من طاغية إلى طغاة وحكم اليوم مأسور بأيدي نخاسي الميليشيات

من طاغية إلى طغاة وحكم اليوم مأسور بأيدي نخاسي الميليشيات: بديلنا بناء مؤسسات الدولة في عملية سلمية صحيحة نزيهة والحكم بأيدي الشعب \ من دفاتري الخاصة د.ت

من أجل حل الميليشيات ووقف تحكمها في الشارع السياسي والوضع العام… من أجل الانتهاء من الفساد وتطهير مؤسسات الدولة والمجتمع المدني… لنستثمر الوضوح والشفافية والوطنية في أعمالنا وأنشطتنا…

تجربتهم: غادر هتلر الفاشي الذي أباد عشرات ملايين البشر الأبرياء من دون لحظة حسرة أو من يطالب بشفقة عليه… أما كيف جرت محاكمة الفاشست والانتهاء منهم ومن جرائمهم فليس من يعيد المراجعة فيها، بخاصة مع سنوات إعادة البناء وإشادة الحياة مجددا في الألمانيتين وفي البلاد الأوروبية.. وليس من سرّ كبير أو خطير وراء مضيّ البشرية بلا لحظة التفات إلى تلك الرّمة؛ فالناس لملمت أشلاء الضحايا واستطاعت دفنها واحترام التراب الذي اغتسل بدماء البراءة والسمو البشري وأوقفت الإنسانية مزيد تضحيات بدم بارد واتجهت إلى حظر كل ما يمكن أن يعيدها للحرب حتى لو اقتضت مصالح وأفضت قرارات وظروف محيطة بذلك.. فلا مجال لشيء اسمه حرب ودماء ومآس وكوارث أخرى مجددا.. وتلك حال شعوب أوروبا من يومها وحتى يومنا…

كارثتنا: أما في أرض الرسل ورسالات السلام في بلاد الخضرة والنماء والحياة والجمال بلاد أول حرف وأول مدرسة وأول مكتبة وأول غرسة فلاح وأول حقل وأول عجلة وأول دولة فقد رحل عنها صدام الطاغية الدموي الذي أباد مئات ألوف البشر بل ملايينها بحساب ضحايا حروبه العبثية إلى جانب جرائمه المهولة بحق الشعب العراقي بأطيافه كافة.. ولكن الجرح الفاغر والألم الممض أنّه يرحل ويبقى في الحلق غصة أنَّ الناس حتى الآن لم تستطع لا أنْ تلملم الجراح ولا أن تدفن الضحايا في تراب يمكن أن تعمّر فيه أو تزرع! فهذا التراب هو الآخر تلوث بما ينبعث منه من بقايا تثير روائح إفساد الحياة البشرية، وها هي الجرائم تحصد مزيدا ومزيدا وتصرخ هل من مزيد! حتى قدّم الشعب قرابين جديدة بمئات ألوف أخرى وما زال!!

واللعبة تقول: ها، منحناكم حريتكم من صدام.. ويرسلون معها قهقهات تحالفية تسكينية. وها، منحناكم صناديق وأحبار انتخابية بنفسجية وحمراء ومن كل شكل ولون ويرسلون معها مسكنات نتائج العمليات القيصرية القسرية للانتخابات والاستفتاءات. وها، منحناكم حرياتكم في ممارسة طقوسكم الدينية  ويرسلون معها حواجيز الانقسامات الطائفية (والحاجوز هو الذي يقف بين متخاصمين). ماذا منحونا من جيوبهم: لا شيء بالمرة…ولا شيء سنأخذه من خيراتنا في ظل وجود فسيفساء النخاسين.

فالانتخابات في بلدانهم ذاتها ليست حرة وتحكمها الأموال بل دماء وبلاوي الغيلة وأهوال الدهر وما يمنحونه هو حق أن يشتم ويسبّ ولا مشكلة طالما الأمر في مهاترة انفعالية يفرغ بعدها المنفعل همه ويعود لخيباته ساكنا بلا فعل سوى تقبل السحق ونتائج ديموقراطية إطعامه الخبز الأسود وهو المطارد يوميا ليقدم أسبابه في بقائه على الإعانة الآتية من ضرائب زملائه المستـَغـَلين وليس من كيس الأغبياء عفوا الأغنياء……..

أما نحن فليس لنا خسارة الانتخابات وحسب بل وعلينا ألا نتحدث عن اليوم الأسود [لا الخبز الأسود] بل اليوم الأسود الذي ولِدنا فيه في أرض النفط والزرع والضرع فلا يحق لنا أن نسبَّ أو نشتم فذلك من المحرمات القانونية في ظل قوانين الديموقراطية العراقية الملائية المعممة [من العمائم]…

لا يحق لنا أن نتحدث عن الفساد الإداري وعن سرقة الثروات يوميا وعن الانفلاشية التي تتمتع بها ميليشيات الأحزاب الحاكمة وعن الحصانة البرلمانية والدبلوماسية التي تتمتع بها قوى تتحكم بكل السلطات فيما هي الأولى في خروجها على سلطة منطق العدل وقوانين البشرية السوية…

إذن من حق الحكام الجدد الحصانة وعمل كل شيء بالطريقة التي يرونها قانونية – وما هي كذلك – ولو قيد شعرة فيما حق الرعاع عفوا الشعب أن يكون غفلا مغفلا مستغفلا وأن يُساق إلى حيث يُراد له أن يصوت للعملية السلمية وفي حقيقة الأمر أنه يصوت لسرقة العملية السلمية من الأدعياء الدخلاء العملاء أو أن يقبل قسرا الذهاب إلى مقاصل التفجير اليومي ولا صوت احتجاج يُقبل منه بل صوت صراخه – وهو يتفجر- مستكره وجوبا لدى التكفيري ولدى الطائفي ولكل أسبابه…

قالوا أشهر وتبدأ عمليات إعادة الإعمار وعندما انتهت الأشهر بدأت ولكن ما بدأ ليس عمليات إعادة الإعمار بل عمليات إبادة الأعمار متجددة متصلة… وقالوا أشهر ونضبط الأمور ومرت الأشهر وانفلشت الأمور ولم يأتنا غير الويل والثبور… وقالوا  اصبروا حتى تأتي الحكومة الدائمية المنتخبة لا المؤقتة المعينة وجاءت هذه وذهبت تلك وصارت الدائمية أسوأ حالا من المؤقتة.. وقالوا إنها الخطة الأمنية التالية وذهبت خطة وجاءت أخرى فجاءت معها بما هو أردأ وأسوأ..

ولكل حال مبرر وذريعة ووعد و وعيد ولا جاء العيد ولا تحرر العبيد! وانظروا هاهم يحمون المتهمين بجرائم ويعلنون أنهم حلّ من التدخل في الأمور الداخلية وغدا عندما ينتهون من أمورهم سيخرج كل فريق مستفيد ويقول هاكم هذي بلادكم لماذا لا تضبطونها ألم نمنحكم الحرية واستقلال الإرادة؟؟!!!

أيها الناس فلنسمع ولنعِ لا حل إلا بأيدينا والعملية السياسية التي اخترناها لا تنبني بغير سواعدنا وعقولنا؛ وضبط أمورنا لا يأتي بقوى غيرنا وحين قلنا: إننا نحن الذين نغير الطاغية ورفضنا الحرب كنا على حق ولكننا على غير حق ألا نمضي في مسيرة العملية السياسية بطريقة صحيحة صائبة..

فالحياة ليست حرية لممارسة طقوس تعبدية إذ “عامل يعمل خير من ألف عابد” و “لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم” فإن كان منّا من يضع ممارسة طقوس العبادة في كفة بمجابهة ممارسة حياته ويقدم الطقوس على العمل وقضاء حاجاته وحاجات أهله وأناسه فإن المسلم كما قال الرسول (ص) لا رهبنة عنده أي لا انقطاع للتعبد وأداء الطقوس..

لنبنِ (نبني) أولا حياتنا ولنحمِ (نحمي) حيوات أبنائنا ونسائنا ولنتذكر أن العازة والحاجة قد فاقت واتسعت حتى تفجرت علينا فسادا قبل أن تتفجر علينا أجساد الانتحاريين قنابل تحصد الأجساد فحصدتنا الحاجة في أرواحنا وأخلاقنا وصرنا إلى نوازع حاجتي أنا قبل حاجة أخي وفوق حاجة جاري أو صديقي..

وصرنا نشتجر على فتات ونقتتل داخل عوائلنا على لقمة من بقايا مزابل القلاع الخضراء والسوداء فيما نترك أصحاب الأعمة المزيفة والياقات الزاهية الملونة يسرقون ملياراتنا ويجزّون رؤوس بناتنا بعد اغتصابهن أمام أعين الأهالي…

فما تميز به عدي من عمار؟ وما تميز به قصي من قدي؟ وما فرق أن يُقال لي ولك أننا خاضعون لأمر “القائد المؤمن” أم “السيد المؤتمن”؟ الأول اغتصب وقتل واستهتر وأخضع من يريد لما يريد والثاني لا فرق في كل صفة سوى أنه صار متعددا فبعد أن كان طاغية وعائلته صاروا اليوم طغاة وزبانيتهم وميليشياتهم..

كنّا نعرف من يضرب فينا وكيف ولكن الجديد أننا لم نعد نعرف من منهم يضرب وكيف!!!!!!!!!!

وعقبى لنا يوم يغادرونا بعد أن يقضوا وطرا في بلادنا من أمريكان وإنجليز وطليان ومن ترك وفرس  وأفغان وحتى من هند وباكستان فلا تستغربوا.. يومها طوبى لمن لم ينكس الرأس في فجيعة تخصه ويومها نعرف أن الكأس التي تنكسر لا صلاح لها…

هنيئا لمن ينشغل بحب آل البيت وأسماؤهم في السماء طاهرة تأنّ من غباء المتفجع المولول الباكي فيما حب آل بيته من زوج وأبناء وبنات ووالدين لا يدعوه لذرف دمعة عليهم ولا نقول  ما قاله الأئمة الذين نبكيهم ليل نهار بأن يخرج الرجل مقاتلا من أجل لقمة خبز لهم! هنيئا للولهان بتعذيب ذاته على جريمة ارتكبها مجرمو عصر لا يمت إليهم بصلة وتركوه جيلا بعد جيل يعيش المازوشية وتعذيب النفس باسمهم وبدلا عنهم..

هل تحررنا من صدام لنمارس طقوس البكاء واللطم ونقيم الأحزان ونهارات الجراح وليالي الأتراح؟ هل تحررنا من صدام لننقسم على طوائف ومزق متناحرة متحاربة؟ هل تحررنا منه لكي نبيع أطفالنا ببلاش للجريمة والمخدرات وكل موبقات الأرض وقاذوراتها؟

ها نحن تحررنا وملايين تهجرت في الداخل والخارج وها نحن تحررنا ومن تلك الملايين عشرات ألوف بل مئات ألوف وطأن سوق النخاسين ومواخير البغاء بإكراه الحاجة وبقسر المافيات التي تنمو بيننا وفي تربتنا نحن المتحررين من زمن الطاغية!!!

ماذا ننتظر لعمليتنا السياسية؟ أليس هذا فشلا؟!!!!!!!!!!سبحان الله أبعد الشرف سؤال عن فشل أيها العراقيون؟ ألسنا متحررين؟ ألسنا أحرارا؟ إذن لنجد حلا.. إذن لنبحث مع أنفسنا عن بديل.. إذن لنقل كلمة مجرد كلمة ولعلها تكون الفعل كما قرأنا في بطون كتبنا المهمة: في البدء كانت الكلمة..

ياعراقيين: أليس فيكم من يقول لنحتج، لنتظاهر، لنستبدل المسؤولين الذين كلفناهم!؟ لم يفلحوا في شيء لنغير الحكومة..   أم عدنا إلى الزعامات المقدسة؟   ألم ترفضوا الزعيم الأوحد فتركتموه يُقتل في 8 شباط الأسود؟ ألم ترفضوا صداما الطاغية المستبد الدموي وتفرحوا لرحيله الأبدي؟  أليس ذلك مما كان رفضا لقدسية شخص وتقدما نحو حكم الشعب ومن يمثله عادلا نزيها نظيفا طاهرا؟!! أم أنكم على الرغم من القتل اليومي وعلى الرغم من الاختطاف اليومي في حلكة الليل وعلى الرغم من الاغتصاب في وضح النهار وأمام الأعين والأشهار.. على الرغم من  بيعكم في أسواق النخاسة والمتاجرة بثرواتكم بل بكم أنفسكم يا بلاش.. على الرغم من كل ذلك وما زالت الحكومة تروق لكم والحكيمي والجعفري والمالكي والدليمي زعماء مقدسين لكم؟!!!

إذن طوبى لنا في عبوديتنا وفي تقاذفنا بين أيدي النخاسين تعبث بنا وتمس شرف كل ساكت خانع منّا.. وليست دعوتي إلا لكي نحتضن مسيرتنا السلمية التي بدأناها وسرقوها منّا لنعيدها إلى نصابها ولنتذكر أننا عوائل من سنة وشيعة تزاوجنا وصرنا كرامة وغطاء وشرفا لبعضنا بعضا..

لنصحُ من هجعة البؤس والتخاذل ونعيد بناء مؤسساتنا من برلمان وحكومة وقضاء فما عاد في الجعبة من رضعة رضيع وما عاد لنا من أستار تغطي عورات أبنائنا وبناتنا وبئس القوم من بات أهله بلا زاد يسد رمق طفل أو يقيم أود شيخ أو بات بلا غطاء يستر …………..

أدري يا جياع عرايا أنَّ الإحباط قد تغلغل في الدواخل وأن الاستنزاف والتعب والأوصاب قد أخذت مأخذها وأن الجرح الفاغر ما زال ينضح آخر قطرة من جسد هزل وذبل ولكنني أدري ألا خيار لنا بغير تصحيح الحال وتعديل المآل..

لا نتركن الأمور على عواهنها أنتم يامن في داخل البيت ليس لكم سوى العمل والبناء أما بناء مؤسساتنا وأما نترك الأمور…إذ نحن ننشغل بالفتات وبمن يشترينا في سوق النخاسة فيما نترك لقادة الميليشيات فرص أنْ يتحكموا بحيواتنا حيث يُباع كل شيء ببلاش!!! وغدا لن نجد لا عربي ولا كردي ولا تركماني ولا كلداني آشوري سرياني ولا صابئي ولا أرمني ولن نجد لا شيعي ولا سنيّ ولا مسيحي ولا مندائي ولا يهودي ولا أيزيدي ولن نجد من أي فريق أو لون من العراقيين يسود في العراق إلا الطغاة ونخاسيّ الميليشيات ممن لت يتركوا لفقير خرقة يسستر بها نفسه!!!!!!!

*إِلـْيـِوِنْ تالي الليل لابد على أسباب: تداعيات انفعالية من مواويل آخر الليل!

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *