إدانة وحشية جرائم الإرهابيين الدواعش وهمجيتهم بحق المرأة الأيزيدية والمطالبة بالتصدي للخطاب المُغْرِض

مع مرور سنتين من البشاعات وفي تحدي الدواعش الإرهابيين للعالم ولصوت الحق والعدالة؛ يواصل أولئك الرعاع نهجهم الإرهابي التصفوي الدموي، سواء منه باستكمال جرائم الإبادة الجماعية أم جرائم ضد الإنسانية بحق المجموعات الدينية الأصيلة في بلادنا، وبحق المواطنات والمواطنين وأشكال التمييز والحيف الواقع عليهم، بكل تفاصيل الفظاعات والبشاعات التي تمثل ممارساتهم اليومية. وهذه المرة، أوردت الأنباء ارتكابهم لجريمة بشعة جديدة أخرى، عندما أقدموا على وضع عدد من النساء الأيزيديات المعتقلات لديهم في أقفاص حديدية، ثم أشعلوا النيران فيهنَّ بإحدى الساحات العامة بمدينة الموصل المستباحة. إنَّ أولئك الأوباش يواصلون تصفية كل من لا يخضع لأوامرهم ولاستعبادهم ويرتكبون الجرائم خلف أسوار من التعتيم ولا نصير للضحايا الأبرياء العزّل ولا من ينقل عذاباتهم ولربما كانت هذه واحدة من تلك الجرائم الأبشع..

إن هذا تسريب نبأ من هذا القبيل من طرف الدواعش ووسائل إعلام ومنظمات مختلفة الاتجاهات، يدعونا إلى أن نطالب كل الجهات المعنية للعمل بمستوى المسؤولية على أقل تقدير في توثيق تلك الجرائم ونوتعريفنا إلى مصداقية وقوعها من عدمه بكل ما لهذا من عمق المرارة الأليمة الفاجعة. إذ سيكون ترك المواطن لتضارب المعلومات أمراً خطيراً ومؤشراً كارثياً تجاه بنية الدولة وقدراتها؛ وتجاه التصدي للإشاعات المغرضة التي تريد بث الرعب من جهة وتعمّد استفزاز مواطنينا وإثارة الشقاق والاحتقانات والتوترات.. هذا فضلا عن كون إهمال التوثيق وتدقيق المعلومات، يعني من جهة أخرى فيما يعنيه عدم اهتمام بمصائر الضحايا المأسورين وهم يُستباحون من مستعبديهم الأوباش…

وفي ضوء ذلك نجدد التوكيد على مهام الدولة ومسؤولياتها من جهة في وقت نتبني نحن مسؤولياتنا في التمسك بالمطالب الحقوقية لأهلنا وبمزيد الضغط الشعبي القانوني لتلبية تلك الحقوق والحريات والمسارعة في تحريرهم من براثن الوحوش الأوغاد.. ولعل أبرز تلك المطالب تتمثل في العمل من أجل تحرير المرأة العراقية من أمراض الفلسفة الذكورية وأمراضها ومن القيم الظلامية ووساخات التخلف وجرائمه المتفشية اليوم.

إنّ نبأ المحرقة المأساوية الكارثية الذي طاول النسوة الأيزيديات، يدعونا إلى موقف حازم وإلى التحرك الثابت لفضح مسلسل الجريمة المتكرر ولاتقاء احتمال وقوعها و\أو تكررها بهذا الانفلات وبلا حسيب ولا رقيب! إننا لا نتحدث في هذه اللحظة عن واقعة قد تكون مجرد خبر استفزازي، ولكننا نتحدث عن نهج جسد ويجسد جرائم الإسلام السياسي بوجهيه الإرهابي الطائفي بكل تفاصيل ما يرتكبه في المناطق المستباحة من الإرهابيين بوصفهم المجسدين لقمّة الطائفية ودمويتها المتسترة بالدين المزعوم أو ما يرتكبونه في المناطق الأخرى الخاضعة لسلطة ميليشيات الطائفية بخيمة التحكم بالدولة ومؤسساتها والتي لا تختلف في ادعاءاتها ومزاعمها ووسائل التخفي بالدين السياسي بآلية التقية التي لا يجدون حرج من إعلان تبنيها والتمسك بها.

