بين ظروف كرنفالات الصحافة وما يُنتظر لها ومنها وواجباتها في الظروف الراهنة

تحتفل الصحافة الشيوعية اليوم بأمسية تُعلي الذكرى وتكرمها بخاصة هنا شهداء الصحافة وسجلها الحافل من وثائق تاريخها المستنير وادوارها البهية في دمقرطة الحياة وأنسنتها.. وإذا كنتُ شخصيا من بين من نادى من أجل كرنفال مخصوص بها فإنني اليوم أدعو لمراجعة عميقة تحقق ذياك الكرنفال المنشود تلبيته شعبيا جماهيريا خدمة للعراقي وسطوعا لشمه وسط حركة التنوير بتياراتها .. فتحية للمتاح وأمل بإنجاز الأفضلولكن ايضا نقد موضوعي للقصور والتلكؤ والثغرات حتى نتجاوز خطوطها التي قيدتنا جميعا.. قراءة أولية لإثارة الحوار وتوسعه

بين ظروف كرنفالات الصحافة وما يُنتظر لها ومنها وواجباتها في الظروف الراهنة

ما المطلوب منا وقد أنهك بعضنا المتاعب والأصواب وبات لا يوزع جريدة بل لا يقرأها ولو شهرياً؟؟؟

لسنوات عديدة كنتُ أدعو لانعقاد كرنفال متخصص بصحافة اليسار وبالصحافة الوطنية بعامة. فموضوع الكرنفال بهذا المعنى يتضمن اهتماماً مخصوصاً يجسد وسيلة من وسائل الجذب لتلك الصحافة وتعزيز نشرها فضلا عن عقد الصلات والاستجابة لمطلب انعقاد الكرنفالات بعامة بوصفها صيغة احتفالية تؤكد صنع الحياة الإنسانية بمنطقة الاستقرار وضمان السلم الأهلي ومفردات نهج تعزيزه.

حتى جاء الكرنفال، وانعقد ولكنه لم ينطلق كما المرجو له بسبب من تلكؤ وتأخر وضعف اهتمام؛ ما جعله مجرد استجابة شكلية بأغلب مظاهره أو أنه ظل محدداً بين ضعف همة بطرف إنجازه الذاتي وبين ضعف تفاعل كونه ما زال على اية حال، نمطاً جديداً بجميع ظروف إنجازه…

مع ذلك، يبقى ذياك الكرنفال المتطلَّع إليه بوابة جد مهمة لتطمين حاجات قيمية روحية أو ثقافية سلوكية تتطلب مزيد جهود في تطبيع الأجواء والفضاءات له بجانب منح جمهوره فرص إنعاش منطق الأداء وإيجاد ما يجذبه ويدفعه للمشاركة، في ظروف سيادة خطابات ومنظومة قيم ماضوية بائسة تسيطر على الذهنية العامة..

إن مرور ذكرى جديدة على تاريخ ولادة صحافة اليسار وفي القلب منها الصحافة الشيوعية سيظل مدعاة اعتزاز شعبي واسع سواء كان هذا القطاع الشعبي مع أو ضد فكريا أيديولوجيا فنحن نتحدث عن حدث (الكرنفال) من زاوية معطياته العامة لا قيود تعبيره الذاتية الخاصة بجانب استثمار جميع الأطراف لصيغة الاحتفال الكرنفالية التي تمنح المشاركين آلية وجود قيمية بمنظومة محدَّثة تجسد الدولة المعاصرة الحديثة وطابع العيش فيها بعيدا عن الضد الذي يبحث عن تكريس ماضويات عفى عليها الزمن لافتضاح اجترارها ما يؤذي يوخرب في الوعي الشعبي..

إن المرحلة تقتضي التذكير بأن هذه الصحافة (اليسارية بعامة والشيوعية بخاصة) وعلى وفق طرحها معالجاتها وأهدافها) تبقى بواجب تناول المشكلات التي تجابه الإنسان المعاصر وأن تقترح عليه معالجتها الأنجع ليختار بينها وبين أية معالجة بديلة أخرى..

إن ما نراه من بقاء الاحتفالية محدودة بدل انفتاحها على جمهورها الأوسع والأشمل قد يكون مبررا بظروف كورونا العابرة إلا أن ذلك ليس كل الحقيقة؛ إذ أننا نشهد فتوراً من جهة في الوضع العام من جهة إهمال (القراءة الصحفية) لأسباب شتى منها الإحباط والانكسار والسلبية المختلقة ومنها عدم تحرك تلك الصحافة الموجودة على جمهورها واكتفائها بإثبات وجود الاستمرار والمتابعة أو المواصلة!

ولعل آلافا مؤلفة بخاصة من أعضاء حركات اليسار الديموقراطي لا تساهم بتوزيع جريدتها بل أكثر من ذلك لا تقرأها ويمكن التعرف إلى تلك الحقيقة الكارثية من رصد أبسط الإحصاءات الأولية ومن كوراث الخسائر المادية مع أن أغلب العاملين يتضورون جوعا مقابل تضحيتهم بأجرهم وعملهم التطوعي!!

إن استسهال أغلبية ساحقة من رفاق اليسار وأصدقائه تجاه مسألتي: قراءة الصحيفة و\أو توزيعها ستبقى من أخطر المواقف في ضعف حركة التنوير بتياراتها الثلاثة اليسار الديموقراطي، الليبرالي والقومي التقدمي ومعها قوى رئيسة أخرى..

بينما سيكون مطلوباً تجاوز الأزمة قائما على فتح نافذة للحوار بشأن قراءة الصحف سواء من جهة الصحف نفسها وعقدها دورات تطوير أساليب العمل والاتصال وفتحها بوابات (الاتصال الجماهيري التفاعلي) مع القراء أما قضية الواجبات الحزبية فإن تحولها إلى التزام قيمي من جهة حيث الضمير الحي واستلهام التجاريب في النهوض بمهام الاتصال وكسب الناس للقراءة وليس للوصول السطحي للصحافة، سيكون ذلك جد جوهري..

فمن جهة سيكون هذا التفعيل منطلقا لاستعادة جمهور كل تيار وحركة وحزب وثانيا سيكون ذلك أكثر ضمانا وكفالة لدور أي منهم في تمكين قيم التنوير من الذهنية الشعبية حيث منحها حقها في الفعل والأداء ومنع تركها لحل استسلام وخنوع للسلبية ولتفريغ يستبق حشوها بمنطق الخرافة كما جرى أو لنقل بصيغة أدق كما اُرتُكِب من جرائم الإسلام السياسي الذي لم يكن بحاجة لأكثر من ظاهرة الفراغ  التي استغلها أبشع استغلال بتمرير نهجه المكتسي تخلفه ووحشيته وفلسفته الظلامية ..

وبالعودة إلى كل تنويري او من يحسب نفسه بهذا الإطار فإن سؤال كم مرة تتصفح جريدة وتقرأها (شهريا) ولن نقول يوميا ولا حتى أسبوعيا فسيجد المجيب عن سؤالنا الإجابة فجة فظيعة مريعة!

لقد (كان) من حسنات اليسار الديموقراطي اهتمامه بالصحافة وتغنى دوماً بـ((أبو جريدة)) بل كان رفاقه ينسخونها باليد ليوصلوها إلى أبعد القراء وقراءاتهم.. وكان أبو جريدة معروفا بالاسم وبالألقاب المحببة التي يطلقونها عليه وعلى بطولاته ليس بإبداع المعالجات بنصوصه الصحفية بل في مقارعته الاضطهاد..

اليوم، يبقى اليسار ركنا جوهريا بين تيارات حركة التنوير وأي تماهل أو تقصير لأي من رفاقه وصناع حراكه سيكون كما تداعيات أحجار الدومينو في إنهاك حركة التنوير برمتها.. لذا يتطلب موضوع الاهتمام بالقراءة وتفعيلها بوصفها أداة رئيسة للثقافة المعرفية، يتطلب مزيد التفات وبرامج تدفع باتجاه وقف السلبية في التعاطي مع دردشات عبثية لتزجية الوقت وتضييعه…

نحن بحاجة لاستمرار ندوات فاعلة ترتقي بخلفية الحوارات الناضجة وعدم حضورها بصفة ديكورية صامتة ساكنة على أقل تقدير بإثارة أسئلة موضوعية مهمة وهو ما لن يأتي من فراغ بل من سعة الاطلاع والقراءة لمتابعة الخبر اليومي فهذا سلوك يجعلنا أبناء زمننا ومدننا حيث المدنية والتمدن وليس الترييف والعودة لمراحل غائرة بعمق التاريخ هناك في الماضي..

صديقاتي وأصدقائي

دفعني لكتابة هذي التداعيات متابعتي لأمرين

أولهما هزال احتفالياتنا الكرنفالية وفراغها من ركنها (الجماهيري) وأنتم بمشاركة فاعلة من يجيب على هذا وليس أية مماحكة.

وثانيهما أن شهادتي على موضوع قراءة الصحف من التراجع والاضمحلال حدا من التدني والأنكى توزيعها معتمدين في الظروف القائمة على منطق التوزيع الذي يجري وكأننا مدينة أوروبية أو أمريكية حيث الانسيابية في التخصص والوظائف بأجر فيما نحتاج لجهود مضاعفة رعاية لما نزرع كي نحصد مخرجات تنوير ولا نترك الناس لمتغيرات شاذة…

وندرك حجم التهديد للقلة التي تكافح لتحيا بصيغة متحضرة متمدنة فيما الرد على التهديد وإنهاء خطره يأتي من توسيع المشاركة الشعبية بوعي وإيجابية. وتمهيدا لمثل هذا الفعل الجماهيري الاحتفالي الكرنفالي لابد لكل منا أن يدفع نفسه لقراءة الصحيفة اليومية دفعا حتى يصير ذلك كما تناول أي أمر بصورة يومية  معتادة لا مناص من فعلها من جهة أخرى ماذا لو أن ملتزمي حركة اليسار ومثلها قوى التنوير الأخرى جميعا نشروا ما يطالعون عبر صفحاتهم في التواصل الاجتماعي بدل ترهات أعجبتني هذه الصورة الفارغة التافهة أو تلك..

دعونا نبدأ الثورة في أنفسنا ودعونا نطالب من نسمي آباءهم مشعل تنوير وثقافة فيما لا نجد كثيرا من الأبناء سوى حالات ونماذج تهوى أن توصف بالثقافة وهي لا تدري بعض تعريفات الثقافة نفسها!

ثقتي وطيدة بأن نبحث بتفكير نقدي وعقل علمي ظواهر وجودنا الإنساني اليوم كي نستعيد بعض مرجعياتنا الفكرية الصائبة ونرتقي بها إلى مصافها.. ومثلما توجهتُ دوما لكل منارات الأنسنة أتوجه اليوم باحتفالية الصحافة الشيوعية بالتحية والتقدير وانحناءة مستحقة لشهداء تلك الصحافة البهية وللمناضلات والمناضلين فيها وإلى من يدخلها اليوم على الرغم من كأداء الظروف ومدلهم الخطوب الراهنة ..

تحية لكرنفال سيكون في القريب منارة من جديد تشارك فيها كل أطراف الأنسنة والتنوير والانعتاق والتغيير

 

***************************

المعالجة بموقعي الفرعي في الحوار المتمدن تفضل بالضغط هنا 

https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=726792

***************************

شكراً لتوقيعك حملتنا المدافعة عن حقوق شعوبنا بـ(((مياه نهري دجلة والفرات وروافدهما)))

***************************

اضغط على الصورة للانتقال إلى الموقع ومعالجاته

********************يمكنكم التسجيل للحصول على ما يُنشر أولا بأول***********************

تيسير عبدالجبار الآلوسي
https://www.facebook.com/alalousiarchive/

سجِّل صداقتك ومتابعتك الصفحة توكيداً لموقف نبيل في تبني أنسنة وجودنا وإعلاء صوت حركة النوير والتغيير

للوصول إلى كتابات تيسير الآلوسي في مواقع التواصل الاجتماعي اضغط هنا رجاءً

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *