاتورية خطيرة تقمع الشعب العراقي نفسه مثلما تنذر كثير من المؤشرات في تعاطي قوات السيد المالكي مع الاحتجاجات الشعبية للشبية العراقية..

 

وقد أجرى الدكتور الآلوسي لقاءات أخرى سنعرض لها في تغطية قريبة لاحقة.. تضمنت تلك اللقاءات معالجات للأوضاع السائدة في المنطقة وفي العراق وأمور أخرى تتعلق بالمثقفين والأكاديميين  ومشروعاتهم وبرامجهم لإصلاح الأوضاع..

 

تغطية: ألواح سومرية معاصرة