إدانة عمليات التهجير القسري والتطهير الطائفي في أحياء بغداد العاصمة والمطالبة بموقف فوري مسؤول

 

من جديد تطل علينا قعقعة الطائفية السياسية وتهديدها بالويل والثبور وعظائم الأمور إذا لم يخضع المواطنون الأبرياء البسطاء لفلسفتهم وأوامرهم ونواهيهم! وكعادة قوى الطائفية السياسية، فإنها عند كل ضائقة تُحاصر فيها وعند أية عمليات تصويت واستفتاء رأي عام تُظهر عضلات بلطجيتها وتطل على المواطنات والمواطنين بأسلحتها وبممارستها الإجرامية. ومجددا وزَّعت أذرع تلك القوى المستندة لسلطة المال السياسي والرّشى وشراء الذمم المستندة أيضا إلى البلطجة وسلطة العنف الدموية البشعة، وزّعت بيانات صارخة وإنذارات التهديد والوعيد لكل عائلة لا تخضع في ظرف 48 ساعة وترحل من بيتها ومن مناطق سكناها في جريمة تطهير طائفي جديدة تُفرض على أهلنا في مدن الوطن وقراه...

إنّ مثل هذه الفعاليات الإجرامية ما كانت لتُمارس لولا هوية الخطط والبرامج التي اعتمدت فلسفة الطائفية السياسية ومن ثمّ الانعكاسات التي تجسدت في حال الهزال في المؤسسات الأمنية والاختراقات التي أضعفت  دورها وهويتها الحقيقية؛ فضلا عن تواطئ عناصر بارزة فيها وتوجيه سياسة تلك المؤسسات بما يستجيب لخطى الطائفية السياسية واتفاقها مع جرائم التطهير إياها ومع ما اُرتُكِب ويُرتكب لفرض هذا الواقع المرضي الخطير!

إنّ إقرار مصادر وزارة الداخلية بوجود تلك المنشورات وتوزيعها في أحياء جديدة منها أحياء "العامل وخاصة منطقة 'الجنابات' وأحياء من منطقة السيدية غربي العاصمة" بغداد وغيرها، يبقى إعلانا سافرا، يندرج في إطار مخطط نُذُر سيادة أعمال عنفية دموية بشعة، إذا لم يجرِ التعامل معه بخطة سليمة وإجراءات فورية صارمة تتابع مثل هذه الأفعال ومن يقف وراءها؛ بخاصة هنا أن الجهات المعنية التي تلعب لعبة التخفي والظهور وتتقاسم الأدوار في  خطوات الجريمة هي ذاتها التي تطلق التصريحات علنا وجهارا نهارا بلا خشية من عقاب، وبلا من يلتفت إليها أو يسائلها!!!

إن جريمة التطهير الطائفي التي أطلت علينا اليوم، باتت مصدر خطر يهدد  بتداعيات لا تُحمد عقباها، وهي لا تذكرنا بجرائم وفظاعات الاقتتال في سنة 2006 – 2007 بل تنذرنا بما هو أنكى في ظروف تداعيات الأزمات وتراكمها في بلادنا نتيجة النهج السياسي الطائفي وإفرازاته الكارثية. ونحن نرى في مثل هذه الممارسة لعب بالنار.. لأنها ليست مجرد هراوة  تشهرها القوى الطائفية كيما تُبقي الشعب أسير سياستها خانعا لقواها وتوجيهها على وفق مآربها الاستغلالية، بل هي أكثر من ذلك القشة التي ستقصم ظهر بعير الاستقرار الهش.. فلقد بات تقسيم الشعب في حصص طائفية محفورا بعمق ميدانيا وأصبح حجره، في كانتونات تتحكم بها ميليشيات عنفية مسلحة هي أدوات أحزاب الطائفية السياسية ونهجها القائم على اختلاق  أشكال التناقضات والاحتراب والصراعات العنفية البشعة، أمرا يهيئ لأخطر التداعيات مع أية شرارة تقدح هنا أو هناك..

إننا في المرصد السومري لحقوق الإنسان والبرلمان الثقافي العراقي في المهجر، نشدد على مسؤولية الجهات الرسمية بتطمين حق السكن وتأمين سلامة الإقامة والعيش بأمن في بيوت محمية محروسة آمنة.. كما نشدد على أهمية وقف حملات التطهير الطائفي الجارية بصيغ مستترة وأخرى سافرة مفضوحة! وأول خطوات وقفها سيادة القانون وإشاعة خطاب التعايش والسلم الأهلي. ونحن نوجز المطالب الضامنة للأمن والأمان بالآتي:

1.   سرعة اتخاذ الإجراءات الأمنية الرسمية والشروع بالتحقيق في مصادر ظهور تلك المنشورات التي هددت المواطنين في بيوتهم. والكشف عن النتائج بمحاسبة الجهات والأفراد الذين مارسوا تلك الجريمة.

2.   مضاعفة العقوبات الصارمة التي تقوم على ممارسة الجريمة المركبة في استهداف المواطنين بحيواتهم وفي الخلفية الطائفية التي تهدد الاستقرار والسلم الأهلي.

3.  تفعيل أدوار المؤسسات الأمنية وتعميق ثقافة قانونية حقوقية من جهة ووطنية فيها تضمن الأداء المدني السليم الذي يعمق من روح المواطنة والمساواة ومنع أشكال التمييز الطائفي العنصري السياسي..

4.   دعم جهود منظمات المجتمع المدني في إشاعة خطاب الوحدة الوطنية وثقافة التسامح والسلم الأهلي وتعزيزه وتفعيله في مجالي الإعلام وخطابه السياسي، فضلا عن الأنشطة الثقافية الواسعة جماهيريا.

5.   تشكيل لجان شعبية في الضواحي والأحياء المعنية من أبناء المنطقة للنهوض بمهام ثقافية مدنية مناسبة مع تأمين رصد المجرمين وتحركاتهم المريبة.

6.   نزع أسلحة الميليشيات ومطاردة العناصر المخالفة للإجراءات القانونية بشأن حيازة الأسلحة وفرض سلطة القانون بالخصوص.

7.   وقف سياسة المحاصصة الطائفية على مستوى مؤسسات الحكومة وقيادتها وإنهاء فلسفتها المرضية بالتحول لمقدمات تطمين دولة مدنية تخدم مواطناتها ومواطنيها على أساس المساوة ومبدأ المواطنة وبنية مؤسسية مدنية وطنية.

 

إننا نجدد إدانة جريمة التطهير الطائفي، كما ندين ممارسات من يقف وراءها ونشجب تلك السلبية ااتي تمارسها المؤسسات الحكومية المعنية بوقف تلك الجريمة ونرى أن الأمور تتطلب معالجة فورية عاجلة وإجراءات عميقة وشاملة قبل أن تتحول بشرار الشر إلى إشعال حرائق العنف بكل بشاعاته وفظاعاته بأي مسمى كانت.. ونحن نمتلك وطيد الثقة بالقوى الوطنية الديموقراطية ومؤسسات ومنظمات المجتمع المدني التي نتطلع لأدوارها فاعلة مؤثرة...

الخزي والعار لمافيات الحروب وميليشيات الجريمة والانتصار للعقل الوطني ولروح مدني عراقي أصيل يمتاح وجوده من جذور شعب كان مهدا للمدنية والحضارة الإنسانية ومازال يحمل في ضميره رسالة السلم والتفتح والتنوير على الرغم من محاولات قوى الظلام والظلم..

 

 

المرصد السومري لحقوق الإنسان \ البرلمان الثقافي العراقي في المهجر

لاهاي هولندا 24. 02. 2013