وشخصيا أجدني ملزماً أخلاقيا حقوقيا قانونيا وضميريا أن أشدد على إدانة كل تلك الجرائم الفظيعة البشعة، مطالباً الحكومتين الاتحادية والمحلية للتصدي لمسؤولياتهما تجاه ما جرى ويجري سواء بشأن التوثيق والتحقق من المجريات بوساطة الجهات الاستخبارية المسؤولة أم بشأن إيجاد وسائل الحماية من أشكال الاستغلال الواقعة على العناصر الهشة الضعيفة وتحديدا هنا النساء في ظروفهن المعقدة.. وأثق بأن هذه المطالبة الحقوقية في الوقت ذاته، تتجه نحو مناشدة المجتمع الدولي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والمنظمات الحقوقية لاتخاذ كل الإجراءات من أجل إنهاء عذابات المدنيين العُزَّل في المدن المستباحة؛ وتحريرهم من كوارث إجرامية مستمرة الوقوع منذ سنتين بلا معين..

إنّ المرأة العراقية بعامة ونساء أتباع الديانات غير المسلمة، يتعرضن اليوم لطائلة انتهاكات وحالات استعباد واتجار وحجر واسعة النطاق، ولهذا يجب التوكيد مجدداً على عدم الاكتفاء بإدانة جرائم وحوش الإرهاب بل أن نتفكر عميقاً بتلك الأوضاع العامة بمجمل محافظات الوطن من أجل معالجة ما يجري في ظلالها، عبر سنّ التشريعات الكفيلة بتحرير المرأة العراقية من التأويلات المشوهة سواء لبعض القوانين القديمة الموروثة من النظم السابقة أم ما يجري من حالات إحياء القيم المصطنعة المنسوبة للدين وهي ليست سوى حالات اجترار للتقاليد الاجتماعية البالية المنتمية إلى عصور التخلف والجهل..

إنّ قوى التقدم والتحرر الاجتماعي مطالبة بالارتقاء بأدوارها ومهامها التنويرية من أجل إزاحة آثار الفكر الظلامي التي استباحت المرأة ووضعتها حبيسة قيم مرضية كارثية وعطلت أدوارها المجتمعية وحجرتها في محابس القيم الماضوية والتي تواصل محاولات الإذلال بثقافة ذكورية بائسة متخلفة.

لكنني مع كل تلك المشاهد المعقدة الجارية وبكل تلك المطالب التي أشدد عليها بالاتفاق مع مطالب قوى التحرر والسلام، أرى بوابات الأمل مشرعة وانتصار نضالات المرأة العراقية من أجل التحرر وفرض إرادتها في المساهمة الفاعلة بطريق التقدم الاجتماعي والسلم الأهلي، أكيدة..

فلتعش نضالات قوى التنوير من أجل العدل والمساواة والحرية.. ولتندحر قوى الطائفية والإرهاب وفكرهما الظلامي المتخلف مرةً وإلى الأبد لنستعيد مسيرة التمدن في بلاد الحضارة ومهد التراث الإنساني.

ولتنتصر قيم حقوق الإنسان بفضل النضالات الحقوقية الوطنية وبفضل التضامن الأممي المكين، ولنواصل خطابنا بلا تردد ولا خشية من أحابيل يراد غيقاعنا بها أو وضعنا أمام مناورات يظن الإرهابيون والطائفيون أنهم اصحاب الكلمة العليا فيها ولكننا نمتلك مفاتيح العمل لأن الفعل بأيدينا ولن يكونوا هم سوى رد الفعل الذي قد يتبدى عنيفا مشتدا أليم النتائج إلا أنه الأضعف وإلى هزيمة ساحقة لخواء منطقه الاستغلالي الأكثر ظلامية وتخلفا.. لنكن معا وسويا في جهودنا الجمعية المؤسسية ولنتقدم بثبات من أجل تقريب لحظة الانتصار للإنسان…

أيتها الصديقات .. أيها الأصدقاء أنتم بصفة شخصية وباسم منظماتكم مطالبون أيضا بالتعليق هنا وكتابة خطاب التضامن بلا تردد كي نطفئ ما يثار من استفزاز وشقاق وانقسامات مجتمعية ونتقدم بقدراتنا الفاعلة بفعل مكين ضد ردود شراذم الإرهابيين وقى الظلام الطائفية بكل ميادين الوطن

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *