برنامج إنقاذ العراقيين بين سلامة الخطى ومحاولات التسلل والاختراق؟

تنطلق هذه الأيام مبادرة (لتحريك ودعم) الجهود التي تتجه لعقد مؤتمر للقوى صاحبة المصلحة الحقيقية في تلبية مطالب فئات الشعب العراقي الأوسع ممن ابتليت بالفقر والبطالة وبالتهميش والمصادرة وبجرائم التقتيل وأبشع أشكال الاستغلال.. وقد تشكلت لجنة التحريك والدعم لإطلاق برنامج إنقاذ العراقيين وضمان سلامة خطى التغيير لبناء الدولة المدنية الديموقراطية الاتحادية ومنع محاولات التسلل والاختراق من أية قوى خارجية أو محلية.. ومن أجل ذلك نُطلق هنا نداء التكاتف والتفاعل وتقديم الرؤى والمعالجات والتفاعل مع ما يقدم بما يضمن النتائج الأنجع للإنقاذ.. وهذي بعض معالجات بسلسلة من الكتابات

مع الانهيارات المتراكمة فوق رؤوس العراقيين، ومع ذاك المشهد التراجيدي الذي أوصلت قوى الطائفية العراقَ والعراقيين إليه، كان لابد من رد شعبي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. وبدءاً كانت الهبتان الشعبيتان في 25 شباط 2011 و31تموز 2015 حيث انتفض الشعب غضبا تجاه المآل الكارثي الذي وُضِع فيه. وفي تينك الهبتين وجدت الجماهير الشعبية نفسها بلا قيادة وطنية موحدة ومن دون برنامج عمل ولا خريطة طريق للتغيير…

وفي البدء كانت القيادات الميدانية، وقفت عند تخوم النضال (المطلبي) ولم تكن الصورة واضحة للجمهور العريض بشأن طابع النظام الذي تمّ تكريسه في البلاد بوصفه نظاماً طائفياً كليبتوقراطياً (مفسداً) وهو النظام الذي استخدم آليات مافيوية في ابتلاع الثروات وتضخيمها بين ايدي عناصر مرضية محمية ببلطجة ميليشياوية مفضوحة ساندها لردح من الزمن خطاب القدسية الدينية المُدَّعاة المزعومة!

ولقد أفرز هذا النظام وما تمَّ تكريسه من آلياته، نموذج الدولة الأكثر فشلا عالمياً ما دفع ويدفع بتسارع أوضح إلى حال (الانهيار) المتوقع افتراضياً للدولة العراقية.. تلك الدولة التي وُجِدت منذ آلاف السنوات عبر تاريخ الحضارة السومرية وما أعقبها ومنذ حوالي القرن من الزمن بولادة الدولة الحديثة وتشكل مؤسساتها (المدنية) بدستور علماني المسار…

إنّ وعي حقيقة من يتسلط على رقاب العراقيين ويحكم مؤسساتهم هو ما سيمنحنا وضوح التصور للبرنامج البديل الذي يجب أن يغادر مصطلح الإصلاح بكل أشكاله. لأن طابع النظام لا يفيد معه كل أشكال الترقيع الجزئية والشاملة فلا إصلاحيات جزئية بهذا المفصل أو ذاك ولا إصلاح  شامل أو جوهري ممكن ومتاح مع طابع ما تكرَّس من نظام.. إنّ البديل بات محسوما لا يعبر عنه بدقة وموضوعية وسلامة إلا مصطلح ((التغيير))..

أما أين يقودنا ((التغيير)) فإلى ((دولة مدنية ديموقراطية اتحادية)) هي وحدها التي يمكنها أن ((تحقق العدالة الاجتماعية)). لهذا السبب فإننا اليوم بحاجة إلى تشكيل وطني يقود مهمة التغيير ويستطيع إنجازها وإلى برنامج وخريطة طريقة بمحددات وأسقف زمنية لمسيرة التغيير..

لقد تولدت القناعة الكافية لدى الوطنيين الديموقراطيين بشأن تشخيص النظام بوصفه نظاما (طائفيا كليبتوقراطيا) وبأنه نظام غير ممكن الإصلاح بعد أن تشكلت طبقة المفسدين (الكربتوقراط) وهراوتها من بلطجة عنفية بالاستناد إلى عصابات منظمة مافيوية وميليشيات معروفة مفضوحة خلا عن تفريغ طابع مؤسسات الدولة وبعد أن خدمت طاغية باتت تخدم طبقة الفساد وطغيانهم. ولهذا السبب انطلقت في االآونة الأخيرة نداءات لوحدة صفوف القوى المدنية العلمانية بمجابهة قوى الإسلام السياسي وما أتت به من خراب على خلفية خطابها الطائفي بكل ما تستَّر به من زيف ودجل وتضليل…

