الموقف الرسمي من اللاجئين الواقعين تحت مقاصل النظام السوري

مطالبة الحكومة العراقية باتخاذ الإجراءات الكفيلة بتأمين ظروف ملائمة لإجلاء العراقيين واستقبال السوريين

مناشدة المنظمة الدولية لتحمّل مسؤولياتها تجاه من لا يستطيع التحرك حاليا في أجواء العنف

 

يوم توجه مئات ألوف من العراقيات والعراقيين إلى سوريا طلبا للجوء  وفرارا من مطحنة الصراعات الطائفية الدموية والإرهاب وعنفه المسلح، لم يَدرْ بخلدهم أن يوما كالذي يجري سينقلب فيه الوضع وتكون فضاءات اللجوء تحت وطأة مطحنة جديدة لنظام مستبد لم يتوانَ عن توجيه آلياته الحربية الضخمة ضد أبناء شعبه مثلما بات يشهده العالم في النظام السوري البعثفاشي. ومن يقرأ العلاقة بين الشعبين العراقي والسوري بخاصة تلك الضيافة الإنسانية الأخوية وتقاسم رغيف الخبز وتلك العلاقات المتينة التي تتجسد أحيانا بعلاقات القرابة والدم في الأسر الكبيرة على جانبي الحدود وفي التزاوج والعلاقات الأسرية الجديدة التي انبنت في ظرف حالك، يقرأ مع تلكم الصورة عمق تلك العلاقات ومتانتها بين الشعبين بما لا يقبل لها فكاكا...

اليوم في أزمة الشعب السوري تعلن الحكومة العراقية بتصريحات رسمية عذرا أقبح من ذنب في تذرع ممجوج تغلق به الحدود بوجه طالبي الجيرة والأمان هربا من مشعلي الحرائق وإرهابيي عصرنا من فاشست سلطة (الأسد) وأنصاره من الشبيحة وبلطجية اللحظة الحرجة.. يتعذرون عن استقبال أهلنا من السوريين في ظرفهم الإنساني المعقد، وعذرهم أن حدودنا صحراوية وأن أوضاعنا الأمنية غير مستقرة ولا آمنة!! فماذا حصل والتشدق بضبط الأوضاع يزعق ليل نهار من فضائيات الحكومة؟ وهل في مثل هذه الظروف يمكن التعذر عن استقبال اللاجئين بالتعكز على حجج واهية!؟

لقد أعلن أهلنا في الأنبار ونينوى وبكوردستان عن ترحيبهم بكل سورية وسوري وعن الاستعداد لتوفير الدعم واقتسام لقمة الخبز مع اللاجئين.. ولكن هذا الإعلان الذي يأخذ تطبيقه عمليا بكوردستان ينبغي أن تسطع شمسه في كل من نينوى والأنبار وأن يتحدى أهلنا الجندرمة التي تقف حاجزا ضد المساعدات الإنسانية.. وثقتي التامة أن الأمر لا يمكنه أن يتأخر حتى الغد بل هو مطلوب اليوم واللحظة حيث تدعو الحاجة لاستقبال الفارين من جحيم قذائف الموت الأسدية ولهيب طيرانه المضطرم حقدا...

اجمعوا المساعدات وضعوها بأيدي ممثلي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية ولن تقف الشرطة العاجزة عن حماية نفسها دون مساعدتكم أهلنا بسوريا. على الأمم المتحدة من فورها أن تتجه إلى حدودنا لممارسة مهامها الإنسانية بجميع الأحوال.. وسيكون من التنصل من المسؤولية ألا يوجد ممثل أممي هناك حيث ميادين المحارق وميادين تغص بالأبرياء ممن لا ناقة لهم ولا جمل في تلك المعارك التي يفرضها النظام الدموي بسوريا...

وعار التنصل من المسؤولية يلف كل من يقف متفرجا أو سلبيا أو عدائيا مع أخوتنا في الوجود والمصير، العار سيلف من تسلم مسؤولية دولة كبيرة كالعراق؛ فيما الفساد تحت سلطته والنهب والسلب على أشده من جهة والتقتيل وفرض آلام الصراعات الطائفية وفوضى عدم السيطرة على جرائم الإرهاب من جهة أخرى؛ وفوق ذلك يمرغون الكرامة أضعافا بفرضهم القسري على شعبنا ألا يرد الجميل للأشقاء في محنتهم وأسوأ من ذلك وقوف بعض الشخوص المسؤولة علنا مع نظام البطش بسوريا الذي سبق أن صدَّر الإرهاب نحو صدور أبناء شعبنا...!

إننا نحن أبناء الشعب العراقي ومنظماته المدنية،اليوم أمام مسؤوليات إنسانية خطيرة تتمثل في الآتي:

1.  العمل على حل مشاكل اللاجئين العراقيين بمسؤولية مباشرة من الحكومة العراقية عن توفير وسائل الحماية والإجلاء من مناطق الخطر، ويجب الضغط  على الحكومة لا الاكتفاء بالمناشدة؛ لأن الشعب قد خبر طبيعة مسؤولي الحكومة الحاليين.

2.  المطالبة بتدخل مباشر من المنظمة الدولية لمن في سجلاتها وبقوائم اللجوء من العراقيين ممن ينبغي أن يتم نقلهم عاجلا إلى جهة ثالثة ومن فورهم وبشكل استثنائي.. حيث أن إمكانات العودة للبلاد باتت منعدمة لكثير منهم في وقت تتعرض حيواتهم لمخاطر جدية..

3.  أن يجري إخلاء السوريات والسوريين من ذوي العلاقة العائلية المباشرة باللاجئين العراقيين سواء بمن يضطر للعودة للعراق أم لمن يغادر لطرف ثالث في الإجلاء من قبل القوات الأممية..

4.  يلزم فورا للمنظمات الدولية التدخل الطارئ لمصلحة إيصال الأغذية والأدوية لجميع السوريات والسوريين الواقعين تحت مقصلة النظام السوري، بالتنسيق مع القيادات الميدانية في المدن والقصبات السورية الملتهبة..

5.  وضع خطط عاجلة ترقى لمستوى الحدث القائم على انهيار النظام الفاشي بسوريا وتوانيه عن مسؤولياته تجاه شعبه، بالإعداد لمساعدات اقتصادية مكينة تخص قائمة المواد الضرورية في الطوارئ وزمن الكوارث..

6.  نشير إلى بياننا الثاني [الذي صدر قبيل ايام] بشان الأوضاع في سوريا وما أوصى به من جملة الحلول والمعالجات المنتظرة بمسؤولية المعارضة الوطنية وأنصارها محليا ودوليا.. وإلى ما تضمن من مطالب عاجلة تتضمن تشكيل حقائب المسؤوليات العاجلة لتسلم الأوضاع في المناطق المحررة وحال انهيار النظام مع توفير الاتصالات اللازمة لضبط الأوضاع ومنعها من الانفلات.

 

إنَّ قضية استقبال اللاجئين سواء العائدين من العراقيات والعراقيين أم الفارين من الآلة الجهنمية لنظام الفاشية الدموي من السوريات والسوريين إلى جانب إيصال المساعدات الضرورية في الداخل السوري، تبقى قضية ذات أولوية قصوى وسينبني عليها نتائج تفصل بين احتمال وقوع ضحايا بطريقة كارثية فاجعة يندى لها جبين الإنسانية وبين إمكان إنقاذ ما يمكن إنقاذه بوساطة تلك المهمة العاجلة..

وتلكم المهمة تبدأ من إرادة الخير بأهلنا وبموقفهم الحاسم والحازم وبشجاعة تجاه السلبية التي وقفتها الحكومة العراقية وتجاه بيعها البطولة الزائفة بإغلاقها المعابر والحدود وبتصريحات العار التي أطلقها الناطق الرسمي التي يجب أن يسحبها وأن يتم التنسيق مع الجهات الأممية بتوفير مخيمات معتمدة فورا..

كفى سلبية ولا مجال للتهاون والمماطلة في قضايا خطيرة كهذه، ولا يمكن لشعبنا أن يسمح للحكومة بالخضوع لسياسات إقليمية غريبة عنه وعن المسؤوليات الإنسانية التي تنتظره.. كما ينبغي لأبناء العراق بخاصة في المحافظات الحدودية الخروج عن بكرة أبيهم لقول كلمة رجال الحق والغيرة الإنسانية، كلمة الحمية على أهلنا فالسوريات والسوريون ليسوا من جزر الواق واق  وليسوا مجرد جيران بل هم أهلنا الذين يعنينا أمرهم فنحن من بيت واحد منذ وجودنا التاريخي القديم حيث سومر التي وحّدتنا ومرورا بعهودنا الوسيطة حيث وجودنا الواحد وحتى عصرنا حيث ما زال الدم الساخن يجري في عروقنا كما يوحّد بلدينا شريان نهر الفرات وحيث نمضي من أجل حياة كريمة  نبنيها معا وسويا...

ننتظر أيها الأحرار من قوى التقدم والديموقراطية قوى السلام والحرية، ننتظر خروج الشجعان يحملون بيارق الدعم والمؤازرة والانتصار لأهلهم في حقوقهم وتأمين حيواتهم حتى تنطفئ نيران الحقد الجهنمية ويرحل أعداء البشرية وإلى الأبد.. وليس لأحد عندما يتعلق الأمر بقضية حقوق الإنسان أية مجاملة أو مساومة لجهة أو قبول لجدل يعلو على مطالب الحياة والأمان والكرامة أو يتقدم عليها.. عندما يكون المطلب حقوقيا ويمس حياة الإنسان يتوقف كل شيء من أجل ضمان أولوية الحياة... فلا تترددوا وإلى أمام من أجل إنقاذ أهلنا.

 

 

أ.د. تيسير عبدالجبار الآلوسي

المرصد السومري لحقوق الإنسان

البرلمان الثقافي العراقي في المهجر