بيان البرلمان الثقافي العراقي في المهجر والمرصد السومري لحقوق الإنسان:

 تضامنا مع  مطالب المظاهرات الشعبية في العراق

انطلقت في فبراير شباط الماضي تظاهرات واسعة شملت جميع المدن والمحافظات العراقية الرئيسة؛ وقد جاءت تلك التظاهرات احتجاجا على تدهور مجمل الأوضاع العامة والخاصة في البلاد.. ورفضا قاطعا لسياسة الطائفية السياسية واتساع الفساد وسطوة عنف الإرهاب الدموي...وطوال أسابيع متتالية قدمت الجماهير مطالبها واضحة جلية إلا أنها جوبهت بالإهمال والتغافل تارة وبالتضييق والقمع أو بمحاولات الاختراق واعتداءات بلطجية من جانب عناصر محسوبة على أحزاب وزعامات حكومية متنفذة...

وفي أعلى مستويات الحكومة طلب رئيس مجلس الوزراء مهلة المائة يوم التي مرت بلا أية تفاعلات جدية  ملموسة؛ ثم طلب التمديد لمدة أخرى من دون أن ينعكس هذا على أية متغيرات في الأوضاع التي ما فتئت تتدهور شهرا فآخر وأسبوعا بعد أسبوع! وهكذا انتهت عديد من المهل بإهمال حكومي مهول لمتطلبات حياة المواطن المغلوب على أمره...

غير أن القيادات الشعبية وقيادات منظمات المجتمع المدني والأحزاب الديموقراطية، التي تشارك الشعب وعيه لمجريات الأمور وتداعيات إهمال المؤسسات لمطالبه وحقوقه واعتداءاتها على حرياته؛ تلك القيادات الوطنية الشريفة لا يمكنها أن تقبل بحال الإهمال لمصالح الشعب الحيوية.. ومن هنا فقد اتخذت بالمشاركة مع القيادات الميدانية لشبيبة الاحتجاجات قرار التظاهر مجددا وبقوة ضد تلك الحال السلبية المريضة من الانشغال في صراعات محاصصاتية بين القوى الحكومية المتنفذة  فيما الشعب يخضع لأبشع أشكال المعاناة!

إننا إذ نتضامن مع شعبنا في مطالبه، نؤازر حقه في التظاهر والتعبير عن تلك المطالب بأشكال النضالات السلمية من أجل فرض إرادته في التغيير الحقيقي لأوضاعه ووقف حمامات الدم والتقتيل الجارية لانفلات الأوضاع الأمنية ووقف الخراب في مجالات العمل من صناعة وزراعة ومن بيئة باتت خطرا على أشكال الحياة الطبيعية بعد تحويل مجاري عشرات الروافد وقطع مياه عدد من الأنهر المهمة وانخفاض مناسيب نهري دجلة والفرات إلى مستويات متدنية خطيرة فضلا عن نتائج تدهور الأجور والبطالة  وانتشار الأمراض وأشكال الفساد المالي والإداري التي وصلت لأعلى مستويات مؤسسات الدولة!

وغير تلكم الكوارث هناك استمرار للاعتداءات على السيادة العراقية وبعمق عشرات الكيلومترات التي تطاول مواطنينا وممتلكاتهم بلا أي رد فعلي! وهناك أزمات لها أول وليس لها آخر!

  فماذا يتبقى للمواطن في مثل هكذا أجواء غير الوعود الكاذبة وبيع الأوهام التي ما عاد ممكنا لهذا المواطن المبتلى أن يجابهها بإمكانته الهزيلة...؟

اليوم هو الجمعة التاسع من أيلول سبتمبر وهو التاريخ الذي اختاره المواطنون العراقيون نساء ورجالا شيبا وشبابا، ليكون علامة جدية لرفع الصوت عاليا إعلانا منهم أن العراق، بأغلب مدنه، بلاد منكوبة تتطلب جملة من إجراءات الدعم والإنقاذ وطنيا ودوليا.. وليكون هذا اليوم علامة لاستعادة السلطة والسيادة بيد الشعب الذي ما عاد يثق بحكومة انشغلت بالمحاصصة ومرّ في ظل سلطتها كل أشكال الفساد واتسعت ممارسات الطائفية السياسية وفلسفتها وبرامجها المثيرة للاحتقان والاحتراب..

وبهذا فإنَّ التظاهرات الاحتجاجية تعلن سقوط شرعية حكومة لم تبرر الثقة التي أودعتها إياها أصوات الشعب وسجلت أعمق أشكال الفشل وأوسعه في مختلف الميادين ولم تستطع لا ضبط الأمن الذي أفضى حتى اليوم لمآس كارثية نظرا لتركيزه بيد شخصية واحدة على الرغم من ضرورة تسنمه من كفاءات كان يمكنها أن تنهض بالمسؤولية؛ ولم تستطع هذي الحكومة من ضبط الدورة الاقتصادية وفاعليتها ولا كفلت حركة دبلوماسية مناسبة في ملفات عصية تضمنت محاولة خنق المنفذ البحري المخنوق أصلا  والاعتداءات المتصلة المستمرة المستهترة بحيوات مواطنينا وبالسيادة وبسلامة الأراضي العراقية وغيرها من القضايا الشائكة العالقة!

إنّنا نتضامن مع المطالب الرئيسة للتظاهرات في  سحب الثقة من المؤسستين التنفيذية والتشريعية لعجزهما عن أداء مهامهما وفشل برامجهما في  تلبية تطلعات الشعب؛ ومن ثمّ الطلب إليهما أن يتخذا الإجراءات الكفيلة بالآتي:

1. إعداد وتشريع قانون الانتخابات مجددا بطريقة تلغي أشكال القصور فيه وتستجيب لنظام انتخابي ديموقراطي يمثل الوضع العراقي بظروفه المخصوصة..

2. إعداد وتشريع قانون الأحزاب على أسس مدنية وعلى وفق المتعارف عليه في الديموقراطيات الحديثة..

3. تشريع قانون مجلس الاتحاد على وفق ما نص عليه الدستور كيما تجري الانتخابات للهيأة التشريعية مكتملة غير منقوصة مثلما جرى في الدورات السابقة.. وكيما يلتحق ممثلو المكونات العراقية بالبرلمان بنسبة تحترم وجودهم الفعلي..

4. التحضير لتركيبة مستقلة للمفوضية العليا للانتخابات بما توافق عليه جميع القوى والحركات الوطنية من داخل البرلمان وخارجه ممن يؤمنون بالعملية السياسية وبالخيار السلمي للمسيرة..

5. منح القضاء استقلاليته وتمكينه من أداء مهامه على أمثل وجه للعدالة...

6. العمل على تلبية المطالب العاجلة في الحقوق والحريات وضمان الأمن وسلامة العمل العام وتلبية المطالب الخدمية العاجلة فورا وتأمين إطلاق سراح المعتقلين غير المحكومين بقضايا الإرهاب وحماية أشكال التعبير ومنها حق التظاهر من دون اجترار السياسات القمعية لنظم الدكتاتورية ...

7. استقالة الحكومة وحل البرلمان والدعوة للانتخابات على وفق الاستعدادات الفعلية المكتملة التي تقرها جميع القوى الوطنية بمشاركة ملموسة وفعلية لقوى التيار الديموقراطي المبعدة حاليا قسرا من العمل العام..

نجدد هنا وقفتنا التضامنية مستنكرين كل ما اُرتُكِب من أعمال بوليسية قمعية بحق المتظاهرين ومؤكدين على واجب ضمان سلامة المتظاهرين وتأمين حقهم كاملا في التعبير من دون ألاعيب  وتضييقات سبق ممارستها في الأشهر المنصرمة لمسيرة الاحتجاجات الشعبية..

مؤكدين هنا أن سيادة الدستور والشرعية تبقى بيد الشعب وهي اليوم تعود إليه بفشل الحكومة بمهامها طوال سنوات عجاف. ونحن في البرلمان الثقافي العراقي والمرصد السومري لحقوق الإنسان، نعلن لجملة هذه الأسباب أننا سنلجأ إلى كل المحافل والمنظمات الإقليمية والدولية لتطمين دعم مطالب الشعب والمتظاهرين..

إننا إذ نتمسك بالعملية السياسية ونشدد على سلمية  الأنشطة الشعبية، لنؤكد في الوقت ذاته على أننا لسنا في  وارد حركة ردود فعل ثأرية أو انتقامية تجاه طرف أو آخر ولسنا في حال من النهلستية العدمية التي ترى كل شيء باللون الأسود بل نثق بوجود عناصر نزيهة في هياكل الدولة وهي تكافح بإمكانتها المتاحة بإخلاص من أجل مشاركة الشعب في تطهير المسيرة؛ ومن هنا فنحن نتضامن مع الجهود التي تنصب على الإتيان ببديل وطني ديموقراطي يركز على الخلل الهيكلي الفادح في برامج الحكومة  مقدِّما البديل الرافض لاستمرار هذا النهج التخريبي الخطير.. ومتطلعين أولا وبشكل عاجل للتركيز على القضايا الحقوقية بوجه رئيس وملموس...

ندعو جميع القوى الشعبية للاحتشاد في الميادين والساحات واثقين من تضامن وطيد لقوى الديموقراطية إقليميا وأمميا مع شعبنا.. سلمت قوى التنوير والتقدم، داخل مؤسسات دولتنا وخارجها وعاشت قوى الديموقراطية والسلام، وليبقى شعبنا موحدا بكل فئاته في مسيرته من أجل تحقيق الحلم الوطني في العراق الديموقراطي الفديرالي الموحد..

 

أ.د. تيسير عبدالجبار الآلوسي

رئيس البرلمان الثقافي العراقي في المهجر

رئيس المرصد السومري لحقوق الإنسان

لاهاي هولندا 07.09.2011