لكن طريق توحيد القوى المدنية الديموقراطية ليس مفروشا بالورود فهي طريق ملأى بالعثرات والعقبات حيث صارت البلاد عرضة لتجنيد عناصر عديدة في المخابرات الدولية والإقليمية وحيث دفعوا بمشروعات التدخل بوساطة تشكيلات وتكليفات تتستر بالمشروع الوطني وكلما حاولت الشخصيات الوطنية أن تعقد مؤتمراً وطنيا لها جاءت مشروعات التضليل لتحاول التغطية وإثارة الغبار ودفعت بمؤتمر بذات الاسم ولكنه طبعا بجوهر مريض مقصود به تمرير مشروعات التدخل؛ يسانده في هذا تمظهر قوى الطائفية بتنظيمات باتت خشية من اختيارات الشعب تتسمى بمسميات (مدنية) و (وطنية – ديموقراطية) تدعي تمثيل دولة القانون والمؤسسات وما شابه من قشمريات تظن أنها قادرة بها أن تضحك على الذقون…

إنّ مشروعا لعقد مؤتمر عراقي يتبنى شعاراً استراتيجيا هو ((التغيير من اجل دولة مدنية ديموقراطية اتحادية تحقق العدالة الاجتماعية)) قد انطلق منذ مدة وتشكلت لجنة تحضيرية لتحريك ودعم التوجه نحو انعقاد ذياك المؤتمر، وانطلقت الاتصالات مع الشخصيات الوطنية الديموقراطية تحشيداً للجهد الذي يتبنى انعقاد المؤتمر لإطلاق الجبهة العريضة التي يمكنها أن تقود المشروع الوطني لإنقاذ البلاد وتحرير العباد..

على أننا مثلما أشرنا ينبغي أن نتنبه على المجريات فهناك قوى دولية ضالعة وراء محاولات التسلل والتشويه وعقد مؤتمرات نظيرة في التسمية وما تحمل بجعبتها من مشروعات كما لديها محاولات تسلل على المبادرة الوطنية الديموقراطية فضلا عن أرضيتها بتشكيلات الطائفيين المتمظهرة بمسميات (مدنية) هلامية وما يعملون ليل نهار على توظيف المال السياسي لشراء الذمم والدكاكين الصغيرة لمشروعاتهم الكارثية..

إن ذلك يستدعي سرعة التفعيل للمبادرة ووضع محدداتها بأسقف زمنية وعدم التردد في عقد المؤتمر في حدود لا تتجاوز شهرين إلى ثلاثة من الآن ومعها خريطة برنامجية للقواسم المشتركة لمهمة التغيير واستعادة فرص بناء الدولة المدنية..

وأشير إلى أن شعبا يدفع بقواه إلى هذا التوجه بالتأكيد ستعترف له دول العالم والمنطقة بمنجزه وإلا فإنه سيبقى متشرذما مقسَّما بين كانتونات تقاد من زعماء حرب وتجار دم استباحوا كل شيء ولم يبق للعراقيات والعراقيين سوى الانتفاض لوجودهم؛ كي ينجزوا بناء دولتهم على أسس تخدم مصالحهم وتطلعاتهم..

فليختر العراقيون بين اللهاث خلف المقدس التضليلي ووهم مخادعاته وبين دولة يبنونها بطاقاتهم وقدراتهم ويحققون سلامة مستهدفاتهم بجنة لن يشيدها لهم أحد في عالمنا فكلٌ مشغول بمطالبه أو أطماعه وعلى العراقيين أن يتنبهوا ويحسموا أمرهم واولهم قادة التغيير من الوطنيين حملة مشاعل التغيير بأسس بناء الدولة المدنية التي تفصل الدين عنها  وتعيد لكل ذي حق حقوقه وحرياته…

تلكم هي الصورة القائمة انطرق مهمة عقد مؤتمر وحدة قوى (التغيير) مقابل محاولات تشلل مشروعات الزيف والدجل والتضليل المحلية منها والدولية والإقليمية وليس سوى العراقيين من يحسم الانتصار لوجودهم ودولة تحميهم وتحقق مطالبهم..

فإلى عقد المؤتمر لتلتقي قوى التغيير لإقرار خريطة برنامجية قبيل انتخابات مجالس بلدية وبرلمان يمكنه أن يفرض (سلميا) مسار التغيير الكلي ويبني دولة مدنية علمانية تنقذ ما يمكن إنقاذه..

تلك كلمة من سلسلة حلقات عسانا نوفق جميعا في تناول ما يجابهنا اليوم ونتوصل إلى الحلول والبدائل وثقتي وطيدة بنضج قوى التغيير

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *