هل يصح أن تلغي الأغلبية الحزبية الأغلبية الديموغرافية وتصادرها؟

تنطلق تصريحات مستمرة عن خطاب يتباكى على الأغلبية وادعاء أنها تطالب بإجماع وجودي كلي وشامل بما تراه أحزاب الطائفية والتجهيل تلك التي تقدم الخرافة على أنها هي الدين فيما هي تطعن الدين بمقتل لتقدم رجالات سياسة لا يفقهون بأمر على أنهم فقهاء الدين ومراجعه وهم طبقة رجال الدين التي وجب أن تحكم والحقيقة أنهم يريدون ذلك غطاء لما تحت الطاولة من أفاعيل إجرامية باتت سمة منظومة حكمهم حتى أن الشعب هبَّ بعدة انتفاضات وثورات لولا أن القمع مرة وظروف كورونا وتفاصيل أخرى أوقفت المد الشعبي في متابعة إسقاط لا الحكومة ورئيسها حسب بل وتلبية مطالب تغيير النهج باتجاه استعادة الوطن والحياة الحرة الكريمة .. فكيف نقرأ تلك العبثية ونهجها الإجرامي؟؟؟ هذه مقدمة في قراءة المشهد

كيف نقرأ الديموقراطية ببعدها الانتخابي؟ وكيف نقرأ الإحصاء الوطني ومعانيه والتركيبة السكانية للتنوع والتعددية؟

د. تيسير عبدالجبار الآلوسي

تتشكل المجتمعات من تركيبة متنوعة من الهويات الفرعية سواء كانت مكونات أم أطياف قومية أو إثنية أو دينية وإذا كان للشعب من خصائص بالمعنى الوطني تفرض العيش بدولة المواطنة المدنية التي تنتمي لعصر منطق العقل والعَلمنة فإن ذلك يبقى دوما مشروطا باحترام التنوع والتعددية ومنع اعتداء مكون على آخر بالتمدد وفرض الإرادة بخطاب شوفيني استعلائي أو فاشي أحادي..

ومن هنا فإن البنية التعددية لشعب ومجتمع لا تسمح لقوة حزبية أو تيار سياسي أن يختزلها ليقرر أنه إذ يتحدث باسم الأغلبية فإنها هو الأغلبية بعينها وبذاتها ما يبرر له طبعا على وفق خطابه أن يفرض رؤية حزبية ضيقة على جميع المكونات والأطياف بمعنى أنه أولا وبدءا قرر أنه ليس مجرد أغلبية انتخابية حزبية لإدارة تفاصيل الحكم بمرحلة بعينها بل هو الأغلبية المختزلة بنهجه على مدى أبعد من جيل يحيا بظلال حكم قهري قسري ليصل على وفق تعبيرات ممثلي تلك الفئة الحزبية بأنه يعبر عن أجيال انقرضت وكأن الأمور لا تُكم إلا بمنطقه سواء بالتعبير عن الماضي المنتهي أم المستقبل المجهول أم عن حاضر محكوم بقوة الأمر الواقع بنهجه وتوجه فكره السياسي المغلق بمسمى يطابق بينه وبين الأغلبية الديموغرافية لمكون أو طيف..

إن هذا النهج لا يقف عند تغليب سلطة حزبية تختزل البنى الوجودية للمجتمع بل يندفع أكثر نحو تهور التعبيرات العنصرية وأشكال التمييز القهري وفرض إرادة على أخرى بذريعة متوهمة تتحدث عن (أغلبية) تسعى لـ(الثأر) و (الانتقام) وهنا تُضاف للنزعة العنصرية الشوفينية سمات هوية أخرى تقوم على تشطير المجتمع بصورة تختلق التخندقات والمتاريس المتعادية المتصارعة بل المتقاتلة طلبا لثأر!!!

وبينما تسعى البشرية لقيم التسامح وبينما تسعى البلدان وشعوبها لاستتباب الأمن والاستقرار والسلم الأهلي فإن كل ذلك لا يقوم عند تلك الأحزاب إلا على حرب وجودية تفرض نهج تيار ظلامي بكل معاني الهوية التي مرت معنا هنا وتُفرض يوميا على المجتمع من عنصرية وتقسيمات طائفية مكوناتية ونهج شوفيني يتبنى استعداء الآخر بجميع الأحوال لمجرد أن اعتقاده الديني أو انتمائه القومي أو الإثني يضعه على وفق تصنيفاتهم بخندق الآخر المطالب بالثأر المزعوم المختلق..

إن البشرية وضعت قوانين لمطاردة المجرم ولكنها لم تستهدفه في شخصه بل في نهجه الإجرامي ومن هنا فهي توقع العقوبة على الجريمة وتعمل على إصلاح المجرم فالقانون وعقوباته ليس انتقاما بل استبدالا للمناهج بإنهاء سطوة منهج الجريمة وإحلال منهج السلم الأهلي المجتمعي بخلاف منطق أحزاب الطائفية التي تطلق أبواقها ليل نهار ما يصدع رؤوس الآمنين..

عليه نعيد التذكير بأن الديموقراطية لا تُفهم على أساس استغلال منصاتها أو آلياتها للتمكن من السلطة ومن ثم استغلال تلك السلطة بادعاءات وأوهام فكرية سياسية مريضة..

على سبيل المثال القول: إن أتباع مذهب ديني مظلومين بوجود الدولة المدنية وقوانينها وإنهم يطالبون بفرض نهج (الدين السياسي) الطائفي لأحزابهم على أنه نهج المذهب و(جميع) أتباعه بإغفال ملايينهم التي نزلت ترفض حكومة ما تسميه تلك الأحزاب وقياداتها (الأغلبية) يوم أسقطت في أكتوبر وانتفاضته الثورية تلك الحكومة ونهجها بمعنى أن تلك الأحزاب تتغافل بعمد وقصد ملايين المتمسكين بدولة مدنية علمانية القوانين والنهج لأنها الدولة التي تؤمِّن لهم العيش الكريم الحر على أساس من العدالة والمساواة ومنع التمييز وحظر مناهج العنصرية والطائفية وشوفينيتها ومنطق مزايداتها التي تستمر وتغرق في إيهام أنها هي الأغلبية ونهجها هو الديموقراطية بينما كل محاور سياساتها تصب بجوهر واحد يتقاطع كليا مع القوانين ويصادر سلامة الهياكل البنيوية للدولة بفرض ما يسمى رجل (دين) فوق رجل القضاء وفوق القضاء بمجمله وهو يطلق العنان لانشطارات مجتمعية خطيرة وتخندقات تمهد لتفكيك لا المجتمع بل كل الوطن والشعب وبوصورة وجودية أدعى للهلاك والفناء..

ووطبعا من الهلاك ما سينصب على من يستغلونه من الأغلبية التي يزعمون التحدث باسمها عبر سرقة اللعبة الانتخابية مرة والإحصاء المعطل منذ عقود والتغييرات الديموغرافية بأشكال تهجير القسري وجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة سواء الجسدية للإنسان أم الروحية لخطابه الثقافي ولمعتقده البعيد عن ترهات التأويل الظلامية من ادعاءات ما يسمونه إسلام سياسي…

لنا حوار متجدد بهذا الشأن قريبا وبحلقة أخرى من كشف مزاعم قادة أحزاب الطائفية وكيف يحاولون أسلمة المجتمع بخطاب سياسي حزبي ضيق الأفق بل معادي لطموحات الناس في العيش بدولة تنتمي للعصر ولقيمه وتغادر خطاب الخرافة والتخلف والتجهيل

وبأتطلع هنا لتداخلات وأسئلة من أجل المتابعة التي باتت أكبر من ضرورة بعد أن أسفروا عن أخطر ما في مناهجهم ألا وهو العنف وإرهاب المجتمع للسطو عليه كليا بعد استباحته وابتزازه باسم المقدس الديني وهم الأبعد عن معتقدات الناس ومصداقيتها وسلامتها

فهم ليسوا إلا أوباش العتمة والظلمة وكل أشكال الجريمة ومخرجاتها الكارثية

المقال في موقعي الفرعي بالحوار المتمدن

***************************

اضغط على الصورة للانتقال أيضاً إلى موقع ألواح سومرية معاصرة ومعالجاته

********************يمكنكم التسجيل للحصول على ما يُنشر أولا بأول***********************

تيسير عبدالجبار الآلوسي
https://www.facebook.com/alalousiarchive/              تيسير عبدالجبار الآلوسي

سجِّل صداقتك ومتابعتك الصفحة توكيداً لموقف نبيل في تبني أنسنة وجودنا وإعلاء صوت حركةالتنوير والتغيير

للوصول إلى كتابات تيسير الآلوسي في مواقع التواصل الاجتماعي

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *