الثقافة والناس ولغة الخطاب

كلمة العدد الخامس ألواح بابلية\ السنةالثالثة

    تندفع اليوم في إطار الصراعات المختلفة التي تكتنف الحياة اليومية في بلادنا كثير من التيارات الفكرية وخطابات الثقافة المتنوعة .. ولعلَّ من بين أبرز الإشكالات التي تعترض المشهد الثقافي هي تلك المتعلقة بالمصطلح من جهة وبلغة الخطاب بشكل أشمل.. حتى أنَّ الحوارات الدائرة كأنَّها تدور أحيانا في ظلال ما يسمى حوار الطرشان لكثرة اختلافِ ِ حول محتويات المصطلحات والقواعد المعجمية التأسيسية…

إنَّ من مهمات الثقافة وخطابها اليوم معالجة مباشرة فورية وسريعة لأوليات الإشكالات التي تجابهنا اليوم .. ولعلَّنا نستطيع ولوج تلك المعالجات عبر منافذ من نمط تكثيف العلاقة مع الجمهور وتفعيلها بما يدير الخطاب بتواصل من غير انقطاع من جهة التتابع الزمني, بحسب كثافة الفعاليات؛ وعبر لغة موضوعية مناسبة تصل ذهن جمهور الثقافة بل أوسع جمهور ممكن وتؤثر فيه وتثبت في الذهن بتوظيف الآليات المناسبة لتحقيق تلك النتيجة..

ولتكن الأماسي الأدبية ومنها الشعرية والقصصية والنقدية وملتقيات الحوار ومعالجة الشؤون الفكرية والثقافية العامة عبر منتديات الثقافة, لتكن بنشاط دائب متواصل ولتوضع في خدمة الحياة اليومية المعاشة مطوَّعة باتجاه الذهاب إلى الناس وليس انتظارهم. إذ ستكون القاعات خالية أو لن تكون إلا محفوفة بزوار الصالونات المخصوصين من النخبة…

وعلينا كذلك التأسيس لمصطلحات الثقافة التي تمد يدها نحو الذهن الإنساني البسيط غير المعقد غير المركب الممتنع على على التواصل. وتلك مهمة حيوية ينبغي أنْ يدركها المثقف والمتخصص الأكاديمي ولابد له هنا من تذكر ما للغة التفكير البياني لا البرهاني من سلطة على العقل البشري وعلى وعينا الجمعي في العراق, ما يؤهل لتوظيف الإبداع الأدبي والخطاب الثقافي المجاور في مهمة تعزيز ما نؤسس له من حياة متنورة جديدة…

وبخلاف ذلك فإنَّ السبق سيكون لخطاب الجهالة والظلامية التي تسطو على الذهن البشري بسرعة كبيرة فتلتهم بنيانه وتلفه بظلام وبطقوسية لا يمكن شفاؤه منها عبر عقود من البناء.. فالتخريب شدَّما يكون سريعا سهلا في آليات أدائه.. فيما البناء تعظم أمور معالجة أركانه وتفاصيله وحاجاته.  بخاصة بناء الروح. فحيثما سادها الظلام والعتمة ضاعت الروح بعيدا في مجاهل مغاور ترجع بالإنسان إلى أعماق تاريخ انقضى زمنا ولكنه عشعش فكرا وآلية وحياة.. وكم هي مقاومة جراثيم المرض ومطاولتها!

ويمكن أنْ أضرب مثلا في لجوء شبيبتنا وحيرتهم بين طريقين الفراغ الروحي والضياع في عتمة أخلاقيات الموضة وصرعات مرضية من المجتمعات الغربية وأخذ القشور والسطحي من الأمور من أزياء وأغاني وما إليهما.. وبين الضياع في المغالاة والتطرف وولوج عوالم العنف المبرر بذرائع دينية أو طائفية أو ما شابه والدين والطائفة وغيرهما من الفكر الإنساني النيِّر براء تماما..

إنَّ مهمة خطيرة تتحملها مشروعات الخطاب الثقافي ومفرداته وبرامجه في بلادنا اليوم فهلا توجه اتحاد الأدباء وروابطه واتحاد الصحفيين والفنانين والمسرحيين والأكاديميين وكل أطراف الخطاب المقصود, هلا توجهوا لمعالجة جدية فاعلة اليوم قبل الغد. إذ الانتظار يصيبنا عيّا ومرضا وألما ويضاعف ذلك علينا وعلى الحلول.. بينما تفكيك مفردات الواقع والسير به وإنْ بتؤدة نحو آفاق إيجابية سيسهل علينا المسار اللاحق..

فيا أيها المثقف الناشط في يومك لا تتلكأ في التقدم سريعا لاحتلال موقع المهمات الجلل المنتظرة منك.. أيها العراقي لابد من تلاحم وطيد مع حركة الثقافة من أجل حاضرنا الآمن ومستقبلنا المشرق الواعد…

ومن أجل ذلك لابد من العمل وتنفيذ ولو أبسط الفعاليات لابد لنا من الحركة ومزيد منها ومن مواصلتها وإدامتها فلعلنا بعد ذلك نعاود مسارنا ونمنع الظلمة من محاربة النور. ونكبح جماح العتمة وادعاءاتها …

لا تنتظروا في دهاليز وأروقة الصالونات والمسارح مسرحنا الميادين والساحات انزلوا إلى الشوارع بلا تردد ولتعاود إبداعات الفنان تنوير مياديننا.. ولتكن بغدادنا جنة من جديد بعد زمن الخراب والتشويه والتضليل..

وبين أيدينا جميعا مشاريع كبيرة في الثقافة وشؤونها وهي بحاجة فقط لحاملي الراية يعملون في ميادين التنفيذ والأداء….

رئيس التحرير

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *