مؤتمر القوى المدنية الديموقراطية.. بات ضرورة عاجلة!؟

منذ 2003 جابهت العراق أزمات عديدة وطغى تفاقمها مرات عدة وبكل مرة كانت الضرورة تدعو لموقف وطني موسّع لتفادي التعقيدات والتوصل لخطوات وقائية وعلاجية مناسبة.. وفي الغالب الأعم أُديرت الأمور من طرف القوى التي تمّ تسليمها مقاليد الحكم بانتقائية محسوبة من أطراف معروفة وتم تمرير الأزمات بطريقة التنفيس السطحي وتجنب أية معالجة جدية جوهرية لها وبمبدأ ظاهره مسمى التوافق بينما هويته تتجسد في محاصصة طائفية وعناصر مرضية.. وفي ذات الاتجاه جرى تحييد القوى الوطنية الديموقراطية والعمل باستمرار على فرض إجراءات لا دستورية وضعتها بموضع ردود الفعل مرة والتردد والروح الإصلاحي المتعثر مرات أخرى!

وإذا كانت الدعوات لمؤتمر وطني الهوية قد تعثرت وتمّ إهمالها وتجاوزها، فإنّ الدعوات لمؤتمرات القوى الوطنية الديموقراطية لم يجرِ التعامل معها إلا بضغوط شعبية تقدمت على القيادات في خيار الخطى الجريئة في تحدي القوى التي تسببت بالأزمات المتتالية.. فانتفضت الجماهير بهبات شعبية كان أبرزها انتفاضة 25 شباط فبراير2011 ثم حالياً انتفاضة 31تموز يوليو2015…

ومع ذلك بقيت  بعض القوى المدنية ذات الطابع الوطني الديموقراطي أما مترددة من المشاركة المباشرة في الاحتجاجات الشعبية أو متقيدة بالنداءات الإصلاحية التي لا تقدم بل تؤخر عبر مساهمتها بالتشويش وحتى التضليل في تصوير القوى الطائفية وطبقة الكريبتوقراط [الفساد] التي نشأت غب الاحتلال  وكأنها يمكنها أنْ تكون جزءا من التغيير الذي تنشده الجماهير الغفيرة!!

لكننا في ضوء وجودنا اليوم في معمعان هبة جماهيرية واسعة وبين الاندفاعات لبعض حملة شعارات المراهقة السياسية المغامرة وبين المترددين السلبيين من مثبطي العزائم والمتسببين بإفشال الحراك الشعبي بات مطلوباً بقوة وإلحاح ((واجب عقد مؤتمر وطني للقوى المدنية)): من اليسار الديموقراطي حتى الديموقراطي الليبرالي كي تتخذ قراراً حاسماً بفرض مطالب التغيير وليس الترقيع المسمى إصلاحاً مما يديم تحكم قوى تسببت بكوارث الوطن ومآسي الناس..

إنّ الواجب الوطني والإنساني اليوم بات واضحاً بعد أن وضعت الحكومات الطائفية وقوى الفساد فيها الوطن والشعب رهناً بيد الإرهاب المحلي والدولي! وبعد أنْ حولت أغنى بلدان العالم بالثروات إلى دولة مفلسة! وبعد أن جعلت من دولة يتحدث العالم عن تراثه الإنساني الذي نبع فيها منذ حوالي الـ10 آلاف عام! وبعد أن كانت دولة مؤسسة في الأمم المتحدة! وبعد أن جعلت قوى الحكم المرضي من العراق دولة هي الأكثر فشلا والمهددة بالانهيار والتفكك على كانتونات متصارعة متحاربة!! بعد كل هذا بات الواجب اتخاذ قرار بإنهاء خطاب التردد والترقيع الذي يزوقونه بمسمى الإصلاح والشروع بموقف جديد حازم وحاسم…

  إن الشعب العراقي اليوم ليس جزءاً من الدولة التي بيعت بالمجان للمافيات المحلية والإقليمية والدولية وبات من المستحيل أصلا أن نسميها دولة في ظل المشهد البنيوي المرضي الجاري.. ومن ثمّ فإن المشاركة العضوية في الانتساب لمؤسسات الفساد التي نهبت الوطن واستعبدت الناس هي جريمة بحق الشعب.

اليوم وليس غدا، يجب أن يوضع مطلب الشعب في التغيير ويُلخَّص بالآتي:

  1. إنجاز المطالب الخدمية الرئيسة العاجلة..
  2. إبعاد عناصر الفساد عن إدارة الدولة بالإشارة إلى ما يسمى القيادات والإدارات العليا وأولها القضاء وعلينا تسميتهم بوضوح..
  3. تسليم الإدارة للكفاءات الوطنية مع تسمية واضحة للبديل ولبرنامج بأسقف زمنية يتضمن تفعيل استجابة ميدانية لمطالب الهبة الشعبية..
  4. تشريع القوانين الرئيسة التي تعد لانتخابات ديموقراطية في سقف زمني يتحدد بالاستعداد لإجرائها بمشاركة جهات أممية حيادية معروفة.
  5. يجري ذلك بالتزامن مع خطة شاملة لبناء جيش وطني وقوات أمنية وطنية وضمان قاطع بعدم وجود أي قوى مسلحة خارجهما، بسقف زمني لا يتجاوز العام الواحد..
  6. اتخاذ كل الإجراءات الوطنية المؤازرة دوليا بتطهير البلاد من الانفلات الأمني والاستباحة الإرهابية وبسقف زمني لا يتجاوز الأشهر المحسوبة..
  7. إعلان خطة اقتصادية شاملة تستعيد مئات مليارات الدولارات المنهوبة تحديدا من كل العناصر التي تسلمت المسؤولية في الدولة منذ 2003 وحتى الآن؛ على أن يجري جمع ذلك مع خطة مارشال دولية للاستثمار البنيوي في مجالات الزراعة والصناعة والتجارة والبيئة…

إن الشعب لا يملك خيارا سوى نضالاته السلمية، ولكن تلك النضالات لا يمكنها أن تتنفس وتحيا بظل الخطاب الترقيعي لبعض القوى التي اصطبغت ذهنيتها باستسلام واسترخاء ساهم وإن بشكل غير مباشر في استمرار استفحال الأوضاع وتفاقمها.. لذا يجب حسم الأمور والسير بطريق المعارضة الشعبية خارج البرلمان وإدامة النفس ومطاولته شعبيا وسحب البساط من أي شكل يمكنه أن يمنح شرعية مزيفة مضللة لقوى الطائفية المحظورة على وفق القانون الدستوري الصريح..

لن تخسر القوى المدنية الديموقراطية أمراً أو شيئا لانسحابها من الإطار المشوه لعملية سياسية باتت أداة للتضليل وللضحك على الذقون ولاستلاب الشعب كل حقوقه بلا استثناء!! وإنما ستربح طهر برامجها ونقاء هويتها وسلامة تعبيرها عن الشعب ومطالبه..

إنّ المدى الزمني القريب للدولة العراقية مقبل على انهيار بكل شيء في ضوء انهيار عالمي لأسعار البترول وتفاقم الأزمات الاقتصادية وترحيل آثارها لتقع على عواتق الشعوب والدول الأكثر فشلا وهزالا.. من هنا علينا ألا نساهم بخديعة أطول للشعب العراقي!!!

إن الآتي هو شرذمة هذا الشعب ووضعه في احتراب دموي همجي هو الأبشع في التاريخ البشري في إطار محميات وكانتونات تمثل مدافن للناس كي يستكمل أعداء العراقيين نوازعهم المرضية في تصفية المواطنات والمواطنين لاستكمال نهب ما تبقى من ثروات ببلاش!!!

قولوا كفى واعقدوا مؤتمر صرخة الشعب بوجه طغاة العصر وأدواتهم المتحكمة ببلاد الخيرات…

وندائي هذا يتوجه إلى كل قوى العراق المدني من يسار ويمين ومن تلك المنظمة في أحزاب أو شخصيات مشهود لها بتاريخها وخبراتها وإلى أولئك الذين دفعت بهم التظاهرات الشعبية إلى واجهة الحدث النضالي الوطني الأشمل..

مؤتمر عاجل يعلن صوته وهدير الشعب كفى أو ترك الأمور سبهللة تخادع الشعب وتضللهم والإلقاء بهم في حفر هاوية لا التمزق بل التجنيد بأيدي قوى الطائفية والفساد!!

فهل بقي حتى اليوم من يؤمن بأن قدره الخنوع لقادة حروب المهالك الجارية وتقديس أولئك الفاسدين المارقين على كل قيم الإنسانية والدين الصحيح!؟

هل مازال بيننا من يقبل لنفسه باستكمال عملية البيع لتصل إلى بيع كرامته وشرفه وضميره وهي الأمور الوحيدة التي بقيت ملكا للعراقية والعراقي!؟

العراقيات والعراقيون أنبل وأسمى وأزكى وأشرف من القبول بهذا الوضع.. ولطالما ثاروا للكرامة والحقوق والحريات وها هم اليوم يحسمون أمرهم..

وفي إطار التحول إلى ثورة للتغيير على القوى السياسية المدنية أن تتخذ قرارها بمؤتمر وطني يفصل الأبيض من الأسود لينبلج صبح العراق الجديد عراق الفقراء والمقهورين ينتصرون لأنسنة وجودهم..

فهلا تحركنا قبل فوات الأوان!؟ وقبل لات ساعة مندم!!!

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *