الفردنة والشخصنة لا تمنح تزكية لقرار ولا تسمح بصواب خيار

مخاطر سلبية التفاعل وتكريس آلياته المرضية.. الفردنة والشخصنة لا تمنح تزكية لقرار ولا تسمح بصواب خيار.. في ضوء بعض مجريات عميقة الغور في مشهد الصراع بين قوى الظلام وقوى التنوير ووقوع بعض عناصر تنويرية اسيرة آليات تحالفية قادت لأخطر انحراف شوّه خطاب التنوير والتقدم بمزق وحدة قوى العلمانية الديموقراطية وطعن استقلاليتها في الصميم.. نداء وتنبيه عسى يُقرأ من دون شخصنة وميول مزاجية انفعالية مع طرف أو آخر.. 

يتطلع التنويري لتفعيل أدوار المجتمع ومكوناته وتنظيماته كيما يلج دائرة قوانين التقدم التي ترى أن المشاركة الجماعية ووقف الفردي وسطوته هو معنى التقدم ومنظومة قيمية تنويرية لوجود مدني ديموقراطي…

وفي مسار العمل يكافح التنويري التقدمي من أجل إقرار منظومته القيمية السامية الأنجع ليحتكم إليها في خطاه فرديا جمعيا…

وليحاكم مستجدات قضاياه وما يُقترح من معالجات تتطلب موقفا جمعيا  واستفتاء رأي كي يزيد اطمئنان جهة بعينها إلى البدائل والحلول

ولكن واقع الحال أن جمعا بعينه أثبت مؤخرا تساهلا في التعامل مع رؤيتين طرحتا بديلا وحلا ومعالجة لإشكالية عميقة الغور كإشكالية التحالف مع النقيض الفكري وإن كان التحالف وُصِف بأنه مجرد تنسيق ميداني ليوصف لاحقا بأنه تكتيك لتحالف انتخابي ليستقر أخيرا على تحالف سياسي من دون أن تنتهي احتمالات تداعيات ذاك التحالف على الرغم من كل مظاهر السلبية في مسار وخطى الحراك التحالفي!

ومعلوم أنه:

في العمل المنظم (ببلدان التخلف) ترسخت في الذهنية العامة آليات (السلبية في التعاطي مع الحراك اليومي)، من قبيل إعادة انتخاب الرئيس بكل منظمة و\أو حزب أو مؤسسة أو تيار أو دولة بتكرار فنجد الانتخاب أتوماتيكيا بغض النظر عن منجزه وبرنامجه وإدارته مسؤوليته؛ ومباشرة بعد الإجراء الانتخابي (الروتيني) وهو بجوهره مجرد إعلان البيعة سرعان ما ينفضّ الجمع قائلا لمن بايعوه: اذهب أيها المسؤول \ الرئيس أنت وربك…. ما يُفسح المجال سبهللة ليمارس ما يراه منفرداً صدقت النوايا أو لم تصدق وصحَّت الممارسة لم تصح، أصابت أم لم تصب…

وفي العمل المنظم تسربت ثقافة تنظيمية تقول: أنا مع الغالب وغالبا ما يكون هذا الغالب هو الرئيس يُصدِر الأوامر فيطاع ويُلبى أمره ويُنفَّذ ما أصدره بخضوع مطلق للسلطة الفوقية وبلا نقاش وبعضهم يتحدث عن مساءلة ومن ثم يقدم تبريرات استعراضية شكلية ليقول إنه مارس تفكيرا قبل أن يتخذ موقفا بحقيقته لا تراه يتجاوز كونه مجاملة للرئيس..

أما من يناقش ويحاور بل حتى مجرد يتساءل فسيُنبذ  ويُتخذ بحقه موقف مسبق، مهما كان ما يطرحه معقولا ومنطقيا ويخضع لآليات التنظيم واشتغالاته الأنجع والأسلم؛ ويتشارك كثيرون في إصدار قرار عليه: أما بالتسقيط  والقطيعة أو إعادته صاغراً لسلطة الرئيس بادعاء أنها سلطة المركزية وخطاب التنظيم! بمعنى فرض الخضوع لتلك السلطة بلا مراجعة أو التزام بمعايير فكرية تمَّ تثبيتها بنظام داخلي أو إقرارها بمؤتمر..!؟

وليست تلك السلبية وحال الخضوع للمركزية إياها بإيجابية وهي لا ترتبط بالمركزية بصلة أو راطب؛ إنها استباحة ما تَكرَّس خطأً فادحاً في الوعي العام من معنى المركزية السطحي الشكلي بالتبعية لها بعيدا عن صواب تطبيقها بصيغ متقدمة صائبة! وهي هنا  تتجسد في سطوة منطق اللامنطق وانفلات المعايير أو على أقل تقدير تعطيل مبدأ العمل الجمعي وسلطة القرار الجمعي المشترك حيث ينبغي ممارسته..

أفلا نتنبه لتحكيم منطق العمل المؤسسي الجمعي ونوقف مخاطر خطاب اذهب أنت وربك تحميك بركات (موافج) السلبية؛ اذهب فأنت من يرسم وأنت اعمل وأنت من يقرر وأنت من ينفّذ، ما علينا سوى الموافقة وتمرير ما تراه…

أبعد ذلك أسوأ من ذلك فعل وأرضية هزيمة؟

أبعد ذلك يبقى من يقول نحن نواة التنوير ومنح فرص الإدارك والوعي والتنمية البشرية؟ عن اي وعي واي تنوير وتقدم وتنمية يتحدثون؟

إنها لن تصل حتى مستوى النية الحسنة و\أو الطيبة في المقاصد؛ إنها تقع بورطة وتورّط الناس جميعا في الخديعة بقصد أو من دونه بدراية أو من دونها..

فتنبهوا، القضية ليست ما تدعوكم غليه مكابرة أو مجاملة أو مداراة أو تمرير موقف بعجالة قرار لا يمحّص جيدا

لنبتعد عن التسرع والشخصنة وهذا احبه وأُجِلُّهُ إجلالا كبيرا فيما لا أصدق فلاتا أو آخر لمجرد أنه ليس الرئيس حتى لو كان النائب للرئيس!!!

لنحتكم إلى العقل ومنطقه ومعالجاته ولنوقف تعطيل اشتغال المنطق العقلي لحساب العواطف والرغبات والتبجيل لطرف والتحقير لآخر أو الإهمال على أقل تقدير

لنناقش الرؤى والأفكار والمعالجات ونحتكم للتجاريب والخبرات في قرار مصيري نمارسه

لنكتفي بما حل من مآس وكوارث بسبب آلية تبجيل الرئيس الفوق المعصوم على حساب أي طرف والنداء هنا لنضع المعالجات في تناظر وينقارن ونحكِّم الأمور ونصوّت خلا ذلك نحن من يسوق لإدامة الكارثة وبراكينها وزلازلها التي عصفت وتعصف بنا

أفلا نتمعن؟

كفوا عن التخوين لمجرد اختلاف زميل أو صديق أو رفيق أو اي امرئ

كفوا عن المواقف المسبقة

ولنعد معا وسويا بطريق ننتمي إليه وإلى آلياته وإلى قوانينه وضوابطه ورؤاه وأفكاره ومعالجاته

وإلا فليذهب من لا يمارس الصواب إلى الصمت بدل توريط المسار بمصائب ونوائب أخرى أكثر كارثية

والحليم تكفيه الإشارة والفطنة بإدراك التلميح لا انتظار التصريح

ملاحظة عابرة على هامش الجدل هنا: إن إعادة عقد مؤتمر القوى العلمانية الديموقراطية اليسارية والليبرالية  يتضمن

إعادة وحدة تلك القوى

إبعاد ما تعرض ت له استقلاليتها من طعنات

ووضع تدقيق آخر في برامج العمل ، استراتيجيته وتكيتيكاته

وهي بعد ذلك وقبله تستثمر أي مكسب يتحقق بالضغط الشعبي وبمناورات تحصل في ميدان الصراع إذ تضطر قوى استغلالية على منح مكسب أو آخر تستفيد من قوى الشعب وتواصل النهج لمزيد مكاسب هي حقوق للشعب لكنها لا تعني قطعا تغير قوى الاستبداد وتحولها إلى قوى إيجابية تستجيب لمطالب الشعب

ليكن معلوما أنه في كل النُظم البائسة الظلامية والاستغلالية يجري تحقيق بعض المكاسب ولكنها مكاسب تتأتى من الضغط السعبي وليس من انصلاح النظام

كما أن الهدف تغيير النظام لما يستجيب لمنظومة قيمية سليمة والننضال لتحقيق نظام علماني ديموقراطي لا يتوقف لحصول مكاسب مادية محضة

فالمكاسب هي جزئيات من حقوق الشعب وهي مفردات من ملكية الشعب وليست بديلا عن بناء النظام العلماني الديموقراطي النظام الوحيد الذي يعيد للشعب (كامل) حقوقه

فإلى المتحالفين مع أجنحة ظلامية طائفية وهم الذين كانوا سببا لهذا الحوار تنبهوا إلى أن المغنم ليس بديلا للهدف الأسمى وغذا كان حقق لظرف ما مكسبا فإنه سيوقع بورطة كارثية مقابل هذا الفتات الذي يرمى لمزيد تضليل

لن تتغير قوى ظلامية ولن يتنوّر ويتفتح طرف ما لم يوجد نظام التغيير 

ومن يحقق التغيير ليس أي تحالف مضلل

عاجلوا بتدارس ما انحدرت غليه الأمور ويكفي التمزق الحاصل وهو مكسب الظلاميين مقابل طُعم المكسب الذي لا يسمن ولا يغني عن جوع

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *